السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

يسري عبدالله: الكتابة عند نجيب محفوظ فضاء للوجود البشري ذاته

الناقد الدكتور يسري
الناقد الدكتور يسري عبدالله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الناقد الدكتور يسري عبدالله إن استعادة نجيب محفوظ في ذكرى رحيله التي تحل يوم 30 أغسطس الجاري تمثل استعادة لمفهوم الجدارة الإبداعية والإنسانية، بوصفه واحدا من أبرز كتاب الرواية في العالم، وواحدا ممن دفعوا بها إلى أفق جديد، ومختلف، ومتجدد دوما.
وأضاف أن الكتابة عند نجيب محفوظ كانت فضاء للوجود البشري ذاته، وعلامة على ذلك التحول الذي يصيب الأفراد والأمم، وشاهدا على الثابت والمتغير من الأشياء، وبدا الانشغال بأسئلة النص الأدبي شاغلا أساسيا لنجيب محفوظ، فيه يكمن فعل بقائه وتفردته، وقد تجلى هذا الانشغال بأسئلة النص على مستويات متعددة، بدءا من ماهية النظرة ذات الطبيعة الديناميكية للأدب، والتي لا تراه نقلا مرآويا للواقع، أو انعكاسا آليا لما يدور في المجتمع، فضلا عن انطلاق نجيب محفوظ (ابن الحقبة الليبرالية) من رؤية للعالم ذات طبيعة منفتحة، وبما أسهم- وبشكل دقيق- في تعدد وجهات النظر تجاه العالم والأشياء (على المستوى الموضوعي)، وتغليب المنطق الديمقراطي للسرد (على المستوى الفني).
وأوضح أن تطورات الرواية وتحولاتها لدى نجيب محفوظ بدت استجابة جمالية لعالم يتغير- بالأساس-، ولواقع يتعقد ويتشابك، ولفن له اشتراطاته الجمالية اللانهائية، والقابلة للاستعارة من أجناس أدبية أخرى بعض آلياتها وتقنياتها، ومن ثم رأينا محفوظ يمر بذكاء على مناحي مختلفة للرواية، يتعاطى فيها مع التاريخ تارة، مثلما رأينا في بداياته: (عبث الأقدار / رادوبيس / كفاح طيبة)، أو يرصد الواقع الاجتماعي ويحلله تارة أخرى، مثل: (بداية ونهاية/ القاهرة الجديدة/ خان الخليلي/ زقاق المدق)، أو يشتبك مع الواقع السياسي ويعري تناقضاته تارة ثالثة مثل: (اللص والكلاب/ ثرثرة فوق النيل/ ميرامار)، أو يؤطر العالم متكئا على البناء الرمزي كما في (أولاد حارتنا)، خارجا بالنص إلى فضاءات دلالية أكثر رحابة، أو ينحو تجاه مساحات أشد من الفانتازيا، وإفساح طاقات التخييل كما في (رحلة ابن فطومة) و(ليالي ألف ليلة).
وأشار إلى أن نجيب محفوظ يبدو في كل ذلك قابضا على أسئلة الكتابة وجمرها المتقد، ساعيا إلى منح النص الروائي بعدا تجريبيا جديدا، وبما يتسق مع طبيعة نظرته للكتابة بوصفها بنتا للتراكم المعرفي والجمالي.