الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"شفت الأيام".. حكايات عمرو دياب "كلها تشبه بعضها"

الفنان عمرو دياب
الفنان عمرو دياب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"نسخة مشوهة" من ألبوماته الأخيرة، يعود بها المطرب عمرو دياب الملقب بـ"الهضبة"، في آخر وأجدد ألبوماته "شفت الأيام"، الذي يضم 11 أغنية، والسابع له مع شركة "روتانا"، والذي يتعاون فيه أيضا مع مجموعة جديدة وقديمة من الملحنين والموزعين والشعراء مثل مجدي النجار وخليل مصطفى وأحمد شتا من الجيل القديم وإسلام زكي وتامر حسين وعادل حقي من الجيل الجديد.

السمة الغالبة والواضحة في ألبوم "الهضبة" الأخير، هي "النحت" الواضح لنفسه خاصة في آخر ألبوماته، وذلك بعد فترة من المحاولات لتجديد الشكل الموسيقي لعمرو دياب بداية من ألبوم "ليلي نهاري"، بدأ عمرو في إعادة تقديم أعماله بنفس الشكل مع وجود فروق واختلافات بسيطة في مجمل أغاني الألبوم، حتى وأنه في اختبار بسيط لتكتشف ذلك قم بضم يعض أغاني آخر 4 ألبوماته بجانب ألبومه الجديد ستشعر كأنهم عمل واحد أو أغنية واحدة.
ففي الأغنية "الهيد"، "شفت الأيام"، تعبر عن مجمل الألبوم في وقوع عمرو في فخ التوزيع الموسيقي غير المنسجم مع ألحان وكلمات الأغاني، والاعتماد على شكل وقالب موحد في معظم الأغاني، وبشكل متنافر بين الإيقاع الديناميكي والمستمر طول الأغنية وبين اللحن والوزن، والتي ظهرت في نهايتها بشكل واضح.

التركيز مع كلمات أغاني عمرو دياب أمر غير مجدي ومفيد؛ نظرا لآنه لا يهتم بها من الأساس، وهكذا اعتدنا منه خاصة في آخر ألبوماته، فمعظمها ساذج ومكرر، وكذلك لاهتمامه الأول وهوسه بالموسيقى والتوزيع بشكل أكبر، والذي خاب فيه أيضا في الألبوم، بسبب اعتماده بشكل كبير على موزع واحد، عادل حقي، في كل الأغاني، وعدم انسجامه مع الكلمات والألحان واعتماده على نفس الشكل وضربات الإيقاع و"كوردات" واصوات الجيتار بشكل يوضح طريقة عمل عمرو دياب التي يضع فيها التوزيع أولا قبل الألحان والكلمات على طريقة الهرم المقلوب.

والذي يبرر تكراره "كوبليه" واحد في بعض الأغاني لأكثر من 30 مرة مثل " اهو ليل وعدى "، ومن قبل " بناديك تعالى"، و" تجربة وعدت "، ويكشف حرص عمرو دياب الدائم في الحفاظ على سهولة استيعاب وحفظ أغانيه أو يكشف عجز شعراءه على وضع كلمات جديدة أو إضافية على لحن وتوزيع الأغنية.

وفي الأغنية الثانية " جماله"، التي يتطابق ويتشابه "انترو" الأغنية مع أغنيته " هلا هلا"، وكانه يستعد لغناء كوبليه " النهاردة انا فرحتي باللي نور دنيتي.." والتي غناها في 2011، ناهيك عن كلمات الأغنية المباشرة والساذجة، ولكن يعتبر توزيعها من افضل أغاني الألبوم والذي وضعه اسامه الهندي، خاصة في تناسق اصوات وإيقاع "الدرامز" مع صوت عمرو وكذلك في ادخال صوت " الاكورديون"، في التوزيع بشكل تسعيناتي، وهو ما اعطاها ميزة واختلافا عن بقية أغاني الألبوم.

وبنفس الطريقة يستمر عمرو وعادل حقي في " خبط وتلزيق" التوزيع الموسيقي على كلمات تامر حسين، غير الموزونة، بغض النظر عن معانيها، والأكثر ركاكة في " وهنبتدي الحكايات..ماعينيك قالتلي حاجات..واهو بان عليك علامات..ما خلاص كفاية سكات.."، والتي لا ندري كيف قبل بها عمرو دياب بشكلها المكتوب والساذج والتي قد يستطيع أي شخص لا دراية له بالشعر والكتابة بجمع كل ما ينتهي بـ"اات"، لتصبح أغنية، إضافة إلى ولع عمرو دياب بكلمة "حكايات"، والتي يصر على تكرارها واقحامها في معظم ألبوماته " مثل " حكاياتي اللي انا عيشتها.."، " حكايات"، " وحكايتك ايه"، " وحياتي خليكي"، وفي أغنية "اهي ذكريات"، وأخيرا في أغنية " ونعيش" أيضا.

ومن النقاط الإيجابية في الألبوم توزيع أغنية " انا مش اناني"، والتي تعتبر أكثر أغاني الألبوم انتشارا، التي استطاع توزيعها المتناسق والمنسجم لأسامة الهندي مع الحالة النفسية لكلماتها ولأداء عمرو دياب – المميز في كل أغاني الألبوم- في تعلق الجمهور بها والتأثر بحالة الشجن في الأغنية، بطريقة تظهر الفرق بين اسامة الهندي وعادل حقي في طريقة التوزيع واختيار الآلات والإيقاعات المناسبة لحالة الأغنية، رغم لحنها "المنحوت" والنسخة المكررة من مزيج أغاني " تقدر تتكلم"، " وحشتيني"، "خليك معايا".

