الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سخافات عبر الأثير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كعادتي وبمجرد أن أغلق باب السيارة أشرح للسائق بالتفصيل وجهتي، اسم المنطقة- اسم الشارع- أهم المعالم القريبة من منطقة نزولي، أقدم للسائق تفاصيل المنطقة حتى يسير وفقا لخارطة واضحة، فإن فتح كلاما كالمعتاد وقضينا الوقت نتبادل ذكر سيرة جماعة الإخوان دون أدنى رائحة خير.
بعد أن شرحت للسائق تفاصيل المكان الذي سوف أنزل فيه، والتزمنا هو وأنا الصمت فقد استولى على مساحة الفراغ صوت خارج من راديو السيارة ، صوت امرأة تتبادل الكلام مع صوت رجل، يقطع كلامهما المصحوب بضحكات ساخرة تعلو وتخفت مكالمة تليفونية من مستمع.
وكانت القضية التي شغلت المدة الزمنية للبث في محطة إذاعية لم أعرف اسمها او اسم مقدمة ومقدم البرنامج، كانت القضية هي السخرية من أفلام السينما المصرية القديمة وما أضحك مقدمة ومقدم البرنامج وأطلق تندرهما "حكاية الحب من أول نظرة يعني على طول الواحد أول ما يشوف الواحدة يحبها وهاهاهاها وهئ هئ هئ"
وتتداخل أصواتهما في تسفيه التراث السينمائي بداية من المظهر وحتى المضمون دون أدنى إحساس بالخجل لأنهما لا يعرفان تاريخ السينما المصرية التي واكبت السينما العالمية، فقد تم أول عرض سينمائي صامت في الإسكندرية عام 1896 للأخوين "لوميير" بعد عام واحد من أول عرض سينمائي في فرنسا،وفي العام نفسه يعرض الفيلم السينمائي الثاني في سينما "سانتي" بالقاهرة ولا يعرفا أيضا أن أول بداية للإنتاج السينمائي المصري كانت عام 1907 في النهاية تؤكد التواريخ أن السينما المصرية واكبت السينما العالمية.
ولا يعرفان ما بذله صناع هذه الصناعة من تضحيات وجهد لتقف السينما المصرية في موقعها الريادي بمفردها في العالم العربي وفي قارتي أسيا وأفريقيا كما أنهما لم يجهدا نفسيهما لمعرفة أن مرحلة "الحب من أول نظرة" هي من المراحل التي مرت بها الفنون عموما، وقد جسدتها إنتاجا فنيا ارتبط بعصره ومرحلته الزمنية ،ولم يقفا لا المقدمة ولا المقدم عند حدود الاستظراف والسخرية بل وصلا لحد التجاوز بمقاطعة كلا منهما للأخر، وطرح الأسئلة السخيفة على المتصلين: "وإيه رأي حضرتك في الحكاية بتاعة أن بنت الباشا تحب ابن الجنايني ولا ابن الباشا يحب بنت الشغالة ويتجوزها".
لا نعرف لمن توجه هذه الإذاعة وتلك المقدمة وزميلها الرسالة الإعلامية ومن المفترض في ألف باء الإعلام أن الخطاب الإعلامي موجه للشعب المصري للسائق والجنايني والشغالة والطبيب والمهندس، ألم تتعلم مقدمة البرنامج وزميلها أن الرسالة الإعلامية لا توجه بشكل مجاني بل توجه لإيصال معلومات، وإبلاغ بأحداث، وللتعبير عن رأي، وترسيخ قيم وثقافة لبناء وعي للمتلقي.
فهل هذا الوعي الذي تسعى إليه الإذاعات المنشطرة في هذه الأيام، أم أنها ثقافة الطبقة التي جرفت وعي مصر كما جرفت أمواله ومقدراته الاقتصادية، والتي دفعت الشاب "عبد الحميد شتا" خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية للانتحار بعد رفض وزارة الخارجية التحاقه للعمل بها لأنه ابن فلاح وغير لائق اجتماعيا، هل هذا هو الخطاب الذي تسعى لترسيخه الإذاعات الخاصة، دون ضابط ولا رابط والأكثر أهمية وضرورة الآن هو الإجابة عن السؤال متى سيتم وضع اطر لمنظومة الخطاب الإعلامي التي تضبط هذا اللغو وتقول لمن يروجه عار عليكم ما تقدمونه.