الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الكحلاوي.. عاشق التراث والآثار

الدكتور محمد الكحلاوي
الدكتور محمد الكحلاوي أمين عام اتحاد الأثريين العرب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعشق محمد الكحلاوي التراث الي أبعد ما يتصوره عقل ، لديه غيرة بلا حدود عن آثار مصر الفرعونية ، يرى أن حبها واجب وطني ، وأن حمايتها فرض عين علي كل مصري يعيش علي أرض هذا الوطن .
هو الابن البكر لمداح الرسول "الكحلاوي" ، كان الابن يصحب والده في رحلته إلى المساجد، إلى أن أصبح أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية والأمين العام لاتحاد الأثريين العرب، والأمين العام لاتحاد الأثريين العرب، وقد توجت مسيرته، بحصوله على جائزة التفوق فى مجال العلوم الاجتماعية .
تجذر بداخله حب الجمال، حيث كان الأب ولعا بجمع القطع الفنية التى تنطق بآيات إبداع الفنان المسلم والتى كان يجمعها من خلال أسفاره فى مختلف بقاع العالم الإسلامى ، شكل هذا كله حبه للعمارة، وعشق تحديدا للعمارة الإسلامية السخية، ومن أجلها ترك دراسة الفنون المسرحية التي اختارها بادئ الأمر.
سيرة محمد الكحلاوي تقول إنه أول من رفع دعوى قضائية ضد الحكومة من أجل حماية التراث. حيث توجه للنائب العام من أجل مشروع أبراج القلعة الذى كان يهدد قلعة صلاح الدين الأيوبي وما بها من مساجد وقصور بنيت فى عصور تاريخية لاحقة.
واستنكر أن يتم البناء على أرض أثرية وأن تتم الإساءة بهذا الشكل المهين إلى المعالم الأثرية.
وعمل جاهدا على استصدار شهادة من اليونسكو تدين بناء أبراج القلعة، وكان هذا انتصارًا كبيرًا أسفر عن وقف البناء.
كذلك وقف ضد مشروع باب العزب، وتصدى لإزالة مشيخة الأزهر وبيع قصر البارون .
دخل د. محمد الكحلاوي في حروب طاحنة على مدار أكثر من 35 سنة من أجل حماية الآثار وطوال تلك السنين كان حريصا وهو أستاذ العمارة الإسلامية فى جامعة القاهرة أن يعلم طلابه كيف يقومون بحماية الأثر وكيف يكون العشق له . .
لكن موقفه من قضايا التراث العربي جعله محل ثقة كل الأثريين العرب ليتولى مسئولية الاتحاد، ومن خلاله وقف بحزم للمحاولات المستمرة لتهويد القدس والحفريات التي تتم أسفل المسجد الأقصى بزعم الكشف عن هيكل سليمان.
كما تصدى للمحاولات الصهيونية لنهب تراث العراق التى بدأت بنهب لوحة السبي البابلي التي أراد الصهاينة بسرقتها ومحو عار هزيمتهم وأسرهم .
وقبل بدء غزو العراق بشهر تقريبا ، نبه الكحلاوي من خلال الاتحاد إلى ضرورة حماية التراث العراقي ووقع بروتوكولا باسم الاتحاد مع هيئات الآثار الوطنية يقضى بمقاطعة أي متحف عالمي يتعامل مع قطعة مسروقة من العراق وشارك بإرسال خبراء لإعادة ترميم المخطوطات ومزارات الأئمة في سامراء أثناء الاحتلال الأمريكي ، كما عمل على توصيف أكثر من 1850 قطعة عراقية تمت سرقتها.
الكحلاوي من مواليد عام 1952، حاصل على دكتوراه في الآثار الإسلامية من كلية الآثار جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى، تخصص "الآثار والحضارة الإسلامية"، عمل بالتدريس في كلية الآثار جامعة القاهرة منذ عام 1982 وحتى عام 1992، كما عمل أستاذًا مشارك بكلية الآداب جامعة الملك سعود منذ عام 1990، وحتى عام 1996، وعمل أيضًا محاضرًا بجامعة روما وجامعة ريفير سايد بلوس أنجلوس، وأستاذًا زائرًا بجامعة فاس المملكة المغربية وأيضًا أستاذًا زائرًا بجامعة الجزائر قسنطينة تلمسان.
