رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الشباب من 25 يناير إلى 30 يونيو الطرف المستبعد من الحكم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في المقال السابق والمعنون بـ “,”الشباب ودور الحركات الاحتجاجية الجديدة في ثورة 25 يناير“,” تناولنا الحركات الاحتجاجية الشبابية التي دعت للثورة، وطريقة إدارة التحالفات بين الحركات الاحتجاجية القديمة الجديدة المنبثقة عن الثورة، وكيف تعاملت هذه الكيانات مع عدم وجود قيادة موحدة للثورة، وحاولنا الإجابة على سؤال في غاية الأهمية، ألا وهو: هل يمثل الشباب حركات احتجاجية أم نشطاء اجتماعيين؟ وفي الوقت الذي اختلف فيه الشباب على تحديد إذا ما كان الشباب الذين شاركوا في الثورة يمثلون حركات احتجاجية أم نشطاء اجتماعيين، إلا أنهم اتفقوا جميعًا –كما سيتضح في هذا المقال- على ضرورة مشاركة الشباب في صنع ورسم مستقبل مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وسنتناول في هذا المقال عدة نقاط هي:
- حركات ما بعد ثورة 25 يناير.
- آلية صنع القرار داخل الحركات الناشئة.
- وماذا حدث بعد الثورة، وهل استطاعت السلطة تضمين الشباب في الحكم أم تم استبعادهم واختراق حركاتهم التي سرعان ما عادت للوجود بسرعة كبيرة؟

أولاً: حركات ما بعد ثورة 25 يناير
لا شك في أنه من السهل حصر أعداد الحركات والائتلافات السياسية قبل 25 يناير. لكن على العكس تمامًا فإن حصر الحركات والائتلافات التي نشأت بعد الثورة يكاد يكون من المستحيل؛ والسبب هو نجاح الثورة في رفع القيود عن الحياة السياسية وعودة شعور الشباب بالانتماء، ولكن المشكلة تكمن في كثرة عدد الحركات والاتحادات؛ فنتج عن ذلك أولاً كثرة المتحدثين عن الثورة، فالكل يعتقد أنه صاحب الفضل الأول في قيام الثورة؛ نظرًا لمشاركته فيها، ثانيًا تعددية الكيانات بدون قوة حقيقية على أرض الواقع، سواء لقلة أعضائها أو لعدم وضوح هدفها. ولكن لا مفر من أهمية وجودها رغم هذه العيوب؛ لأنها بوادر اهتمام الشباب بالمشاركة في الحياة السياسية؛ مما يدفعهم إلى الاحتكاك بالسياسة عن قرب، فيكتسبون الخبرة، وربما هذا ما حدث بالفعل، فنجد معظم هذه الكيانات وضعت الخطط في كيفية التعامل والمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، والبحث عن الطرق المناسبة لزيادة قوتها وتعريف الشارع بها. ( ) ومن الحركات التي نشأت أثناء وبعد الثورة، ما يلي :
1. ائتلاف شباب ثورة “,”25 يناير“,”: هو أكبر الائتلافات التي نشأت أثناء الثورة من حيث التأثير السياسي في المجتمع. وقد تأسس الائتلاف رسميًّا في 6 فبراير 2011، إلا أنه واقعيًّا وفعليًّا كان قد بدأ في الاجتماع والتنسيق قبل 25 يناير بحوالي أسبوعين، وكان أحد الفاعلين الرئيسيين في بدء الأحداث.
تَكَون ائتلاف شباب ثورة “,”25 يناير“,” من عدد من الشباب الذين ينتمون إلى تيارات وحركات وأحزاب مختلفة أيديولوجيًّا وفكريًّا وتنظيميًّا، ويضم الائتلاف ممثلين عن كل فصيل سياسي يعمل تحت راية الائتلاف. ويضم الائتلاف حركة 6 إبريل، ومجموعة شباب الإخوان المسلمين الذين انضموا للائتلاف من أجل التنسيق يوم الإثنين 24 يناير، وشباب من الجمعية الوطنية من أجل التغيير، وحركة الحرية والعدالة، وشباب حزب الجبهة الديمقراطية.
