الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بلغت 181 مليون دولار.. "المال الحرام" في سبوبة "منظمات المجتمع المدني".. 6 أبريل ومراكز حقوقية تتصدر القائمة.. ابن خلدون: فليظهروا تقاريرهم.. والبرعي: أغلب الجمعيات يغرر بها

 المال الحرام في
"المال الحرام" في سبوبة "منظمات المجتمع المدني"..
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كشفت التحقيقات التي أجرتها لجنة تقصي الحقائق عن مصادر تمويل منظمات المجتمع المدني وحركات سياسية منذ عام 2011 عن تورط ما يقرب من 30 جمعية أهلية مصرية، بالحصول على منح وتبرعات خارجية، علاوة على تحركات غامضة لهذه الجمعيات والمنظمات التي كانت بمثابة أفرع لمنظمات دولية، مثل بيت الحرية "فريدوم هاوس" والمعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي ومؤسسة كونراد أديناور.

ورغم رفض وزارة الخارجية المصرية التراخيص لهذه المنظمات، بعد ما كشفته من حصولها على ما يزيد على 181 مليونا و774 ألف دولار "أموالا سرية" تلقتها 102 منظمة أهلية من دول أجنبية وعربية بعيدًا عن رقابة الحكومة، حسب تقرير صادر من لجنة تقصى الحقائق التي تشكلت في تلك القضية، استخدمتها في "أنشطة مشبوهة".

وأثبتت التحقيقات اتهام عدد من المؤسسات والجمعيات الأهلية والحركات والأحزاب السياسية، وتخطى الأمر ذلك إلى بعض الشخصيات العامة أيضًا، ومع أن القضية لم تحسم بعد، إلا أن السؤال يبقى: إلى متى الحديث عن قضايا التمويل الخارجي؟! ومتى يأتي وقت العقاب؟!


6 أبريل أولى المتهمين:

كانت حركة شباب 6 أبريل أكثر من ثبت تورطه في الحصول على تمويلات خارجية، في شكل تبرعات حيث أثبت تقرير لجنة تقصي الحقائق في قضية التمويل الأجنبي لعام 2011، حصول "مركز دراسات المستقبل للاستشارات القانونية ودراسات حقوق الإنسان" الذي أسسه قيادات 6 أبريل مثل "أحمد صلاح، وأحمد ماهر، وخالد طه وعزت بدواني" على دعم 262 ألف دولار من مؤسسة "فريدم هاوس"، وقد نشر موقع "ايجي ليكس" مستندات مهمة، تؤكد توقيع عقد شراكة بين أحمد ماهر منسق الحركة وقتها ووزارة الخارجية الامريكية بهذا الشأن.

ونص المستند الذي تم توقيعه في 29 مارس 2011 من قبل أحمد صلاح عن 6 ابريل"، على دفع مبلغ 14650 دولارا، إلى “مركز دار المستقبل الجديد للدراسات القانونية والحقوقية”، والذي يشاركه فيه أحمد ماهر.

كما نشر الموقع أيضًا مستندًا آخر يتضمن منح وزارة الخارجية الأمريكية، تمويلًا من صندوق جائزة المساعدة الفيدرالية في أكتوبر 2010 إلى نفس المركز، وقدره 53560 دولارا.


مركز ابن خلدون

بالرغم من صدور أحكام قضائية نهائية تبرئ مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية الذي يديره الدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ الاجتماع السياسي الشهير، الذي تعرض للسجن بسبب نشاط المركز، إلا أنه من بين المؤسسات البحثية التي ينظر لها الكثيرون بعين الشك والريبة.

فيما لاحقت الاتهامات رجال أعمال مشهورين، مثل نجيب ساويرس، الذي قام بتمويل مركز ابن خلدون للاستشارات القانونية بمبلغ 5 مليون جنيه لمراقبة الانتخابات التشريعية المصرية لعام 2011، في 24 محافظة من خلال 5 آلاف مراقب، وفق ما نشرته جريدة "الفجر"، التي أكدت أن مؤسسة ساويرس اشترطت عدم ورود اسمها على التقارير الصادرة من المركز، لتكون هذه المرة الأولى التي يتلقى فيها المركز تمويلًا من داخل مصر لتنفيذ مشروع حقوقي.

جمعيات متورطة أيضًا:

