الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حول محاولات تفكيك الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي 1-2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شرفت بحضور حفل الإفطار الذي دعت إليه قيادة الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ولجنة الانتخابات بالحزب، وقبل أن أتطرق إلى أى موضوع أود أن أشكر فى البداية قيادة الحزب على دعوتها الكريمة لي بالحضور ، وأود أن أشكر أيضا كل الأصدقاء من المرشحين المحتملين والزملاء الأحباء الذين لبوا دعوتي للاتصال بلجنة الانتخابات ولبوا دعوتها لحضور هذا اللقاء ، كما أود أن أتمنى التوفيق والسداد لقيادة الحزب ولجنة الانتخابات في إدارة الحزب في هذه اللحظة العصيبة التي يمر بها الوطن ، وأتمنى أن ينجح د. أبو الغار في بناء الحزب الكبير الذي يحلم به .
أتيح لي على هامش اللقاء أن " أدردش " مع الدكتور نور فرحات حيث تطرقنا إلى بعض التصريحات الصحفية التى نُسبت إلى عضو سابق بالحزب، وحاولت النيل من مصداقيتى ومصداقية الحزب، وقال لى د. نور إنه لم يدلِ بأي تصريح حول حزب التجمع عندما انسحب من قيادته بعد عدة سنوات، وتأكيدا لنفس المعنى الذى أشار إليه أستاذنا الكبير ذكرت له أنا كيف أنني ابتعدت عن القيادة ، بل والاستمرار أيضًا في مرحلة لاحقة ، من أحد التجارب الحزبية السابقة ، لمجرد أنني شعرت أن هناك أجواء من المشاحنات والصغائر وجدت نفسي مدفوعا إليها دفعا ، وسألت الأصدقاء الذين حاولوا الوساطة فى ذلك الوقت بين ما افترضوا أنه اتجاهات داخل هذه الجماعة الحزبية : ما جدوى الاستمرار في عمل جماعي ينصرف فيه الجهد " للمناكفة " و"المناهدة" بدلا من البناء والنمو؟! أليس من الأجدى، وبدلاً من المهاترات والتفاهات، أن ينصرف المرء إلى قراءة كتاب أو كتابة مقال أو حتى إلى الاهتمام بتنمية العلاقات الإنسانية بينه وبين أصدقائه الذين يحبهم ويحبونه ويثق فيهم ويثقون فيه؟
ورغم أن الدكتور نور فرحات تفهم دوافعي لعدم الرد إلا أنه كرر نصيحته لي بالرد بطريقة مناسبة، وبينما أنا أفكر فى الأمر نشر الزميل سليمان شفيق فى جريدة "اليوم السابع" مقالًا بعنوان : "محاولات لتفكيك الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وبيع أعضائه مثل قطع الغيار"، فحسمت أمرى وقررت أن أكتب هذا المقال، وأنشره أيضا تعميما للفائدة.
دعونا نعود إلى القصة منذ البداية: على مدى أسبوعين، وبالتحديد بتاريخ 4/9/2013، و14/9/2013، أى منذ ما يقرب من العام، نشرت فى هذا المكان نفسه مقالين بعنوان: "هل تنجح الدولة الأمنية فى ضرب الأحزاب الديمقراطية"، واعتبرت فى هذين المقالين أن هناك طرفين فى المجال السياسى أحدهما "دعاة الدول الديمقراطية المدنية الحديثة" والآخر "دعاة الدولة الأمنية"، وشرحت كيف نجح دعاة الدولة الأمنية بكل أسف فى التأثير على توجهات بعض أعضاء وقيادات الأحزاب والقوى الديمقراطية، وتفسير ذلك أن الأحزاب السياسية الديمقراطية بعد ثورة 25 يناير، وظهور خطر الإخوان، تسلل إلى داخلها ما يمكننا وصفه بخصوم أو أعداء الإخوان، وهم مجموعة من الوافدين الجدد على العمل السياسى، ليس لديهم رؤية أو تصور لكيفية إدارة البلاد، ولا يجمعهم إلا العداء للإخوان، ولم يدفعهم للعمل السياسى إلا هاجس واحد هو خوفهم من الإخوان، والحكم الدينى، وهذه المجموعة انحاز بعضها، بدرجة أو أخرى، فى لحظة محددة من لحظات تطور الصراع ضد الإخوان، إلى دعاة الدولة الأمنية، ليس لأنهم عملاء للأمن، فالأمر ليس بهذا القدر من الابتذال، ولكن لأنهم تصوروا أن الأمن، والأمن وحده، هو القادر على مواجهة خطر الإخوان، وقد انتهت دعواتهم إلى ضرورة دعم الحل الأمنى، باعتباره الحل الوحيد الآن، إلى تحولهم، أو تحول الكثيرين منهم، إلى التحالف مع دعاة الدولة الأمنية.
