الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ثورة بنات «البابا»

ثورة بنات «البابا»
ثورة بنات «البابا»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

3 صدمات فى "الكنيسة.."

من كندا.. تواضروس يفتى بمنع الاختلاط بين الجنسَيْن فى المدارس والجامعات

باحثة وراهب: المسيح رفض منع المسيحية الحائض من التناول

ناشطات "فيمينيزم": بالأدلة.. الإنجيل ذكورى ويعاقب أى ست على خطيئة حواء

البابا تواضروس ليس أول من يثور الأقباط ضده، ولن يكون الأخير، ليس أول من يعانده أولاده، ويعترضون على ما يقوله، ويفعله، لكن ما يظهر على الرجل من بشاشة، ولطف، وطيبة قلب، ورحرحة فى التعامل، يتعمّد أن يظهرها فى كل مقابلاته، وصوره، وعظاته.. يضحك مع البنات والأولاد، يتكلم، يحب التقاط صور «سيلفى»، يرمى لهم "نكت"، و"هزار" لم يتعوّد عليه الأقباط من أى «بابا» لهم، دفعهم إلى رفض ما يقال عن رغبة البعض فى التمرد عليه، وعلى الكنيسة، وهو بذلك يغيّر صورة «البابا» الذى يلتزم «الشدة»، و«التشدّد»، والصلابة فى ما يقوله، وما يفتى به، وهى الصورة التى كانت مأخوذة عن البابا شنودة، حتى إنه كفَّر المسيحيين البروتستانت (الإنجيليين)، وعرَّض بكنيستهم، ومنع أولاده من الصلاة معهم فى كنيسة واحدة.. كل ذلك قبل رجوعه إلى عقله، وسماحه بصلاة واحدة لكل الطوائف لتقريب المسيحيين تحت راية واحدة تجمعهم على أنهم «أقلية» تبحث عن "مخلّص".

ما حدث فى كندا غيَّر كل شىء، تحت الأرض نار ستأكل كل من يقف أمامها، خروجها ليس سهلًا، وليس صعبًا.. لم تكن زيارة البابا «تواضروس» -فقط- لافتتاح كنائس جديدة، ووضع حجر الأساس لمتحف قبطى، ومركز ثقافى، كما ظهر فى الصور التى نشرها المركز الإعلامى لـ«الكنيسة»، إلا أنه زار 51 كنيسة ألقى بين أروقتها خطبه، وصلّى، ووعظ، وأفتى، ودخل فى حوارات جانبية، قال فيها ما يرضى الأساقفة هناك، وما لا يرضى أولاده هنا.

فى عظة أذاعتها قناة «سى.تى.فى»، قال إنه يرفض الاختلاط بين الجنسيْن فى مراحل التعليم المختلفة، «لأن الجنسيْن ممكن يلقطوا من صفات بعض، وتطلع البنت مسترجلة، والشاب مش راجل كامل».. البعض سمع «الفتوى» على القناة التى لم ترفعها على «يوتيوب»، ولم يسمعها البعض، لكن الكلام «على كل لسان»، اعتبرها بعضهم فتوى، لكن البعض الآخر اعتبرها مجرد «فضفضة»، ورأى شخصى.. هناك فرق بين أن يقول البابا رأيه، وأن يقول ما يراه صحيحًا فى الدين كـ«فتوى»، من لا يلتزم بها «آثم» يعرّض نفسه لغضب الكنيسة.

يظلّ ما قاله البابا «تواضروس» مجرد رأى لم يهتم به الناس فى مصر، لكن البنات دخلنَ فى خط معارضة ما يقوله والسخرية منه باعتباره «فتوى»، هدفها «التقليل» من المرأة المسيحية وتحقيرها بشكل «شيك»، وتفرقة بين الأولاد والبنات ضغطت على أعصابهنّ، وفتحت جراحا قديمة مرَّ عليها زمن، ولم «تلمّ» بعد.


"الكنيسة" لها 7 أسرار مقدَّسة.. ممنوع الاقتراب منها، ومن يقترب يحترق. فى «الإنجيل» آية تقول: «من يأكل جسدى ويشرب دمى، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه فى اليوم الأخير»، وآيات أخرى عن «التناول» تزيد من عظمته، فهو السر الذى يسبق الاعتراف ويثبّت المسيحيين فى روح المسيح، هذه مسائل دينية داخلية تليق بـ«قس» أو على أقل تقدير «قمص» يقولها، ويعيد ويزيد فيها، ويفتى فى ما يقوله.. لكن التاريخ له دور، فالأديان تأثرت بالتاريخ كما أثَّرت فيه، بل إنها تأثرت به أكثر مما صبغته بتعاليمها.

من شروط «التناول» أن يمتلك الواحد طهارة جسدية تسمح له بما يريد، فهو سرّ له قداسة تفرض على من يقوم به درجة عالية من النظافة، ولذلك يمنع البنت «الحائض» من «التناول»، لأن «عليها دم».. لكن البنات لم تستسلم للوضع القائم، ونهشت تاريخ السرّ المقدّس حتى تصل إلى أن لها حقا.. تطالب به، وتريد أن تأخذه، وهو حقها فى التناول مهما كانت حالتها.

