الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن إعلام السيسى وفساد الصحفيين!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مرة أخرى نتخذ من عبارة الرئيس عبد الفتاح السيسى (عبدالناصر كان محظوظا بإعلامه ) ركيزة لكشف عن بعض جوانب فساد الصحفيين، وتردى اوضاعهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية، لا سيما وأن الرجل اكد فى اكثر من مناسبة على اهمية دور الإعلام والصحافة فى الحرب التى يواجهها الوطن، وهى فى الاساس حرب على وعى المواطن .
لا أحد ينكر ان الاعلام بوسائطه المتعددة والمختلفة اضحى احد المحركات الرئيسية لتقدم المجتمع او تأخره، بعد ان اصبح شريكا اساسيا فى عملية صناعة القرار بتأثيراته الهائلة على اتجاهات الرأى العام، ولا نبالغ إذا قلنا إن الإعلام صار فى كثير من الاحيان صانعا للأحداث.
لكن انى للسيسى ومشروعه بإعلام وطنى يدرك جنوده المجهولون حيوية الحرب التى نخوضها، بينما يعانى مئات الصحفيين من اوضاع جعلت جانبا كبيرا منهم يتحصل على قوت يومه بالكاد .
فى زمن الزعيم عبد الناصر كان دخل الصحفى الرابع فى ترتيب دخول المهنيين المصريين، وأذكر ان الاستاذ الكبير مكرم محمد احمد قد حدثنى عن راتبه فى سنة 1960 عندما دخل بلاط صاحبة الجلالة، وكان اثنى عشر جنيها وكيف كانت تلك الجنيهات تكفل له حياة كريمة تمكنه من اداء عمله ولا تضطر للعمل فى أكثر من صحيفة ليسد احتياجاته .
لكن هذا الوضع تغير وصار ترتيب الصحفيين من حيث الدخل فى الدرك الاسفل مما اضطرهم للعمل فى اكثر من صحيفة حتى لو تناقضت السياسات التحريرية، واختلفت التوجهات الايديولوجية .
ليس ذلك فحسب بل اضطر بعضهم لاستثمار مصادرهم الصحفية لتصبح مصادر إعلانية وهو ما يخالف شرع نقابتهم التى يقضى قانونها بشطب عضوية اى صحفى يثبت اشتغاله بالإعلانات .
وكما طال الفساد معظم اركان الدولة كان للصحفيين نصيب منه ايضا فبعضهم استغل علاقته بالوزراء وكبار المسئولين للحصول على درجات وظيفية يقومون ببيعها فى سوق العاطلين الذين يبحثون عن الوظيفة الميرى ولو دفعوا عشرات الآلالف من الجنيهات، ولكم يا سادة ان تعلموا ان احد من تقدموا لخوض الانتخابات للفوز بعضوية مجلس النقابة اعتمد فى دعايته الانتخابية بإحدى الدورات على علاقاته فى وزارتى البترول والكهرباء حيث قال فى برنامجه المطبوع انه سيعمل على توفير فرص عمل لأبناء الصحفيين فى شركات البترول والكهرباء .
هكذا وبهذه البجاحة وبوضوح اعلن قبوله تلقى رشوة من هذين الوزيرين وانه ماض لتوريط باقى زملائه فى نفس الجريمة المهنية دون ان يدرك بشاعة ما يرتكبه.
ومع ذلك لا ينبغى ان نهمل خلفية هذه الحقائق التى تتجسد فى ضعف رواتب الصحفيين فغالبية الصحف الحزبية تتراوح فيها الرواتب بين أربعمائة، والف جنيه مصرى فقط لا غير، ناهيك عن توقف معظمها عن الصدور مما تسبب فى تشريد اكثر من مائة صحفى وحرمانه حتى من تلك الجنيهات، أضف إلى ذلك حرمان عشرات الصحفيين فى الصحف المستقلة من رواتبهم بعد ان أنعم عليهم رجال الاعمال ملاك تلك الصحف بإدراجهم فى قوائم مهرجان الفصل التعسفى للجميع . 
