الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الفيلسوف المريح والمرتاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في القرن الخامس قبل الميلاد ظهر عدد من الفلاسفة اليونانيين لم يقدموا أفكارا كاملة لكن رؤي صغيرة لقضايا كبري ولم يتركوا وراءهم كتبا مثل أرسطو وافلاطون بعد ذلك.. منهم أسماء مثل بارمنيدس وهرقليطس واناكساغوراس وبروتاجوراس وزينون الإيلي من بلدة إيليا علي الساحل الإيطالي .. أتذكر من بينهم دائما أيام التعب زينون الإيلي .. أيام الشباب كنت أتذكر هيراقليطس الذي قال إنك لا تنزل النهر الواحد مرتين ويعني الحركة الدائمة والتغير وعدم الثبات في العالم .. أيام الكهولة والتعب من حولي وعدم القدرة علي الفهم أتذكر زينون الإيلي .. وهكذا تذكرته كثيرا في حياتي أنا الذي عشت طفولتي وصباي وأول شبابي أيام عبد الناصر ثم حتي الآن .. كل ما سمعته من كلام جميل كان ينتهي كثيرا إلى عكسه .. ودون الدخول في التفاصيل أذكركم فقط أن سياسة الانفتاح الاقتصادي التي بدأها السادات كانت تعني الغني للشعب كله ثم انتهت بالفقر العظيم .. وما زال هناك إيمان بها بنفس الطريقة .. ما علينا من تاريخ تعرفونه جيدا .. نعود إلي زينون الإيلي الذي رأي العالم لا يتحرك .. ثابتا وكل ما تراه من حركة هو وهم .. يقول إنه لا يوجد أصلا زمان.. وأنت تقول ماضيا وحاضرا ومستقبلا لكن الحاضر عنده يصبح ماضيا والمستقبل يصبح حاضرا ثم ماضيا فأين هو الزمان .. لا يوجد زمان .. تقول إن الزمان يمر يقول هل تستطيع إعادته .. لا طبعا .. هو وهم .. أما المكان فهو الوهم الآخر .. لماذا ؟ لأن كل مكان حوله مكان أكبر منه وبينه مكان أصغر منه .. وفي الحالتين المكان لا ينتهي ويظل يكبر أو يصغر إلى ما لا نهاية .. أما برهان عدم وجود الحركة فهو أهم البراهين.. فأنت تمسك بالسهم وتطلقه من القوس وحتي يصل السهم إلي هدفه لا بد أن يقطع نصف المسافة .. وحتي يقطع نصف المسافة لابد أن يقطع نصف نصف المسافة .. ثم نصف نصف نصف المسافة وهكذا كل نصف له نصف إلي ما لا نهاية فالسهم لا يتحرك .. ياعم السهم انطلق وأصاب الهدف.. هذا وهم .. رأيي في هذا الفيلسوف من زمان أنه اديب أكثر منه فيلسوف.. فالثبات موضوع مطروق في الأدب العالمي .. وهو الانتظار أحيانا في الروايات والمسرحيات مثل مسرحية في انتظار جودو أو رواية صحراء التتار .. لكن في الأدب تقرأ العمل الفني بمتعة في رسم الشخصيات وحوارها وحركتها وحتي حين تخرج منه يائسا عاجزا عن التغيير فأنت حصلت علي المتعة الفنية .. لكن هذا الفيلسوف يعود إلىّ وقت الارتباك حين يصبح كثيرا حولي.. فالإخوان الآن تظهر منهم دعوات للتصالح .. لماذا كان الدم؟ وهناك الآن من ينادي بتأخير انتخابات مجلس الشعب رغم أن ثورة يونيو كانت شعاراتها الثلاثة .. دستور وانتخابات نيابية ورئاسة جمهورية .. بل هناك من المثقفين الآن من ينادي بتغيير الدستور.. طيب لماذا كانت 30 يونيو .. وهكذا بعيدا عن السياسة أشعر بأن هؤلاء جميعا قرأوا زينون الايلي مثلما قرأته وقرروا أن يطبقوا أفكاره فلا زمان ولا مكان ولا حركة.. وأنا أري أن هذه الافكار علاج لليائس حتي لا ييأس .. هكذا أستخدمه وابتعد عن الحوارات التي لا فائدة منها والقضايا التي توجع الدماغ وأعتبر أنه لا مكان ولا زمان ولا حركة أيضا والتفت عما حولي وأكتب رواية أو أراجع رواية كتبتها .. وحين أفاجأ بالتغير حولي أقول الحمد لله وأشكرك يازينون أنك أرحتني بعض الوقت وها هي النتائج جاهزة أمامي .. فإذا انتصرت الحركة أفرح وإذا انتصر الثبات لا أحزن والوذ بزينون الإيلي الذي بالطبع لم يكن يعرف أنه سيكون حلا روحيا لي .. وحلا روحيا لرجال السياسة الذين هم رجال التغيير لكنهم صاروا علي نهج زينون الإيلي .