الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الدكتور هشام عبدالحميد المتحدث الرسمي باسم مصلحة الطب الشرعي في حوار خاص لـ"البوابة نيوز": هذه أبرز مغالطات تقرير هيومان رايتس ووتش.. كذبت ادعاءات منتصر الزيات على الهواء مباشرة بشأن أعداد قتلى رابعة

 الدكتور هشام عبدالحميد
الدكتور هشام عبدالحميد المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- مصر من أفضل دول العالم في معدلات جرائم الاغتصاب وهتك العرض
- منظمات حقوقية تروج الشائعات حول الجرائم الجنسية في مصر بهدف تحقيق مصالح شخصية
- ثلاجة جديدة من متبرع مصري تسع 28 جثة لحفظ الجثث فترة تصل إلى 20 عامًا
- طالبنا بنقل مشرحة زينهم إلى التجمع الخامس أو القطامية


قال الدكتور هشام عبدالحميد المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي، إن متبرعًا مصريًا رفض ذكر اسمه قام بشراء ثلاجة جديدة لتجميد الجثث المجهولة تصل درجتها إلى 20 تحت الصفر، وتتسع إلى 28 جثة إلى سنوات طويلة بنفس حالة الجثة، وطالب بضرورة توفير مشرحة جديدة عن مناطق التكدس السكاني، وأشار إلى أن فتاة المرج لم يتم اغتصابها من قبل أمين الشرطة وكل ما أثير مجرد كلام غير صحيح، ولفت إلى أنه كذب ادعاءات منتصر الزيات في أحد البرامج بشأن أعداد قتلى فض اعتصام رابعة، كما كذب منظمة ''هيومان رايتس'' ووصفه بأنه تقرير هواة لعدم موضوعيته وسرد أهم المغالطات به، وإلى نص الحوار ..

بداية.. ما تقيمك لمصلحة الطب الشرعي الآن؟

بالنسبة للأداء الفني للأطباء الشرعيين، الأداء مستمر ولم يتغير، ولكن التغير الوحيد في طريقة الفكر، لأنه في الفترات السابقة كانت هناك قضايا تثار في الإعلام وكان يشوبها لغطًا كثيرًا، ومنها قضايا تهز الرأي العام، ولم يكن هناك من يرد عليها في الإعلام، ومن ثم تثار الأقاويل المغلوطة وتنتشر في كل وسائل الإعلام على الرغم من أنها بيانات مغلوطة وغير رسمية، ولكن حاليا أصبح المتحدث الرسمي يخرج بيانات وإحصائيات دقيقة للرأي العام بشأن القضايا الجنائية وغير الجنائية، منعًا للشائعات والمغالطات التي كانت تحدث في الماضي، ولا أنكر أنه لا يزال هناك بعض الشائعات التي تثار من حين لآخر ولكنها حالات قليلة جدًا، ونخرج لتكذيبها فورًا ودون أي تردد.