كل ذلك يحدث ونقابة الصحفيين تقف في ( وضع الدجاجة المكتوفة) وتبدو غير القادرة حتى على المكاكاة، عذرا لكنى لم أجد تشبيها انسب من هذا لنقابة اضحى ولاة الامر فيها الآن وأقصد طبعا اعضاء مجلسها المحترمين ممن حملوا شعارات الحفاظ على كرامة الصحفى قبل ان يدخلوها فاتحين، ونسجوا حول انفسهم هالة من القداسة الوطنية بحيث اصبحوا كأصنام تعبد فى بلاط صاحبة الجلالة، والاقتراب من هذه المجموعة الناصرية واليسارية تحديدا بالنقض او اللوم يعد تجاوزا وسبا وطعنا فى ذات الهة الوطنية ويصير كل ناقض اما مخبرا أو عميلا او تافها حقيرا.
فطالما حدثنا النقيب ضياء رشوان عن ضرورة اعادة هيكلة اجور الصحفيين ووجود دور حاسم للنقابة فى العلاقة بين الصحفى وجريدته من اجل حمايته من جميع الاجراءات التعسفية وهى ذات الشعارات التى حملها باقى اعضاء مجلسه لكنهم سرعان ما نسوها وربما يذكرونها مجددا فى الانتخابات المقبلة .
بل ان هذا هو واقع الحال فعليا فوكيل النقابة استاذ جمال فهمى وهو عضو لأكثر من دورة كان يقود المظاهرات إلى مجلس الشعب فى زمن مبارك لمطالبة الحزب الوطنى بإقرار مشروع قانون نقابة الصحفيين لكن مظاهرة الاستاذ جمال كانت دائما تتم فى الاسبوع الاخير للدورة البرلمانية وغالبا ما كان يتلازم ذلك مع قرب موعد انتخابات مجلس النقابة، ثم ينجح الاستاذ جمال فهمى لينسى حقوق الصحفيين مجددا لحين حلول موعد الانتخابات التالية وهو ايضا من تحمس مع آخرين من زملائه فى المجلس الموقر لمشروع إعادة هيكلة الأجور الذى أعده قبل سنوات احمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الاهرام الحالى .
اليوم يشرد مئات الصحفيين ويفصل العشرات منهم ولا يصدر مجلس الحنجوريين بيانا يتيما يدين جريمة ملاك الصحف من رجال الاعمال ولا تتحرك النقابة لتبنى رفع دعاوى قضائية ضدهم لحماية حقوق الصحفيين ولكم ان تعلموا مدى التأثير المعنوى على الاقل الذى يحدثه تدخل النقابة قضائيا وبإعلانه تحمل كافة الرسوم بدلا من ان تترك الزملاء يلجأون إلى القضاء فرادى متعللة بأنه لا سلطان لها على ملاك الصحف الخاصة والحزبية .
لكن لما العجب وبعض الاعضاء من كتاب الاعمدة فى تلك الصحف بل والمسئولين فى هيئتها التحريرية ودعونى أتساءل هل يستطيع الاستاذ كارم محمود سكرتير عام النقابة ان يضع توقيعه فقط على بيان يدين قيام مالك صحيفة التحرير بفصل بعض الزملاء وهو واحد من المسئولين المهمين فى هيئتها التحريرية؟!
فى الماضى كان الحنجوريون ينتقدون وضع ابراهيم نافع كرئيس لمجلس ادارة الاهرام ونقيب للصحفيين فى ذات الوقت معتبرين أنه وضع شاذ ويؤدى الى تضارب المصالح وربما من المفيد هنا ايضا ان اذكر هذه الواقعة التى حدثت منذ سنوات عندما قام الاستاذ ابراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور وقتها بفصل خمسة من الزملاء الصحفيين، وعندما لجأوا للنقابة وهددوا بالاعتصام تدخل الاستاذ جمال فهمى ووعد بالحل المرضى لجميع الاطراف فهو صديق الاستاذ عيسى وأحد كتاب الصحيفة البارزين لكن الاستاذ جمال (فطس الموضوع )، ولم يتخذ اجراء واحدا لحماية حقوق زملائه الذين صوتوا له ليأتى ممثلا لمصالحهم فى مجلس النقابة .
