الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الزعيم عبد الناصر.. أمير الفقراء

الزعيم عبد الناصر..
الزعيم عبد الناصر.. أمير الفقراء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يمثل 28 سبتمبر من كل عام، يوما حزينا في تاريخ مصر الحديث، لأنه اليوم الذي تتجدد فيه الأحزان والذكرى السنوية لرحيل الزعيم الكبير جمال عبد الناصر، الذي لم يتحمل قلبه عددا من الأحداث السياسية التي كان يمر بها في ذلك الوقت.

فمن المسلم به أن مكانة عبد الناصر لا تضاهيها مكانة في تاريخ مصر الحديث، حيث يهرب منه البعض بمداهنته كما فعل السادات فور أن تولى الحكم بعد أن أخرست قولته الشهيرة "كلنا جمال عبد الناصر" ألسنة المترصدين له، ويهرب منه البعض الآخر بمهاجمته كما فعل محمد مرسي فور توليه الحكم أيضا والذي فتحت عليه قولته الشهيرة "الستينات وما أدراك ما الستينات" أبواب الجحيم، فتراجع ولم يصمد طويلا وأعلن أنه يسير على خطا الزعيم كذبا وزورا، أثناء زيارته لأحد مصانع حلوان التي أنشأها عبد الناصر.

إنه الزعيم الذي طالت قامته عنان السماء، ليس بمجرد الفتونة والعجرفة وإنما بإنجازاته التي جعلت من الأجير مواطنًا له حقوق وواجبات، ومن الدول العظمى ندًا لمصر وليست ولاية تابعة لهم، أو مستعمرة يعيثون فيها فسادًا


ويُعد عبد الناصر زعيمًا للقومية العربية في العصر الحديث، وصل إلى السلطة باعتباره قائد الضباط الأحرار، الذين قاموا بثورة 23 يونيو 1952، التي أطاحت بالملك فاروق، وأنهت بالتالي العهد الملكي في مصر.

ولد جمال عبد الناصر ثاني حكام مصر وأحد الضباط الأحرار في 15 يناير 1918 من أصول صعيدية، حيث ولد والده في قرية بني مر بمحافظة أسيوط.

وتأثر عبد الناصر إلى حد كبير بالقومية المصرية، التي اعتنقها السياسي مصطفى كامل والشاعر أحمد شوقي ومدربه في الأكاديمية العسكرية، عزيز المصري، وكذلك تأثر برواية عودة الروح لتوفيق الحكيم، التي قال فيها توفيق الحكيم إن الشعب المصري كان فقط بحاجة إلى "الإنسان الذي سيمثل جميع مشاعرهم ورغباتهم، والذي سيكون بالنسبة لهم رمزا لهدفهم وكانت هذه الرواية هي مصدر إلهام لعبد الناصر لإطلاق ثورة 1952


قبل ثورة يوليو 1952، شارك عبد الناصر في حرب فلسطين، بعد أن تم حصار فرقته في منطقة الفالوجا، واتسمت فترة حكمه بأنها فترة من الإنجازات على الصعيد الداخلي، فقد حملت سياساته على الصعيد الخارجي ملامح مزدوجة بين النجاح والإخفاق.

خاض عبد الناصر في فترة توليه الحكم، منذ عام 1956 إلى وفاته عام 1971، الكثير من المعارك الخالدة في التاريخ المصري الحديث فعلى الصعيد الداخلي، يذكر لعبد الناصر، أول ما يذكر تأميمه لقناة السويس في عام 1956، وذلك بعد انسحاب كل من البنك الدولي والولايات المتحدة وبريطانيا من تمويل بناء السد العالي، وهو القرار الذي أدى إلى قيام إسرائيل وفرنسا وبريطانيا بعدوانها الثلاثي على مصر في ذلك العام، والذي انتهى إلى نصر سياسي كبير للرئيس عبد الناصر، ويحسب له أيضًا على الصعيد الداخلي، التحولات التي أدخلها في إطار سياسة الإصلاح الزراعي، والتي عادت بالنفع على الفلاحين المصريين بشكل عام.


أما على الصعيد الخارجي، وإضافة إلى انتصاره السياسي خلال العدوان الثلاثي، ومساندته ودعمه الكبيرين للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، فقد تمكن عبد الناصر من تحقيق الوحدة بين مصر وسوريا في عام 1958، والتي لم تلبث أن انفرط عقدها في عام 1961، كذلك، فقد كان عبد الناصر أحد مهندسي وصانعي منظمة عدم الانحياز، من خلال الدور الذي قام به، بمشاركة "سوكارنو وتيتو" خصوصًا، خلال مؤتمر باندونج في عام 1955، في المقابل، فقد تمثلت الانتكاسة الأكبر لعبد الناصر في الهزيمة التي ألحقتها إسرائيل بكل من مصر والأردن وسوريا في حرب السادس من يونيو 1967، "نكسة 1967"، والتي أدت إلى سقوط شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، الذي كان خاضعًا للحكم المصري، والضفة الغربية للأردن، والجولان السوري.


ومن خلال تصرفاته وخطبه، كان ناصر قادرا على تجسيد الإرادة الشعبية العربية، واستوحيت العديد من الثورات القومية في الوطن العربي من أفكاره بينما كانت إنجازات عبد الناصر غير مسبوقة بالنسبة للزعماء العرب الآخرين، ما جعل زعامته هي إحدى أولويات الرؤساء القوميين العرب إقامة علاقات جيدة مع مصر، من أجل كسب شعبية بين مواطني بلادهم.

آخر مهام عبد الناصر كان الوساطة لإيقاف أحداث "أيلول" الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة في 26 إلى 28 سبتمبر 1970 حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت، وداهمته نوبة قلبية بعد ذلك، وأعلن عن وفاته في 28 سبتمبر 1970عن عمر 52 عاما بعد 18 عامًا قضاها في رئاسة مصر.