الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فضيحة محلب والمسّاح في المجلس القومي للإعاقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد يرى بعض المراقبين والمحللين تغيراً ما في الآداء العام لحكومة المهندس إبراهيم محلب، لا سيما فيما يتعلق بمواعيد العمل المبكرة والزيارات الميدانية المفاجئة.
لكن الاستيقاظ فجراً والتواجد في مقار العمل السابعة صباحاً لا يعني أبداً تغيراً في التفاصيل- حيث يسكن الشيطان- ولا يمكن أن نعول كثيراً على اتخاذ بعض الإجراءات والقرارات ضد ما يظهر في الزيارات الميدانية في المخالفات هنا أو هناك، لنقول أن هذه الحكومة تختلف في جوهرها عن سابقاتها طوال العقود الماضية.
التأمل في التفاصيل يكشف أن الروتين والبيروقراطية لا يزالا هما سيدا الموقف، لتبدو حكومة محلب، مجرد حامل لأسفار برنامج الرئيس دون أن تدرك حقيقة ما يرنو إليه هذا البرنامج من ضرورة إحداث ثورة جوهرية في طريقة عمل وآداء وتفكير قيادات الحكومة، لتنتقل بعد ذلك للمستويات الأدنى في البناء الهرمي للبيروقراطية المصرية.
ما يحدث في المجلس القومي لشئون الإعاقة نموذج مصغر لهذا الآداء الفارغ من المضمون وكاشف لسطحية الآداء الحكومي برمته.
فعند إنشائه نهاية يونيو عام 2012 تولت السيدة هالة عبدالخالق منصب الأمين العام، ولم تهتم سوى بتنفيذ برنامج حكومة الإخوان في التمكين لعناصر الجماعة واستسلمت لتجاهل رئيس الحكومة وقتها هشام قنديل للمجلس، بصفته رئيسه طبقاً لقرار الإنشاء وراحت تنشط لنشر أخبار وعقد مؤتمرات للترويج لمشاريع وهمية، وفي سبيل تحقيق ذلك كان لا بد من تهميش دور أعضاء مجلس الإدارة وتغييبهم، بل أنها امتنعت عن عرض الميزانيات الخاصة بالمجلس خلال عامي 2012-2013، و2013-2014.
وبعد طول مناشدات تمت إقالتها وكان على رئيس الوزراء اختيار أمين عام جديد، طبقاً لمعايير الكفاءة، والتخصص العلمي في مجال الإعاقة، علاوة على امتلاك القدرة على صياغة رؤية للقضية في إطار التحديات التي يواجهها الوطن، وبالفعل صدر قرار بتكليف السيد هشام قنديل، وهو أحد أعضاء مجلس الإدارة من ذوي الإعاقة، كما أن له سابق خبرة في العمل الحكومي من خلال موقعه في وزارة التضامن الاجتماعي، ولأن الرياح تأتي دائماً بما لا تشتهي السفن تردد أن السيد عمرو موسى تدخل بشكل أو آخر لدى المهندس إبراهيم محلب لتعيين الدكتور حسام المساح أميناً عاماً للمجلس بدلاً من قنديل، خاصة وأن المساح كان عضواً بلجنة الخمسين ونجحت تدخلات موسى رغم أن خبرة المساح لا تتجاوز تخصصه في الضرائب، ولا علاقة له بمجال الإعاقة بشكل علمي من قريب أو بعيد سوى كونه شخصا معاقا، علاوة على ذلك كان قد وافق أثناء عمل لجنة الخمسين على الصياغة المهترئة المبدئية للمادة الخاصة بذوي الإعاقة في الدستور، لولا وجود لجنة كانت تضم متخصصين وعلماء وخبراء أجبرته على الصياغة الحالية وبضغط منها وافق، لكنه لم يخف امتعاضه من الصياغة التي ارتضاها جموع المعاقين.