ما هي أهم المشكلات التي تواجهكم بمشرحة زينهم؟

أهم المشاكل التي تواجهنا هي الجثث المجهولة التي ترد للمصلحة، حيث إننا نتلقى نحو 300 جثة مجهولة من قضايا جنائية، على مدى العام، بعضهم يتم التعرف عليه من خلال تحليل DNA والبعض الآخر من خلال أهله الذين يقوم بعمل محضر تعارف بالنيابة ثم يتعرفوا على ذويهم بالمشرحة، والجثث المتبقية يتم دفنها بمدافن الصدقة، بعد تخزينها بالثلاجات لفترات طويلة تتراوح من شهر إلى ثلاثة أشهر على الأكثر، لأننا لم نكن نملك سوى ثلاث ثلاجات للتبريد فقط، وهي لا تحافظ على الجثث لفترات طويلة، لأن الجثث تتعفن بعد مرور ثلاث أيام، ولذلك كنا نعاني من رائحة الجثث مجهولة الهوية المتعفنة داخل الثلاجات، وقمت بطلب ثلاجات جديدة من أصحاب التوجهات الخيرية وبالفعل قام رجل وطني متبرع بشراء ثلاجة جديدة للتجميد، تتسع لـ 28 جثة، تحفظ الجثامين المجهولة بنفس الحالة التي وصلتنا عليها، قد تبقى لعشرين عامًا لأن درجة حرارتها تصل إلى 20 تحت الصفر، وكانت هناك مشكلة أخرى تتعلق بالجثث التي ترد للمصلحة بعد الخامسة مساءً، حيث كان الأمر يقتضي أن يتم تشريح الجثة في اليوم التالي في تمام الساعة التاسعة صباحًا، ولكني قمت بعمل ''نوبتجية'' ليلية تعمل على تشريح الجثث من الساعة الخامسة مساءً وحتى الساعة الثانية عشرة مساءً، أي أن اليوم في المشرحة الآن أصبح ممتدًا من التاسعة صباحًا حتى الثانية عشرة مساءً، وهذا الأمر أدى إلى سرعة الحصول على الجثمان الذي تم تشريحه وبالتالي منع تكدس أهل الموتى، لأن أي جثمان يرد للمشرحة قد يصاحبه المئات، وفي الماضي كانت تتراكم أكثر من حالة ترد في الفترة المسائية قد تصل إلى سبع أو ثماني حالات، وفي الصباح كان يتوافد ذووهم لاستلامهم وكنا نجد صعوبة كبيرة في الانتهاء من الحالات وسط العدد الهائل من الأهالي والصراخ والعويل، وأسبقية التشريح، وكان موظف الاستقبال يتعرض لكم هائل من الإهانات والسباب والاعتداءات، أما الآن فيتم صرف الحالات بعد تشريحها أولا بأول، وفي الماضي أيضًا كان من الممكن أن يأخذ موظفو الاستقبال إكراميات من أهالي المتوفين لاستلام الجثامين في أسرع وقت بعد تشريحها ولكني استطعت أن أقضي تمامًا على هذه التصرفات غير المقبولة على الإطلاق، عن طريق الاستبعاد من العمل بالمشرحة.

ما هي الخطط المقترحة لرفع مستوى العمل بالمصلحة؟

مشرحة زينهم التي تخدم مصر مشكلتها الأساسية الآن هي وجودها وسط مكان مكتظ بالسكان، في السابق عندما أنشئت لم يكن المكان مزدحمًا بهذه الدرجة، وواجهنا مشكلة كبرى في فض اعتصام ''رابعة'' يتمثل في أنه لا يوجد سوى اتجاه واحد فقط للسيارات والاتجاه الآخر مسدود، وكان يتطلب ذلك رجوع السيارات في نفس اتجاه دخولها، مما كان يشكل صعوبة بالغة في دخول وخروج السيارات التي كانت تنقل الموتى وقتها، إضافة إلى شكاوى المواطنين المستمرة من الأصوات العالية والصراخ والعويل عند توديع ذويهم، ونتطلع إلى نقل المشرحة إلى مكان غير مكتظ بالسكان على مساحة مناسبة

لماذا لا تنافس مصلحة الطب الشرعي المصري نظيراتها في باقي دول العالم؟

أولا وللعلم نحن ننافس أعرق الدول في العالم، وإنتاج مصلحة الطب الشرعي من أعلى نسب الإنتاج على مستوى العالم، فكيف إذًا لا ننافس؟ ومستوى الأطباء الشرعيين لدينا يفوق كبرى الدول في العالم، ومؤخرًا زارنا وفد ألماني من الأطباء الشرعيين، وأكدوا أن عدد الحالات الجنائية لديهم مثل الطلق الناري والطعن بالسكين، تصل إلى 50 حالة سنويًا، أما عدد الحالات الجنائية لدينا في العام يصل إلى 2000 حالة، ولكن نظرًا لقلة أعدادنا وكثرة الحالات التي ترد إلينا، لا يوجد لدينا وقت لعمل أبحاث تنشر في مجلات عالمية واسعة الانتشار، وإظهار إمكانيات الأطباء الشرعيين المصريين.

