الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تويا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

** وتأخذنى السياسة وما فيها.. ويأخذنى ما يحدث على أرض بلدي مصر الغالية.. ويأخذني ما يحدث على أرض وطني العربي الكبير، وهو جد عصيب..

وتمر الأيام.. لكنها تظل تطاردنى.. تعاتبني.. تسألنى مستنكرة.. كيف استطعت مقاومة هذا الجمال؟ هذه الروعة؟ كيف بك لم تكتب عنى حتى الآن؟!

-
إنها ( تويا)..

( تويا ) الرواية التي أوقعتني فى أسرها منذ اللحظة التى بدأت في قراءتها..
إنها ( تويا ) التى أخذتنى إلى عوالمها السحرية الغامضة، حتى إن كانت بالنسبة لي ليست بالغامضة تماما، فقد عشت فترة من حياتى فى هذا العالم صاحب الخصوصية الشديدة والبساطة الشديدة وجمال الطبيعة الشديد.. عالم إفريقيا.. عالم كينيا ويوغندا..
فهل لأننى عشت هناك فى نفس مكان الاحداث ارتبطت بك هكذا يا ( تويا ) وأحببتك؟
الإجابة: لا.. فقد قرأت العديد من روايات جرت احداثها فى بلدان عشت فيها أكثر مما عشت فى أفريقيا، بلدان أحببتها كثيرا.. أوليست معظم روايات ( البرتو مورافيا ) أحداثها فى إيطاليا؟ وأنا عشت فى إيطاليا أغلب سنوات عمرى، واحبها حب الوطن الثاني؟
تقريبا قرأت كل روايات مورافيا، لكننى وبمجرد الانتهاء من الرواية والبدء فى قراءة كتاب جديد أذهب مع الجديد.. فلماذا معك يا ( تويا) ما زلت تحتلين افكارى وتذوقي رغم اننى قرأت بعدك كتبا أخرى؟  
هل لأننى أعرف الكاتب؟
الإجابة: لا.. فقد قرأت روايات لكتاب كثيرين أعرفهم، ومنهم من تربطنى بهم صداقات سنين !
فلماذا إذن هذا الارتباط الحميمي الذى ربطنى بك يا ( تويا )؟
هل هو اسمك الفرعونى القليل الحروف، الثري المعنى واللحن والنغم؟
هل هى عوالمك بما فيها من خصوصية ومن بساطة ومن غموض ومن رهبة ومن فطرة ومن توحش ومن رومانسية صامتة ناطقة صارخة بانتصار الحب وبقائه وامتداده حتى لو انها انتهت الحياة؟
قد يكون ذلك أو غيره.. لكن كل ذلك فى العادة يحدث نتيجة معايشة للرواية مع الاستمرار فى قراءتها.. فكيف أنى أصبحت أسيرتك يا (تويا ) منذ الصفحات الأولى لك!
**
المؤكد يا ( تويا ) أن ما جذبنى إليك وجعلنى اسيرتك، هى هذه اللغة الشديدة الخصوصية.. العالية الإحساس.. اللغة التى كأنها ليست من حروفنا الأبجدية التى نعرفها، بل هى خطوط فرشاة رسم تصنع لوحة تصويرية.. فتكاد الجملة اللفظية تتراءي أمام العين كلوحة تشكيلية مرسومة بالألوان عوضا عن الأحرف..
لغة كل جملة من جملها الحوارية تتصف بأنها حسب التعبير الإنجليزى..
Unique
.. فرغم ان الرواية طويلة وصفحاتها كثيرة، إلا أننا امام كاتب حريص على التنوع والتجديد فى عباراته وجمله.. ومن الصعب (ضبطه) وهو يكرر الجملة أو العبارة مرتين بنفس المفردات..

**  لغة سلسة ذات رهافة كما العزف الموسيقى المنساب برقة ودفء، تفوق بها الكاتب المبدع المستشار(اشرف العشماوى ) على نفسه فى كل رواياته الأخرى السابقة لتويا واللاحقة بها، رغم تميزهم الإبداعى جميعا..


اخذت أقرأ هذا الجزء ( المقتطف ) من الرواية واعيد قراءته، واردد داخل عقلى ذلك المصطلح الإنجليزى السابق، أوصف به ما اقرأ من كلمات تحويها سطور يصيغها الكاتب المبدع أشرف العشماوى.. ويقول فيها:

" وكأنني كتبت حبي لك على صفحات عيني، لكى تقرأها كل امرأة اخرى تصادفني، فتعرف أني أحب وأعشق.. اما صورتك فقد رسمتها في قلبي، كي لا تلمحها عيون الآخرين، فتحسدني على ما  أنا فيه من سعادة.. أنا أشعر لأول مرة بأنني أحب، ولن أتنازل عن هذا الشعور ما حييت"..

إنها كلمات وانا اقرأها شممت فيها رائحة شذى عطر الصندل.. رائحة اشجار الشاى التى تفترش المساحات الشاسعة على ارض كينيا.. كلمات كما قطرات المطر الندي فوق أوراق اشجار الموز الممتدة.. وكما ابتسامة طفل أبنوسي اللون، نائم فى هدوء وملائكية، وترعاه من بعيد عيون لغزالة شاردة من الغابات المفتوحة..

**  أنا هنا لا أكتب نقدا لرواية.. انا هنا ادعوكم لقراءة ابداعا مختلفا.. ادعوكم للهروب إلى منطقة جمال خلاب.. بعيدا عن غزو القبح الذى يفترس حياتنا..

أدعوكم أن تبحروا في عوالم ( تويا ) لتعرفوا كيف يصبح المستحيل متاحا ومباحا بقانون الحب.. كيف تتلاشي من القلب الحجرى ومن العقل ( البرجماتي ) العنجهية والأنفة والذاتية وحب الأخذ، فيتحول إلى قلب طيب منحاز إلى البساطة والعطاء وإنكار الذات.. وذلك بفعل قانون الحب..

غوصوا في عوالم ( تويا ) الثرية المختلفة.. واستلقوا بأرواحكم فوق شاطئ أمان لقلوبكم.. حيث النهاية هى البداية.. وحيث التأكيد (المفرح المبهج ) بأن الموت ليس نهاية.. لكنه بداية لحياة جديدة باقية، أكثر جمالا ورقيا وارتقاء..

**  وأخيرا: تحية واجبة وتقدير كبير للأديب المبدع القاضي المستشار ( اشرف العشماوى ) على ( تويا ) هذه الإضافة المتميزة لعالم الإبداع الروائي .