وتولى منصب الأمين العام لاتحاد الأثريين العرب منذ عام 2002 وحتى الآن، وله العديد من الكتب، منها: كتاب "آثار مصر الإسلامية في كتابات الرحالة المغاربة والأندلسيين"، وكتاب "مساجد المغرب والأندلس في عصر الموحدين".
تصدى بقوة لسرقة متحف الفن الإسلامي، وقبلها قام بتعليق عمل مجلس إدارة المتحف اعتراضا على الاستهتار بحالة المتحف الأمنية، فمع تعرض مديرية أمن القاهرة القريبة من المتحف الدائم لهجمات تعرض المتحف للخطر، وجمع عبر مجلس إدارة المتحف وبالجهود الذاتية نصف مليون جنيه، تم بها عمل النوافذ الحديدية اللازمة لتأمين وتوفير الكشافات اللازمة للإضاءة، وكلها مطابقة لمعايير مشروع قطاع الآثار، لكن للأسف من يزر المتحف الآن سيجدها ملقاة على الأرض.
وطوال رحلة عمله يكشف الكثير عن سوء حال الآثار المصرية ومسئوليها، فمثلاً هو صاحب مقولة : " إن المتاحف كلها فى مصر معرضة للسرقة "!
يرى الكحلاوي أن المصريين أنفسهم خطر على الآثار من غيرهم، فهناك 80 ألف تحفة معرضة للضياع فى المتحف الإسلامي بسبب الإهمال فى طريقة التخزين، مؤكداً أن الإهمال سيؤدى إلى نتيجة مؤلمة توازى أي عملية سرقة.
وأكد أن عملية ترميم المتحف الإسلامي التي تمت في عهد فاروق حسني وزير الثقافة السابق هي "نصب فى نصب"، لأن عملية الترميم التي قامت بها إحدى الشركات تمت بشكل غير علمي .
قال الدكتور محمد الكحلاوي رئيس مجلس إدارة المتحف الإسلامي وأمين عام اتحاد الأثريين العرب في تصريحات سابقة، أن الأحجار بالنسبة لنا "ناطقة بتاريخ الأمة" ومن لا يدرك قيمتها فليجلس في بيته، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن المسئولين يتعاملون مع التراث بما لا يتناسب مع قيمته؛ فالمتحف الإسلامي يضم مقتنيات مكونة من 110 آلاف قطعة، مؤكدًا أن جميع مقتنيات المتحف ليس لها مثيل في العالم ولا تقدر بمال.
ويؤمن إيماناً كبيراً بأن حماية الآثار ليست مسئولية الوزارة وحدها بل مسئولية الحكومة، وثمة حقيقة دامغة مؤلمة كما يقول؛ تؤكد أنه في المرحلة الانتقالية وما اتسمت به من انفلات أمني قد فقدت مصر من الآثار ما يفوق ما فقدته في الستين عاما الأخيرة، وعلى الحكومة أن تدرك أن حماية التراث الأثري ليست مسئولية وزير فقط بل مسئولية الحكومة، وأن تسعى إلى ترميم البشر قبل ترميم الحجر.
ويؤكد كذلك أن كل ما يخص التراث الإسلامي مستباح؛ ودليله على ذلك كما يقول ما حدث لتمثال بوذا حين هبَّ العالم لإنقاذه .
يهتم الكحلاوي كثيراً بقضية القدس، وانتهاكات إسرائيل للآثار الإسلامية، فرصد من قبل أن اسرائيل نشرت على أكثر من 12 موقعا الكترونيا رسومات تحدد فيها مكان الهيكل المزعوم والذى حددته مكان الحرم القدسي تقوم بعمل تجارب يومية لعملية إحلال الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى دون التحرك من المسلمين فى العالم ودون الاهتمام لهذه الرسومات التى تريد اسرائيل أن توثقها للتاريخ للحصول على ملكيتها مكان المسجد الأقصى.
