الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

داعش والثعلب المكار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا" هذا هو ما رأيته عندما ظهر باراك أوباما على شاشة التليفزيون مستعرضاً أمام صفوف رمزية من جنوده وناصحاً لنا بضرورة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ومشيراً إلى تضامن دول كثيرة في تحالف لضرب داعش والقضاء على الإرهاب.
يبدو أن السيد أوباما يعتقد أن الشعوب العربية قد فقدت الذاكرة، وأن السلوك الأمريكي العدواني ضد الحقوق العربية قد نتصالح معه عندما يكلمنا عن داعش والإرهاب، وينسى السيد أوباما أن صناعة الإرهاب هي صناعة أمريكية خالصة، تعتقد أمريكا أنها قادرة على اللعب مع الثعابين السامة وهي تصنع الإرهابيين في معامل السي آي أيه ، وتنسى أن تلك الثعابين السامة سوف ترتد لبلد المنشأ لتذيقه بعضاً من سمومها، رأينا هذا في تفجيرات سبتمبر، ينسى أوباما ويعتقد أننا نسينا رعاية أمريكا لأسامة بن لادن ودعمها للتطرف في العراق من أجل جرها لحرب سنية شيعية، يعتقد أوباما أننا فقدنا الذاكرة، بينما نحن واثقون أن أمريكا ستدفع ثمن لعبها مع الثعابين السامة من أمنها وكرامتها، هكذا يحكم التاريخ.
أما قصة داعش وما تدعيه أمريكا من محاربة الإرهاب في المنطقة العربية فهي ستارة الدخان التي يتخفى خلفها الأمريكي لكي يرجع للمنطقة العربية في ربيع آخر اسمه ربيع التفتيت والتقسيم، هاهي العراق وسورية تنتظر النتيجة الحتمية لذلك التحالف الجديد، وهاهي الثوابت تهتز لدى البعض متخيلاً إرادة حقيقية لدى أمريكا للقضاء على الإرهاب، هذا التردد لدى البعض والاستسلام من البعض الآخر، سوف يدفع في اتجاه سنوات صعبة تعيشها المنطقة، وفي القلب منها مصر التي بدأت في التعافي قليلاً من خطر الإرهاب، تعود أمريكا بماكينة دعايتها الجبارة، لتقول كلاماً ظاهرة الرحمة وباطنة العذاب.
لا تتعلم أمريكا من دروس التاريخ أبداً وتتخيل أن الزمن توقف عندها كقطب أوحد في العالم، متجاهلة القوى الصاعدة بثبات، وبكل غرور أستطيع القول إن من بين تلك القوى مصر العربية، مصر التي تحارب وحدها خطر التكفيريين منذ أكثر من عام، وحدها التي قررت بدء المواجهة العلنية بالسلاح وبإعادة النظر في الخطاب الديني، مصر التي رتب لها الكثيرون مؤامرات بليل وفشلوا، مصر التي تستطيع الآن أن تقول لأمريكا، اذهبي وحدك لمحاربة من تريدين بينما نحن نعرف خصومنا جيداً وسننتصر عليهم.
فالعلاقة بين مصر وأمريكا لم تكن يوماً علاقة مصالح متبادلة قائمة على الاحترام المتبادل، أمريكا الاستعمارية التي مولت وقدمت الحماية لإسرائيل على مدار حروبنا معها لم تكن بلد صديقة، أمريكا صاحبة المعونة المشروطة، وسفارتها بالقاهرة التي تعتقد أنها محور الكون فتدعم الإخوان بعد ثورة شعبية في يناير 2011 فتسرق من الشعب المصري أحلامه في "عيش ..حرية .. عدالة اجتماعية" وتقدم للشعب المصري فاشية دينية عميلة لخدمة مخططات أمريكا بالمنطقة، نعم أمريكا ليست صديقة، وأوباما ثعلب مكار يريد إعلان انتصاره ونجاح مخططه بالمنطقة، ويستخدم الدواعش ذريعة.
ينسى أوباما أن مصر بعد 30 يونيو تجتهد من أجل استقلال القرار الوطني، وتجتهد لتكون عضواً فاعلاً في الأسرة الدولية وتؤسس لنفسها ما تستحقه من احترام متبادل بين دول العالم بما فيها أمريكا ذاتها، لا نبدأ العدوان أو الخصومة ولكننا قادرون على كشف من يحاول الرجوع بعقارب الساعة للوراء، خصومتنا مع الإرهاب وصانعيه وداعميه ومنظريه واضحة، سائرون على طريق واضح، يد تقاتل بالسلاح ويد تبني مشروعات تنمية تحدد ملامح المستقبل.. نحمي حدودنا، نعرف اتجاه بوصلتنا، لا نخضع لمزايدة أو ابتزاز، هذه هي مصر التي نريدها.