وفى المقابل اقام الاستاذ جمال الدنيا ولم يقعدها هو وبعض زملائه الحنجوريين عندما قرر الكاتب الكبير الاستاذ عبدالله كمال فقيد الصحافة نقل احد محررى روز اليوسف التى كان يترأس تحريرها للعمل فى الاسكندرية لمدة 15 يوما كجزاء له لخطأ مهنى من وجهة نظر كمال، ورغم تجاوز الزميل ضد رئيس تحريره فى عدة بيانات رفض نقيب النقباء وقتها مكرم محمد احمد طلب الاستاذ عبدالله باعتذار الزميل الصحفى عما قاله فى حقه فى سياق التوصل لحل يرضى الطرفين وتمسك مكرم بحق الصحفى فى الاعتراض على قرار النقل وقال لكمال سيصدر الصحفى بيانا يقول فيه إن ما قولته صحيح وربما جانب الصواب بعضه ووافق عبدالله كمال على هذه الصيغة التى حفظت للصحفى كرامته من وجهة نظر النقيب مكرم محمد احمد وكاد الامر ينتهى لولا تدخل الاستاذ جمال ومجموعته فقط لاستغلال الموضوع للتسخين السياسى ضد النقيب وضد عبدالله كمال وطلبوا من الزميل المنقول لمدة 15 يوما فقط رفض التسوية لتصفية حسابات لا علاقة لها بالعمل النقابى ومع العلم ان الزميل الروزوى لم يفصل كما حدث مع الزملاء الخمسة فى صحيفة الدستور.
الظريف ان الواقعتين تواكبتا فى نفس الشهر تقريبا.. اليوم يتكرر نفس الموقف مع اختلاف وحيد وجوهرى، وهو ان النقيب وغالبية اعضاء المجلس من السادة الحنجوريين الذين لم يختلف اداؤهم عن اداء مجلس الاخوان بل اداء نظام مكتب الارشاد كله من حيث الفشل والاحساس المتورم بالذات والتعالى على الرعية.
إنهم لا يجيدون سوى رفع الشعارات وترديدها كالببغاء وإلا فلماذا فشلو او امتنعوا عن الالتزام بالحد الادنى منها ولو بالبيانات او اللسان للنهى عن انتهاك كرامة وحقوق بل وآدمية الصحفيين وهو اضعف الايمان .
لكن كيف ننتظر دورا كهذا واعضاء المجلس إما انهم كتاب أو مذيعون ومقدمو برامج لدى رجال الاعمال ملاك الصحف والفضائيات.. وهو امر يستحق المناقشة ونحن على ابواب انتخابات النقيب والتجديد النصفى لأعضاء مجلس نقابة الصحفيين فى مارس المقبل، إذًا كيف يتم اختيار نقيب واعضاء مجلس فى سياق مهنى يستطيع فض الاشتباك والتداخل بين مصالحهم لدى ملاك الصحف، ومصالح المهنة بوجه عام، الكارثة ان بعض اعضاء المجلس ينظر إليهم بوصفهم رجال اعلام ثورة الثلاثين من يونيو، والبعض يصفهم برجال السيسى وان كنت اختلف مع هذا الاخير لكنهم بشكل أو آخر منسوبون لثورتى 25 و 30 وان كان اداؤهم يكشف حقيقة اخرى وهى انهم ينتمون جوهرا وشكلا لمدرسة اعلام السلطة الفج فى تملقه الفاقد لمهنيته .