واختار الائتلاف عشرة أشخاص ليمثلوه، ويشكلوا قيادة تتحدث باسمه وتقود تحركاته، وتنسق مواقفه مع باقي الأحزاب وجماعات المعارضة المؤيدة لاستمرار الثورة ودعم مطالبها.
وقد تشكل الائتلاف بهدف توحيد أصوات شباب الثورة، خاصة بعد سعي عدة جهات للتفاوض مع النظام السابق. وبعد تشكيله أصدر الائتلاف عدة بيانات أكد فيها على مطالب الثورة، وعلى رفضه الدخول في حوار مع النظام إلا بعد تنحي الرئيس مبارك. كما رفض الائتلاف كل المبادرات التي طرحت من جانب النظام، ومن جانب اللجان السياسية المختلفة التي حاولت إيجاد حلول وسط تضمن بقاء مبارك في السلطة حتى نهاية مدة رئاسته، مع تقديم ضمانات لتحقيق مطالب الثورة. إلا أن الائتلاف أصر على مطلب الرحيل ورفع شعار “,”لا تفاوض قبل الرحيل“,”.
وأكد الائتلاف في بياناته أثناء الثورة على عدة مطالب، منها تنحي الرئيس مبارك، وحل مجلسي الشعب والشورى، ورفع حالة الطوارئ، وتعيين حكومة تكنوقراط، والإفراج عن المتعلقين السياسيين، ومحاكمة رموز الفساد والمسئولين عن قتل المتظاهرين . ( )
وأكد أعضاء الائتلاف أنهم مستمرون طوال المرحلة الانتقالية، ويتوقعون أنه بعد ذلك سيكون الائتلاف الإطار المؤسسي للتنسيق بين الأحزاب الجديدة التي سيتم إنشاؤها والتي يندمجون فيها. ويعمل الائتلاف الآن على قائمة موحدة لمرشحين في الانتخابات البرلمانية أو على الأقل الاتفاق على دعم مرشحين بعينهم يكونون حسني السمعة والسلوك وغير متهمين بالفساد.
ويرى الائتلاف أن القائمة النسبية المختلطة هي النموذج الذي يجب العمل عليه. كما يهدف ائتلاف شباب الثورة إلى مراقبة ما تحقق من مطالب الثوار وما لم يتحقق، وممارسة الضغط على الحكومة الحالية في حال تراخيها عن الاستجابة لمطالب الشعب.
ونجح الائتلاف في تنظيم مليونية المحاكمة لرموز النظام السابق، وهي المليونية التي أعقبها قرارات حبس شملت رموز النظام السابق، وفي مقدمتهم الرئيس مبارك ونجلاه علاء وجمال، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، والدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب . ( )
ويتصدر الائتلاف المشهد السياسي باعتباره هو الأقوى في الكيانات النابعة من الثورة، وأكثرهم تفاوضًا مع المجلس العسكري ومجلس الوزراء، ولخص أهدافه ومطالبه منذ اللحظات الأولى في 12 مطلبًا، أهمها: إلغاء الدستور القديم ووضع دستور جديد للبلاد، إلغاء حالة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية والأحكام العرفية، إعادة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية يترأسها شخصية وطنية مدنية متوافق عليها ولها ثقة ومصداقية لدى الجمهور، إطلاق حق تكوين الجمعيات والنقابات وإصدار الصحف، وإنشاء وسائل الإعلام الأخرى بلا قيود عدا الإخطار لجهات قضائية مختصة .
وعن خطط الائتلاف المستقبلية في الانتخابات البرلمانية يؤكد أعضاء المكتب التنفيذي بأن الائتلاف سيشارك في الانتخابات البرلمانية بقائمة تخص الائتلاف، وسنغطي أغلب محافظات مصر بمرشحين شباب.