ما رأيك في دعوة استقلال مصلحة الطب الشرعي عن وزارة العدل؟

الطب الشرعي على مستوى العالم لا بد وأن يتبع جهة من 4 جهات، الجهة الأولى تتمثل في وزارة العدل، والجهة الثانية وزارة الصحة، والجهة الثالثة الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، والجهة الرابعة جامعات التعليم العالي، ونحن كأطباء شرعيين في مصر نرى أن تبعيتنا لوزارة العدل، مفيدة وليست ضارة، لأن وزير العدل ومساعديه قضاة، وبطبيعة عملهم لا يقبلون تدخل أي شخص مهما حدث في عملهم، وبالتالي فلن يسمحوا لأنفسهم بالتدخل في تقارير الطب الشرعي على الإطلاق، لأنه يعلم أن استقلالية الطبيب الشرعي أمر هام وضروري، ولذلك لا يتدخل أي شخص مهما بلغت سلطته في تقرير الطبيب الشرعي مهما حدث، أي أن تبعيتنا لوزارة العدل هي تبعية إدارية فقط، ولذلك نحن نتبعهم في أمور الموازنة لتيسير الأعمال اليومية، وأؤكد أن الاستقلالية مفروضة دوليا علينا لأننا موقعين على اتفاقية مكافحة الفساد، التي تقتضي بالضرورة استقلال القضاء واستقلال الطب الشرعي، ولكن مفهوم الاستقلالية في حد ذاته هو مطاطي لأننا لو كنا نتبع وزارة الصحة قد تحدث أخطاء طبية مثلما رأينا في الفترة الأخيرة وبالتالي أي تقرير لا يدين الطبيب ويعترف بخطئه سنجد الرأي العام والإعلام يتهمنا بمجاملة الوزارة التي نتبعها، ولو كنا تابعين للأدلة الجنائية التي تتبع وزارة الداخلية ولم نذكر أي حالات تعذيب قد تحدث وتؤدي للوفاة لكنا اتهمنا بأننا نجامل وزارة الداخلية التي نتبعها، ومما سبق من أمثلة نجد أن تبعيتنا لوزارة العدل مفيد جدًا لنا ويمدنا بالاستقلالية ولم يحدث على الإطلاق أن طلب منا تعديل أي تقرير.

هل وزارة العدل لا تستجيب لمطالب وحقوق الأطباء؟

مشكلتنا في الفترة الأخيرة تتمثل في ضعف موازنة الدولة بسبب ضعف الاقتصاد المصري حاليا، ونحن نحتاج للنهوض بمصر في الفترة المقبلة، ولكن الطب الشرعي هو الجهة الوحيدة التي لم تزد مرتباته بعد ثورة يناير، على عكس الكثير من الجهات مثل القوات المسلحة ووزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التعليم، ولذلك يجد الأطباء الشرعيون أن حقوقهم مهضومة مقارنة بالخدمات التي يقدمونها، كما أنهم كان لديهم انطباعا بأنه لا أحد يستطيع أن يزيد مرتباته إلا بالضغط على الدولة وعمل إضرابات، ولكننا تحدثنا معهم وطالبناهم بالصبر، ولكني اتفق معهم بأنه لا بد من زيادة موازنة الطب الشرعي وزيادة دخل الأطباء الشرعيين، لأنهم لا يملكون سوى دخولهم التي يتقاضونها من المصلحة إضافة إلى أنهم محظور عملهم بأي جهة أخرى أو أي عمل آخر، ولذلك طالبنا جميع الأطباء الشرعيين بضرورة الصبر في ظل القيادة الجديدة التي لا تدخر مجهودًا وتسعى لحل كل المشكلات المتراكمة من الأنظمة والعهود السابقة.

