الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإخوان لا يمانعون أن يخسروا الشعب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن بوادر عودة الحياة إلى طبيعتها تثير حفيظة الإخوان وحلفائهم، وأنه صار يؤرقهم جميعاً أن الشعب قد تجاوز مرحلة الاهتمام بأخبارهم وأنه قد طوى صفحتهم وبات يولى اهتمامه الأكبر إلى المستقبل الذى لم يعد لهم فيه مكان. ويبدو، أيضاً، أن الإقبال الجماهيرى التاريخى على المشارَكة فى مشروع تطوير قناة السويس وعلى المشروعات الوطنية الكبرى كان بالنسبة لهم علامة فارقة تؤكد انعدام فرصة عودتهم للحياة السياسية كما كانوا يتوهمون! ثم إنهم يعلمون أكثر من غيرهم أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً فى أن تحقق مظاهراتُهم أىَ مكسب يفيدهم، بل إنها تعود عليهم بخسائر بعد أن نجح الأمن فى الحدّ منها وبعد أن أثبتت الجماهير إيجابيتها فى التصدى لأعمالهم التخريبية التى يقترفونها فى هذه المظاهرات!
والمُلاحَظ لكل ذى عينين أن مظاهرات الإخوان وحلفائهم قد تقلَّصت إلى حدٍ كبير خلال الأسابيع الأخيرة، فهل قرروا أن يستعيضوا عنها بعمليات إرهابية دامية؟ وهل هم يتعمدون أن يجعلوا كل الأطراف فى هاجس أنه ليس هناك أحد فى مأمن من الإرهاب؟ ألا يكترثون من أنهم صاروا بالفعل خصوماً للشعب؟ وإلا فما معنى أن تتنوع جرائمهم بين العدوان على قوات الجيش ووحداته، وعلى أقسام الشرطة ورجالها، وعلى المحاكم وعائلات القضاة، وزرع القنابل فى الطرق العامة، وكل ذلك دون اكتراث بأن يسقط مدنيون من أبناء الشعب يوقعهم سوء الحظ فى محيط الانفجارات ومسارات الشظايا.
من المؤكد، ومن الانطباعات الأولى، أنه لا يمكن أن تتم آخر هذه العمليات الإرهابية، التى تزامنت مع بدء أول يوم فى العام الدراسى وفى يوم سفر الرئيس السيسى إلى الأمم المتحدة، إلا عن طريق غرفة عمليات مركزية تدرس وتتخذ القرار وتشرف على تنفيذه. فقد بدأ اليوم صباحاً بتفجير قنبلتين على شريط السكة الحديد فى الزقازيق مما أدى إلى وقف سير القطارات من وإلى القاهرة، ثم تم تفجير قنبلة، المرجح مبدئياً أنها بالريموت كونترول، فى جوار وزارة الخارجية وجامع السلطان أبو العلا وفى محيط 10 مدارس وأمام منطقة وكالة البلح المكتظة فى هذا التوقيت، وهى القنبلة التى راح فيها شهيدان ضابطان برتبة مقدم مع سقوط بعض الجرحى بإصابات مختلفة، ثم اكتُشِفت بعد ذلك 5 قنابل فى طنطا والمحلة نجح الأمن فى تفكيك بعضها قبل الانفجار، إضافة إلى محاولة حرق مخزن الكتب الرئيسى الخاص بمديرية التربية والتعليم فى محرم بك بالأسكندرية، ثم جاء سقوط الطائرة العسكرية الخاصة بعمليات التدريب فى الفيوم والتى صدر بيان رسمى أنها بسبب عطل فنى. ومن المنطقى، بالنظر إلى هذا التزامن، أن يتساءل كثيرون إذا ما كان بالفعل حادثاً عَرَضياً بالمصادفة أم أن وراءه تخريباً متعمداً ليكون ضمن إرهاب اليوم!
