الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لغط حول شفافية الرئيس ..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كعادته جاءت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى اثناء خطابه بمناسبة ذكرى انتصارات العاشر من رمضان واضحة وحاسمة لا سيما عندما تعرض لقرارات رفع أسعار الطاقة وما تبعها من ارتفاع فى أسعار بعض السلع .
فقد حرص على التزام نهج الشفافية  والمصارحة بالحقيقة مهما بلغت قسوتها، على أية حال جاء خطاب الرئيس متسقا مع ما سبقه من خطابات ألقاها السيسى سواء قبل ترشحه  فى الانتخابات الرئاسية، أو بعدها، فالرجل لم يطلق فى حملته وعودا خداعة ولم يقل إن الطريق مفروش بالورود أم أنه سيأتى للمصريين بـ 200 مليار دولار كما وعد شيوخ جماعة  الكذب لتسويق إماعتهم محمد مرسى .
خطاب الرئيس نجح فى تهدئة  الرأى العام الذى حاول بعض الساسة المراهقين وأذناب الجماعة الارهابية توتيره بعاصفة ترابية مليئة بالأكاذيب والشائعات، بل إن بعض قوى المعارضة القديمة دعمت تلك الأكاذيب بتصديقها وترويجها من خلال خطابها القديم الذى صاغته  فى مواجهة  نظام الحزب الوطنى الديمقراطى السابق وبدأت تصدر بيانات تجاهلت تماما اننا بصدد نظام جديد تأسس بعد ثورتين .
مسلسل الاكاذيب بدأ بترويج أخبار عن عدم رفع اسعار الطاقة بالنسبة للمصانع واستمرار الحكومة فى دعم رجال الاعمال، وانتهى إلى شائعة مقولات من قبيل أن السيسى يخشى من رجال الأعمال الذين ناصروه وساعدوه على النجاح والوصول إلى عرش المحروسة .
وللحق لم يكن دور الحكومة  فى تشويه قرارها أقل أهمية من الدور الذى لعبته  تلك الأكاذيب فيكفى أن يخرج وزير التموين د. خالد حنفى ليقول إن أسعار بعض السلع قد انخفضت بعد قرار رفع سعر المواد البترولية، مثل هذا التصريح يطعن مصداقية  الحكومة فى مقتل ويفقدها ثقة المصريين وللأسف قد يمتد هذا الأثر السلبى إلى مصداقية الرئيس .
ربما اعتقد البعض ان عبدالفتاح السيسى سيتخفى خلف جدار سميك قوامه الصمت ووجه رئيس حكومته المهندس إبراهيم محلب باعتباره  المتصدر للمشهد، ونسوا أن القائد الشجاع لا يتخذ قرارا إلا إذا كان على علم بتبعاته ويمتلك القدرة على تحمل مسئولياته .
نعم خطاب السيسى أحبط عمل المتربصين وتجاوز سذاجة  وخيبة  تصريحات الحكومة وردود افعال المعارضة لالتزامه الصدق ومع ذلك سيظل هناك من يثير اللغط حول شفافيته ومصداقية نظام 30 يونيو بأكمله إما عمدا، أو غباء .
وظنى أن المسئولية  تقع من الدرجة  الاولى على عاتق الحكومة  وعليها بهذا الصدد ان تتخذ بعض الاجراءات اولها الابتعاد عن التصريحات الإنشائية  والانطباعية  وإصدار البيانات التى تحمل معلومات تفصيلية ودقيقة وأن تنتبه  لأهمية إخراج المعلومات فى الوقت المناسب فقد تركت أكذوبة  دعم الطاقة  لرجال الاعمال تسرى وتنتشر دون الرد عليها ببيان واضح يكشف حقيقة  اسعار الطاقة  للمصانع قبل وبعد رفعها .