هل هناك حالات تحول جنسية في مصر؟ وهل أجريتم مثل هذه الحالات من قبل؟

بالطبع عرض علينا مثل هذه الحالات من قبل، ولكن الفيصل في هذه الحالات هو التركيب الكروموزومي، بمعنى إذا كان التركيب XY فهو ذكر، وإذا كان XX فهو لأنثى، وهذا هو الأساس، وللأسف اتجاه الحديث الغربي في أوروبا وأمريكا، يتجاهل التركيب الكروموزومي، مدعين أن الأهم هو السلوكيات، ونحن نؤكد أن السلوكيات من الممكن تعديلها ولكن تعديل خلق الله أمر غير مقبول ولا نستطيع أن ننحرف إلى مثل هذه العادات السيئة التي لا دين لها، ولو قمنا بالانصياع وراء كلام الغرب لأقرينا بصحة علاقة ''اللواط'' فهم يعتبرونها علاقة طبيعية، حيث يعتبرونه أيضًا أن به بعض الشذوذ في الكروموزومات وهذا كلام ليس صحيحًا، والحقيقة أن اللواط من العادات التي تكتسب منذ الصغر ويمكن إصلاحها وعلاجها، ولذلك فنحن نرفض رفضًا تامًا عمليات التحول الجنسي واللواط والشذوذ، والحالات الواردة تكون بعدما يتم تحويلها ولكنها تواجه مشكلة في السجل المدني في الاسم عندما تطلب تغييره.

حدثنا عن حقيقة اغتصاب فتاة إمبابة من أمين شرطة داخل الحجز؟

لقد تم الكشف على الفتاة التي تبلغ من العمر 17 عامًا وتدعى شيماء مرتين، وعند الكشف عليها في المرة الأولى التي اتهمت فيها سائق ''توك توك'' باغتصابها ووجد أنه لا أثر لأي اعتداء جنسي عن طريق إيلاج في الدبر، وتبين أنها لم تتعرض لهتك عرض، فضلًا عن سلامة المنطقة التناسلية، وعدم وجود إصابات في تلك المنطقة، وخلوها من أي إصابات عامة وموضوعية، كما تبين كذب ادعائها في المرة الثانية أيضًا التي اتهمت فيها أمين الشرطة باغتصابها بعد إخراجها من الحجز، كما تبين عدم وجود أي آثار اعتداء عليها أو مقاومة.

هل تلقيت معلومة رسمية من الدولة بموعد فض رابعة والنهضة تحسبًا لوقوع قتلى؟

لم يحدث على الإطلاق، ولكننا كنا نضع كعادتنا خطة طوارئ في تلك الفترة تحسبًا لوقوع ضحايا في أي لحظة، ونحن دائمًا نبدأ في التعامل مع الحدث بعدها بساعتين أو ثلاثة من وقوعه، وهي فترة كافية جدًا لتجميع الأطباء الشرعيين وتجهيز المشرحة لاستقبال الجثث.

ترددت أقاويل عن وجود تقارير بـ "انتحار القتلى".. تعليقك؟

لم يحدث هذا مطلقًا، وكانت مجرد شائعات، قد أكدت وقتها أننا لا نسلم أي جثمان إلا بعد توقيع ذويه على أن سبب الوفاة كان انتحارًا، وهذا كلام هزلي وليس له أي أساس من الصحة وغير منطقي، والسؤال الآن كيف لي أن أقوم بفعل ذلك العمل غير الأخلاقي والمشرحة مقتحمة من قبل أهل المتوفين، ولا يوجد أي نوع من أنواع التأمين من قبل قوات الشرطة أو القوات المسلحة، وعند تشريح كل جثة كان يقف معنا أكثر من 20 شخصًا من ذويها لاستلامها واستلام تصريح الدفن، وأتذكر وقتها أنه خرج ''منتصر الزيات'' في أحد البرامج على قناة فضائية معروفة، وقال إن الأطباء الشرعيين قاموا بإجبار أهالي ضحايا رابعة على قرار انتحار، وعلى الفور نجحت بالحصول على رقم البرنامج وقمت بالرد عليه على الهواء مباشرة وواجهته أمام الجميع قائلًا: ''لو تملك ورقة واحدة في أي تقرير لأي جثمان مكتوب فيها أن سبب الوفاة انتحار، سأتقدم باستقالتي على الهواء مباشرة أمام الملايين، لأنني وقتها لن أكون أهلا للعمل بالمصلحة''، ولم يستطع الرد على كلامي ولم يقدم بعدها ما يثبت صحة ادعاءاته.