وأكد الدكتور الكحلاوي: أنه لا يوجد لإسرائيل أى أثر يهودى فى فلسطين كما تزعم ولكنها تريد أن تزور التاريخ من خلال سرقة الآثار الإسلامية وان تمحى الحجر والبشر.
يرى الكحلاوي أن إسرائيل لا تستهدف فقط المسلمين ولكن الكنائس أيضا لمحو كل ما هو موجود فى القدس والاستيلاء على تلك الكنائس التى حماها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من خلال المعاهدة التى كانت بينه وبين الاخوة المسيحيين.
كان حزنه الحقيقي هو "شطب" المسجد الأقصى من قائمة التراث العالمي، واعتبرها خطوة "عنصرية"، وهذا أمر أقل ما يوصف به أنه عمل مشين جدًا، وتحدث عن امتلاك مصر وثيقة صادرة من الأمم المتحدة عام 1939م، وهذه الوثيقة تتحدث وتؤكد أن الإسرائيليين لا حق لهم في "ساحة البراق"، أو حائط المبكى المزعوم لديهم، وأحب أن أوضح أن هذه الوثيقة حقيقية ومصدق عليها من لجان أوروبية متخصصة في هذا الشأن، لكن طبعًا لم يتم استخدامها لصالح الفلسطينيين، ولم يتحدث أحد عنها.
ونبه إلى أن "الكيان الصهيوني" يستطيع تزوير التاريخ وزرع آثار لم تكن موجودة في المواقع الأثرية التي استولى عليها، فتخرج أجيال العرب القادمة تبحث عن آثارها فلا تجدها لأنه تمت إزالة تاريخ وإحلال تاريخ آخر محله! اهتمامه بالآثار شامل وعام، ليس فقط آثار مصر، او القدس، فقد حذر كثيرًا من أن التراث الأثري العربي فقد في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من 40% من قيمته، سواء في مصر أو سوريا أو ليبيا أو اليمن، وذلك بسبب عوامل كثيرة منها التدمير بالقذائف والبراميل المتفجرة، ومنها الانفلات الأمني والسرقات ودعاوى التطرف.
وذكر أن "الكيان الصهيوني يتعامل مع التراث العربي في القدس الشريف بمنهجية، وهو يقوم بالحفريات تحت المسجد الأقصى ويستطيع أن يدمره بالكامل. لكن ما يحدث الآن على يد العرب أنفسهم من تدمير لتراثهم وآثارهم، يفوق ما يقوم به الكيان الصهيوني!".
يذكر أن الآثار هي شغله الشاغل، فأثناء الحرب على العراق يقول الكحلاوي : اتصلت بنفسي بهيئة اليونسكو لعمل لافتات كبيرة على أسطح المتاحف حتى لا تقوم قوات التحالف بضربها.
يؤكد محمد الكحلاوي أن المواقع الأثرية في تدمر وحمص وحلب بسوريا حدث لها تدمير كامل، كما تعرضت آثار مدينة حلب المسجلة على التراث العالمي لكارثة لم يعد يصلح معها ترميم.
ونبه الكحلاوي إلى أن الأمر في سوريا "تجاوز حدود الكارثة، فقد سقطت الهوية، كما سقطت الأرض والإنسان والحجر، بشكل غير مسبوق في تاريخ أمتنا".
ويرى أن "التراث أصبح يدفع فاتورة باهظة من جراء الاحتلال الأجنبي، والاحتراب الأهلي، والصراعات السياسية والانفلات الأمني ودعاوى التطرف، ويؤسفني أن أقول إن هوية أمتنا التراثية دخلت بالفعل في مرحلة الخطر والتهديد بالتبديد والنهب والذوبان".