الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

فلسطين تقاوم محو الهوية بتراثها

فلسطين تقاوم محو
فلسطين تقاوم محو الهوية بتراثها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"على هذه الأرض ما يستحق الحياة "بيت شعري تركه الشاعر محمود درويش كبذرة صامدة في الأرض الفلسطينية يشير لكل أشكال التراث الفلسطيني التي لم يكف يوماعن النضال بأبسط أساليب المقاومة، لتؤكده هويتها التي يحاول الكيان الصهيوني دائما نزع ردائها العربي الأصيل.


فالتراث الفلسطيني ظل كلمة السر التي حفظتها المقاومة الفلسطينية على مدى تاريخها وهى تقاوم تهويد مدينة القدس وباقي الأراضي المحتلة، فمن الكوفية الفلسطينية إلى الدشداشة مرورًا بالموال الفلسطيني والأطعمة العربية الأصيلة والموروث الشعبي.

أدرك الفلسطينيين أن كل ما سبق تأكيد لتراث الأرض العربية التي لم تكف يوما عن مقاومة المحتل الذي يحاول فرض هوية مغايرة للأرض الفلسطينية، وهى نفس الهوية الظالمة التي يريد خلقها من غير التاريخ ليمحو الوجود الفلسطيني، ولا يستطيع باعتراف الشاعر اليهودي " إيلي إيلون" الذي قال، "إن التاريخي للشعب اليهودي مهما كان جميلا فإنها يقوم على ظلم الأمة الأخرى، لوسوف يخرج شباب إسرائيلي ليحارب ويموت من أجل شيء قائم أساسًا على الظلم، إن هذا الشك وحده، يشكل أساسًا صعبًا للحياة "، ومن تلك الصعوبة واصل الفلسطينيين حفر تراثهم الذي يؤكد على عروبة الأراضي المحتلة، فالتراث الفلسطيني توارثته الأجيال عبر تجارب إنسانية زاخرة ورغبات وأحاسيس ليتحول إلى تراث فلكلوري لا يستطيع أحد أن يمحوه، إنه زخيرة كل الأجيال التي كافحت ودفعت ثمنا باهظًا من حياتها كي تعطي للأرض دماءها لتتشرب منها، ومن هذا المزيج المختلط بالفلكلور والتضحيات ولد التراث الفلسطيني وميزته كل الأنماط التي تعبر عنه.


"أصل كلمة تراث "....

التراث هو كلمة تعود أصلها التاريخي إلى أقدم النصوص الدينية، حيث وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم حينما ذكر الله عز وجل بسورة الفجر" وتأكلون التراث أكلا لما "وكانت الكلمة تشير إلى الميراث، واستخدمت تلك الكلمة في التعبير عن التراث فيما بعد ولكن سرعان ما تصدرت كلمة "تراث" اللغة عبر العصور لتصبح الكلمة الأشهر للتعبير عن الماضي أو كل ما له علاقة بالهوية، وهو ما أدركه الفلسطينيون الذين استطاعوا عبر مسيرة نضالهم أن يحافظوا على الخصائص الفنية لتخليط تراثهم الحضاري العريق.

"العباءة الفلسطينية.. عبقرية رسمتها تاريخ المقاومة"..

استطاع الزى الفلسطيني أن يفرض نفسه ويعبر عن آلام القضية خير تعبير ولم يكف يوما عن الانفصال عن محيطه أو عن ثقافته المتوارثة ليعبر بشكل ملح عن الأرض وهمومها، فمن ينظر إليه سيجده يشير إشارة دالة عن الريف فهو زي متأثر بالريف، ويعبر عن باكورة الحياة الريفية النظيفة.