هناك لغط أثير حول حقيقة أعداد قتلى الاعتصام.. تعليقك؟

فكرة التجارة بالموت، انتشرت وقت فض اعتصام رابعة، وسمعنا أن الأعداد وصلت إلى 20 ألفًا ثم 30 ألفا وهذا كله كان مجرد شائعات لإثارة الرأي العام، وخرج ''القرضاوي'' في إحدى خطب الجمعة ليؤكد ارتفاع أعداد القتلى إلى عشرين ألفًا، ولكننا كنا حريصين على استخراج الكشوفات والإحصائيات الرسمية بكشوف بأسماء المتوفين ونوع الإصابات، والجميع يعلم أن الحقيقة الواحدة في الكون هي حقيقة الموت، ولا يستطيع أحد أن يدفن آخر بدون استخراج تصريح دفن، باستثناء الحالات الشاذة البسيطة التي كان بها جثتين أو ثلاث جثث وتم معرفتهم والكشف عليهم، والمقصد من هذا كله وبعد مرور كل هذه الفترة لو يملك أي شخص أي تصريح دفن غير الذي تم استخراجه بواسطتنا، يأتي إلينا فورًا ويتقدم ببلاغ، وأوجه كلامي إلى منظمة ''هيومان رايتس''، لأن إحصائياتنا أكدت وفاة 629 جثمانًا، في حين أن رايتس أكدت أن عدد الحالات بلغ 817 جثمانًا بدون أي دليل مادي أو مستند رسمي على صحة كلامهم وادعاءاتهم.

هل تعرضتم لأي ضغوط من الدولة بشأن كتابة تقارير مخالفة لواقع الحالات؟

لم يحدث على الإطلاق أن تعرضنا لأي ضغوط من قريب أو بعيد، بشأن كتابة أي من التقارير، وكما سبق وأشرت لا أحد مهما بلغت سلطته بالدولة يستطيع أن يتدخل في العمل الفني للأطباء الشرعيين، أو في كتابة التقارير الخاصة بحالات الوفاة، وما يؤكد صحة كلامي أننا أدنا قوات الشرطة في بعض الحالات مثل سيارة الترحيلات، وفي بعض الحالات أكدنا وجود بعض حالات التعذيب، نحن نكتب تقاريرنًا طبقًا لما يمليه علينا ضميرنا بدون أي ضغوط أو تدخل من أحد.

الوضع كان يُنبئ بكارثة.. هل طلبتهم تأمين المشرحة؟

بالفعل طلبنا تأمين المشرحة بسبب الأعداد الكثيرة التي وردت إلينا وقتها، وبالفعل الوضع كان ينبئ بكارثة حقيقية، ولكني تفهمت وقتها أن وجود رجال القوات المسلحة وأفراد الشرطة، كان سيؤدي إلى صدام بين أهالي المتوفين وبينهم، الأمر الذي كان سيؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى، وبالفعل قمنا بالتعامل مع الأهالي بمزيد من الحكمة والحنكة والدبلوماسية، رغم التهديدات التي تعرضنا إليها والتي وصلت إلى حد القتل، حيث طالبنا بعض الأهالي بالكشف الظاهري فقط على الجثث، ورفضنا ذلك الطلب وأقنعناهم بضرورة التشريح للوصول إلى الأسباب الحقيقية للوفاة لتقديم التقرير النهائي للنيابة التي ستتولى التحقيق بعد دفن الجثمان، وكنت أعلم تمامًا أن حادث الفض هو حدث عالمي، فكان لا بد من كتابة التقارير بصورة سليمة وصحيحة، لأن التقارير سيتم عرضها في جهات عالمية، ومن الخطأ التراخي أو التواني أو حتى الخطأ في كتابتها، لأنها في النهاية سمعة لمصلحة الطب الشرعي في مصر.

