الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حول محاولات تفكيك الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي 2-2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى إطار الرد على بعض الافتراءات والتشويه الذى يتعرض له الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وفى إطار التفاعل مع مقال سليمان شفيق حول محاولات تفكيك الحزب، تعرضت فى المقال السابق لبدايات هذه المحاولات وكيف حرصت على تناول الأمر فى حينه، وأواصل فى هذا المقال مناقشة التكتيكات التى يعتمدها دعاة الدولة الأمنية، ويستدرج للاشتراك فيها، بكل أسف، وعن غير وعى أو قصد، بعض الزملاء، لتفكيك الحزب، بل وتفكيك أى تحالف انتخابى محتمل.
التكتيكان الأخيران اللذان استخدمهما دعاة الدولة الأمنية لشق صفوف القوى والأحزاب الديمقراطية جمعا بين إلصاق التهم، ومحاولات شق الصفوف فى نفس الوقت، وقد بدأ ذلك منذ عام تقريبا بإطلاق شائعة أن أحد أو بعض قيادات الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى جلسوا مع الإخوان سرّا للحوار حول الانتخابات القادمة، وأن هناك تسجيلات صوت وصورة لهذه اللقاءات، وبدأت الشائعة بمكالمات تليفونية بين عدد من الإعلاميين "الملمسين مع الأمن" على حد تعبير من تلقى المكالمات، وعدد من أعضاء الحزب الذى يفترض أنهم الأقرب إلى تصديق هذه الإشاعة لأنهم الأكثر عداءً للإخوان، وقد حاولت الشائعة أن تحقق أكثر من هدف بحجر واحد، من بين هذه الأهداف شق صفوف الحزب وإشاعة جو من عدم الثقة والشكوك المتبادلة بين القيادات.
كان من بين أهداف الشائعة أيضا الإيحاء بأن الانتخابات ستتم بالفردى لأن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى قد يعقد صفقة مع الإخوان لكى ينزلوا على قوائمه!! تصوروا من بين ما يزيد عن 90 حزبا سيعقد الحزب الذى يقوده أبو الغار وفريد زهران وعماد جاد (فى نفس الوقت) وكامل صالح وأحمد فوزى وأشرف حلمى... إلى آخر هذه الشخصيات المعروفة بمواقفها ضد الإخوان، صفقة مع الإخوان !! بالطبع كان الغرض من هذه الكذبة هو تبرير النظام الفردى الذى يُطلق العنان للمال والنفوذ الإدارى والعصبيات القبلية وتبرير هذه الجريمة بالخوف من الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وقوائمه !!
كتبت فى ذلك الوقت "بالطبع لم يُصدق أحد من قيادات الحزب هذه الشائعات الأمنية لأن أى شخص مهما بلغت درجة ذكائه أو غبائه يدرك أنه لا يوجد أى شخص فى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى مهما علا شأنه ومقامه يستطيع أن يعقد صفقة مع الإخوان دون معرفة وموافقة كل قيادات الحزب، وبالدقة هيئته العليا المكونة من أكثر من 200 عضو.
على أى شىء استند مروّجوا الشائعة إذن ؟ أعتقد أنهم استندوا على فرضية تذهب إلى أن هناك خلافات وتربصًا داخل الحزب ستدفع شخصًا أو أشخاصًا من الحزب لتصديق شائعة غير منطقية بالمرة، لأنهم يرغبون فى التصديق، للنيل من خصومهم مثلاً، ولأن هذه الأجواء غير موجودة فى حزبنا، على الرغم من وجود خلافات نفتخر بوجودها لأننا حزب ديمقراطى، ولأن أحدا فى حزبنا لا يمكن أن يُعطى "أذنه" أصلاً لناس "ملمسين" مع الأمن (يعنى ببساطة أمن) يتحدثون عن زملائه، لذلك كله فإن الأمر لم ينجح.
جدير بى أن أذكر هنا أن صحيفة "إيجيبت إندبندنت" كانت قد نشرت أن د. أبو الغار التقى محمد على بشر، وعندما سألنى صحفى بخصوص الأمر لم أهتم أصلاً بسؤال د. أبو الغار، وإنما نفيت الخبر بكل يقين وثقة لأننى متأكد أن د. أبو الغار لن يفعل ذلك على الإطلاق إلا لو اتفق الحزب على ذلك، ولأن مثل هذا الاتفاق لم يتم فالدكتور لا يمكن أن يكون قد التقى لا بشر ولا غيره، وكل الزملاء فى قيادة الحزب بالتأكيد سيردون غيبة أى زميل من زملائهم إذا جاءتهم شائعة من "ناس ملمسين مع الأمن" لأنهم يثقون فى التزام زملائهم بنفس القدر الذى أثق فيه أنا شخصيا فى الدكتور أبو الغار.
حزبنا بخير لأن أحدا لم يصدق هذه الشائعات".
