السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

هل يحسم موقف القبائل الليبية الصراع المسلح في بنغازي وطرابلس

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل تحسم القبائل الليبية موقفها خلال الأيام المقبلة حول الصراع المسلح الدائر حاليا على الأراضى الليبية منذ ما يزيد على أكثر من ثلاث سنوات منذ بداية انطلاق الاحتجاجات الشعبية الليبية فى 17 فبراير للعام 2011 ، والذى ارتفعت حدته حاليا فى ظل سقوط المئات من القتلى والجرحى فى معارك العاصمة طرابلس ومدينة بنغازى والقتال المحتدم بين المليشيات والكتائب الليبية، والتى اشتدت حدتها منذ 13 يوليو الماضى وطلب الحكومة الليبية للتدخل الدولى للحفاظ على مؤسسات الدولة على لسان وزير خارجيتها محمد عبد العزيز.
وتبرز مخاوف حقيقية من أن تسمح تلك الفوضى الليبية بتدفق الأسلحة والإرهابيين عبر حدودها المختلفة، حيث أصبح الجنوب الليبى بمثابة جنة للإرهابيين الذين تم طردهم من قبل القوات الفرنسية من مالى خلال العام الحالى، وفوضى الموانئ البحرية والمنافذ الجوية التى يسيطر عليها الإسلاميون وتساعدهم تجمعات وتنظيمات تكفيرية لتسهيل دخول المرتزقة من يطلقون على أنفسهم "المجاهدين" عبر دول العالم المختلفة.
ومن الملاحظ التدهور السريع للوضع الأمنى والإنسانى فى ليبيا فى ظل تداخل قوى إقليمية ودولية ومحلية لها ارتباطات ومصالح كبرى معقدة على صلة بمصالح النفط الليبى وصراع مناطق النفوذ للدول الكبرى والقوى الإقليمية، وقوى محلية مرتبطة بها أيضا.
ونجد أن أبرز القوى المتصارعة حاليا فى ليبيا تتلخص فى بقايا قوات الجيش الليبى النظامى - الذى قام الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى بتدميره وتفتيته وتشكيل كتائب عسكرية مسلحة كبديل عنه، والتى كان لها نهج سياسى وعقائدى مرتبط بشخصه - وبقيت منها بحالة جيدة عدد من تشكيلات القوات الجوية الليبية ووحدات الصاعقة الليبية فى بنغازى وعدد من القوات النظامية بالمعسكرات الأخرى بعدد من المدن والمناطق الليبية، بقيادة اللواء خليفة حفتر قائد القوات البرية الليبية السابق وونيس بوخمادة قائد قوات الصاعقة الليبية، وتأتى القوى الأخرى ممثلة فى تحالف واسع النطاق تشكله الكتائب والميليشيات التابعة للزنتان وهى إحدى المدن فى شمال غرب ليبيا وهى متحالفة مع قوات الجيش الليبى، رغم اتجاهاتها القبلية والجهوية الواضحة وذلك بالتعاون والتنسيق بينها وبين عدد آخر من القبائل المتحالفة والمتعاونة معها.
وتوجد جبهة أخرى مناوئة للتحالف الأول "الجيش والزنتان" ، وهى جبهة مصراتة، وهى مدينة ليبية ساحلية والتى لديها عشرات الميليشيات والكتائب المتحالفة مع الإخوان والتشكيلات القتالية المتأسلمة والكتائب الليبية التى تتبع النهج التكفيرى وأفكار تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى الجماعة الإسلامية المقاتلة بقيادة عبد الحكيم بلحاج والتى تتحالف مع قطر وتركيا والتنظيم الدولى للإخوان .
وعلى الأرض تتم استعدادات مسلحة كثيفة وتوجد اشتباكات حول مطار طرابلس أدت لسقوط مئات الضحايا ، وتأتى اشتباكات المطار الأخيرة بهدف إخراج كتائب الزنتان المتمركزة به، وقررت ميليشيات "دروع الوسطى" ومصراتة السيطرة على المطار وتكليف قائد إحدى ميليشيات الدروع وهو صلاح البركى والمقرب من عبد الحكيم بلحاج باستلام الموقع بعد إخراج لوائى القعقاع والصواعق منه.
ويبدو أن هناك تحركا دوليّا يؤكد الاهتمام بالملف الليبى، خصوصا بعد ازدياد حدة العنف والاغتيالات وتدخل الجيش الليبى فى الشرق، وتتم اتصالات حاليا بين مبعوثين دوليين وعدد من زعماء القبائل الليبية لدعم جهود الأمم المتحدة ، وتم عمل مسودة اتفاق مبادئ من عشرين نقطة بعد الاتصال مع الأطراف المتصارعة، وقامت الأمم المتحدة بتوزيع ورقة على الأطراف السياسية المختلفة أثارت استياء العديد من الأطراف، ومنها تحالف القوى الوطنية.
