الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ضرورة التعاون العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لن نختلف كثيرًا على المسميات، لكن هل إمكانية تحقيق حلم التعاون في منطقة الشرق الأوسط والعربي في جميع المجالات ممكن أم مستحيل؟ فكما تواجد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي لابد من السعي لبناء اتحاد أوسطي أو اتحاد شرقي أوسطي، هذا هو مربط الفرس وها هي تجارب الآخرين أمام أعيننا واضحة وضوح الشمس دون الحاجة للتخطيط من الصفر في كيفية الوصول إلى النجاح والتقدم.. فلنأخذ النموذج الاقتصادي الماليزي وهي الدولة الإسلامية الوحيدة في طليعة الدول المتقدمة وأحد نمور آسيا حين اهتمت السلطة بالاحترام المتبادل بينها وبين المواطن الماليزي، وحققت المرتبة التاسعة من 30 دولة من الدول المتقدمة، وذلك حسب تقرير البرنامج الإنمائي عام 2001 عن كل من إيطاليا والسويد والصين، وكان المواطن الماليزي هو رمز للوطنية والتحدي للعبور بالوطن إلى أوائل الدول المتقدمة، ولا يمكن أن نتناسى هنا دور أمريكا مع ماليزيا بمساندتها اقتصاديًا من باب سياسة الإغراء لبقية الدول المساندة للاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت، ولكن ماليزيا تعاملت مع هذا الظرف بذكاء وطوعت ذلك الظرف لصالحها وتحقيق القوة الاقتصادية.
أما النموذج التركي الاقتصادي فوفقًا لتقرير البنك الدولي فهو يعد النمو الاقتصادي الأسرع الذي مر بها واحدة من أنجح القصص الاقتصادية على مدى العقد الماضي، ووصل الناتج المحلي لتركيا حسب التقارير بمقدار 736 مليار دولار، لتصبح تركيا في المرتبة الـ18 على مستوى العالم اقتصاديًا، رغم افتقارها للثروة الطبيعية النفطية لكنها اعتمدت على الخطط الاستراتيجية التنموية الطموحة مع دقة في التنفيذ والأداء، كما أنها تخطط لتحقيق ناتج محلي يصل لتريليون في عام 2023 وتخفيض معدل البطالة إلى 5%.
هذه أمثلة اقتصادية لدول قفزت قفزات اقتصادية هائلة في عشر سنوات فقط رغم افتقارها للثروات الطبيعية وحققت معجزة اقتصادية يحتذى بها، مع الأخذ في الاعتبار نموذج مجلس التعاون الخليجي الذي نهض بمنطقة الخليج نهضة عظيمة منذ عقدي الستينيات والسبعينيات اعتمدت فيها على تنوع مصادر الدخل اعتمادًا على الأنشطة الصناعية التحويلية وتنويع الصادرات، وأصبحت في صفوف الدول التي حققت رفاهية اقتصادية واجتماعية.
إن ما تمر به منطقة الشرق الأوسط من متغيرات الآن يتطلب تعزيز التعاون العربي المشترك لمواجهة ما تمر به المنطقة العربية من أزمات اقتصادية جراء الأحداث السياسية التي نالت من اقتصاد الدول وشعوبها.. وهذا ما أشار إليه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بالأمس من ضرورة زيادة التعاون والاستثمار الأجنبي في مصر وطوى صفحة الصراع السياسي للنهوض بالوطن وتلبية احتياجاته ومتطلباته.
نحتاج لمزيد من دعم وزيادة التعاون وتعزيز الثقة بين الحكومة والمستثمر الأجنبي والمصري أيضًا، وطرح فكرة خصخصة الخدمات لتتحول إلى شركات مساهمة لا بيروقراطية حكومية وإنشاء شركات استثمارات عالمية تحت إشراف البنك الدولي وصندوق النقد.. وهناك الكثير من المشاريع التي يجب وضعها وتنفيذها بأسرع وقت وذلك لأهميتها في الناتج المحلي، كما في قطاع السياحة الذي يحتاج إليها بشكل مُلِح لقفزة عاجلة للخدمات المتميزة وتجميل القاهرة وترميم الآثار وإزالة العشوائيات وتشجيع قطاع العقار لبناء كل ما هو جديد وتحويل المزارات السياحية إلى مزارات تملأها الثقافة والبهجة للسائح الأجنبي وإنشاء طرق للسكك الحديدية تربط الدول العربية ببعضها، وربط الشمال بالجنوب لخدمة شمال إفريقيا، تحتاج مصر لاستراتيجية طويلة الأمد للمشاريع كالغاز واستغلاله كمشروع تجاري لا سياسي، ولابد من الحلول الجذرية في حل مشكلة الكهرباء ونحن بحاجة لتشجيع ودراسة المبادرات الشبابية وإمكانية التعاون العربي في تنفيذها مما يساعد على دمج وتقارب الثقافات بين شباب الوطن العربي وإنشاء هيئة لمتابعة المشاريع الاستراتيجية.
الدول المتقدمة العظمى لم تصبح دولًا عظمى إلا حين وقفت أمام التحدي لتحقيق اقتصاد قوي لتحظى بالقوة الاقتصادية.. فلندع كل خلافاتنا جانبًا ولننظر للمستقبل كيف يكون الشرق الأوسط بأيدي أبنائه المهرة، شرقًا أوسطيًا عالميًا يتحدى القوى الاقتصادية العالمية، فنحن من نملك الموارد ونفتقر للإدارة.