أتصور أن على الحكومة وضع آليات حقيقة لضبط أسعار السوق فى إطار نسب ارتفاع متوقعة  تتراوح من 10 إلى 15% وهى قيمة  التكلفة الزائدة  فى المنتجات الصناعية كما قال محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات وألا تترك رجال الاعمال يتفضلون علينا للحديث عن تحملهم أن الارتفاعات الجديدة  لعدة  أشهر كما قال رجل الأعمال حسن راتب الذى اعترف أن أرباحه  وزملاءه من محتكرى سوق الاسمنت كانت مرتفعة فى ظل دعم الطاقة بينما ستنخفض بعد رفعها والحقيقة أنهم يبيعون الأسمنت بأعلى من معدلات أسعاره  فى السوق العالمية شأنهم فى ذلك شأن صناع وتجار الحديد.
لا نريد العودة  إلى التسعيرة الجبرية  لكن الرئيس السيسى أشار فى أحد خطاباته  أثناء الحملة  الانتخابية  إلى ضرورة  وضع هوامش معقولة  للربح فليس من المقبول ان تظل شركات الأسمنت والحديد تربح بنسب تتراوح بـ 200 إلى 700% وأحيانا أكثر والأمر ذاته بالنسبة  لتجار الجملة والتجزئة لجميع السلع الاستهلاكية والغذائية  ولا أعتقد ان الحديث عن هامش الربح يتناقض مع اقتصاد السوق الحرة خاصة فى ظروف مثل هذه التى تعيشها بلدنا .
لا أظن أن خبراء الاقتصاد بعيدين عن الحكومة  فعليها ان ترجع إلى استشارتهم فى هذا الصدد وعلى أي حال أتصور أن المشروعات الكبرى مثل استصلاح مليون فدان وعمل شبكة الطرق تتجاوز الـ3000 كيلو متر مربع والتوسعات الإدارية  بالمحافظات علاوة على مشروع محور قناة  السويس أتصور أن البدء فى هذه   المشروعات سيعمل على استيعاب طاقة عمل من الشباب العاطلين وهو ما يعنى بالضرورة  تحسين دخل الأسرة إجمالا وإعفائه  من مسئولية  الانفاق على ابنها الذى اشتغل بأحد هذه المشروعات.
بقى أن أقول لبعض الأحزاب والقوى السياسية لا سيما التى أيدت الرئيس السيسى اثناء حملته  الانتخابية  أن تنتبه  إلى ان الجالس فى قصر الاتحادية  هو الرئيس عبد الفتاح السيسى وليس الرئيس الاسبق حسنى مبارك وأن تتوقف عن اللهث وراء الشعارات الفارغة التى ابتزت بها نظام مبارك وغلت يده  فى التصرف بحكمة إزاء قضية الدعم وان تكف عن استدعاء ما جرى فى 18 و 19 يناير 1977 فلو استمرت عملية  رفع الدعم تدريجيا منذ ذلك الوقت لتفادينا هذه الازمة  الاقتصادية  الطاحنة .
لا ينبغى أن تستمر الاحزاب المصرية  فى اتباع ذات المنهج فى تحديد مواقفها تجاه   سياسات الحكومة  اما استنادا لإيديولوجيات لم يعد لها وجود، أو فى مزايدة رخيصة  دون أدنى اعتبار لمصلحة الوطن العليا واذا كان ذلك قد مر فى زمن مبارك فإنه  لا وقت ولا مكان لهذه  الترهات بينما الوطن فى أزمة حقيقية فكما ينبغى على الحكومة  التزام الدقة  والموضوعية  والشفافية  على المعارضة  ان تبنى مواقفها تأسيسا على دراسات ومعلومات علمية  دقيقة  لا على شائعات واكاذيب تروجها جماعة  الكذب فقد تساعد مثل تلك المواقف المدروسة  على تصحيح مسار الحكومة  إن أخطأت وهذا بالضبط ما نادى به الرئيس السيسى حتى اثناء حملتها عندما طالب الاحزاب السياسية  بإنشاء مراكز دراسات تساعدها على وضع رؤى واتخاذ مواقف مبنية  على قاعدة  العلم والمعرفة .