السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

سيد درويش.. خادم الموسيقى العبقري

سيد درويش
سيد درويش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أبو الموسيقى العربية وخادمها وعبقريها.. إمام الملحنين وفنان الشعب.. نابغة الموسيقى والأستاذ الأول.. ألقاب متعددة أطلقت على الظاهرة الفنية الشيخ سيد درويش، الذي مر 91 عامًا على ذكرى رحيله، وما زالت ألحانه وموسيقاه وأغانيه، تملأ رفوف المكتبة الموسيقية العربية، ولا تزال مصدرًا ثريًا لا ينتهي لكل الموسيقيين والأجيال التي تلته حتى الآن، اقتباسًا وتأثرًا ونهجًا وإلهامًا.

ولد في حي كوم الدكة في الإسكندرية في 17 مارس 1892، في أسرة فقيرة يعمل ربها في الصيد، كبقية أهل الحي، التحق بكتاب الحي كبقية أقرانه لحفظ القرآن، والذي منه ظهر ولعه بالمقامات والإنشاد الديني والغناء، الذي اتخذه طريقًا وعملًا رغم تعنت أسرته التي كانت ترى فيه شيخًا حافظًا للقرآن وعاملًا يكفل متطلبات حياتهم.
من مظاهر عبقرية وموهبة الشيخ سيد الموسيقية، نشأته في بيئة لا تهتم بالموسيقى بل لا تعرف عنها شيئًا وكانت رافضة لاحترافه الفن والغناء من الأساس، ولكن موهبته انتصرت على الظروف وبدأ في استغلال معظم المجالس والمقاهي لتقديم نفسه والغناء لأهل الحي حتى ذاع صيته في أرجاء الإسكندرية في وقت قصير.
في تلك الفترة لم يفكر درويش للحظة في ترك العود والغناء مهما وقفت الظروف ضده، رغم متاعب الحياة في ذلك الوقت، وعدم وجود وظيفة رسمية له سوى الفن، حتى أنه اضطر إلى العمل في مجال البناء، وأجبر صاحب العمل على احترام موهبته وعلى استثنائه من العمل وإعطائه مقابل مادي نظير غنائه للعمال في أوقات الاستراحة من العمل.

رحلة الشام والقاهرة

هما أبرز مرحلتي تحول في حياة سيد درويش، ورحلتيه إلى سوريا ولبنان في عامي 1909 و1912، بعد سفره مع الشيخ عثمان الموصلي، والعمل بفرقته في الشام، والتي استفاد منها درويش موسيقيًا فقط بتعرفه على أنماط موسيقية جديدة وعاد إلى مصر محملًا بمكتبة موسيقية جديدة إلى "مكتبته الخاصة"، ليبدأ رحلة البحث عن طريقة جديدة للغناء والتلحين والمال أيضا الذي كان سببًا في عودته إلى الإسكندرية والغناء في المقاهي من جديد.

ففي المرة الثانية يكتشفه الشيخ سلامة حجازي، ويصر على اصطحابه إلى القاهرة في 1914، وانضمامه إلى فرقته المسرحية، ويقدمه بنفسه إلى الجمهور القاهري لأول مرة، ليبدأ درويش مرحلة مهمة في حياته الفنية بعد سفره إلى العاصمة.
لاقى درويش فتورًا ورفضًا من الجمهور القاهري في بداية الأمر، إلا إنه استطاع بألحانه الجديدة والشعبية في فرض نفسه، وراح يوزع ألحانه على الفرق المسرحية مثل فرقة نجيب الريحاني وعلي الكسار ومنيرة المهدية وغيرهم، حتى أنشأ فرقته الخاصة التي قدم فيها عددًا من الأدوار والمسرحيات مثل روايات العشرة الطيبة لمحمد تيمور وشهرزاد لبيرم التونسي والباروكة الإيطالية في عام 1920.

لسيد درويش أعمال موسيقية وطنية خالدة، بالمعنى الحرفي، فلا يزال نشيد "بلادي"، هو النشيد الوطني والرسمي لمصر، وكذلك عايشت ألحانه وأغانيه أهم التحولات والمراحل السياسية والمواقف الوطنية في مصر مثل فترة نضال مصطفى كامل وسعد زغلول والتي أنتج فيها أغاني "أنا المصري" و" قوم يامصري"، وغيرهم.

الهاوي والمرجع وإمام المجددين

للحديث عن ألحان وإبداعات وموروث سيد درويش خاصة وكونه ظاهرة فنية لن تتكر، لن تكفِ على الأقل مجلدات لرصدها ووصفها وحصرها، إلا أن من أشهر ما تميز به درويش هو بساطته في الأداء وتجديده الموسيقي حيث يعتبر أول من بدء رحلة التجديد والتحديث للأغنية الكلاسيكية المصرية، إضافة إلى الروح الشعبية لألحانه وموضوعاته، وخفة ظلها والتي ظلت مرجعًا ومصدر إلهام لكل الفنانين من بعده بداية من محمد عبد الوهاب والأجيال التي تلته إلى الفرق الموسيقية الشبابية التي لا تزال إلى الآن تعيد غناء وإنتاج ألحانه وأغانيه.