الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الروائي أدهم العبودي: المشهد تغيّر وأدباء العاصمة يحسدوننا ويعتقدون أنّ أدباء المحافظات سحبوا البساط من تحت أقدامهم

الروائي أدهم العبودي
الروائي أدهم العبودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- النشر الإقليمي مشروع فاشل تحول لسبوبة وعلى وزير الثقافة أن يضع حدًّا لهذه المهازل
- الشللية هي المعوق الأساسي أمام الكاتب الجاد لسيطرة جماعات بعينها على دور النشر والصحف
- "البست سيللر" وهم كبير وجماعات المصالح ستنكشف رغم أنها انتشرت بشكل لافت للنظر
- مؤتمر أدباء مصر كارثة حقيقية ولابد أن ينتهي دوره بعد تحوله لـ"سبّوبة"
- نوادي الأدب كالسوس الذي تفشّى في بدن وزارة الثقافة مهزلة ورائحتها العطِنة لم يعد يتحمّلها أحد


أدهم العبودي، يعمل محاميًا ومستشارًا للتحكيم الدّولي، له أربعة أعمال: "جلباب النبي"، مجموعة قصصية صدرت عن دار وعد وحصلت قصّة منها على جائزة إحسان عبد القدّوس عام 2011، وقد عرفه القراء من خلالها، عقب الضجة التي أثارتها القصة مع الكنيسة آنذاك.
ثم أصدر رواية "باب العبد" والتي حصلت على جائزة الشارقة 2012، تبعها "متاهة الأولياء" الصادرة عن دار الأدهم 2013، ثم "الطّيبيّون" الصادرة هذا العام عن دار الربيع العربي.
وفي الفترة القادمة يعدّ لرواية رفض الإفصاح عن تفاصيلها يُعتقد أن تحدث ضجّة مماثلة لما حدث مع "الطّيبيّون"، وقد اتّفق مع دار الربيع العربي على نشرها وتوزيعها.
"البوابة نيوز" التقت أدهم العبودي في إطار حواراتها اليومية مع مختلف أدباء مصر من المحافظات المختلفة للتعرف على آمالهم وطموحاتهم فضلا عن المشاكل والمعوقات التي تقابلهم، إلى جانب رؤاهم ووجهة نظرهم في العديد من القضايا المطروحة على الساحة الثقافية:

هل تعتقد أن المبدع يمكنه أن يحقق النجاح في محافظته النائية أو بلدته الصغيرة دون أن يكون ذلك مرتبطًا بوجوده في العاصمة؟ وما هي المقومات لذلك؟
قطعًا، والأمثلة كثيرة، أشرف الخمايسي حقّق طموحه الأدبي ولم يزل في الأقصر، أحمد أبو خنيجر صار أديبًا مهمًا في جيل التسعينيات وهو لم يزل في أسوان، العاصمة الآن خلت إلاّ من التلفيق والمداهنة، أمّا المقوّمات فهي تأتي عن طريق الاجتهاد أولًا، ثم الموهبة، بعد ذلك يأتي ما تقدّمه من إبداع، وهل هو إبداع جديد على المطروح من عدمه.

ما هي أهم المعوقات التي تجدها في المسيرة الإبداعية للكتاب الذين يرفضون نداهة القاهرة ويفرضون أنفسهم على النخبة الثقافية من بلدانهم؟
الشللية، هي المعوق الأساسي أمام مسيرة كاتب جّاد، العاصمة مليئة بالشللية، تجد جماعات بعينها مسيطرة على دور النشر وعلى الصحف والجرائد والملفات الأدبية، وأظن أنّ ذلك بدأ يتغيّر الآن حيث أصبح المشهد أكثر اتّساعًا واحتواءً، والأدب الحقيقي فقط هو الذي يفرض نفسه على الساحة.

هل ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد جعلت من مصر والعالم العربي قرية صغيرة سهلت من التواصل مع النخبة والمجتمع وسهلت مهمة أدباء الأقاليم؟
بداية، أرفض مسمّى أدباء الأقاليم، ماذا يعني إقليم؟ أليست العاصمة نفسها مجرّد إقليم من أقاليم مصر، أين يعيش محمّد المنسى قنديل؟ أحمد خالد توفيق؟ يوسف زيدان؟ محمّد حافظ رجب؟ هؤلاء من أهم كتّاب الوطن العربي، هل يعني أحدًا محلّ إقامتهم؟ هل يمكننا أن نصنّفهم على أنّهم أدباء أقاليم؟ المشهد تغيّر كثيرًا الآن، والأدباء المقيمون في العاصمة يحسدوننا على ما وصلنا إليه، ويحسدوننا على كتابتنا، ويحسدوننا على تحقّقنا، ببساطة هم يعتقدون أنّنا سحبنا البساط من تحت أقدامهم.

هل صادفت أدباء تم دفن موهبتهم بسبب عدم قدرتهم على التواصل مع أدباء العاصمة؟
كان ذلك منذ زمن، عندما تعمّد النظام أن يهمّش كلّ محافظات مصر عدا العاصمة، وفي اعتقادي أنّ الموهوب الحقيقي لا يمكن لأحد أن يدفن موهبته، طالما يؤمن بها، وطالما يسعى لتحقيق ذاته بكلّ السبل المشروعة.

ما هي وجهة نظرك في المنتج الأدبي؟
المنتج الأدبي الآن زاخم، والوقت سيفرز الأجود، والتاريخ لن يتذكّر إلاّ المنتج الحقيقي، وأجد أنّ حالة الحراك الآن السائدة هي حالة مطلوبة، يكفي أنّ القارئ عاد ثانية ليشتري كتابًا، وذلك إيجابي، لكنّه بعد فترة وعندما ينضج قليلًا سيبحث عن الكتابة الحقيقية، أظنّه معيارًا ملائمًا، فليقرأ الآن كتابات الرعب والبوليسي، وأضمن أنّه ومع تطوّر استيعابه سيبحث عنّي، وعن إبداعي، هذا طبيعي.