هل يوم فض اعتصام رابعة كان الأصعب عليكم في العمل بالمشرحة؟

يوم فض الاعتصام كان من أصعب الأيام التي واجهناها بسبب الأعداد الكبيرة التي اقتحمت المشرحة، وحالات الصراخ والعويل ومشاعر الحزن والأسى، والتسابق في تشريح الجثامين بناء على طلب الأهالي، ولكن كان هناك أيامًا صعبة مثل أحداث الحرس الجمهوري حيث تعرضنا إلى الضرب، حيث إن بعض الناس اقتحموا علينا المشرحة وأصروا على تصوير الجثامين بالثلاجات بصحبة إحدى القنوات التليفزيونية المعروفة، وكل امرأة منتقبة كان معها كاميرا وتريد تصوير الجثث ورفضنا كثيرًا، ولجأت إحداهن إلى حيلة حيث أكدت إنها تبحث عن جثة أحد أقاربها مجهولة الهوية وعندما سمحنا لها بالبحث عن الجثة فوجئنا بها ترفع الكاميرا وتصور كل الجثث بالثلاجة، وحدث اعتداء بالضرب والسباب علينا عند تشريح آخر 4 جثامين، وقاموا بتصوير جثتين لطفلين متوفيين وجدا بالشارع في جريمة جنائية ولا علاقة لهما بأحداث الحرس على الإطلاق، وأثاروا الرأي العام كله بأن الشرطة قامت بإطلاق النار على الأطفال، ثم قمنا بعمل بيان أكدنا فيه أن جثة الطفلين ليس لها علاقة بالأحداث وأنهما موجودان في إحدى الجرائم الجنائية، وذكرنا رقم المحضر واسم النيابة.

ما رأيك في تقرير "رايتس ووتش"؟ ولماذا تمت مهاجمتكم؟

"رايتس ووتش" منظمة عالمية ولكن التقرير الذي أعدوه عن فض ''رابعة'' هو تقرير ''هواة''، وهم لم يهاجموننا، ولكنهم أكدوا أننا قمنا بإخفاء عدة جثث من التقارير، وهذا لم يحدث مطلقًا لأننا قمنا بالحصول على أسماء كل الحالات من مختلف المستشفيات على مستوى مصر، وأسماء حالات مسجد الإيمان، وأسماء الحالات التي وردت للمشرحة، وقمت بمقارنتها ببعض، والجثث التي كنا نجدها قد وردت من مسجد الإيمان كنا نحذفها من كشف مسجد الإيمان ونضعها بكشف مشرحة زينهم وهكذا حتى لا يتم تكرار الجثث، وهذا الأمر كان في غاية الصعوبة ولكننا انتهينا منه بعد مراجعته عدة مرات، ومن هذا يتضح أن "هيومان رايتس" قامت بتكرار بعض الحالات التي كانت قد وردت من بعض المستشفيات وتم عمل كشف ظاهري عليها ثم تقرير مفتش صحة، ثم عرضت على المشرحة في النهاية لكتابة التقرير النهائي، وللعلم من منظمة "رايتس" كانت متواجدة معنا بالمشرحة وحصلوا على كشف بأسماء القتلى، من ضمن العديد من المنظمات الحقوقية التي تواجدت معنا أيام فض الاعتصام، إضافة إلى منظمة العفو الدولية، وعندما تحدثوا معي وقتها بأن الأعداد الواردة تقدر بالآلاف أطلعتهم على الجثث بالكامل والثلاجات ووجدوا أن المشرحة من المستحيل أن تتسع لمثل هذا الرقم، وتقريرهم جاء في صالحنا لأنه لم يعد هناك من يخرج ويؤكد أن الأعداد كانت بالآلاف، وعندما اعترفوا أن إجمالي الحالات كان 817 جثة طالبناهم على الفور بـ 190 تصريح دفن للجثث التي يدعون أنها لم ترد في إحصائياتنا، ولكنهم عجزوا عن الرد.

ما هي أبرز المغالطات التي وردت في تقرير ''رايتس'' عن فض الاعتصام؟

كان هناك العديد من المغالطات التي وردت بالتقرير، أهمها ما يلي:

1- ورد بتقريرهم أن العدد الإجمالي للقتلى بلغ 817 أي يزيد عن العدد النهائي الذي قمنا بمراجعته العديد من المرات وبالمستندات وبالأسماء والذي بلغ 629 أي أن هناك فرق نحو 190 جثة بدون أي مستند حقيقي أو حتى أسماء القتلى.

