الأربعاء 05 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تَنْظِيمُ القَاعدةِ قَدِيمًا وحَدِيثًا (5)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كانتْ بدايةُ العام 1998 م ساخنةً جدًا بالنسبةِ للتنظيمِ الإرهابي، فلم يكد يمرُ منه شهرٌ واحدٌ، حتى خرجَ التنظيمُ ببيانٍ في شهرِ فبراير وتحديدًا في الثالث والعشرين منه، وقعَ عليه عددٌ منْ قادةِ الشبكاتِ الإرهابيةِ في العالمِ وعلى رأسهم: "أسامة بن لادن" و"أيمن الظواهري" و"رفاعي طه أحمد" رئيسُ مجلسِ شورى الجماعةِ الإسلامية بمصر، و"منير حمزة" سكرتيرُ جمعيةِ علماءِ باكستان، و"فضل الرحمن"- أو "نزر الرحمن خليل"- أميرُ حركةِ الجهادِ في بنجلاديش، وأعلن الموقعون على البيانِ عن تأسيسِ ما أطلقوا عليه: "الجبهةُ العالميةُ لقتالِ اليهودِ والأمريكان"، وأكدوا في بيانهم على أنَّ قتلَ الأمريكيين وحلفائهم مدنيين كانوا أم عسكريين هو فرضُ عينٍ –زعموا- على كل مسلمٍ أمكنه ذلك في كلِ بلدٍ تيسرَ فيه ذلك حتى يتحررَ المسجدُ الأقصى والمسجدُ الحرام من قبضتهم!! وحتى تخرجَ جيوشهم منْ كلِّ أرضِ الإسلامِ مشلولةَ اليدِ، كسيرةَ الجناحِ، عاجزةً عنْ تهديدِ أيِّ مسلم .
جاء هذا البيانُ ليعلنَ عن مرحلةٍ او استراتيجيةٍ جديدةٍ في تاريخِ تنظيمِ القاعدة .
وأعلن "الظواهري" في كتابِه "فرسان تحت راية النبي" – صلى الله عليه وسلم -: عنْ وجوبِ نقلِ المعركةِ إلى أرضِ العدوِ – أي أمريكا – حتى تحترقَ أيدي مَنْ يشعلون النارَ في بلادنا .
وبدأتْ مِنْ ساعتها الأعدادُ الوافدةُ على أفغانستان تتزايد بشدة حتى وصلت إلى عدةِ آلاف في فترةٍ تقلُ عن الخمسِ سنوات .
ووصلَ عددُ الحركاتِ الجهاديةِ في أفغانستان إلى أربعِ عشرة حركة كلُّ حركةٍ منها مستقلةٌ عن الأخرى .
ومع حلول العام 2000م كانت المعسكراتُ العربيةُ قد انتشرتْ في مدنِ أفغانستان الرئيسيةِ، ولا سيما العاصمة كابل، والعاصمة الروحية لطالبان قندهار وغيرها .
وكانتْ المعسكراتُ الخاصةُ بتلك الحركاتِ معترفًا بها رسميًا من قبلِ "طالبان"، وتربطهم برامجُ تنسيقٍ وتعاونٌ مع وزاراتِ الدفاعِ والداخليةِ والاستخبارات.
كان هذا السردُ التاريخيُ ضروريًا للغاية لبيانِ الواقعِ الذي كان يتمُّ خلقُه على أرضِ أفغانستان وباكستان تمهيدًا لحدثٍ ضخمٍ سوف يهتزُ له العالمُ أجمعُ بعد مدةٍ قليلةٍ منْ هذا الوقتِ، بل وسينقسمُ تاريخُ العالمِ كلِّه على أساسه، وهو الحادثُ الإرهابيُ الأشهرُ في العصرِ الحديثِ في العام 2001 م، أي بعد ذلك بعامٍ واحدٍ فقط، والذي وقعَ في الولايات المتحدةِ الأمريكيةِ في يومِ الثلاثاء، الحادي عشر من سبتمبر، بانهيار برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن نتيجة اصطدامِ طائراتِ ركابٍ مدنيةٍ بهما بالإضافة إلى إصابةِ مقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، والذي أسفر بحسب الأرقامِ الرسميةِ المعلنةِ عن سقوط 2973 ضحية و24 مفقودا، بالإضافةِ لآلاف الجرحى والمصابين بأمراضٍ جراءَ استنشاقِ دخانِ الحرائقِ والأبخرةِ السامة .
وسوف نفرد لهذا الحدث شيئًا من التفصيل –إن شاء الله- في وقتٍ لاحقٍ، إلا أن الذي يعنيننا هنا الآن، هو هذه الحالةِ التي تمَّ خلقها لتهيئةِ الرأيِ العامِ العالمي للقبول مباشرة ودون تفكيرٍ باتهامِ تنظيمِ القاعدةِ بهذه الجرائم، ومدى مشاركةِ التنظيمِ وقياداتِه في خلقِ هذه الحالةِ عنْ عمدٍ وقصدٍ، ومِنْ ثَمَّ خلقُ المبررِ للثأرِ والانتقامِ مِنْ هذا التنظيمِ عنْ طريقِ قصفِ وتدميرِ واحتلالِ الدولِ التي يتمركزُ بها هذا التنظيمُ، وبالتالي إعادةُ إحياءِ المشاريعِ الاستعماريةِ القديمةِ ولكن هذه المرة تحت مسمى جذابٍ ومبررٍ براقٍ وهو "الحربُ على الإرهاب" !!
وفي الأُسْبُوعِ القادمِ ... للحديثِ بقية ... إنْ شاءَ ربُّ البرية .