2. اتحاد شباب الثورة: نشأ الاتحاد في 30 يناير 2011، أي بعد اندلاع الثورة بـ5 أيام، من 25 كيانًا سياسيًّا، وممثلين لتجمعات المستقلين بالمحافظات، ومن الأحزاب الممثلة في الاتحاد شباب حزب الوفد، والتجمع، والعربي الناصري، والجبهة، والغد، شباب الحزب الشيوعي المصري، شباب حزب الإصلاح والتنمية، الجبهة الحرة، حزب مصر، شباب الحزب اليساري الجديد. أما ممثلو المستقلين والحركات فهم: أدباء وفنانون، حركة ثورة شباب مصر، حركة نهضة شباب مصر، شباب للتغيير، 9 مارس، حركة 11 فبراير، حركة رحيل ( ) .
ويتوفر لاتحاد شباب الثورة مقرات في 16 محافظة، إلى جانب أعضائهم خارج مصر في دول عديدة، مثل أستراليا والولايات المتحدة. ويتكون المكتب التنفيذي من 9 أعضاء مؤسسين. ويهدف الاتحاد إلى: أولاً استكمال مطالب الثورة، ثانيًا تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وهي الأهداف نفسها التي يسعي تحالف ثوار مصر إلى تحقيقها، والذي تم إطلاقه بعد أسابيع عدة من تنحي مبارك ( ) .
ومن جانبها تؤكد رانيا فاروق، عضو المكتب التنفيذي “,”أن الاتحاد لديه 500 ألف عضو في جميع المحافظات وخارج مصر؛ فبالتالي ليس لدينا عوائق في الاشتراك في انتخابات البرلمان، سواء بالنظام الفردي أو نظام القوائم، والاستمرار في الحياة السياسية.
ورفضت رانيا فكرة تأسيس حزب للاتحاد بسبب اختلاف الأيديولوجيات في الاتحاد، واختلافنا سبب بقائنا. وعن الانضمام أو الاندماج لحزب أو أحد الكيانات الأخرى أضافت: إن الاتحاد لا يحتاج إلى الانضمام أو الاندماج لكيان، ولكننا لا نمانع للاشتراك في قائمة تجمع القوى الوطنية كلها، ولكننا نرفض الاشتراك في قائمة حزب بعينه، إلا كيان واحد وهو ائتلاف شباب الثورة “,”. ( )
ويعمل الاتحاد على دعم أسر الشهداء مع بعض الهيئات المصرية الدولية. كما كان الاتحاد صاحب مبادرة تنظيف ميدان التحرير أو إعادة بنائه بعد الثورة. وتمثلت مطالب الاتحاد في إسقاط النظام كاملاً وليس شخص الرئيس، وتشكيل مجلس رئاسي انتقالي من المدنيين، يمثل فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بممثل واحد فقط، وإلغاء حالة الطوارئ، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، وتشكيل حكومة وطنية من المتخصصين وليس من السياسيين، وحل جهاز أمن الدولة ومحاكمة قياداته، وحل الحزب الوطني، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في فترة لا تتجاوز الستة أشهر، ووضع دستور جديد.
ومن أبرز مطالب الاتحاد الاجتماعية وضع حد أدنى للأجور يصل إلى 1200 جنيه، وحل اتحاد عمال مصر ومحاكمة قياداته، وحل المجالس المحلية، وتوسيع مظلة التأمينات الاجتماعية، وكذلك حق العمال في الإضراب والاعتصام. ويعد الاتحاد هو الكيان الوحيد الذي اعترض على تشكيل لجنة التعديلات الدستورية الحالية، داعيًا إلى تشكيل لجنة جديدة منتخبة لوضع دستور جديد، مطالبًا بالتزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بما جاء في بيانه الرابع باحترام جميع الاتفاقيات الإقليمية والدولية، ومن ضمنها حق العمال والموظفين في التظاهر السلمي للمطالبة بحقوقهم . ( )
3. مجلس أمناء الثورة: يعتبر أحد الكيانات التي تضم عددًا من الشباب وكبار السياسيين، الذين شاركوا في ثورة 25 يناير، ويعبر المجلس عن مطالبهم من خلال توحيدهم تحت مظلة واحدة، يتكون المجلس من 21 عضوًا، يترأس مجلس أمنائه مجموعة من الشخصيات العامة إلى جانب المئات من الشباب.