وتحت عنوان "دعم منظمات المجتمع المدني" حصلت عليها بعض الجمعيات على تمويلات أجنبية، خاصة ما كشفه الموقع الرسمي للصندوق الوطني للديمقراطية عن قيامه بتمويل منظمات أهلية متنوعة التخصص والنشاط داخل مصر بما يقرب من 1.1 مليون دولار، منها معهد الأندلس لدراسات التسامح ونبذ العنف بمبلغ 48900 دولار، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني بمبلغ 25 ألف دولار، والجمعية العربية لحقوق الإنسان بتمويل 22600 دولار، وجمعية تقدم المرأة والتنمية بمبلغ 20 ألف دولار، وجمعية المحاميات المصريات بمبلغ 22 ألف دولار، ومركز الجسر للحوار والتنمية بمبلغ 25 ألف دولار، ومرصد مراقبة حقوق الإنسان والموازنة والحاصل على 25 ألف دولار، ومركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية الحاصل على 34400 دولار، ومركز المشروعات الخاصة الدولي الحاصل على 187569 دولارًا، ومركز الحق للديمقراطية وحقوق الإنسان الحاصل على 19400 دولار، والمركز المصري للحق في التعليم الحاصل على 25300 دولار، ومعهد الديمقراطية المصري 48900 الحاصل دولار، والاتحاد المصري للشباب الليبرالي على 33300 دولار، ومركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية الحاصل على 65 ألف دولار من الصندوق، ومشروع ديمقراطية الشرق الأوسط بالقاهرة على 45300 دولار، ومركز العدل والمواطنة لحقوق الإنسان على 20 ألف دولار والمركز الإقليمي للأبحاث والاستشارات على 20 ألف دولار،، ومركز الدراسات الحضرية على 27 ألف دولار، وجمعية تنمية المرأة الريفية على 20500 دولار، واتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية على 20 ألف دولار.


سعد الدين إبراهيم يتحدى: فليخبرونا بما هو سري!

من جهته، استنكر الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، الذي أثير حوله جدل عميق، الحديث عن تمويلات سرية لمركزه، قائلا: إذا كانت هناك تمويلات سرية، فليخبرونا بما هو سري فيها، متسائلا كيف تكون سرية وكيف علموا بها؟!، لافتا إلى أن منظمات المجتمع المدني، التي تتلقى تمويلًا من الداخل أو الخارج، تخضع لأربع جهات رقابية أولها الجهاز المركزي للمحاسبات، والجهة الثانية هي مصلحة الضرائب، والثالثة هي مجلس إدارة الجمعية، ثم الجهة الرابعة، وهي الجهة المانحة نفسها.

وأوضح الدكتور محمد مرسي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مصر، أن أي بلد في الدنيا له قواعد وقوانين يجب أن تحترمها المنظمات الخارجية المدنية، مشددًا على أهمية وجود قواعد وقوانين ملزمة للجميع، مؤكدا أن الخطر الحقيقي يكمن في عدم وضوح القواعد التي تسمح بالحصول على تمويل أجنبي بلا رقابة، وأن الخطورة الأكبر للتمويل تكون في أن كل منظمة تبحث عن مصلحة الجهة الممولة لها ولبلدها.

ويرى الدكتور أنور المغيث، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة حلوان، أن نشاط منظمات المجتمع المدني ضرورية لكل الشعوب في مواجهة استبداد الدولة والخروج من قبضتها، مؤكدا أنه على الرغم مما يثار حول تلك القضية من جدل، إلا إنه ينبغي السماح لها بالعمل في إطار من الحرية والشفافية، في ظل رقابة، من خلال ما يسن من قوانين، مع ملاحظة أن هذه القوانين تتفاوت من بلد لآخر على حسب ظروف وطبيعة المكان.

بينما أوضح المحامي الحقوقي نجاد البرعي، أن منظمات المجتمع المدني "يغرر بها" حيث إن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي صِيغ في عهد أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي السابق، شارك في جلسات صياغته رؤساء المنظمات ثم اُدخِلَت تعديلات عليه أفرغته من مضمونه، مؤكدا أن "الحرية هي قدر الجمعيات الأهلية " شاء من شاء وأبى من أبى".

وأضاف نجاد أن هناك تهديدا مستمرا من الحكومة ووزارة التضامن بإغلاق الكيانات التي تمارس نشاطا أهليا، إذا لم توفق أوضاعها طبقا لقانون الجمعيات 84 لعام 2002، معلقا: نرحب بتهديد الحكومة بغلق الكيانات المدنية والأهلية ولكن بشرط، أن تقوم الحكومة بأدوارها كاملة مؤكدا أن منظمات المجتمع المدني قادرة على الوقوف أمام أي جهة قضائية مستقلة، وليس لدينا ما نخشاه، وأن أقوى الحروب هي الحرب التي فيها طرف ليس لديه فيها ما يخسره.

فيما أقر طلعت عبد القوى رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية أن المادة 75 من الدستور من أعظم المواد التي أنصفت العمل المدني، حيث نصت على حق المواطنين في إنشاء جمعيات ومؤسسات أهلية على أساس ديمقراطي، وأن تمارس هذه الجمعيات عملها بحرية، مؤكدًا أن المادة نفسها حظرت إنشاء جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نشاطها سريا أو عسكريا، وهو ما سد الباب أمام بعض الحركات التي تسعي لاستغلال المجتمع المدني لتحقيق أهداف سياسية، فإن كان هناك تجاوزات حدثت من بعض المنظمات فعلى المسئولين معاقبتهم دون تهاون أو تراخٍ، ويحسم الأمر مع المخطئ فقط، حتى لا نهدم ونسيء لسمعة كل الكيانات بلا داعٍ.