السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حدود القوة الإسرائيلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمثل إسرائيل تجسيداً لفكرة القوة والتفوق المطلقين إن بالمعنى العسكرى والاستراتيجى أو بالمعنى المتعلق بالإنسان الصهيونى واليهودى، فكلا المعنيين يمجدان فكرة القوة المطلقة والتفوق العرقى والتفرد اليهودى بين البشر، خاصة بالمقارنة بالعرب والفلسطينيين بجميع طوائفهم المسلمين والمسيحيين وغيرهما.
وقد وجدت فكرة القوة تجسيداً لها فيما تسمية إسرائيل "جيش الدفاع الإسرائيلى"، فالجيش هو الدولة وهو ذراعها الأمنية الطويلة والقصيرة فى آن، وهو الضمان لبقاء إسرائيل فى المنطقة العربية، فالجيش يمثل القوة وتتحدد أرض إسرائيل بناء على قدرة الجيش فى السيطرة واحتلال الأراضى المجاورة.
خاضت إسرائيل جميع حروبها مع العرب على ضوء قواعد واضحة من بينها الكثرة العددية اليهودية فى مواجهة القلة العربية التى تنخرط فى القتال والقدرة التنظيمية والعلمية ونوعية التسليح فى مواجهة ضعف التسلح العربى وضعف القدرات التنظيمية وذلك باستثناء حرب أكتوبر عام 1973 التى تغيرت فيها المعادلة التى حكمت مسار الصراع العربى الإسرائيلى منذ نشأته وحتى ذلك التاريخ، فقد استطاع العرب ومصر معهم من استيعاب دروس الماضى والتجاوز الجزئى للفجوة التنظيمية والعلمية وفجوة الإرادة فقد كان الهدف واضحاً وثمة إجماع شعبى ورسمى عربى ومصرى حول الحرب واستعداد لوجيستى وفنى وتقنى ونفسى لخوضها.
ومنذ ذلك التاريخ أى منذ عام 1973، يبدو وكأن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قد تآكلت قوتها على الردع وقدرتها على تحقيق الأهداف المنوطة بها، وذلك باختصار لأنها أصبحت تواجه حروباً غير نظامية، تخوضها مجموعة قليلة العدد من المقاومة الوطنية والفلسطينية واللبنانية فى عام 1982، وكذلك جماعات حزب الله والمقاومة الفلسطينية، وهو نوع من الحروب ليس من السهل فيه تحقيق الانتصار وتنفيذ الأهداف ونتائجه يختلط فيها النصر بالهزيمة.
تغيرت البيئة الاستراتيجية المحيطة بإسرائيل، حروب غير نظامية ومقاومات مدنية وشعبية تقودها فصائل وحركات دون مستوى الدول، ولم تعد إسرائيل قادرة على نقل المعارك خارج أراضيها وفقاً للقاعدة الاستراتيجية التى كانت قد أرستها خلال حروبها النظامية، قبل 1973 بل أصبح الداخل الإسرائيلى والجبهة الداخلية الإسرائيلية جزءاً من ساحة المعارك وعرف السكان الإسرائيليون فى الشمال والجنوب الطريق إلى الملاجئ والمخابئ وتوقف جزئى لدورة الحياة فى بعض الهيئات.
هذا النمط من المواجهات يخلق لإسرائيل مشاكل جمة فلم تعد قدرتها العسكرية قادرة على الوفاء بتحقيق الأهداف السياسية بل أصبحت بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن عقب العدوان الإسرائيلى على لبنان عام 2006 وهو القرار 1701 الذى يضمن إيقاف إطلاق النار بينها وبين حزب الله ويضمن الهدنة كذلك، فى مواجهة المقاومة الفلسطينية فى غزة فى العدوان الأخير، لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها وأصبحت بحاجة إلى هدنة شاملة ودائمة بعد أن عجزت القوة عن تحقيق الأهداف المعلنة وهى وقف إطلاق الصواريخ على البلدان والمدن الإسرائيلية من قبل المقاومة الفلسطينية وهذه الهدنة الشاملة لن تأتى إلا عبر مفاوضات غير مباشرة تدخل إسرائيل كطرف فيها برعاية مصر مع من أسمتهم الإرهابيين والمنظمات الإرهابية.
تحاول إسرائيل جاهدة مواجهة هذه البيئة المتغيرة عبر شبكات القبة الحديدية لاصطياد صواريخ المقاومة وهى شبكات مكلفة فضلاً عن أنها لا تتمكن من اصطياد وتفجير جميع الصواريخ فى حالة إغراق البلدات والمدن الإسرائيلية بها من قبل منظمات المقاومة.
الحل ليس فى استخدام القوة والعدوان بل الاعتراف بالحقوق الفلسطينية فى الدولة والقدس وحل عادل لقضية اللاجئين هذا هو مدخل المعالجة الجادة والنهائية لتغيير هذه المعطيات الاستراتيجية وتحقيق الأمن لكل الأطراف.