الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عن السلف الصالح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما من شك أن لكل أمة ماضيا وتراثا وتاريخا قديما. بل وحاضرنا هذا سيكون يوما جزءا من الماضي وصفحة تطول أو تقصر في التاريخ، أوروبا مثلا كان فيها فلسفة وأدباء في الحضارة اليونانية قبل الميلاد، سقراط وأفلاطون وأرسطو، وقبلهم مفكرين لم يتركوا كتبا مثلهم لكن تركوا أفكارا وشذرات في زمنهم مثل فيثاغورث وغيره، كذلك كان أدباء مثل أسخيلوس وأريستوفان وسوفوكليس وغيرهم. اشتبكت الحضارة اليونانية بالمصرية ثم الرومانية وظهر مفكرون آخرون اكثر اتساعا في الأفق وظهر أدب جديد أكثر حرية في البناء والموضوع. ثم مرت عصور ظلام حتي بداية العصر الحديث والفلسفة الحديثة.
كان المنطق الصوري لأرسطو هو العقل ولايمكن الخروج عليه وتسبب في تخلف البشرية أكثر من خمسة عشر قرنا لكن ظهر المنطق العلمي أكثر دقة في فهم الأمور، أنت في المنطق الصوري تقول مثلا كل الفلاحين طيبون، أحمد فلاح، إذن أحمد طيب، قضية كبرى وقضية صغيرة ونتيجة، والحقيقة أن أحمد قد لايكون طيبا ويخرب بيتك. المنطق العلمي هو أن تدرس كل الفلاحين أو أغلبهم، الاستقراء، فردا فردا وحين تصل إلى أن كلهم طيبون يكون أحمد طيبا وهكذا، بالمنطق الصوري يمكن أن تقول مثلا كل المدرسين محبوبون علي مدرس إذن علي محبوب. وقد يكون العكس تماما. وهكذا. اعتقدوا قديما أن الشمس تدور حول الأرض ولم تسلّم الكنيسة أبدا في العصور الوسطي بأن الأرض تدور حول الشمس إلا بعد جاليليو ومحاكمته وتطورت العلوم. الفراعنة كانت لهم تصورات في الحياة والموت وكانت لهم آلهتهم ثم حدث تمازج بين الآلهة الفرعونية والآلهة الإغريقية بعد أن احتل اليونانيون مصر ثم اعتنق الجميع الأديان السماوية بعد قتل وظلم لمن اعتنقها من قبل.
 باختصار كل ما فعله السلف من المفكرين والكتاب والعلماء ظهر ماهو أكثر تطورا منه ولم يقف أحد عند مرحلة من التاريخ، وحين وقفت أوروبا عند ذلك في العصور الوسطى تخلفت كثيرا حتى بدأ العصر الحديث والثورات الكبرى التي على رأسها الثورة الفرنسية التي انهت تدخل الكنيسة في السياسة، هل يعني ظهور مفكرين وآراء جديدة أن القديم انتهى؟ لا.. لكن يعامل بالعقل الجديد وما يتناسب معه يبقي وما لا يتناسب لا داعي له لأن العصر اختلف.
نحن العرب والمسلمون حالنا صعب جدا، مافعله السلف وقالوه هو الذي يجب أن يبقى وكأن العالم وقف عند السلف الصالح، ليس معني هذا أن السلف لم يكونوا مصلحين أو طييبين لكنهم أبناء عصرهم وما قالوه في الأغلب الأعم لن يتفق مع العصر، طيب هل معنى ذلك أن ننسف إنجاز السلف الصالح؟ طبعا لا.. لكن ندرسه ونقبل منه ما يتسق مع العقل خصوصا فيما قالوه عن الرسول الكريم والصحابة، العقل هنا سيلزم أي شخص بألا ينسب لهم إلا الصحيح مع العقل وليس معنى أن الكتب كتبها فقهاء أن الخطأ لا يأتيهم. بل الخطأ يزداد يوما بعد يوم وهناك أحاديث وأقوال تعتمد عليها كل الفرق الإرهابية وتعرف أنها تبتعد عن أحاديث المودة والرحمة لتخرب بلاد المسلمين. علي سبيل المثال حرم الإمام الغزالي الفلسفة التي بدأ حياته بها فهل معني ذلك ألا أقرأ ابن رشد أو ابن سيناء أوغيرهما. أقرأ وأحاول أن أفهم لكن أن اكتفي برأي يبعدني عن استخدام عقلي أمر لا يليق بالإنسان. علي سبيل المثال كانت الولاية للحكم بالبيعة ثم صارت بالقتل أو الاغتصاب فهل أفعل ذلك في زمن فيه الديمقراطية طريق. وعلى سبيل المثال كان العثمانيون يخوزقون المجرمين أو غيرهم ممن لا يحبونهم على الخوازيق فهل أفعل ذلك في عصر متحضر. وهكذا  أتمني أن نستطيع يوما أن نحكم العقل فيما نقرأ، العقل المعاصر وليس عقل القبيلة القديم.