الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

فريدمان مُعلقا على استفتاء اسكتلندا: "التعددية" أهم أسباب قوة أي مجتمع

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعرب الكاتب الأمريكي توماس فريدمان عن سعادته برفض غالبية الاسكتلندنيين الانفصال عن بريطانيا.. وقال إن البديل عن ذلك هو قصّ جناح أهم ظهير لأمريكا في العالم - بريطانيا.
وأشاد في مقال نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) بالتكوين الأمريكي.. ورأى أن به العديد من أسباب القوة وأن أهم هذه الأسباب اليوم هو عنصر "التعددية" التي تستجمع قوى ثقافات مختلفة لصالح أمة واحدة يستطيع جميع أبنائها على اختلاف مشاربهم العمل ككيان واحد.
وتساءل الكاتب، في معرض افتخاره، عن دولة غير أمريكا انتخبت مرتين رئيسا أسود إسمه الأوسط حسين، وجدّه مسلم، هزم في المرة الأولى سيدة وفي الثانية مُبّشر للمورونية.. واستبعد فريدمان -61 عاما- أن يشهد فيما تبقى من حياته رئيس وزراء بريطاني من أصول باكستانية، أو رئيسا فرنسيا من أصول مغربية.
واستدرك فريدمان قائلا "إن أحداث منطقة فيرجسون تذكرنا بأننا لا زلنا سائرين على درب التعددية ولمّا نصل بعد إلى منتهاه.. لكننا سائرون".
ونوّه عن أن التعددية ليست التنوع فقط وإنما التفاعل الحيوي مع هذا التنوع؛ ذلك أن التنوع فقط دونما تفاعل وعلاقات حقيقية لن يثمر إلا زيادة في التوترات بالمجتمع.. ومن ثم يمكن القول أن كون المجتمع "متعدد" هو أمر واقع، ومثال ذلك سوريا والعراق.. أما كون المجتمع "تعددي" فهو إنجاز، ومثال ذلك أمريكا.
وأوضح الكاتب اليهودي أن التعددية لا تتطلب نبذ الهوية وراء ظهورنا.. وإنما تعني وضع اختلافاتنا الأكثر عمقا على الأصعدة المختلفة حتى الدينية منها في تفاعل مع بعضها البعض لكي تثمر "التعددية" الحقيقية المبنية على الحوار والأخذ والعطاء والنقد البناء.
ورأى فريدمان أنه ليس هناك مثال أدلّ على أهمية هذه التعددية من مثال الشرق الأوسط اليوم؛ مشيرا إلى أن سوريا والعراق كانا مجتمعين "متعددين" يفتقران إلى "التعددية".. لقد كان التنوع فيهما -سنة وشيعة وأكراد وتركمان ومسيحيون ويهود وإيزيديون وعلويون- يتم إخضاعه من القمة إلى القاعدة بقبضة حديدية كانت في البداية للعثمانيين ثم آلت بعد ذلك لبريطانيا وفرنسا وانتهت إلى رجال أقوياء من ملوك وجنرالات محليين.
وتابع صاحب كتاب "العالم مُسّطح" بالقول إن انتشار وسائل التقنية وسيادة العولمة أثّر على كافة أشكال السيطرة الاستبدادية وجعلها أكثر ضعفا وأكثر قِدَما وأكثر تكلفة سواء على صعيد الدماء أو الأموال أو الاعتقال.. فباتت هذه الدول (الشرق أوسطية) أمام خيارين لا ثالث لهما: إما اعتماد منهج التعددية والقدرة على حُكْم أنفسهم أفقيا عبر عقود اجتماعية يُبرمها مواطنون متساوون في كل شيء، أو الاستمرار في الدوران بحلقة العنف المفرغة.
واعتبر فريدمان كلا من تونس وكردستان بأنهما أقرب نموذجين في الشرق الأوسط لطريق التعددية وإن لم يسيرا عليه بعد إلا أنهما توصلتا إلى مبدأ "الحكم الذاتي" الذي أسدل ستار الحرب الأهلية في لبنان عام 1989 حيث لا غالب ولا مغلوب من الأطراف الرئيسية، وأن مصالح الجميع يجب أن تراعى...ورأى الكاتب أن العراق يكافح في اللحظة الراهنة للوصول إلى إقرار هذا المبدأ؛ أما سوريا فهي لا تزال بعيدة.
ولفت إلى إسهام شبكات العمل الاجتماعية والعولمة في زيادة العوائد الاقتصادية الناتجة عن التعددية.. وقال إن الابتكار يأتي من تعاون أفقين مختلفين وأفكار مختلفة وأشخاص مختلفين، مشيرا إلى أن "جوجل" كان ثمرة تعاون بين لاري بيج وسيرجي برين.. وقال فريدمان إنه كلما زادت تعددية المجتمع زادت ثقته، كما أن التعددية مضافة إلى الثقة تُمّكن الناس من التفاعل وإنتاج أفكار وأعمال جديدة.
وعقد الكاتب مقارنة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي وسوريا والعراق من حيث التعددية: قائلا إن أمريكا طالما كانت "بلدا لمواطنين" مما جعل تعدديتها أمرا سهلا.. أما الاتحاد الأوروبي فهو بلد لـ"دول أممية"، وهو يحاول أن يصبح متعددا على نحو أكثر عبر دمج تلك الدول في "دولة عظمى" اسمها "الاتحاد الأوروبي" لكن مساعيه متوقفة الآن لأن المستوى التالي من الدمج لا يتطلب فقط التنازل عن العملة ولكن السيادة كذلك، ومن ثمّ يمكن القول إن تلك الدول تربطها سياسة اقتصادية مشتركة بشكل حقيقي... أما في سوريا والعراق اليوم فليس ثمة مواطنين ولا دول وإنما عشائر وطوائف وقبائل هم الآن، لكي يكونوا مواطنين حقيقيين، في حاجة ماسة للتعاون وتشكيل دول طواعية بدلا من تلك التي فرضتها عليهم القوى الاستعمارية.
واختتم فريدمان مقاله بالتأكيد على مزايا التعددية لأي مجتمع على الصعيدين السياسي والابتكاري، داعيا الكونجرس إلى التحلي بالحكمة وتمرير مشروع قانون لإصلاح نظام الهجرة بما يسمح بدخول المزيد من المهاجرين إلى أمريكا.