الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

القضاء الإداري يدعو الحكومة إلى إعادة قراءة قانون يتفق مع التوجه الدايمقراطي

محكمة القضاء الإداري
محكمة القضاء الإداري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قضت محكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولي وزكي الدين حسين نائبي رئيس مجلس الدولة، بالغاء قرار إحدى الهيئات القومية بكفر الشيخ بنقل أحد الموظفين من وظيفته إلى وظيفة أخرى درجتها أقل بسبب مشاركته في إحدى المظاهرات، وما يترتب على ذلك من أثار أخصها تمكين الهيئة له بعودته لعمله الأصلي بإعتبار أن ما أتاه تعبيرا عن حقوقه المشروعة في التظاهر السلمي دون تعطيل؛ لمصالح المواطنين، وألزمت الهيئة المصروفات .
قالت المحكمة: إن رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور أصدر في 24 نوفمبر 2013، قرارًا بقانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، وحظر فيه بموجب المادة السابعة منه على المشاركين في الاجتماعات العامة أو المواكب أو التظاهرات الإخلال بالأمن، أو النظام العام، أو تعطيل الإنتاج، أو الدعوة إليه، أو تعطيل مصالح المواطنين، أو إيذائهم، أو تعريضهم للخطر، أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي الجوى أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضا للخطر .
وأضافت المحكمة أنه وأيا كان الرأي في قانون التظاهر الذي صدر في عهد الرئيس المؤقت للبلاد، فإن أكثر التحديات وما يهدد حرية التعبير أن يكون إيمان النظام الحاكم بها شكليا أو سلبيا، ذلك أنه يتعين أن يكون إصرار الدولة على حرية التعبير قبولا منها بتبعاتها، وأنه بعد ثورتين متتاليتين للشعب المصري 25 يناير2011 و 30 يونيه 2013 في زمن وجيز من عمر الزمان لا يملك أحد مهما علا في الدولة أن يفرض على الشخصية المصرية صمتا ولو بقوة القانون، وحينئذ يكون عدوان الدولة على حرية التعبير بما يعطلها أو يقلصها مولدا للفزع منها ومثيرا لبطشها ومغريا بعصيانها بالإعراض عن تطبيقها في حياة المواطنين، وهو ما يباعد بين الدولة ومواطنيها، وأن هى أقدمت على تقييد حرية المظاهرات السلمية والتعبير على هذا النحو كان ذلك منها إهدارا لسلطان العقل المصري وتغييبا ليقظة الضمير الوطني.
وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن الشعوب تتعاطف مع بعضها البعض سعيًا للحرية، وأن حرية التظاهر السلمي أضحت من حقوق الإنسان العالمية باعتبارها إحدى والوسائل المعبرة عن الإرادة الجماعية للمواطنين يمارسونها؛ كوسيلة للتنفيس عما تعانيه من بؤس اقتصادي عجزت السلطة عن معالجته و للضغط على الحكومة؛ لتفتح عينيها على مصالح مشروعة لم تكن تراها أو كانت تتجاهلها حتى تتوافق سياستها مع الأحاسيس العامة للجماهير.
وتابعت: ومن ثم أصبحت حرية إبداء الرأي في المظاهرات السلمية من الأدوات اللازمة لضمان إصلاح الحكم وأن الحكم الرشيد الذي يبغى خير الوطن متجردًا عن الأمجاد الزائفة والمكاسب الشخصية هو الذي يعمل على تدعيم أواصر تلك الحرية، ويحرص على ممارسة المواطنين لها للتعرف على رغباتهم وسبل تحقيقها؛ ليتسني للمحكومين الأخبار والتعليق على تصرفات المسئولين مما يكفل سلامة تصرفات حكامهم، فيكون لتلك الحرية دورها المؤثر في رقابة الشعب على حكامه وبغير ذلك لا يبدو للشعب من دور في متابعة حكامه وإجبارهم حال عدوانهم على تلك الحرية سبل الطريق الديمقراطي القويم .
واختتمت المحكمة في حيثيات حكمها أن حق التعبير هو ميلاد للحرية، وأن واجب إصغاء الدولة هو الذي يمنح الحياة لتلك الحرية، وبدون ذلك الإصغاء يصبح مولود الحرية مسخا في التكوين الإنساني، وقد بات مستقرا في ظل الأنظمة الديمقراطية الحديثة أن انتقاد القائمين بالعمل العام والمسئولين عن طريق التظاهر السلمي حق من حقوق المواطنين شريطة ألا يمس النظام العام بمخاطر تهدد استقراره، فالنقد يجب ألا يكون منطويا على أراء تنعدم قيمتها الاجتماعية كتلك التي تكون غايتها شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية أو التي تنطوى على مجرد الفحش أو محض التعريض بالسمعة، وإنما يكفي أن تكون لتلك الأراء في نقد المسئولين لها بعض القيمة الاجتماعية حتى لا تتخذها الدولة ذريعة تصادر بها حرية الناس في النقاش أو الحوار .
ودعت المحكمة الحكومة إلى إعادة قراءة قانون التظاهر الذي وضعه الرئيس المؤقت في فترة عصيبة للبلاد للانتقال من نظام حكم لنظام حكم جديد ارتضاه الشعب، وذلك حتى تتفق نصوص هذا القانون مع التوجه الديمقراطي الحقيقي الذي يرتضيه الشعب، ويجب أن يسعى إليه ذلك النظام الجديد؛ ليمارس المواطنون حقوقهم المشروعة في التظاهر السلمي والتعبير عن أراء لها قيمتها الاجتماعية وبما لا يخل بحق الدولة في الحفاظ على النظام العام ومواجهة المخاطر التي تهدد استقراره .