الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإسلاميون ورمضان: الحصاد المُر (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حاولت مصر وعديد من الدول العربية والإسلامية طوالَ عقودٍ نفي اتهام الغرب لنا كمسلمين بالإرهاب، ونفي إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام كدين، وقد دأبنا كأكاديميين على عقد المؤتمرات العلمية وإجراء الأبحاث ودفع الباحثين لاختيار موضوعاتهم البحثية للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه لنفي الفكرة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، والتي شهدت رواجا على نحو خاص بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

ولكن هيهات.. ذهب ما كنا نبغي أدراج الرياح منذ بدء فترة حُكم مرسي في 30 يونيو 2012، حيث تم تصفية بعض النشطاء وخطفهم بأيدي عصابات الإسلاميين، وسقوط القتلى على أسوار قصر الاتحادية التي كان يحكم منه مرسي الدولة المصرية.

وكان الفشلُ المروع للإخوان في حكم البلاد بدايةً لموجة أكثر عُنفا وشراسة من الإرهاب الممنهج، وهو الإرهاب الذي ادعى من عاودوا ارتكابه أنهم أقلعوا في تلك المراجعات التي لم تكن سوى ذريعة لكي يخرجوا من زنازينهم التي كاوا يستحقون ألا يخرجوا منها أبدَ الدهر، ولكن ماذا نفعل في حُسن النية التي توردُ مواردَ الهلاك، والتي تم من خلالها الثقة في توبة هؤلاء الإرهابيين عن ارتكاب أعمال العنف.

وكان فضُ اعتصامي رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013 كلمةَ السر لممارسة الإرهاب والقتل والترويع ضد رجال الشرطة والجيش والقضاء في البداية، لتتسع الدائرة لتشمل المواطنين المصريين البسطاء الذين كل ذنبهم أنهم كفروا بالجماعة والإسلاميين وأدركوا فشلهم الذريع في إدارة شئون البلاد، فكان القتل والتفجيرات وتعطيل مصالحهم اليومية هو جزاء سنمار الذي نالوه، رغم أنهم هم من أوصلوا الإخوان إلى سُدة الحكم منذ أشهر معدودات.

ورغم أن ما حدث منذ إزاحة الإخوان عن الحكم لم يكن هينا، إلا أن ما حدث في شهر رمضان كان أكثر جسامة وفداحة؛ فالإسلاميون الذين صدعوا رءوسنا وهم بين ظهرانيْنا لعقود ببذل الأعمال الصالحة والصلاة والقيام والاعتكاف في رمضان وضرورة الاستعداد له قبل مجيئه بتنقية قلوبنا من الذنوب والآثام، إذا بهم يقومون قبيل رمضان بتفجير عدد من محطات مترو الأنفاق التي يرتادها المواطنون البسطاء للوصول إلى أعمالهم، وفي اليوم السابق لحلول شهر رمضان يقوم هؤلاء الإرهابيون بتفجير سنترال بمدينة السادس من أكتوبر ليروح ضحية الحادث بعض الأبرياء، وفي ليلة أول أيام الشهر الفضيل تقوم إحدى جماعات التكفير بارتكاب مذبحة رفح الثالثة ضد جنود عزَل عائدين من إجازاتهم، بل وتصدر فتوى بجواز إفطار المتظاهرين في رمضان لأنهم يقومون بعمل من أعمال الجهاد!.

ولم يخل الشهر الفضيل من مناوشات هنا وهناك؛ من مظاهرات ومسيرات تضم بضعَ نفرٍ من الإخوان يتجمعون سراعا ويتفرقون كالجرذان المذعورة بعد دقائق بغرض إثبات الوجود، حتى حدثت الطامة الكبرى باستشاد 31 من خيرة ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية في كمين الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد، ولاشك أن ثمة تغيرا نوعيا في هذه العملية غير المسبوقة من حيث الحجم ونوعية السلاح المستخدم، لقد كانت هذه العملية حربا بكل المقاييس العسكرية؛ حربا ضد الجيش المصري الذي تم فتح عديد من الجبهات لتشتيته، سواء في سيناء أو على الحدود المصرية الليبية أو الحدود المصرية السودانية في ظل وضع أمني مضطرب ومعقد في غزة والسودان وليبيا، علاوة لى ظهور داعش في المشهد والقبض على بعض طلائعها في سيناء.

إن الإسلاميين (الإرهابيين) يخوضون حربَهم الأخيرة ضد مصر عموما وضد القوات المسلحة المصرية على وجه الخصوص، مدفوعين إلى ذلك بالدفاع عن وجودهم في المشهد السياسي الذي أصبح على المحك، ومدفوعين كذلك من قوى دولية وإقليمية لا تريد الخير لمصر، وتحركهم مؤمرات خفية لاستنزاف الجيش المصري حتى يفقد القدرة على السيطرة على الأمور، وهم في كل ذلك يحاولون أن يفصلوا بين الشعب المصري وقواته المسلحة، ويحاولون أن يصوروا للبسطاء من أفراد هذا الشعب أن مشكلتهم مع الجيش وليس مع الشعب.

وفي النهاية، فليعلم كل هؤلاء الإرهابيين الذين في صدورهم مرض أن مصر ليست دولة السيسي كما يعتقدون، وكأن الشعب المصري ليس جزءا من المعادلة، فليعلموا أن مصر هى دولة المصريين، ومن تمتد يده بسوء إلى جندي مصري أو ضابط مصري فكأنما امتدت يده بالسوء إلى أسرته الصغيرة من زوجة وأبناء، وإلى عائلته من رجال يعرفون معنى الثأر، وإلى القوات المسلحة التي ينتمي إليها، وإلى كل الشعب المصري الذي أبداً لن ينسى أبناءه من الشهداء الذين كانوا عيونا تسهر وتحرس في سبيل الله.

إن الشعب لن يتخلى عن قواته المسلحة أبد الدهر ، فهى درعه وسيفه، ولن نسمح لأحدٍ أياً كان أن يخترق هذا الدرع أو أن ينال من هذا السيف، فدماؤنا وأرواحُنا وأجسادُنا فداءٌ للوطن ولأبناء هذا الوطن من جنود وضباط القوات المسلحة، إن مصر ستظل في رباطٍ إلى يوم يبعثون، وسنرى وجوهكم الكريهة أيها الإرهابيون وهى ترهقها الذِلَة يوم تُحشرون.