بالمثل في أغنية " كان كل حاجة"، والتي كان من المفترض أن تسير على نهج " انا مش اناني" في حالة الشجن والحزن، إلا إن الإيقاع والتوزيع اعطاها حالة نفسية أخرى، من خلال الإيقاع أيضا بخلاف الفاصل الموسيقى المميز في منتصف الأغنية فقط.

واستمرار لحالة النحت في الألبوم في أغنية " ونعيش"، في استنساخ لروح أغنية " ويااه"، وكذلك مطلع أغنية " جانا"، والتي تتشابه مع مطلع أغنية "روحي مرتحالك"، ولحن أغنية " ايوة اتغيرت"، بلحن إسلام ذكي على غرار نفس اللحن الذي قدمه لأول مرة مع عمرو دياب في أغنية " فوق من اللي انت فيه"، وكانه اراد اكماله ونحته مع عمرو دياب بعد أن قدمه من قبل في أغاني " عارف حبيبي"، و" اغيب اغيب"، إضافة إلى تشابه نفس "صولو الجيتار" في أغنيتي "فوق من اللي انت فيه" و" ايوة اتغيرت" لنفس الموزع عادل حقي، سير أغنية " ساعة الفراق" على روح ونهج طريقة غناءه وتلحينه لـ "انا مهما كبرت صغير".

ووصلت مرحلة "القص واللزق"، في مجمل الألبوم بطريقة فجة، تعبر عن مدى محدودية المواهب وقدرات العاملين في الألبوم، وليس بالمعنى الكامل للسرقة أو الاقتباس، إنما بشكل يوضح اعتماد عمرو على معدومي الابداع في ألبومه وهو ما ظهر في طريقة أغنية " اهو ليل وعدى"، والتي يتشابه طريقة تلحينها مع لحن فلكلوري والتي أشار اليها شاندو في " عيني آه"، في جزء من السيرة الهلالية، وكان من الأولى على عمرو دياب وخليل مصطفى أن ينوهوا لذلك منعا لاتهامهم بالسطو على الفلكلور حتى لو اختلف إيقاع الأغنيتين، إضافة إلى استلهام خليل مصطفى أيضا، العائد بعد غياب طويل مع الهضبة، لحن كوبليه " آ ياعيني آه ياليل.." من أغنية "كامل الاوصاف" لعبد الحليم حافظ لتلحين أغنية " مش جديد" في الألبوم.

والسقطة الأخيرة لعمرو دياب في ألبومه، اصراره على الاستهتار بجمهوره وبألبومة بإقحام أغنية "جانا" في الألبوم والتي يهديها لابنته، وكانه يراهن بشكل اعمى على تقبل جمهوره لأي منتج موسيقي يقدمه لهم، خاصة بعد تقبلهم لأغنية "نور العين"، "قمرين" و"كنزي"، من قبل ليعيد التجربة مرة أخرى في الغناء لأبنائه ولكن بشكل ساذج وفقير موسيقيا بالمقارنة بالأغنيتين السابقتين.

وبعد الاستماع للألبوم وكذلك لمداخلة عمرو التليفونية مع الكاتب والشاعر مدحت العدل في برنامجه "انت حر"، والتي قال فيها نصا " لا فرق بين الجيل الجديد والجيل القديم"، الذي تعاون معهم عمرو دياب طوال تاريخه، والذي يثير تساؤلا هاما حول هل فقد عمرو دياب القدرة على التمييز بين العمل الجديد وغير الجيد بغض النظر عن عمر وسن صانعه؟ وكذلك هل فقد عمرو دياب حساسية وتميز اذنه الموسيقية والتي كانت من أهم مميزاته حتى اصبح لا يعرف الفرق بين لحن يضعه إسلام زكي ولحن يضعه عمرو مصطفى أو عن كلمات كتبها له ايمن بهجت قمر وكلمات كتبها له تامر حسين.

هل شعر عمرو دياب بفرق بين إمكانيات وموهبة عادل حقي وبين طارق مدكور أو حتى حسن الشافعي؟ وبالمثل هل يشعر عمرو دياب بفرق بين منتج مثل محسن جابر وبين شركة روتانا، وهو أمر يدعو للحسرة على تاريخ الرجل الطويل الذي قد يضيع بسبب رغبته في اكتشاف اسماء جديدة غير جديرة بالظهور بالمقارنة بأسماء متواجدة بالفعل مازالت قادرة على العمل وثبت نجاحها معه من قبل، وكذلك رضاءه بما هو اقل أن يقبل بان يضع صوته عليه، الأمر قد يخون عمرو دياب في المستقبل هذه المرة بعد نجاحه مع اسماء مثل نادر حمدي ومحمد يحيى وعمرو مصطفى.

وفي النهاية، يدفع عمرو دياب ثمن استهتاره باختيار فريق عمل مميز لألبومه الجديد، وإصراره على فرض ألحانه وكلمات تامر حسين وعادل حقي على مجمل أغاني الألبوم، وهو ما اوقعه في فخ التكرار والنحت والتشابه، ورضاءه بما هو اقل فنيا عن ما قدمه من قبل، رغم أن الألبوم يعتبر افضل من ألبوميه الأخيرين " بناديك تعالى" و"وياه"، إلا إذا كان يفكر بنفس منطلق جمهوره باعتباره "أحسن الوحشين".