وماذا عن قوائم البيست سيلر؟ ووجود جماعات المصالح؟
"البست سيلر" وهم كبير، بمعنى أنّ دور نشر معيّنة تطبع من كلّ طبعة مائة نسخة مثلًا، والطبعة الثانية مائة، وهكذا، وقد حدث ذلك مع أصدقاء كثيرين لا داعي لذكرهم، ثم يأتي دور المجاملة، التي تدفع بعمل داخل قوائم "البست سيلر" لمجرّد الصداقة أو المصلحة أو خلافه، وجماعات المصالح انتشرت في الوسط بشكل لافت للنظر، لكنّها مع الوقت ستنكشف، الرهان دومًا على الحقيقي، هو الذي يبقى ضدّ كلّ المعوقات.

هل وجود شخصيات أدبية تتصدر المشهد في الأقاليم ساهمت في ازدهار الحركة أم أن تلك الوجوه تحافظ على مكانتها ومصالحها؟
لم يعد أحد يساهم في ازدهار الحركة في المحافظات، ذلك انتهى منذ زمن، وتلك الشخصيات التي نتحدّث عنها تصدّرت واستحوذت على كلّ شيء، عدا التحقّق الأدبي، فهم من تجدهم بشكل مستمر في المؤتمرات والندوات والدوريات، وهم من يحاولون عرقلة الكتابات الجّادة، طبعًا ثمّة استثناءت للقاعدة، أنا شخصيًا وجدت مساعدة أدباء كبار في محافظتي في بدايتي، لكنّني أتحدّث في العموم.

ما هو تقييمك للمنتج الأدبي ومشروع النشر الإقليمي الذي تقوم به قصور الثقافة؟
قطعًا مشروع فاشل، يتم استهلاك ميزانية الدولة في طباعة أعمال غاية في الرداءة، وتُستنفد أموال الدولة ليتم إلقاء المطبوعات في المخازن، في النهاية هو مشروع "السّبوبة"، كلّ من يشارك فيه يجد المقابل المادي، وهذا واقع، لا يمكننا تجاهله، وعلى وزير الثقافة أن يضع حدًّا لهذه المهازل، وأن يتجنّب تكرار نفس السيناريو المفجع.

هل تعد نوادي الأدب إضافة للحركة أم عائقًا يقف أمامها؟
نوادي الأدب! إنّها مهزلة، تعتبر عائقا طبعًا، مليئة بالصراعات على المقاعد والترشيحات وخلافه، نوادي الأدب السوس الذي تفشّى في بدن وزارة الثقافة، الرائحة العطِنة التي لا يتحمّلها أحد، أو لم يعد يتحمّلها أحد.

مؤتمر أدباء مصر.. هل أنت مع استمراره أم انتهاء دوره ولماذا؟
مؤتمر أدباء مصر كارثة حقيقية، تخيّل كنت مرشّحًا كشخصية عامة عن محافظة الأقصر في المؤتمر قبل الماضي، وتمّ الفصل بين الأدباء وبين رئيس المؤتمر وأمينه العام ورئيس الهيئة، نحن في فندق وهم في فندق أعلى نجمتين، كذلك فوجئت بأنّ موظفي الهيئة جميعًا ضيوف في المؤتمر! وصرّحت بذلك علنًا فهاجمني الجميع، يذهب الأدباء ليأكلوا ويشربوا فقط، لا يوجد تفاعل حقيقي، يكفي أنّنا لم نخرج خارج الفندق في فعالية! هذا المؤتمر عبء على كاهل الثقافة، "سبّوبة" أيضًا، لابد أن ينتهي دوره وكفى، فلنبحث عن التطهير الحقيقي.

الميديا عنصر ترويج للأصلح أم تلميع لأنصاف الموهوبين؟
الميديا سلاح ذو حدّين، فمع الترويج للأصلح، تلقى الضوء على الأنصاف، بل ويتم استخدامها حسب الهوى، وهي ظاهرة تواكب الإقبال غير المسبوق على كتابات الشباب، لكن كلّ ذلك سيتغربل مع الوقت.

أين أنت من مشاكل الإقليم الذي تنتمي إليه في منتجك الأدبي؟
أولًا اتّفقنا أنّ مسمّى إقليم بات مستهلكًا، هي مشاكل محافظتي، وقد تعرّضت لها في كلّ أعمالي، بدءًا من جلباب النبي، التي ناقشت فيها قصتي "النَجِس" الفائزة بإحسان عبد القدّوس مدى تدنّي أخلاق المجتمع، مع معالجة نظرية العقاب، وكيف تعاقب المجتمعات البعض تبعًا للأهواء السلطوية! ثم "باب العبد" التي عرجت فيها لموضوع الخرافة، وزواج الأجنبيات من أجل الرزق، ومتاهة الأولياء التي كشفت عن زيف المجتمعات الصعيدية وتحكّم السلطة الدينية، وفي "الطّيبيّون" تحدّثت عن تاريخ الأقصر، كلّ أعمالي هي مشروع لكشف مجتمعي وسوءاته.

لو عادت بك الأيام هل ستظل في إقليمك أم ستشد الرحال للقاهرة؟
لا أحتاج إلى ذلك، فقد استطعت من مكاني تحقيق ما يطمح له الكثيرون من قاطني العاصمة على مدى حياتهم الأدبية.