فى المقالين اللذين أشرت إليهما تحدثت عن أداء حزبنا باعتباره نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه أداء القوى الديمقراطية، وتحدثت أيضا عن أداء دعاة الدولة الأمنية، ورصدت، على سبيل المثال، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، جهود بعض أعضاء الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وبالتحديد كاتب هذه السطور، وهى الجهود التى تنوعت ما بين مخاطبة الرأى العام العالمى من خلال المساهمة فى لقاء مع دبلوماسيين، وأكثر من لقاء مع صحفيين أجانب، وما بين مخاطبة الرأى العام فى مصر من خلال شاشات فضائية متنوعة، وكتابة بعض المقالات لعدة صحف ومواقع إلكترونية، بالإضافة إلى المساهمة فى إطلاق مبادرة لتنشيط السياحة الداخلية، والمشاركة من خلال أمانة المهنيين بالحزب فى الاستعداد لانتخابات نقابة الأطباء، بالإضافة إلى المساعدة فى عقد لقاء بين أمانة العمال فى الحزب وبين وزير القوى العاملة للحوار حول قانون الحريات النقابية، هذا فضلا عن الجهود التى ساهمت فيها لعقد لقاءات مع عدد من القوى السياسية بهدف تحديد المجال السياسى الذى يمكن الانطلاق منه والبناء عليه، كما شاركت أيضا فى لقاءات وحوارات سياسية مهمة مع عدد من الأمانات داخل الحزب.
فى المقابل، فى مقابل ما قمنا به من جهد سياسى، ماذا فعل دعاة الدولة الأمنية ؟ إنهم ببساطة كانوا يحاولون القضاء على وجود الأحزاب الديمقراطية.
دعاة الدولة الأمنية لا يحبون إلا الأمن، ولا يثقون إلا فى الإجراءات الأمنية، ولا يثمّنون كثيرا الحديث عن السياسة، أو العدالة، أو حقوق الإنسان، ومن ثم تراهم يدفعون الأمن إلى البطش والقمع مستندين فى ذلك على مزاج شعبى بات يكره الإخوان، ويعتبر الحلول الأمنية هى وحدها القادرة على إنهاء وجودهم تماما، وبالطبع هذا المزاج الشعبوى يغذيه دعاة الدولة الأمنية بنفس القدر الذي يستندون عليه.
ماذا يفعل دعاة الدولة الأمنية مع الأحزاب والقوى الديمقراطية ؟ الاستراتيجية الثابتة تعتمد على عدة تكتيكات وأساليب: الأول يهدف إلى محاولات ذرع الشقاق بين الدولة والأحزاب أو بالأحرى بين الأجهزة العسكرية والأمنية وبين السياسة والسياسيين بصفة عامة، والثاني يهدف إلى محاولات تشويه الأحزاب وإلصاق التهم بها، وأخيرا فإن التكتيك الثالث يسعى إلى شق صفوف الأحزاب أو الجبهات .
اللافت أن عددا من السياسيين (!!) الموالين للدولة الأمنية، بكل أسف، هم الذين يتصدرون لتنفيذ هذه الاستراتيجية، وقد حاولوا بكل بسالة وإخلاص إقامة الحجج والبراهين على أن هناك خلافات استراتيجية مبكرة بين الأحزاب الديموقراطية وبين أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، فإذا قال السيسى أكثر من مرة، مثلاً، أنه يمد يده لكل المصريين فهذا أمر حسن، وطبعا لن يحاول أى شخص منهم أن يفهم من ذلك أن السيسى يمد يده للإخوان مثلاً، ولكن عندما أُعلنت مبادرة مجلس الوزراء مثلاً أن باب المصالحة والمشاركة فى العمل السياسى مفتوح لكل من لم يشارك فى العنف، ولم يحرض عليه، ويدينه، ويوافق على خريطة الطريق، وهو ما يعنى استبعاد الإخوان كلية، ترى أنصار الدولة الأمنية يصيحون بكل قوة وثقة : هذه المبادرة أطلقتها الأيدى المرتعشة التى تحاول إعادة الإخوان إلى المشهد السياسى!! يا سبحان الله ... السيسي لم يستبعد الإخوان صراحة، ومبادرة مجلس الوزراء استبعدتهم صراحة، ومع ذلك تتهم المبادرة بأنها تحاول إعادة الإخوان للمشهد السياسي!! حقّا صدق الشعب المصري عندما قال "حبيبك يقرقرش لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط" !!
وعندما يُعلن السيسى خريطة الطريق بمشاركة حزب النور، لا يتهم أى من دعاة الدولة الأمنية الفريق السيسى بالخيانة، ولكن عندما تتحاور أو تتشاور بعض الشخصيات السياسية مع نفس الأحزاب التي جلست مع السيسي وشاركت معه فى وضع خريطة الطريق ومن بينها حزب النور، ترى أنصار الدولة الأمنية يتهمون هذه الشخصيات، فى الفضائيات وأمام الرأى العام، بأنهم خونة لأن الحوار مع النور خيانة، وكأنهم بذلك يريدون أن يكون قادة المؤسسات العسكرية والأمنية هم المسئولون عن الحوار فيما بين الأحزاب بالوكالة بحيث يصبح الحوار بين الأجهزة والنور، أو أى حزب آخر، على حدة، حلالًا، والحوار فيما بين الأحزاب، وبالذات النور مثلاً، حرام، ومن ثم تنقل الأجهزة الأمنية وجهات النظر من هذا الحزب إلى ذاك، ويتولى الأمن بالتالى، ومن الناحية الفعلية، إدارة الحياة السياسية!!
ماذا عن التكتيكات الأخرى لدعاة الدولة الأمنية؟ وهل نجحوا فى توجيه ضربة كبيرة إلى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى؟ وهل سينجحون فى تفكيك الحزب ؟ عن هذه الأسئلة وغيرها سيكون مقالنا القادم بإذن الله.