الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تحديات أخرى لمشروع جبهة محاربة الإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


مع عدم التهويل من خطر منظمة داعش (الدولة الإسلامية فى العراق والشام)، إلا أنه ينبغى عدم التهوين مما يمكنها إحداثه فى الواقع الهش شديد الاضطراب الذى تعيشه المنطقة، كما ينبغى الالتفات بجدية إلى التصريحات الصادرة من قيادات المنظمة والنظر فى هذا الطموح الجامح الذى يتحدث عن دولة تمتد على بقعة تضم عدة دول، كما يجب دراسة رؤيتهم المعلنة لكيف سيكون حكمهم! ولا يصح الاستهانة بما يقولون والاستهزاء بعجزهم عن الوصول إلى ما يعلنون عنه، لأن مسعاهم الفاشل فى تحقيق أهدافهم، هو فى الحدّ الأدنى المؤكد، مصحوب بسفك لدماء الأبرياء فى كل خطوة!
يكفى أن أيمن الظواهرى، زعيم القاعدة العتى المشارك بالتفكير والتخطيط والتآمر والتحريض فى أكبر العمليات الإرهابية المنسوبة للإسلاميين فى العصر الحديث، هو فى نظرهم متهم بالملاينة والتخاذل فى أحكامه وفى إعفائه لعوام الناس من مسئولية كفر المجتمع! لاحظ أنهم ينطلقون من مقولة أن المجتمع كافر، ويرونها يقينية فى غير حاجة إلى مجهود لإثباتها!
أما هم، فلديهم الأدلة القاطعة التى تجيز لهم الحكم بالتكفير وبإعدام الكافر! وقد أثبتوا أنهم جادون فيما يقولون وهم يطلقون الرصاص عشوائياً على المارة فى الشارع! أو وهم يجمعون "الكفار" من منازلهم ويجبرونهم على الاستلقاء على وجوههم لإطلاق الرصاص على أدمغتهم من خلف، ولسان حالهم يقول إنه ما دام أنهم كفار، فلا يجوز التردد فى قتلهم! كما أنهم يصورون بكاميراتهم هذه الجرائم ويطلقونها لتسبقهم إلى خطوتهم التالية لإثارة الرعب فى قلوب الناس، وهو ما يفسر هذا النزوح الجماعى على عَجَل والفرار قبل مقدمهم!
يبدو حتى الآن، أن أحلام داعش، أو أوهامهم، لا تكتفى بدولة سنية فى العراق وإنما هى ترمى إلى أبعد من ذلك، بما يعنى أن هناك تهديداً حقيقياً لدول الجوار فى الخليج، والمرجح أن المملكة السعودية لن تكون بمعزل عن هذا الخطر!
حسناً، ليس هناك مؤامرة لتوريط مصر! ولكن هذا التطور الطفرى الحادث يستدعى إلى الذاكرة مباشرة وبسرعة الضوء، تصريح الرئيس السيسى أثناء حملته الانتخابية عن واجب مصر وعن دور جيشها وعن التزامه الشخصى بأمن الخليج، عندما قال تعبيره الشهير "مسافة السكة"!
هكذا إذن، وقبل أن يتكون تحالف حقيقى يضم مصر وعدداً من دول الخليج بزعامة السعودية، إذا بمشروع التحالف يواجه تحدياً حقيقياً قبل أن يقف على قدميه!
لقد اعتبر الكثيرون أن هذا الاقتراب تجاه مصر الذى تقوده المملكة السعودية، هو واحد من أهم مكاسب النظام الإقليمى العربى، التى هى ثمرة مباشرة لـ 30 يونيو وما بعدها، ومن أفضل ما فى هذه المبادرة أن يتضح فيها بوادر الأخذ بالسياسة العملية التى تحقق النفع المشترك للأطراف المعنيين وأن تدرأ الخطر عنهم، مع إسقاط خطاب المزايدات الذى تورطت فيه الثقافة العربية كثيراً عبر تاريخها مما أضاع على العرب وعلى الإقليم فرصاً عظيمة.
كان المرصود عند بدء هذا الاقتراب أن تتعاون دول الخليج مع الشعب المصرى فى مواجهة إرهاب الإخوان وحلفائهم، وفى مساعدة الشعب المصرى على إنفاذ اختياره بإنهاء حكمهم وإصلاح ما أفسدوه عبر العام الكئيب الذى حكموا فيه، وكانت حسبة دول الخليج واضحة، لا يحكمها فقط روح التعاون العربى، وهذا لا يعيبه شيئ، بل على العكس هو مدعاة للإشادة، لأنهم حسبوا مصلحتهم أيضاً التى تشترك مع مصلحة الشعب المصرى فى تحقيق هذه النتائج، بعد أن تأكدت هذه الدول من الخطر الرهيب على أمنها مع انفضاح أطماع الإخوان فى السيطرة على كل الإقليم! ومع اكتشاف بعض دول الخليج لخلايا إخوانية تنفذ تعليمات الجماعة داخل هذه الدول، بل وتسعى لتجنيد بعض مواطنى هذه الدول لإنشاء جماعات إخوانية داخلية تابعة للتنظيم الدولى!
ولم تكن داعش آنذاك قد ظهرت فى الصورة بعد!
لو لم يكن هنالك مؤامرة لتوريط مصر فى هذا الأتون، فهى مدعوة بحكم الاتفاق الضمنى، أو السافر، مع دول الخليج، إضافة إلى دور مصر التاريخى الذى لم تتقاعس عن إدائه عبر التاريخ، كما أنها ملتزمة وفق تصريحات رئيسها، بل هى مضطرة أيضاً دفاعاً عن أمنها الوطنى الذى تقع هذه الأحداث بتهديداتها داخل حدوده!
ومن المنطقى التفكير فى ردود الأفعال على قيام مصر بهذه المسئوليات، خاصة وأن داعش تورطت فى بعض جرائم الإرهاب داخل مصر حتى قبل أن تتخذ مصر موقفاً ضدها، مما يُتوقع معه المزيد من المخططات الإرهابية، خاصة وأنها ستجد لها دعما داخلياً فى هذه الظروف من جماعة الإخوان المجروحة من جرّاء تحطيم حلمها فى حكم مصر، والتى لم تتوقف عن إرهابها حتى الآن، والتى من مصلحتها أن تجد لها سنداً من الخارج!!
لا خلاف عن أن هنالك أيادى خارجية وراء نشر كل هذا التخريب، ولكن هذا لا ينفى أنه لولا ظروف داخلية موضوعية لما نجح الخارج فى أى من مخططاته، وأن هذا ناتج عن أسباب عديدة منها سنوات الاستبداد الممتدة عبر تاريخ المنطقة، والجهل والفقر اللذين هما البيئة التى تُفَرِّخ أفكار التطرف والمتطرفين ثم تكون لهم الحاضنة الحامية حتى ضد الحق وأصحابه!
المواجهة واقعة، من باب الحتم ومن باب الضرورة، ولكن ينبغى إجراء الحسابات المعقدة أولاً.