وتنتشر فروع لمجلس الأمناء في محافظات عدة، ويقوم المجلس بالتنسيق مع حركات ثورية عدة أخرى، من بينها مجموعة مصر الحرة، ورابطة فناني الثورة. ( ) وتتمثل مطالب مجلس الأمناء في الإصلاح وضرورة الانتقال السلمي للسلطة، والاستجابة لمطالب الشعب الأخرى.
وتنحصر مهمة مجلس الأمناء في التجهيز لأي مظاهرة مليونية في التحرير والإعداد لها، ويبرز دور المجلس في مظاهرات التحرير تحديدًا. كما أن أعضاء المجلس منتشرون في الكيانات السياسية مثل ائتلاف شباب الثورة واتحاد الثورة والأحزاب الجديدة الناشئة . ( )
4. ائتلاف 11 فبراير: يختلف أعضاء الائتلاف عن بقية الائتلافات الأخرى من حيث الانتماء السياسي؛ حيث يصف أعضاء الائتلاف أنفسهم بأنهم مستقلون عن أي تيار سياسي، ويتكون المكتب التنفيذي من 15 عضوًا مؤسسًا.
يختلف ائتلاف 11 فبراير عن الكيانات الأخرى، وخاصة اتحاد شباب الثورة وائتلاف الثورة؛ حيث إن أعضاءه يتميزون بمستوى تعليمي واجتماعي مرتفع؛ مما يجعلهم لا يستهدفون السياسة للربح أو للحصول على فرصة عمل. ويقدر عدد أعضاء الائتلاف بحوالي 8400 عضو. وقام الائتلاف بتحديد 6 أعضاء لخوض الانتخابات التشريعية في الأقصر وسوهاج والغربية.
ويوافق الائتلاف على الاندماج مع الأحزاب وليس الائتلافات الأخرى؛ لأنها ليست كيانات قوية -بحسب وجهة نظر القائمين على الائتلاف- ورفض الاندماج مع الإخوان؛ لعدم وضوح رؤيتهم؛ ولأن الائتلاف يدعو للدولة المدنية ولا يقبل الالتفاف حول المطلب.
5. جبهة دعم الثورة: تشكلت جبهة دعم الثورة بعد يومين فقط من قرار الرئيس مبارك بالتنحي، وتحديدا يوم 13 فبراير، ولا يوجد مكتب تنفيذي للجبهة أو قيادات من الشخصيات العامة، بيد أنها تتكون من ثلاث حركات أساسية، وهي: الجمعية الوطنية للتغيير، وأعضاء البرلمان الشعبي، وأعضاء الجمعية المصرية لثوار 25 يناير. وتمثل جبهة دعم الثورة جمعية تضم العديد من الأطياف السياسية ذات التوجهات المختلفة التي تتفق على ضرورة تحقيق المطالب المشروعة للشعب المصري عمومًا، وثوار 25 يناير خصوصًا. ( ) وتكونت الجبهة بهدف التواصل مع قيادات المجلس العسكري ومجلس الوزراء. ( ) كما تهدف الجبهة إلى تجميع وحشد أكبر عدد من القوى الداعمة للثورة ومطالبها؛ بهدف توصيل هذه المطالب لأي من الجهات الرسمية، سواء كانت القوات المسلحة أو أي من الهيئات الأخرى . ( )
6. تحالف ثوار مصر: تأسس التحالف عقب خطاب تنحي الرئيس السابق من حوالي 300 عضو، يوجهون كل جهودهم في الحفاظ على مطالب الثورة خلال المرحلة الانتقالية، وقد شرعوا في التحول إلى حزب سياسي. كما أن التحالف يهدف في الأساس إلى توحيد صفوف الشباب الموجود بميدان التحرير تحت راية واحدة، دون التقيد بالإلحاح على المطالب السياسية فقط، وهو ما يميز الائتلاف عن باقي حركات الثورة.