وللأسف لم يكن كلامى صحيحًا أو دقيقًا، بل كان أقرب ما يكون إلى تمنيات حسنة النية، أو دعونى أكون أكثر صراحة وأسجل هنا بكل وضوح أننى لم أكن أعلم فى ذلك الوقت بأن هناك من يصدق هذه الشائعات، وغيرها فحسب، بل دعونى أقول لكم أيضا أن الأمر كله كان بهدف تعميق خلافات قيل أنها موجودة داخل الحزب، ويؤسفنى أن أقول لكم أن هدف هذه الشائعة، أو بالأحرى هذا الأسلوب، قد نجح فى دفع مجموعة من الزملاء إلى ترك الحزب، مثلما نجح فى مرحلة لاحقة فى إقصاء مجموعة زملاء آخرين، وذلك وفقا لنظرية التفكيك التى أشار إليها سليمان شفيق فى مقاله، والجديد هذه المرة فى الحملة الحالية التى تستهدف الحزب المصرى من خلال إحياء أجواء الشائعات والاتهامات التى لا تستند على أى دليل أو منطق هو الحيلولة دون بناء تحالف انتخابى ديمقراطى قوى، فبعد أن تبنى أشخاص مُحددون، لهم وزن، ورؤى محددة نجحت فى شق صفوف الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، تراهم الآن، ومن خلال موقع قيادى فى حزب ديمقراطى شقيق يوجهون اتهامات للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، ومن المفترض بعد ذلك أن يرد الحزب، أو على الأقل القيادات التى تم استفزازها واستنفارها على هذه الاتهامات بطريقة تُسىء للعلاقة بين الحزبين، ومن ثم يتم قطع الطريق أمام إمكانية بناء تحالف، يُفترض أنه ضرورى، بين الحزبين.
بالأمس، بالأمس القريب، ومنذ حوالى عام، أُطلقت بعض الشائعات التى انتهت إلى خروج مجموعة مهمة من الأعضاء، وكان العزاء الوحيد للنفس، فى هذه الأزمة، التى تورط فيها بكل أسف شخص، أو بضعة أشخاص فقط، أن الزملاء غادروا إلى حزب شقيق، وأن العلاقات الشخصية على الأقل بينى وبين أغلبهم ظلت طيبة، وأننى سعدت للغاية مثلاً عندما حرص أغلبهم على تقديم واجب العزاء لى عند رحيل والدى منذ عدة أسابيع، ولكن المفارقة السخيفة أن الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، وها هى الحملة تتجدد، وتستمر محاولات التفكيك، ويدفع البعض، ومن خلال عمليات الإقصاء "الشغالة"، إلى مغادرة الحزب غير مأسوف عليهم، وفى نفس الوقت تستمر المحاولات الرامية إلى تفتيت أى تحالف ديمقراطى واسع ممكن.
السؤال الآن يا أستاذ سليمان هو : هل تنجح المحاولات الرامية إلى تفكيك الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وقطع الطريق أمام تحالف ديمقراطى واسع ؟ للإجابة على هذا السؤال عليكم أن تجيبوا عن أسئلة أخرى منها، مثلاً : هل يسير الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى منذ تعرضه لأزمة خروج المجموعة التى خرجت فى اتجاه إقصاء المزيد من قياداته وأعضائه، ومن ثم دفعهم للخروج، أم فى اتجاه لم الشمل وتوحيد الصفوف ؟ هل سيتمسك الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بالتقاليد الحزبية الصحيحة وعلى رأسها المؤسسية والشفافية والمحاسبة ... إلخ، أم سيُستدرج إلى الروح الشللية ؟
أخيرا.. وكما قلت للدكتور نور فرحات: لا أود أن أُستدرج أو يُستدرج حزبنا فى الرد على افتراءات تؤدى إلى تدهور فى العلاقة بين حزبنا وأى حزب ديمقراطى آخر، أما أن تكون هذه الافتراءات قد نجحت فى التأثير على علاقاتى بالناس داخل الحزب فهو أمر لم يحدث على الإطلاق، ويكفينى فى هذا الصدد أن علاقاتى بأغلب قيادات وأعضاء حزبنا الذين عملت معهم ليس بينى وبينهم إلا كل مودة واحترام وثقة، ومن ثم فلا أرانى أصلًا مضطرّا للرد على أى افتراءات أو أكاذيب، ويكفينى فى هذا الصدد أن أى شخص قد يتهامس فى الظلام لم يجرؤ على أن يُطل برأسه فى النور عندما نشر الزميل أشرف حلمى مشكورا ردّا على هذه الافتراءات على البريد الإلكترونى للهيئة العليا للحزب.
الهمس والغمز واللمز والأحاديث التى تدور فى الظلام هى سلاح "النكرات" ودعاة الفتنة الذين شقوا الحزب بالأمس ويسعون لشقه الآن، أما أنا وأمثالى فسنظل، وكما كنا من قبل، فى ساحة العمل العام، حتى لو نجح دعاة الدولة الأمنية الذين لا يرون ضرورة لوجود الأحزاب أصلًا فى تفكيك الحزب، وسنظل نعمل لوجه الله تعالى كما تعودنا دون أن نتكسب أو نُهتم بالحصول على أى مواقع أو مناصب.