الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

سعيد صالح.. سلطان الضحك.. سيئ الحظ

الفنان الراحل سعيد
الفنان الراحل سعيد صالح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظلم حيّا وميتًا، هكذا هو حال الفنان الراحل سعيد صالح، الذي شيعت جنازته منذ قليل، وسط غياب واضح لأصدقائه من الوسط الفني، وعلى رأسهم عادل إمام، رفيق دربه، ومشوار حياته، حيث ظُلم سعيد صالح في حياته قبل مماته، فقد عاش في نهاية حياته وحيدًا، متألمًا من فراق الأحبة والأصدقاء، وفرقة الأهل، وحريق بيته، ولم تهتم الدولة ولا أصدقاؤه بمحنته، وتكريمه في حياته، ليظل مسلسل "الظلم" مستمرّا في حياة سعيد، والذي أنهى الموهبة الكوميدية الأكبر في تاريخ المسرح الحديث.
تعرض صالح في حياته للعديد من الأزمات والنكبات، وكذلك سوء الحظ، أدت إلى وفاة مسيرته الفنية، إكلينيكيّا، أولها عدم اكتراثه بقوانين وقواعد الحياة الفنية، خاصة في مصر، والتي لا تسمح بوجود الموهوبين فقط دون ذكاء أو حرص أو تخطيط، ولعله من أهم الأسباب الفارقة عن صديق عمره عادل إمام، الذي كان يتمتع بذكاء فني جعله يستمر على الساحة لعمر أطول من صديقه الأكثر منه موهبة، وكذلك أضاع سعيد تاريخه الفني، بمعاملته للفن كهواية وجلسة سمر وأصدقاء، وتنازل عن أدوار كبيرة، حبّا في أصدقائه، مثل الواقعة الأشهر بتنازله عن دور "بهجت الأباصيري" لصديقه عادل إمام في مسرحية "مدرسة المشاغبين".
السجن
يعد السجن إحدى ضربات الحظ القاضية لسعيد صالح، وأكثرها تأثيرًا وألمًا، والتي بدأت بواقعة الإفيه السياسي الشهير "أمي اتجوزت 3 مرات، الأول وكّلنا المش، والتاني علّمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش"، والذي أدخله "الزنزانة" لأول مرة، ليعتاد بعدها على السجن على خلفية قضايا تعاطي المخدرات، إلى نهاية فترة التسعينيات، وهي المرحلة التي كان من المتوقع أن تشهد مراسم توليه "الزعامة" بدلاً من عادل إمام.
السياسة
أثرت السياسة على حياة سعيد صالح "الصحية والفنية"، وظهر تأثره البالغ بهموم السياسة والمواطنين والمسرح أيضًا، أدت إلى طغيان ذلك على موهبته وإفيهاته، وكذلك ثروته التي أنفقها على تجاربه الوليدة في "المسرح السياسي".
ومن أهم دلائل غياب الالتزام والذكاء الفني عن موهبته "الفريدة"، عدم قدرته على رفض العديد من الأدوار التي قدمها في السينما والمسرح، رغم تفوقه وبراعته في "إنعاش" أي عمل فني، ومشاركته في أكثر من 500 مسرحية و300 عمل سينمائي، إلا أن معظمها ضاع من الذاكرة، وبقيت إفيهاته الشهيرة في "سليقة" المصريين اللغوية إلى الآن.
إفيهاته
أسس سعيد مدرسة كوميدية باسمه، في إطلاق الإفيهات، وسيطرة الجمل الكوميدية على النص، وكان ذلك بمثابة ثورة في المسرح الكوميدي، بمسرحيات "العيال كبرت" و"مدرسة المشاغبين"، والتي ما زال المصريون لا يستطيعون كتم ضحكاتهم "المجلجلة" حتى ولم تم عرضها للمرة المليون، خاصة أن لإفيهات سعيد تأثيرًا فريدًا أيضًا على الحياة العامة للمصريين، فقد أصبحت مرجعًا وردودًا جاهزة في العديد من المواقف الحياتية واليومية، مثل "مرسي ابن الزناتي اتهزم يا رجالة"، "مش هو ده المنطق يا متعلمين يابتوع المدارس"، "أستك منه فيه"، كأكبر دليل على عبقرية وتفرد موهبة الفنان الراحل.
رحل صالح، وبقي فنّه ومسرحياته وإفيهاته عالقة في قلوب وعقول المصريين، ربما ستعيش إلى الأبد، وربما يجد في عالمه الجديد من يؤنس وحشته، ويحنو عليه، عما كان فيه في آواخر أيامه، سلام يا سلطان "الضحكة الحلوة".