يذكر أن دخول قوات دروع الوسطى والمخصصة لحراسة الحدود - المحسوبة على الإسلاميين - إلى العاصمة طرابلس، عقب كثافة الاشتباكات العنيفة فى محيط العاصمة الليبية طرابلس حيث تقاتل ميليشيات الزنتان ومصراتة المسلحة للسيطرة على المطار، وهو أسوأ قتال تشهده ليبيا منذ انطلاق أحداث الثورة الليبية فى العام 2011.
وعقب تصاعد الاشتباكات وازدياد حدة الانفلات الأمنى وزيادة حالات الاغتيالات والاختطاف التى لم تشهدها طرابلس من قبل مثل بنغازى، زاد الطلب من قوات الدروع الوسطى لدخول طرابلس المتأخر بسبب قرار المؤتمر الوطنى السابق بإخراج كل الميليشيات المسلحة من العاصمة، وأعلنت تلك القوات بأنها لا تنوى البقاء فى العاصمة بشكل دائم ، وأنها تمثل رئاسة الأركان الليبية ، وأنها دخلت العاصمة بناء على طلب من المجلس المحلى للمدينة.
يذكر أن هناك مخاوف حقيقية من قبل نخب وأعيان وسكان طرابلس من اتساع دائرة الحرب ، وأن تتحول لحرب أهلية، تدور رحاها فى قلب العاصمة طرابلس، مطالبة بوقف القتال بسبب وجود المئات من الأسر الليبية من المهجرين وضحايا قصف الصواريخ من نوع "جراد" فى عدد من أحياء العاصمة خصوصا حى قصر بن غشير المتاخم لمطار طرابلس الدولى.
وفى سياق متصل بتطورات الأحداث نقلت السفارة الأمريكية بطرابلس نشاطها إلى العاصم التونسية حتى استقرار الأوضاع ، ومن جانبها دعت عدد من الدول الأوروبية، ومنها بريطانيا وألمانيا، تركيا ، أسبانيا ، مالطا، بلجيكا ، فرنسا ، النرويج، هولندا ، الدنمارك ، وفنلندا، رعاياها لمغادرة ليبيا حيث تعرض موكب للسفارة البريطانية لهجوم يوم الأحد الماضى، وطالبت ألمانيا كل رعاياها بمغادرة ليبيا ، ووصفت الوضع بأنه غامض وغير مستقر .. ومن جانبها أعلنت السلطات الليبية بأن 90 % من الطائرات بالمطار قد تم تدميرها بالفعل.
ومن جانبها غادرت المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة ليبيا بشكل مؤقت، وطالبت ليبيا بوجود قوات دولية، لحماية مؤسسات الدولة ، حيث تعانى الحكومة الليبية من ضعف السيطرة بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من تدخل حلف الناتو للإطاحة بالنظام الليبى السابق بقيادة معمر القذافى.
يذكر أن ميليشيات الزنتان تحكم سيطرتها على منطقة مطار طرابلس منذ الإطاحة بـمعمر القذافى عام 2011، لكنها تواجه منافسة من الميليشيات الأخرى خصوصًا مصراتة، وكانت الزنتان أكدت دعمها لعملية اللواء خليفة حفتر قائد القوات الليبية البرية السابق ، الذى يتهمه الإخوان والتكفيريون بأن ما قام به انقلاب على الشرعية.
من جانبه طالب وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى بوضع حد للعنف الذى وصفه بالخطير فى ليبيا، في حين أمهلت الحكومة الليبية الميليشيات والكتائب المتصارعة أسبوعا للانسحاب خارج طرابلس.
ويبدو أن القبائل الليبية سوف تحسم أمرها قريبًا، وتتم حاليا اجتماعات بين زعماء القبائل الليبية، ومن المنتظر أن يصدر بيان بشأن تلك الاجتماعات عن المجلس العام للقبائل والمدن الليبية، ومن المتوقع أن يعلن فيه عن مشاركة القبائل الفعلية فى معركة الكرامة وتأييد اللواء خليفة حفتر والزنتان ضد كتائب لواء درع ليبيا وغرفة ثوار ليبيا ومدينة مصراتة، والجماعات والتنظيمات التكفيرية التى تعمل للسيطرة على ليبيا خصوصا العاصمة طرابلس وبنغازى والمطارات والمنافذ الحدودية ، لتنفيذ مشروع التنظيم الدولى للإخوان وتهميش الأغلبية الساحقة من الليبيين ووضع الثروة والسلطة والسلاح بين أيدي الكتائب التكفيرية فى الداخل وحلفائها بالخارج وهما قطر وتركيا.
وقد انضمت كتيبة من لواء ورشفانة - أكبر القبائل العربية الليبية القريبة من العاصمة طرابلس - إلى معركة طرابلس كما يطلق عليها ، كما انضم إلى قوات الجيش الليبى ممثل فى لواءى القعقاع والمدنى وكتيبة الصواعق متطوعون من عشرات القبائل منها ، الرجبان ، ورشفانة ، النوائل ، العجيلات ، التبو والطوارق ، القنطرار ، ورفلة ، ترهونة ، الفرجان ، الصيعان ، الأصابعة، والمشاشية ، المقارحة ، القذاذفة ، الجعافرة ، قماطة ، القواليش ، أولاد إبريك ، وأولاد أبوسيف ، أم الجرسان والغنائمة.