الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

83 عامًا على إعدام عمر المختار.. " عمري أطول من عمر شانقي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اليوم 16 سبتمبر، تمر 83 عامًا على إعدام شيخ المجاهدين أسد الصحراء الليبية عمر المختار الذي أعدمه الاستعمار الإيطالي سنة1931، والذي سيظل رمزًا للمقاومة والصمود والكرامة.

ووسط الأجواء المتوترة التي تشهدها ليبيا، تأتي ذكري إعدام عمر المختار، لتذكر الجميع بأن ليبيا كانت ولا تظل رمزًا للوطنية، وأنها وإن طالت الأزمة، ستعود إلى "الحضن" العربي، وستلفظ ما بها من إرهاب، وسيصدق فيها قول المختار:"إن عمري أطول من عمر شانقي".


وشيخ المجاهدين، هو عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي،الشهير بعمر المُختار، المُلقب بشيخ الشهداء، وأسد الصحراء، وهو قائد أدوار السنوسية في ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين، وينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة "منفة" الهلالية التي تنتقل في بادية برقة.

والمختار مُقاوم ليبي، حارب قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرض ليبيا وحتى عام 1911، حارب الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عامًا لأكثر من عشرين عامًا في عدد كبير من المعارك، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الطليان، وأجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا، فنُفذت فيه العقوبة رغم أنه كان كبيرًا عليلًا، فقد بلغ في حينها 73 عامًا، وعانى من الحمّى، وكان الهدف من إعدام عمر المُختار إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُرد الطليان من البلاد.


وحصد عمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، فأخبار المجاهد الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نير الاستعمار الأوربي في حينها، وحثت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّق على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالمين الشرقي والغربي على حد سواء، فكبر المختار في أذهان الناس وأصبح بطلًا شهيدًا.

ورثا عدد من الشعراء المختار بعد إعدامه، وظهرت شخصيَّته في فيلم من إخراج مصطفى العقَّاد من عام 1981 حمل عنوان "أسد الصحراء"، وفيه جسَّد الممثل المكسيكي - الأمريكي أنطوني كوين دور عمر المختار.

وسافر عمر المختار في شهر مارس سنة 1923 إلى مصر بصحبة على باشا العبيدي، ليعرض على الأمير محمد إدريس نتيجة عمله ويتلقى منه التوجيهات اللازمة، واستطاع اجتياز الحدود المصرية وتمكن من مقابلة الأمير إدريس بمصر الجديدة.


وفي مصر جاءته جماعة من قبيلة "المنفة "وهي قبيلته التي ينتمي إليها، وكانوا قد أقاموا بمصر، لغرض الترحيب به، فاستفسر المختار قبل أن يأذن لهم بذلك عما إذا كانوا قد سعوا لمقابلة الأمير عند حضوره إلى مصر، فلما أجاب هؤلاء بالنفي معتذرين بأن أسبابًا عائليَّة قهرية منعتهم من تأدية هذا الواجب رفض المختار مقابلتهم وقال: إنه لن يُقابل أناسٌ تركوا شيخه الذي هو ولي نعمته وسبب خيره، وهددهم بالقطيعة، فما إن بلغ الأمير إدريس ما فعله عمر المختار مع من جاء إليه من أبناء قبيلته حتى أصدر أمره بمقابلتهم فامتثل المختار لأمره.

وحاولت إيطاليا بواسطة عملائها بمصر الاتصال بعمر المختار وعرضت عليه بأنها سوف تقدم له مساعدة إذا ما تعهد باتخاذ سكنه في مدينة بنغازي أو المرج، وملازمة بيته تحت رعاية وعطف إيطاليا، وأن حكومة روما مستعدة بأن تجعل من عمر المختار الشخصية الأولى في ليبيا كلها وتتلاشى أمامه جميع الشخصيات الكبيرة التي تتمتع بمكانتها عند إيطاليا في طرابلس الغرب وبنغازي، وإذا ما أراد البقاء في مصر فما عليه إلا أن يتعهد بأن يكون لاجئًا ويقطع علاقته بإدريس السنوسي، وفي هذه الحالة تتعهد حكومة روما بان توفر له راتبًا ضخمًا يمكنهّ من حياة رغدة، وهي على استعداد أن يكون الاتفاق بصورة سرية وتوفير الضمانات لعمر المختار ويتم كل شيء بدون ضجيج تطمينًا لعمر المختار وقد طلبت منه نصح الأهالي بالإقلاع عن فكرة القيام في وجه إيطاليا.


وفي صباح الأربعاء في 16 سبتمبر 1931، اتُخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، وأُحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المُعتقلين السياسيين خصيصًا من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.

وتم اقتياد المُختار مُكبَّل الأيادي وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا سُلَّم إلى الجلّاد، وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوت مدوّي لمنع الأهالي من الاستماع إلى عمر المختار إذا تحدث إليهم أو قال كلامًا يسمعونه، لكنه لم ينبس بكلمة، وسار إلى منصة الإعدام وهو ينطق الشهادتين، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه أنه كان يؤذن في صوت خافت آذان الصلاة عندما صعد إلى الحبل، والبعض قال أنه تمتم بالآية القرآنية" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، وبعد دقائق عُلّق على المشنقة وفارق الحياة.