الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وعندك واحد جنسية مصرية وصلَّحه..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فوجئت بوالدتى توقظنى بصورة غريبة قائلة: استيقظى استيقظى.. شيرين ماذا بك استيقظى؟ ففتحت عيناى قائلة: لماذا يا أمى توقظينى بهذه الطريقة؟ قالت اضطررت أن أفعل ذلك بعد أن رأيتك تصدرين صوت أنين وتبكين لماذا؟ استجمعت عقلي وقلت لها بصوت خافت: أجل كنت أرى حلمًا.. لا بل كابوس مخيف ومؤلم فى آن واحد، قالت لي بحنيتها المعهودة: احكى لى حبيبتى ماذا رأيتى إن شاء الله خير، فقلت لها: رأيت انى كنت نائمة ورن هاتفى ليطلبون منى أن أقوم بتغطية فعاليات مؤتمر فاستجبت على الفور ووصلت إلى القاعة التى يقام بها المؤتمر، وكانت الحكومة متواجدة (رئيس الوزراء والوزراء) لم اكن اعلم سبب المؤتمر أو مدى أهميته لدرجة استدعائي بهذه الطريقة واتخذت مقعدا امام المنصة مباشرة وكانت هناك حالة من التوتر والتحركات السريعة -غير عادية- وبنظرتى الثاقبة التحليلية أدركت ان هناك امرًا جللًا وخطيرًا يحدث!! وجلس الحضور كل فى مكانه وبدأ المؤتمر بكلمة لرئيس الوزراء الذي رحب بالسادة الحضور قائلا: اشكركم على تواجدكم حيث انى سأقوم بالإعلان عن قرار قد اتخذته الحكومة وذلك نظرا لتداعيات الأمور وما تمر به البلاد حتى نعبر الظروف العصيبة ولذلك قررنا منح الجنسية المصرية إلى350 ألف مستثمر اجنبي في مصر مقابل 150 مليار دولار.
(ومع آخر حرف فى تلك الجملة كانت هناك صرخة مدوية في القاعة ) والتفت الجميع الى مصدر تلك الصرخة والتى كان مصدرها أنا !! فسألنى رئيس الوزراء ما الأمر؟ فنهضت من مكانى وانا مازلت تحت تأثير الصدمة وأجبته: ماهذا القرار يا فندم وكيف يتم اتخاذه بهذه السهولة؟ تريد ان تمنح الجنسية المصرية للأجانب؟!! جنسية مصر من أجل حفنة دولارات ؟!! لن اسألك كيف نطقت بذلك القرار ولكن اقول كيف من الأساس جال بخاطركم ذلك الأمر؟.
جنسية مصر (ضعنا وضاع شقانا بلاش) لقد حاربنا ومازلنا من اجل منع الأجانب من تملك اراضي ومصانع وشركات وبنوك على ارض مصر، ولا يخفي على احد آلاف الأفدنة والكيلومترات التى قد تم بيعها بأبخس الأسعار للأجانب، ولا اذكر لسيادتك كم الألاعيب والتحايلات التى تمت وتتم حتى هذه اللحظة لتفادى شرط ألا يمتلك الأجنبي نسبة اكثر من 49% فى اى كيان على ارض مصر!! يا سيادة رئيس الوزراء هناك اجيال تدفع ثمن مافعله اجدادها وتطالب الآن بحقها في ارضها بعد ان تملكها الأجنبي وقام بطردهم منها، بالإضافة إلى حالات الزواج التى تتم بين اصحاب الارض ومن اخذها منهم والذي بدوره سوف ينتج عنه كارثة في الجيل القادم، فكيف لا نتعلم من اخطاء غيرنا؟! فالقرار بأن المستثمر الأجنبي يحصل على الجنسية المصرية إذن فكل الآثار سوف تنتقل إليه فيتملك ما يحلو له دون قيد او شرط!! ويبيع لمن يريد وأبدا لا تنتظر منه ان يشعر بأى انتماء - قطعًا- لتراب مصر!! ولن تكون لديه مشاعر الوطنية والتضحية من أجل مصر!! لأنه لم يولد ويكبر على أرضها وبالتأكيد لن يراعى مصلحة مصر، فمصلحته ستكون اولا وأخيرا لأنه بالطبع مستثمر.. والأخطر هو كيفية التحقق من اصله فقد يكون -على سبيل المثال- أمريكى من أصل يهودى وبالطبع بالطريقة العشوائية التى تدار بها الأمور والموظفين الذين يعملون( بمبدأ الحافظ مش الفاهم) والروتين العقيم الذي يعتمد على استيفاء الأوراق وفقط.. فأبشركم سيتم قبول الكثيرين من هؤلاء، وتكون الكارثة القادمة يا رئيس وزراء مصر.
لذا سأرددها ما حييت: الجنسية المصرية لا تباع ولا تشترى ولا تنشأ من العدم.. وهنا اختنقت الكلمات فى حلقي ونزلت دموعى وأنا اقول مصر أهم من اموال العالم، والحرة لا تأكل بثدييها، والنسيج المصري لن يدخل عليه خيوط أجنبية غريبة لا أصل لها تقوم بتغيير تركيبته شيئا فشيئا، وقد تطغى لتسود، فمصر هى الصفة الوراثية السائدة وليست المتنحية، لذا فأنا أرفض ان يتم منح جنسيتها لمن يدفع ويدخل عليها فى كيانها مجهول الأصل أو العدو على هيئة الصديق المستثمر، فيتجنس بجنسيتها هو وأولاده واحفاده بعد ذلك!! أرفض أرفض أرفض أرفض.
هذا هو الحلم يا أمى أو بالأصح الكابوس الذي أبكانى وكان صوتى أنين أثناء نومى، ولكن حمدا لله فلا تجزعى عليّ، الحمدلله انى قد استيقظت من ذلك الكابوس المخيف!!
فنظرت أمى إلىّ طويلا ثم قالت بصوت خافت: حلم؟!! أى حلم الذي تتحدثين عنه؟!! لقد استيقظت في الصباح ثم فتحت التلفاز لأشاهد النشرة الإخبارية وكانوا ينقلون على الهواء مباشرة وقائع مؤتمر لرئيس الوزراء وقد أعلن عن منح الجنسية المصرية لنحو 350 ألف مستثمر أجنبي مقابل 150 مليار دولار!!!
هنا أخرستنى المفاجأة وألجمتنى للمرة الثانية – ولكنها هذه المرة كانت واقعًا - وسكتْ لدقائق مرَت علىّ كالدهر وفجأة صرخت وأنا أصفق بيدى قائلة: وعندك واحد جنسية مصرية وصلّحه.