تشعر وأنت تشاهد العباءة الفلسطينية أنك ترسم بيدك خريطة تخص أرضا تعرفها ويجمعك بها دفء خاص مميز وعبر أشكال عديدة للعباءات سنجد تطورا حضاريا يتعقد بتطور القضية عبر الرسومات والنمنمات الصغيرة التي ظلت تميز هذا الزى الجميل، والذي يلقى حضورا كبيرا بين رواده والمقبلين على شرائه، وهم يختزنون فيه نوعها من الحنين لتلك البداوة التي تمثل لنا البراح الكامل للأرض وفى نفس الوقت ترسم داخل قلوبنا وعقولنا صورة للأرض كي لا ننساها يوما.


وظلت المرأة الفلسطينية تحافظ على التراث، وهى تلبس هذا الزى الذي تنوع ما بين الكوفية أو الحظة، وهو عبارة عن نسيج من حرير يوضع على الرأس ليأخذ شكل عصبة على الرأس، وتنوعت أسماء الزى ما بين الصمادة والدامر والسلطة والزربند والعصبة والقنباوز والفرارة، ورغم أن كثيرًا من الناس قد انصرفوا عن لبس هذا الزى وارتبطوا بالحديث إلا أن البشنيقة ظلت رمزا حاضرا في الملبس الفلسطيني، وهى كلمة محرفة عن " بخنق" وهى باللغة المصرية تعنى المنديل "بأويه" ولكن في فلسطين ظلت تعرف بالبشنيقة التي يوضع عليها شال أو فيشة أو طرحة من حرير أو صوف، وتنوع الزى الخاص بالعبايات ليأخذ مسميات مختلفة فهناك ملبس يسمى "الإزار" والحبرة والملاية.

وعلى مدى التاريخ الفلسطيني استطاعت المرأة، أن تثبت حضورها وهى تتمسك بهذا الزى للتعبير عن هوية يريد العدو طمسها طول الوقت حتى ظلت الملابس الفلسطينية متشابهة جدا في المظهر، وتنوعت أصنافه ما بين الثوب المجدلى الذي ميز النازحون من غزة والثوب المقلم، والشروقى الذي كان قديما يتعلق بالكنعان، والتوابيت السبعاوي والذي ظل يدل على الوقار والذي ميز المرأة المتزوجة، وكذلك ثوب الملس القدسي والجلاية الذي ينتشر في ربوع فلسطين ويمتاز بمساحات زخرفية من الحرير.


الأغنية الشعبية.. والموال

ظلت الأغنية الشعبية طوال تاريخها هي اللسان الناطق للقضية الفلسطينية والمعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني، وانطلقت الأغنية الشعبية كي لا تكونه موزونة فهي تعبير حي عن تلقائية المعاناة لتأخذ شكل الزغاريد والموال، ومن ينظر إلى الأغنية الشعبية الفلسطينية سيجدها غنية بسرد وقائع تاريخية غاية في الأهمية قد غفل بعض المؤرخون عن توثيقها فتأتى الأغنية الشعبية لتضيف إلى الحكاية طزاجة من نوعا خاص. وتتنوع الأغنية الشعبية لتأخذ أشكال عديدة من بينها" الموال “،وهومن أشهر أنواع الأغنية الفلسطينية، وقد عرف قديما بالمواليا ويطلق عليه البعض من سكان فلسطين "الأوف" وخلال الموال يستطيع الفلسطيني أن يمزج فيه الحزن بالوجد وتختلط فيه صورة المرأة بالأرض حتى تكاد تتماهى لتصبح جسدا واحدا.

والموال عادة ما يبدأ ببيت أو أبيات من الشعر الزجلي تبدأ بكلمة "أوف"، وهى ترمز بشكل مباشر إلى الحنين بعدها يبدأ منشد الموال في سرد مواله للتغني بجمال الأرض وهو يختلط بدموع تعبر عنها كلمات الموال حزنا على ضياع الأرض وسقوطها في يد المحتل.

الدبكة الفلسطينية..