2- ورد في صفحة رقم 3 بالتقرير، وقال توحي الأدلة وبقوة أن الشرطة تعمدت إشعال الحرائق بالمنصة والمستشفى الميداني، والمسجد والطابق الأول بمستشفى رابعة، وتجد أقوال أحد الشهود الذين استعانوا بهم في صفحة رقم 23، حيث يقول التقرير: بحسب الشهود قام الكثير من المتظاهرين بإلقاء الحجارة ثم زجاجات المولوتوف لاحقًا على قوات الأمن الزاحفة، وأحرق بعضهم إطارات، والبعض الآخر استخدم الألعاب النارية لإخافة قوات الشرطة، أي أن هناك تناقضًا كبيرًا جدًا في التقرير حيث إنهم لا يملكون أي دليل على صحة كلامهم وفي نفس الوقت أقوال الشهود الذين استعانوا بهم تكذب ادعاءاتهم بأن قوات الشرطة قامت بإشعال الحرائق في المنصة والمسجد والمستشفى، ولكن الصحيح والمنطقي يؤكد أن الألعاب النارية والإطارات والمولوتوف هي الأدوات التي استخدمت وكانت سببًا في إشعال الخيم

3- في صفحة 4 قال التقرير إن وزارة الصحة حددت حصيلة الوفيات لفض النهضة بـ 87 قتيلًا، وهذا الكلام ليس له أساس من الصحة، لأن فض النهضة لم يكن به سوى 23 جثة فقط بهما جثتان لرجلي شرطة

4- قال التقرير إن مصلحة الطب الشرعي تجاهلت أدلة دامغة عن وجود العديد من الجثث الإضافية التي لم تدخل في الحسبان في عدة مستشفيات ومشارح بعيدة عن القاهرة، في حين أننا قمنا بالحصول على مختلف أسماء الجثث في جميع مستشفيات مصر بمختلف المحافظات وقارناها بالأسماء التي لدينا وراعينا عدم التكرار

5- في صفحة 26 قال التقرير إن ضباط الأمن المركزي الذين زحفوا خلف القوات الخاصة يفتشوا في الخيم المحترقة وشبه المدمرة بحثًا عن مقتنيات ثمينة لسرقتها، والواقع العملي أن القوات كانت تمشط كل الخيام بحثًا عن أي أسلحة أو متفجرات وليس بغرض السرقة.

كم رجال الشرطة الذين استشهدوا في فض رابعة والنهضة؟

استشهد 55 ضابطًا ومجندًا من رجال الشرطة على مستوى الجمهورية، من بينها حالة واحدة في أسيوط، و3 في الإسكندرية، و15 حالة في الجيزة، منها 13 حالة من ضباط وجنود قسم شرطة كرداسة، وحالتان وقعتا أثناء فض اعتصام النهضة، و6 حالات في الفيوم، و10 حالات بالقاهرة منها 8 حالات وقعت في فض اعتصام رابعة العدوية، و15 حالة بالمنيا، و4 حالات ببني سويف، وحالة واحدة بشمال سيناء، وأول بلاغات تلقيناها بوقوع قتلى كانت لرجال الشرطة وقتها.

ما هو تعليقك على واقعة التمثيل بجثة متوفي داخل إحدى مشارح الخانكة؟

جثة المتوفي التي ظهرت في الفيديو المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي لشخص يدعى محمود علي سلطان، وتم تشريح جثمانه بواسطة الطبيب الشرعي هاني عبدالعزيز في 13 يوليو الماضي، بناء على قرار من النيابة العامة في المحضر رقم 4864 لسنة 2014 إداري مركز الخانكة داخل مستشفى بنها التعليمي، والفيديو المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والذي يظهر قيام "اثنين" من أمناء شرطة ومخبر بمركز شرطة الخانكة، بالتمثيل بالجثة هو فيديو قديم خاص بالمتوفي، وحدثت قبل عملية التشريح،بما يعني أن واقعة التمثيل بجثة المتوفي حدثت داخل مستشفى الخانكة، قبل نقله إلى مستشفى بنها التعليمي، لأن مشرحة مستشفى الخانكة لا يتم التشريح بها.