على أية حال لم يختلف نهج المساح عن سلفه عبدالخالق؛ فكما انشغلت الأخيرة بالترويج لحكومة قنديل اهتم المساح بالترويج لنفسه، وإن كانت طريقته أكثر سطحية، فلم يسعى حتى لابتكار أخبار أو مشروعات ولو كانت حبر على ورق الأكثر من ذلك أنه أبقى على نفس قائمة المديرين وكبار المسئولين بالمجلس الذين قامت سلفه بتعيينهم في الإدارات المختلفة، دون أن يكون لأي منهم سيرة ذاتية معتبرة تؤهلهم لشغل تلك المناصب، وتمسك بنهجها في تهميش أعضاء مجلس الإدارة من الخبراء والمتخصصين اللهم الذين اعتادوا اللهث وراء المصالح الشخصية ولو بإضافة صفتهم بالمجلس بكروتهم الشخصية عند التعامل مع جهات أخرى، أو الذين اعتادوا الإمساك بالعصا من المنتصف، وتعمد المساح أيضاً إخفاء المعلومات الخاصة بميزانية المجلس، بل ورفض علناً تشكيل لجنة محايدة لفحص أعمال المجلس وما قال إنها مخالفات وقعت قبل مجيئه.
ليس ذلك كل شيء فثمة فضيحة كبرى تقع الآن داخل المجلس القومي لشئون الإعاقة المعني بملف يخص نحو 12 مليون مواطن مصري.
الفضيحة تتم تحت رعاية دولة رئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب وتكشف أن المساح لم يكن الرجل المناسب وأنه عاجز عن وضع رؤية لإدارة هذا الكيان، وقد بدأت الفضيحة عندما قدم المساح موازنة المجلس للعام المالي 2014-2015 دون خطة عمل واضحة ولست بحاجة للتذكير هنا أن الموازنة وضعت بعيداً عن أعضاء مجلس الإدارة وبدلاً من أن يتخذ محلب قراراً - لا أقول بإقالة المساح ولكن على الأقل دعوة مجلس الإدارة مكتملاً لوضع الخطة أرسل اثنين من وزرائه هما ناهد العشري وزيرة القوى العاملة والهجرة وأشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي ومندوبين عن وزيري الصحة والتعليم للاجتماع بالموظفين في حضور الأمين العام وبعض أعضاء مجلس الإدارة لتستمر الفضيحة في الاتساع؛ حيث بدا عرض خطة المجلس مهترئاً وغير محدد وتكشف كيف أن الموظفين قاموا بكتابة ما يسمونه خطة دون الاطلاع على ما تقدمه باقي الوزارات من خدمات في المجالات التي تحدثوا عنها منها التعليم على سبيل المثال، بل أن مدير المشروعات قدم تصوراً لمشروع حصر ذوي الإعاقة يتكلف عدة مئات من ملايين الجنيهات، دون أن تكون لتلك الملايين بنود واضحة، وعندما اعترض بعض أعضاء مجلس الإدارة على ما يقدم وأعلنوا عدم مسئوليتهم عنه، وعدم علمهم المسبق بما يعرض من مشروعات وتصورات ساذجة اكتفى وزير التخطيط بالتعليق قائلاً رسالتكم وصلت، لكننا هنا لوضع الخطة والبحث في كيفية مساعدة المجلس، وأكمل اجتماعه دون أن يلتفت لحديث الدكتور بيومي عطية خبير التخطيط وعضو مجلس الإدارة وعبدالعال يوسف صاحب مشروع الحصر الذي تم إهماله وتجاهله.
وهو ما يعني أن الحكومة ماضية نحو تنفيذ أوامر دون رؤية أو وعي بالمصلحة الحقيقية لملايين المواطنين من ذوي الإعاقة.
يبدو أن الأمر يحتاج إلى تدخل مباشر من رئيس الجمهورية بأن يتأمل في التفاصيل ليطرد شياطين الجهل والبيروقراطية وليحارب مقولة تمام يا فندم.. وأتصور أن أمر 12 مليون مواطن مصري يستحق تدخل الرئيس، خاصة وأن المهندس محلب تجاهل التحقيق في استقالة مسببة تقدم بها أربعة من أعضاء مجلس الإدارة، ولا يمكن الاستهانة بهذا الملف لأن استمرار هذا الآداء الأشبه بآداء الأراجوزات داخل المجلس القومي لشئون الإعاقة يعني ببساطة أن ملايين المعاقين من العاطلين والفاقدين لأبسط الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والرياضية والثقافية والمعرفية سيظلون لقمة سائغة بين فكي الجمعيات والمؤسسات الإخوانية والسلفية التي طالما اعتادت استغلال عدد هؤلاء للاستفادة بأصواتهم في صناديق الانتخابات.