الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

على طريقة أحمد زكي في «البيه البواب».. بوابين وسط البلد من مسح السلم إلى السمسرة والمقاولات.. «عايش»: حياتي أحسن من الأفندية وولادي في الكليات.. و«ملاك»: القناوي الجدع يعمل من التراب ألماظ

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بصوت أجش، ووجه لا يظهر من خلاله إلا مظاهر الرضا، من خلال تلك البسمة التي لا تفارق وجهه، يتحدث عايش عبدالسلام، 69 سنة، سوهاجي الأصل، حضر إلى القاهرة منذ أن كان عمره 12 سنة، بعد أن سبقه أبوه إلى القاهرة لـ "يظبط حاله"، ثم أتى من بيته الصغير، الكائن في مركز جرجا بمحافظة سوهاج ليجد نفسه "ابن البواب"، في أحد عقارات شارع صابر أبوعلم.

ويقول عايش، "قدمت من سوهاج بصحبة أمي وكلي خوف من القاهرة، خاصة أن أبي كان يقول لنا في جواباته أنه يعمل حارسًا لمكان، وكنت دائمًا أتساءل "أبويا بيحرس المكان ده من إيه"، وكانت أمي تقول لي "أبوك بطل زي أبوزيد الهلالي، بس ده معاه سيف، وأبوك معاه بندقية".

وقدمنا إلى القاهرة، وبعد عام من الإقامة عرفت أني أبي "بواب"، وبالتالي فحاله بعيد كل البعد عن "أبوزيد الهلالي"، وأنا الآن "ابن البواب"، ولي بعض المهام، أولهم شراء الفطار لكل سكان العمارة، ومساعدة أبي في مسح السلم، إضافة إلى مسح السيارات، وكل هذا يتم من أذان الفجر وحتى أذان العشاء، وهو موعد شراء طلبات العشاء، وبعدها يقبع الجميع إلى مرقده، لأن ببساطة كل المحال قفلت، ويبدأ أبي نوبة الحراسة، والتي تتمثل في نومه أمام باب العمارة.

أما الآن، فقد تغير الحال، وأصبحت بواب مكان أبي، لكن بواب شاطر، أستطيع أن أحصّل ما يحصله "أجدع أفندي"، فأنا سمسار عقارات وأراضي، والحمد لله كله تمام، ولدي 3 أبناء، الأكبر في كلية الصيدلة، والأوسط في ثانوي عام، أما البنت الصغيرة فهي في الابتدائية هذا العام، ومفيش حد فيهم لمست يده المقشة أو المساحة، أو المياه والصابون، فأبنائي ليسوا "أولاد بوابين."

وبملابس يبدو عليها ملامح الثراء، ويد تحمل عدد من المصوغات الذهبية ما بين ساعة وثلاثة خواتم، يتحدث ملاك عبدالسيد، الذي يبدأ حديثه بقوله " القناوي أجدع راجل في الدنيا، ويعمل من التراب ألماظ"، فلقد جئت إلى القاهرة مع أبي وأمي، حيث كان أبي يعمل بوابًا لأحد عقارات شارع طلعت حرب، وهو نفس العقار الذي ما زلت أعمل حارسًا له، ولكن في نفس الوقت أنا صاحب مكتب مقاولات، فأنا في الأساس دبلوم تجارة، ولذلك فأنا أعلم كيف أحصل على القرش، وكيف أحول القرش إلى عشرة، وهذا هو سر الخلطة الخاصة بي.

ويكمل حديثه عن حياته كـ "ابن البواب" قائلًا: "كانت حياتي كابن البواب بائسة بكل المقاييس، فكنت أذهب إلى المدرسة في الصباح، ثم أعود من الدرسة لكي أقضي طلبات العمارة، في الوقت الذي تقوم فيه أمي وأبي بمسح السلم، ثم نبدأ في "جلب طلبات العمارة من أجل العشاء"، فمنهم من يطلب الشراب، ومنهم من يطلب مأكولات، ومنهم من يطلب الجرايد والمجلات، وبعد كل ذلك أبدأ في متابعة دروسي، الأمر الذي كان أبي أحرص الناس عليه، حتى أكثر مني، فكان دائمًا يقول لي: "ذاكر عشان متجيبش الطلبات للست شيماء، صاحبة أسوأ لسان على وجه الأرض".

وفي حديثه عن أولاده الآن يقول: "ربنا أنعم عليّ بأربعة بنات، الأولى في كلية الحقوق، والثانية في كلية التجارة والثالثة في معهد الخدمة الاجتماعية، والرابعة اختارت الدبلوم، والحمد لله على نعمة العلم".