ما هو رد سيادتكم على فتوى تحريم إثبات النسب عن طريق تحليل "D N A " ؟

إثبات الزواج في الإسلام قديما منذ 15 قرنًا كان يتوقف على عدة عوامل منها، الولد للفراش، بما يعني أن الطفل المولود لأي زيجة بين زوجين ينسب إليهما، والبينة أي الشهود، والإقرار، وهو أن يقر شخص ما بصحة نسب الطفل له، وكان هناك أناس تشتهر عنهم ''الفراسة'' في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، اشتهروا بما يسمى ''القيافة''، وهو الشخص الذي كان يحضر عند الشك في نسب المولود ويحضر الأب وعدة رجال ويعرضهم بجوار بعض ويقوم بتغطيتهم ولا يترك سوى باطن القدم فقط، وكان يحدد نسب المولود من باطن القدم ويقول رجل هذا المولود من رجل هذا الرجل مثلما حدث مع أسامة بن زيد، والمقصود من هذا المثل أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو معلم البشرية بأكملها قد استند إلى القيافة التي كانت تحتمل الخطأ في إثبات النسب، فكيف لنا بعد التقدم الذي نعيشه إلا نثبت النسب بعد إجراء هذا التحليل؟ وأعتقد أنه يجب على فقهاء الدين مراجعة أنفسهم في هذه الفتوى، ما دام العلم لا يتعارض مع الشرع، وأنت تعلم أن هذا التحليل لا يحتمل الخطأ على الإطلاق.

هل ترى أن معدلات جرائم الاغتصاب وهتك العرض والتحرش زادت بعد ثورة يناير؟

لا أرى أن معدل الاعتداءات الجنسية زاد بعد ثورة يناير، وما زال في معدله الطبيعي، ومصر كدولة كبرى من أفضل دول العالم في هذه الحالات، شأنها شأن دول كثيرة فيها هذه الحالات، ويرد إلينا في العام من 700 إلى 900 حالة ما بين اغتصاب أو هتك عرض، ودولة مثل أمريكا بها 650000 حالة اغتصاب وهتك عرض في العام، والتحرش اللفظي لا يرى ولا نستطيع كتابة تقرير به، وأتفق معك تمامًا بأنه منتشر بدرجة بشعة ومخيفة، وهذا يرجع إلى سلوكيات المجتمع التي لم تعد مثل السابق، فقديما كان هناك ما يسمى بالغزل العفيف، أما الآن فأصبحت الألفاظ البذيئة منتشرة بصورة لافتة، وأؤكد على أن مروجي شائعات انتشار جرائم الاغتصاب وهتك العرض هم بعض المنظمات الحقوقية من أصحاب المصالح، ويهدفون إلى الإساءة لصورة مصر وهز ثقة الشعب في الشرطة والحصول على تمويل خارجي لتشغيل منظماتهم، وكل هذا ولا يملكون أي حالات مسجلة

ما هو الجديد في مشرحة زينهم؟.. هل طلبتم تغيير المشرحة من مكانها الحالى إلى منطقة أخرى؟

بالفعل ناشدنا المسئولين مرارًا وتكرارًا بضرورة نقل المشرحة إلى منطقة أخرى غير مكتظة بالسكان، لأن مشرحة زينهم تخدم القاهرة الجيزة، واقترحنا أن تكون بالتجمع الخامس أو القطامية، وتم اقتراح مدينة بدر، ولكننا اعترضنا بسبب بعد المسافة، وطلبنا توفير مساحة 14000 متر أي ما يوازى 5.3 فدان، لعمل مشرحة جديدة تليق بصورة واسم مصر أمام العالم كله، وتسع العديد من الجثامين، في حالة حدوث كارثة كبرى لا قدر الله مثل سقوط طائرة مثلًا، وهذا الأمر يحتاج إلى توفير ما لا يقل عن 300 ثلاجة في مكان واحد قد تزيد إلى 500 أو 600 جثة، للتعرف على الجثامين، لأننا لا نريد تكرار مأساة العبارة الغارقة حيث كان يخرج الأهالي إلى مستشفى سفاجا ثم السويس ثم مشرحة زينهم للتعرف على ذويهم وهذا كان أمرًا مرهقًا للغاية.