الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حكاية الستين مليار جنيه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكتشف المصريون – ولأول مرة- أن إعادة تأهيل بعض المرافق الحيوية كمرفق الكهرباء ومرفق السكك الحديدية، أى تجديده ليقدم للمواطنين خدمة طيبة ومنتظمة، يحتاج إلى 60 مليار جنيه، على مدى عدة سنوات لكل مرفق على حدة، وهذا الرقم أى الستين مليار جنيه هو الرقم المتداول والمطلوب لتنفيذ مشروع تنمية إقليم قناة السويس، وتأهيل هذا المرفق المهم الوطنى والدولى وذلك كبداية مصرية وبمجهود مصرى مائة فى المائة، فضلاً عن الاستثمارات الأجنبية والعربية فى المشروعات المختلفة التى يتضمنها هذا المشروع.
ولا شك أن اكتشاف ضخامة هذه المبالغ المطلوبة لتطوير بعض المرافق يحمل الكثير من الدلالات، من بينها أن خطاب النظام السابق لثورة 25 يناير عام 2011 حول البنية التحتية والجهود المبذولة فى إنشائها وتطويرها قبل الثورة، هو محض أوهام، فلو كان هذا الخطاب صحيحاً لما تطلب أمر إصلاح وتجديد هذه المرافق تلك المبالغ الهائلة، والصحيح أن هذه المرافق قد عانت من الإهمال بما فيه الكفاية طيلة هذه العقود وأرجئت المرة تلو الأخرى، مشروعات إصلاحها وتجديدها تحت ذرائع وحجج مختلفة.
أما ثانى هذه الدلالات فإنه يفترض أن بقية المرافق كمرق مياه الشرب ومرفق الصرف الصحى والخدمات الصحية والعلاجية ومستلزماتها من المستشفيات والأدوية والتدريب وما دون ذلك بحاجة هى الأخرى إلى ذات المبالغ المطلوبة لمرفق الكهرباء ومرفق السكك الحديدية، وأن بقية المرافق لا شك وأنها عانت ذات المعاناة من الإهمال والإرجاء والتأجيل، وتآكلت فاعليتها وتهالكت بفعل هذه العوامل، والشواهد على ذلك كثيرة وتزخر حياة المصريين فى هذه الآونة بحجم المعاناة التى يعانيها المواطنون فى حياتهم اليومية مع هذه المرافق التى افتقدت الصيانة والتجديد طيلة هذه العقود وأصبحت تسير وفق القصور الذاتى.
وفى مواجهة هذه التكاليف الضخمة لإعادة تأهيل المرافق الأساسية، لا يملك المصريون إلا الاعتماد على أنفسهم ومحاولة تمويل تجديد بعض هذه المرافق كما فعلوا مع مشروع تنمية إقليم قناة السويس، ومن حسن الحظ أن المصريين يشعرون فى أعماقهم بصدق الرئيس السيسى ومصداقيته ويستقبلون رسائله بمزيد من رحابة الصدر والثقة، بل يثقون فى حسن تقديره للأمور والأعباء ولولا هذه الثقة لما استطاع المصريون تقبل أوضاع هذه المرافق وتكلفة صيانتها وإصلاحها، اختبار إرادة المصريين فى مشروع تنمية إقليم قناة السويس مؤشر إيجابى فى قدرة المصريين على مواجهة مشكلاتهم والعودة مجدداً للاعتماد على الذات والثقة فى الذات لتقرير مصير بلادهم ومساعدتهم على الانطلاق نحو المستقبل.
فى غيبة هذه الثقة لدى المصريين وفى غيبة الإرادة وفى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية كان من الممكن أن تكون هذه الأخبار عن حالة المرافق مرادفاً للإحباط وخيبة الأمل، ولكن مع وجود الثقة والإرادة فهذه الأخبار حافزاً للعمل والتحدى لمواجهة هذه المشكلات المتراكمة.