وكانت الأخبار المنشورة تتحدث عن أن كلمة الرئيس فى الأمم المتحدة سوف تركز على أن 30 يونيو ثورة شعبية وأن الأمور تعود إلى طبيعتها وأننا بصدد الانتهاء من آخر مهام المرحلة الانتقالية بانتخاب مجلس النواب، فجاءت هذه الجرائم فى محاولة لتشويه الأثر المتوقع للرحلة بإظهار أن الأمن غير مستتب وأن الاضطرابات تعمّ البلاد، وفى محاولة لإثارة فزع أولياء الأمور على أبنائهم، بأمل أن ينتشر الخوف وأن تغلق وزارةُ التربية والتعليم مدارسَها خوفاً من أى ضرر قد يصيب الأطفال.
وأما أن يقول رئيس الوزراء المهندس محلب إنه ليس هنالك دولة فى العالم، حتى الدول العظمى، يمكنها أن تفرض ضوابط الأمن على كل مستهدفات الإرهاب، فهذا صحيح، ولكن عندما ينجح الإرهابيون بهذه البساطة، فإنه يلزم التوقف والتمعن فى كيف يمكنهم أن يصلوا إلى أهدافهم بهذه السهولة! لأن التكليفات المُعلَنة لرجال الأمن أن يتوخوا الحذر دائماً فيما يخصّ أمنهم الشخصى، ويُقال لهم إنهم مستهدفون جميعاً، وإنه على كل ضابط أو صف أو جندى أن يتوقع الغدر فى كل ساعة عبر اليوم. وكان هذا أدعى إلى أن يقوم الضباط بتفتيش المكان فور وصولهم إلى موقع النقطة المنوط بهم حراستها، أما أن تنفجر القنبلة فيهم فى جوار وزارة الخارجية قبل أن يكتشفوها، فهذا مثير للحزن وللدهشة أيضاً! ولا ينبغى المكابرة والتحرج من الاعتراف بالخطأ، وإلا فلن نتمكن من معرفة أخطائنا، ولن نطور أنفسنا!
وأما كون القنابل المستخدمة بدائية فهذا لا ينفى أن وراءها تفكير مُرَكَّب، حتى لو كان شريراً وحتى لو لم يكن له أن يحقق النجاح دائماً!
وأما الآن، وبعد هذه الجرائم، هل هناك أحد لا يزال لديه الجرأة على طرح المصالحة مع الإخوان الذين لا ينكرون علاقتهم بهذا الإرهاب فى مواقف وعبارات واضحة، والذين لا يصدر عنهم إدانة صريحة له حتى من باب التجميل السياسى والسعى لإشهار إبراء الذمة، والذين لا يعلنون عن أسفهم أن يسقط الضحايا الأبرياء من عابرى السبيل؟
إن إصرار الإخوان وحلفائهم على اعتماد الإرهاب يؤكد استحالة قبول مشاركتهم فى العمل السياسى، بعد أن صارت خصومتهم مع الشعب! وأما عدم اكتراثهم بهذه الخصومة فهو من علامات الاستفهام الكبرى على هذه التنظيمات!!
والردّ العملى على هذا الإرهاب يكون باستمرار الحياة، واستمرار الدراسة، وبث الطمأنينة فى نفوس الآباء والأمهات على سلامة أبنائهم، وبالدفع بعجلة المحاكمات ومعاقبة المجرمين، بعد توفير كل شروط المحاكمات العادلة، وسرعة تنفيذ الأحكام.
لقد أضافت الجرائم الأخيرة حجة قوية لتحَفُّظ مصر على الدعوة للمشاركة فى محاربة داعش، وهى الدعوة التى تجاهلت الربط بين داعش وظاهرة الإرهاب التى نعانى نحن من رأسها الكبير، فقد تبين، لمن لم يكن يرى، حتى إذا لم يكن هنالك ما يمنع من المشاركة فى حرب كهذه، أن العدو الماثل فى الداخل من الخطورة التى لا تدع مجالاً لتبديد الطاقة بالذهاب لمواجهة عدو بعيد، خاصة إذا كانت الدعوة لمحاربته مشوبة بغموض فى منطلقاتها وخططها وأهدافها!