أرجلهم تدك بالأرض.يرقصون عليها وكأنهم يريدون أن يصرخوا أن الأرض عربية وأن الأرجل التي تريد أن تندفع في الأرض ترفض أن تغادرها، لأنها تريد الامتزاج بها من الوله.هذا هو حال راقصي الدبكة الفلسطينية التي تحولت إلى أشهر رقصة فلكورية تعبر عن الموروث الشعبي الفلسطيني، وهو تجوب العالم كله كسفير للتراث الشعبي الفلسطيني، ورغم غزو ثقافات كثيرة عربية ومختلفة إلا أن الدبكة استطاعت أن تظل زمنا طويلا عبر التاريخ وتستمر، ويكون لها حضور في كل مناسبات الفرح، ومن ينظر إلا الصف الواحد الذي يجمع راقصي الدبكة خلال تأديتهم للرقصة وتشابك الأيدي بعضهم البعض سيرى أن لها دلالة عظيمة على الوحدة والتضامن بين أبناء الشعب الواحد، وتتميز الدبكة بعناصرها النشطة والتي تحتوى على عشر راقصين تضم كلا من عازف ايرغول والطبل والشبابة

وما يمز الدبكة أن لها أنواع كثيرة من بينها " الكرادية أو الطيارة" ويميزها الإيقاع السريع

،ودبكة زريف الطبول، ودبكة الدحية ودبكة الدلعونا، وبعد الاحتلال تحولت الدبكة من رقصة تميز الأفراح إلى رقصة تعبر عن النضال فكان في الضفة الفلسطينية العديد من التجارب كفرقة الفنون الشعبية الفلسطينية التي لاتزال حتى الآن تعمل، وفرقة سرية رام الله وفرقة مرج ابن عامر ومجموعة من الفرق التي وضعت الأسس الصحيحة للدبكة الشعبية بشكلها المنظم المعبر عن حضارة الشعب الفلسطيني وحمل هذا التراث للمحافل الدولية والعالم بمعنى إن فرقة الفنون الشعبية من الثمانينيات وحتى الآن وهذه الفرق تشتغل على عروض محلية ودولية.

،وعند الفرح تزخر الأغنية الشعبية وتتألق وهى تغنى

الهوى عالهوى..وأنا رماني الهوى

وش تقول يابن العم..واحنا التقينا سوى

وابن عمي ظربني في شبرتيه..لمسح الدم وامشي على نيته

وابن عمي ظربني في مطرق حديد..لمسح الدم وأمشي على ما يريد..


المأكولات الشعبية التراثية...

كلما تتعقد حضارة البلاد تزخر مأكولاته بالتركيب الشديد، وهو ما يميز التاريخ الفلسطيني الذي إعتاد في كثير من تاريخه على الإجتهاد الشخصي للأم التي تقوم باختراع وجبات تواجه سنوات الشح والحرمان التي قد يعانيها الشعب الفلسطيني خلال الحصار، وتتميز كل بلدة فلسطينية بأنواع من المأكولات المختلفة فغزة تشتهر بالسماقية والمفتول، أما الخليل فيشتهر بما يعرف بالمنسف أما باقي مدن الضفة فتتميز بأكلة المسخن التي تتناسب مع طبيعة القرويين اللذين يعيشون هناك. "صور المأكولات الشعبيى الفلسطينية"

فالسماقية" طبخة يتم إعدادها في الأحزان والأفراح والأعياد، ويقدمها العريس في الليالي التي تسبق حفل الزفاف مثلما تقدم خلال الأيام الثلاثة للعزاء، وأيضا يتم إعدادها في اليوم الأخير من رمضان وفي أيام عيد الفطر لأنها وجبة خفيفة على المعدة، ويعتبر " السماق " من أكثر الأكلات التي لديها قدرة على الصمود لمدة أسبوع كامل، وهو تناسب المدن التي تخضع للحصار وتعتبر السماقية من المأكولات التي تتوارثها الأجيال الفلسطينية، وهي من الطبخات القديمة التي تشتهر بها المدن الفلسطينية خاصة غزة.

إضافة إلى العديد من الأطباق المشهور مثل المقلوبة والمنسف والفتة باللحم والمسخن.