الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

"تمرد" الأقدر على المصالحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صحيح إن بيان القوات المسلحة، الأربعاء 3 يوليو، “,”الذي خلع مرسي العياط طاعة واستجابة لمطالب ثورة 30 يونيو“,” قد أكد على مشاركة الجميع في خارطة طريق مستقبل مصر دون استبعاد لأحد بما في ذلك جماعة الإخوان، لكنه -أي البيان- لم يطلق هذه الدعوة من منطلق الضعف، ولم يسطرها بيد مرتعشة، فقد كانت تعبيرًا آخر عن تحضر هذا الوطن بكل مؤسساته، لما لا وجيشنا هو أقدم الجيوش وأعرقها في التاريخ.
بروح المنتصر القوي القادر على استيعاب الجميع والتسامح مع هناتهم دون التفريط في محاسبة من ارتكبوا الجرائم والخطايا كتبت تلك الدعوة وضمنت في بيان إعلان استقلال مصر من احتلال الإخوان الإرهابيين.
وعند الممارسة الفعلية بدا بعض السياسيين ممن شاركوا في ثورة 30 يونيو، من أصحاب الأيادي المرتعشة، حيث راحوا يفتحون أبواب المصالحة الوطنية على مصراعيها دون أن يتذكروا جرائم مرسي التي ارتكبها وهو في سدة الحكم وكأنهم مضوا في طريق منافقة حزب النور السلفي باعتباره وجهًا إسلاميًا ظن البعض أن وجوده في الصورة يضعف من موقف جماعة الإخوان متناسين أن ثورة 30 يونيو، لم تكن ضد الإخوان فحسب وإنما ضد كل من استخدم الدين لتمرير مصالحه السياسية، وأن حزب النور لم يكن استثناء في ذلك.
وظل أولئك السياسيون يخضعون لابتزاز حزب النور ويسمحون له بممارسة ضغوط بل وإملاء شروطه في اختيار رئيس الوزراء حتى باغتهم بصفعة على وجوههم جميعًا عندما انسحب من الحوار حول خارطة الطريق احتجاجًا على ما أسماه مجزرة الحرس الجمهوري.
ليس هذا هو وقت أصحاب الأيادي المرتعشة أو الأغبياء الذين يعملون بمنطق عاصري الليمون ومؤيدي مرسي فيما عرف بحلف “,”فيرمونت“,” قبل عام، على هؤلاء جميعًا أن يغادروا صدارة المشهد السياسي ويكفي أنهم خضعوا لابتزاز حزب النور الذي لم يكف عن التحريض ضد الشيعة المصريين، وينص في لائحته على ألا يمثل في هيئته العليا امرأة أو مسيحي، وهو أيضًا الذي شارك في صناعة دستور الغرياني، الملوث بقاذورات فكر الإسلام السياسي، وأنه لم ينقلب على الإخوان إلا عندما أدرك خدعتهم وأنه لا نصيب له في خطة التمكين.
لا وقت لهؤلاء الذين عادوا يتعاملون مع عبدالمنعم أبوالفتوح وهو الإخواني الوفي الذي لم يستطع أن يخفي وفاءه لأساتذته وإخوانه الإرهابيين طويلاً.
كيف يمكن لنا أن نثق فيمن لا يستطيعون قراءة المواقف وفهمها، فانسحاب النور وأبوالفتوح في هذه اللحظة لا معنى له إلا أنهم يتهمون الجيش المصري بتعمد قتل أنصارهم الإرهابيين المعتصمين عند الحرس الجمهوري.
والحق يقال إن هذا الموقف الذي يتهم مؤسسة الجيش ليس قاصرًا على النور وأبوالفتوح فقد جاءت تصريحات بعض هؤلاء الساسة معبرة عن ذات الموقف، مثل تصريح عمرو حمزاوي الذي كتب يقول “,”هناك دماء وقتل ضد المعتصمين عند الحرس الجمهوري“,” وكأنه قد فقد حاستي السمع والبصر، وقبلهما نعمة الوعي والإدراك وهو ليس إلا عينة لهؤلاء ضعاف العقول قاصري النظر، وجاءت بعده في مرتبة أقل جهلاً وأكثر ارتعاشًا وارتعادًا تصريحات محمد البرادعي الذي بدا وكأنه في موقع الموظف في إحدى الهيئات الحقوقية الدولية وبعيدًا عن المشهد السياسي الداخلي، حيث نبذ العنف لدى جميع الأطراف مطالبًا بالتحقيق المستقل وكأنه لم يقرأ أو يسمع تهديد ووعيد الإخوان، ولم يشهد جرائمهم ضد الشعب والجيش الموثقة صورة وصوتًا.
وتلاه تصريح حمدين صباحي الذي اعتبر نتيجة الحادث سيئة بالنسبة لموقف الجيش دون أن يشير الى أن الحادث جاء فاضحًا لمخططات الإخوان.
مواقف معظم هؤلاء جاءت أقل من موقف الإدارة الأمريكية نفسها التي انتقدت هجوم الإخوان على دار الحرس الجمهوري.
لن تكون هناك مصالحة حقيقية خالية من حسابات المصالح الشخصية غير متعارضة مع مبدأ محاكمة كل من حرض على القتل أو حمل السلاح دون أن تكون هناك محاسبة تستبعد هذه الوجوه القديمة من مسرح السياسة فمعظمها تنتمي لمعارضة كانت توصف بالمستأنسة أيام نظام مبارك، كما أن أخطاءها طوال العامين والنصف الماضيين كفيلة بخلعها مع من خلعت أوتاده أمام عاصفة 30 يونيو.
ويكفي أن المادة الأولى من الإعلان الدستوري جاءت فاضحة لضعفهم وقلة حيلتهم، فقد احتفظ الإعلان الدستوري الجديد بالمادة 219 من دستور 2012 وهي المفسرة للمادة الثانية والتي تنص على أن من مشتملاتها المبادئ الكلية والقواعد الأصولية لفقه إجماع علماء السنة، وهي المادة التي تجعل من البرلمان مجرد لجنة فتوى علاوة أنها تعطي الصبغة الدينية للنظام السياسي وتفقد الدولة مدنيتها، كما أن الإعلان لم ينص صراحة وهذا ما خرجت من أجله الملايين في 30 يونيو، على إلغاء وحظر جميع الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني.
مثل هذه النخبة العفنة لن تمضي في مصالحة نظيفة وستضع حساباتها الشخصية كأولويات وقد تدخل في المصالحة أطراف قتلت وعذبت المصريين بحجة لم الشمل.
ولا يخفي على أحد أن كُتابًا وصحفيين وإعلاميين ليسوا من الإخوان لكنهم تلقوا أنواعًا مختلفة من الرشاوى جعلتهم الآن يدافعون عن مشاهد القتل والإرهاب، بل إن بعضهم يشارك في حملة التحريض على المصريين من خلال ما يكتبه في صحيفته، أو على حسابه الشخصي بمواقع التواصل الاجتماعي.
يجب إقصاء هؤلاء جميعًا قاصري النظر والأغبياء والمرتشون ليتصدر شباب حركة “,”تمرد“,” عملية تشكيل لجنة المصالحة الوطنية فهم الأنقى والأنظف، وهم الأقوى والأقدر بشفافيتهم على فرز الوجوه الوطنية التي تستحق الدخول في برنامج المصالحة.
ظني أن شباب “,”تمرد“,” هم الأقدر على القيام بهذا الدور بنجاح ووضع آليات وشروط المصالحة وكفانا من خطايا عواجيز السياسة.