وتقول مارى فكرى، باحثة بموقع «الأقباط»، فى مقال «سلسلة التنوير فى الفكر المسيحى»، إن «فى هذه الأيام، بعض الكهنة يرفضون تقدّم المرأة للتناول بسبب حيضها، بل وصل الأمر إلى رفضهم دهن رأسها بالزيت فى خميس العهد، قائلين: اللى عندها موانع من المناولة لا تترشم أيضا بالزيت.. رأيت هذا بنفسى فى قداس خميس العهد». تعترض مارى وترفض الفكرة شكلًا وموضوعًا، وتناظر الراهب باسيلوس المقارى -من دير الأنبا «مقار»- فى مقالها، وتفتش فى تاريخ منع «الحائض» من «التناول» قائلة: «فى العصر القديم كانت المرأة التى عليها دم يعتبرونها (نجسة) -طبقا لعوائد أو شرائع اليهود– ولكن السيد المسيح رفض هذا التصنيف المريض للمرأة، بسبب طبيعة فائقة الإعجاز، حبا الله بها المرأة من أجل التناسل وإعمار الأرض».. فيرد «باسيلوس» متفقًا معها فى كل ما تقوله: «هذا الموضوع كتب فيه الكثيرون، أن منع المرأة فى هذه الحالات ليس من المسيحية فى شىء، بل هو من مخلفات شريعة موسى فى العهد القديم -سفر اللاويين الإصحاح 15 من الآية 19 حتى 33- أما فى العهد الجديد فقانون الطهارة والنجاسة شرحه المسيح كالآتى: ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الإنسان، لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف. هذه هى التى تنجس الإنسان، وهناك كتابات من بعض آباء الكنيسة أعمدة الإيمان مثل القديس أثناسيوس الرسولى -القرن الرابع- تفنّد اعتبار الإفرازات الطبيعية التى تخرج من جسم الإنسان نجاسة، وبالتالى فهى لا تمنعه من نوال نعمة الله التى ينالها المؤمن فى أسرار الكنيسة.

وعلى الخط نفسه، تفتّش بنات «البابا» عن مخرج لكل قضية تخنق حرية ممارستها للحياة، من باب ذبح الأبقار المقدسة التى ما زال يؤمن بها أهل الدين، هم يعتبرون مَنْع «التناول» فى فترة الحيض منتهيا، ومحسوما، ولا كلام فيه، ولا عليه.. لكن البنت لها رأى آخر.. فهى حتى إن لم تكن تريد أن تتناول، الأهم، أنها لا تريد سلطة بشرية تمنعها من عَمَل ما أباحه الله لها.


صفحات «البنات» على «فيسبوك» متحررة لأبعد مدى، لا تعترف بقداسة، فلا قداسة لبشر، ولا قداسة لرجل، أغلبهنّ يعملنَ فى جمعيات «فيمينيزم»، والباقى مجرد بنات تدافع عن حق البنت فى الحياة دون عادات وتقاليد وكرباج ينزل ضربًا فيها إذا لم تنفّذ ما يطلبه الناس أو رجال الدين بالحرف.. بعد ثورة «25 يناير» بدأت ثورة أخرى انطلقت من عند البنات بلا فرق بين مسلمة ومسيحية.. كلهنّ يتعرضنَ لنفس القدر من السادية فى الشارع، والعنف فى الكنيسة أو المسجد، والمنع فى البيت.

صفحة «ما تعانيه المرأة فى المجتمع الشرقى» جمعت كل ذلك، هى صفحة لا تحمل كراهية لدين بعينه، ولا تحمل أفضلية لمذهب، لكن كل ما يعنيها عَرض مآسى المرأة المصرية -تحديدًا– لكن بعض القرّاء يعتبرون ما تنشره طائفيا، القائمون عليها من كل الأديان، وهى لا تهتم بالدين، ولا تعتبره مانعًا بقدر ما تعتبر رجاله «مطبًّا» فى طريق الحرية.. تنشر ما يراه أصحابها انتهاكًا للمرأة فى الإسلام، وكذلك ما تراه ظلمًا لها و«ذكورية» فى المسيحية.

فى «بوست» نشرته الصفحة سألت: «هل بولس الرسول كان عنده مشكلة مع المرأة؟ هل يعانى –أيضا– الإنجيل من الذكورية؟»، وتطلب من القارئ: من فضلك قبل ما تقرأ البوست فتح دماغك وحاول تتخلص من أى كلام مسلم بيه وتفكر بالعقل اللى ربنا مابخلش بيه عليك.

البنات تسأل، وتنتظر إجابة، وتعرض الصفحة ما تراه «ذكوريًّا» فى إنجيل "بولس الرسول":

لتتعلم المرأة بسكوت فى كل خضوع. ولكن لست أأذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون فى سكوت. لأن آدم جُبل أولا ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدى. لكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن فى الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل" تيموثاؤس الأولى 11:2-14.

ولأن ثورة بنات «البابا» ممتدة، وليس لها آخر، لا فى الوقت ولا فى حدود ما تطعن فيه سواء من كلام «الكهنة» أو الإنجيل، أو تأويل وتفسير الأناجيل المختلفة، ليس آخرها الوقوف عند آية أو فتوى، لكن تعلّق: «الكلام ده من رسالة بولس الرسول الأولى لتيموثاوس، وتعتبر جزءا من الإنجيل المقدس، وهنا بولس مش بس كلامه يبان للقارئ العاقل كلام ذكورى ده كمان بيعاقب أى ست على اللى عملته حواء.. وكأنه انتقام من الجنس الأنثوى عامة.