الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تراثنا ليس عهدة هالكة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس استخدام موسيقى أغاني التراث الوطني المصري في الإعلانات التجارية، الجريمة الوحيدة التي ترتكب بهدوء لا يستفز شعور من بيدهم منعها رغم أنها ترتكب على الملأ وتملا بسخافة لا حدود لها مساحات الفضاء، ومن أحدثها أن يتم استخدام موسيقى نشيد وطني حبيبي الوطن الأكبر" في إعلان عن مياه غازية باستبدال الكلمات بكلمات السلعة.دون إحساس ولا قيمة لمعنى أن هذا النشيد وغيره من الأعمال العظيمة قد شكلت وجدان الأجيال، وأنها تعد جزءا من تاريخ مصر يستند إليها المؤرخون للتأريخ للمراحل التي أنتجت هذا التراث بكلماته وموسيقاه.
ولا نعرف كيف تستمر هذه الجرائم ولا نعرف أين الرقابة على المصنفات الفنية ولم نسمع صوتا للنقابات الفنية ولا لجمعية حقوق المؤلفين والملحنين التي تشهد ليس انتهاكا لحقوق راحلين عظماء، بل هو انتهاك للهوية المصرية التي يسعى كما هو معلوم بالضرورة فصيل الأصولية الظلامية لطمسها وتشويهها في الحدود الدنيا من الجريمة، وسرقتها في حدود أخرى منها.
سبق أن صمت من بيدهم منع هذا الإسفاف عندما لم يقفوا ضد تشويه أغنية لسيدة الغناء العربي في فيلم هابط بأداء مبتذل سمح به من بيده المنع ولم يتدخل أحد لوقف هذا العبث وكأنه كان إشارة لاستمرار الإسفاف والانتهاك لأعمدة التراث الفني المصري.
واذا كانت مصر تخوض حربا ضد الإرهاب، وضد الأصولية المقيتة الظلامية، وضد مخططات تهدف لتدمير الهوية المصرية ووحدة الأرض والشعب فهذه معركة تتم وقائعها على جبهة من الجبهات، ولكنها ليست المعركة الوحيدة وهناك معركة رئيسية لا بد أن ينتبه لها ليس الشعب المصري وحده ولكن أيضا من بيدهم اتخاذ القرار، وهي معركة الدفاع عن العقل والوجدان، الدفاع عن التراث المصري الذي يمثل عند الشعوب التي تحترم تاريخها وتراثها الحائط الصلب الذي تستند إليه وتنطلق منه جيلا وراء جيل في مواجهة من يقترب من هذا التراث وذلك التاريخ.
وهناك جريمة لم يقترب أحد حتى الآن من فتح ملفاتها، وهي نزيف يتعلق بثروة مصر من المخطوطات النادرة وقد تناقلت الصحف في الفترة الأخيرة أن الدكتور عمرو عبدالعزيز منير أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة الزقازيق أرسل أكثر من خطاب أو لنسمه إن أردنا الدقة استغاثة لإنقاذ 183 مخطوطا أثريا نادرا موجودة في دولاب من تلك الدولايب "الحفرية" التي تتميز بها المصالح الحكومية وللحقيقة أن الدولاب الصاج مغلق ومركون بجوار نافذة من نوافذ مكتبة دار الكتب العامة بالزقازيق وقد أكد الدكتور عمرو أنها وهي في هذا الوضع الذي يمكن وصفه بالمشين معرضة للتلف بسبب سوء التخزين وسوء التجليد والحفظ، كما أنه أشار في استغاثاته لسرقة 17 مخطوطا مؤكدا أن من بين المسروقات كتبا ومخطوطات لا يوجد مثلها إلا في مصر، وأن هذه المجموعة من الكتب التاريخية والأدبية والتي تمت سرقتها من الدار قد تم طمس الجريمة بتسديد العهدة باعتبار المفقود كتبا ومخطوطات هالكة.
لسنا في حاجة لأن نذكر أن الجماعة الإرهابية تاجرت في الغالي والفريد من مخطوطات وآثار، وأن دويلة بلا قيمة مثل قطر بذلت من المؤامرات والأموال الكثير وتآمرت مع الشاطر زعيم العصابة الإخوانية لنقل آثارنا وتراثنا أملا في أن تصبح الدولة القزمة ذات قيمة، ولسنا في حاجة لأن نذكر أن ما ضاع في حريق المجمع العلمي وما تم نهبه من آثار وما تم تشويهه من تراث فني يقول لمتخذي القرار وللشعب المصري انتبهوا قبل أن تأتي لحظة قد نبحث فيها عن مصر فلا نجدها.