7. ائتلاف مصر الحرة: ظهرت الحركة قبل 25 يناير من خلال جروب على الفيس بوك، ووصل عدد المنضمين للجروب إلى 125 ألفًا. وتضم العديد من الشباب غير المنتمي سياسيًّا، وكل المنضمين للحركة لا ينتمون إلى أحزاب أو جماعات، ويهدفون إلى الضغط لتنفيذ مطالب الثورة كاملة. كما أن الحركة كانت المسئولة عن الإعاشة في الميدان، وكذلك هي التي حاصرت مبنى ماسبيرو ومجلس الشعب . ( )
8. اللجنة التنسيقية للثورة: وتضم اللجنة 6 مجموعات، وهي مجموعة الجمعية الوطنية للتغير، وشباب 6 إبريل، وحركة كفاية، وشباب الإخوان والجبهة. ويتكون المكتب التنفيذي بها من 12 عضوًا مؤسسًا، كما أن اللجنة لم تحدد موقفها من الانتخابات التشريعية بعد، ولكنها تؤيد نظام القائمة مثل باقي الأحزاب والقوى الوطنية .
9. اللجنة العليا للتنسيق: شُكلت قبيل جمعة النصر (18 فبراير)؛ بهدف: أولاً، التنسيق بين الحركات والائتلافات المختلفة، ثانيًا، توحيد المطالب والفعاليات خلال المرحلة الانتقالية؛ لضمان تحقيق مطالب الثورة، وتعقد اجتماعات بشكل دوري، وتتكون تلك اللجنة من ممثلين عن كل ائتلاف شبابي لجميع الائتلافات داخل لجنة واحدة.
10. شباب جماعة “,”الإخوان المسلمين“,”: عند الحديث عن شباب جماعة الإخوان المسلمين يكون الأمر في غاية الصعوبة. فالجماعة هي كيان شديد التنظيم لا يمكن التعرف بسهولة على التركيبة التنظيمية بداخله؛ نظرًا لحرص الجماعة على إحاطة نفسها بسرية وغموض بسبب الظروف التي مرت بها البلاد، وملاحقة أجهزة الأمن لأعضاء الجماعة ولشبابها .
وما يزيد الأمر صعوبة هو عدم وجود كيان داخل الجماعة يمكن تسميته بـ “,”شباب جماعة الإخوان المسلمين“,”، التي ظهرت على السطح عقب ثورة 25 يناير، وبعد خلاف حاد مع قيادتهم التنظيمية حول المشاركة في المظاهرات المليونية أيام الجمع المختلفة، مما حدا بالجماعة إلى فصل بعض الشباب منها.
إلا أنه يمكن لأي باحث متابع لوجود الجماعة على الأرض تصنيف أعضاء شباب الجماعة إلى ثلاثة توجهات: الأول، وهو جناح اليسار في الجماعة، ويضم كل من محمد الجبة ومحمد الشهاوي ومحمد هيكل وجعفر الزعفراني وأحمد أسامة ومحمود فاروق، وغيرهم من أعضاء حملة دعم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، كما يوجد في الجماعة جناح وسط يضم إسلام لطفي وأحمد النزاري ومحمد القصاص وغيرهم، كما أن الجماعة تضم جناحًا يمينيًّا يضم حسن عز الدين وأحمد مصطفى وخالد فؤاد وعمار عبد الرحمن ومصطفى الوحش وحسام بدوي . ( )
ويمكن القول بأن جناح اليسار كان من أبرز دعاة مظاهرات يوم “,”25 يناير“,”، في حين لم يقم شباب جناح الوسط بعملية التنسيق إلا يوم 24، وألقى شباب جناح الوسط بثقلهم في الثورة يوم 27 في الجلسة التي تم تنسيق التحركات بين الشباب في المقطم قبل جمعة الغضب بيوم واحد، أما الجناح اليميني فظهر في المظاهرات لأول مرة يوم 28 يناير يوم جمعة الغضب. وكان لشباب الإخوان دور رائع في التصدي لبلطجية الحزب الوطني يوم 2 فبراير الذي عرف باسم “,”موقعة الجمل“,”؛ حيث قام شباب الإخوان بالتعاون مع شباب الألتراس (الأهلاوي والزملكاوي)، وغيرهم من الشباب المنتمين إلى الحركات الاحتجاجية، بالتصدي لعملية اجتياح الميدان من قبل البلطجية .
11. اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة: جاءت فكرة تكوينها للدفاع عن الثورة من خلال اتحاد اللجنة الشعبية في ميدان التحرير، وكانت المسئولة عن التفتيش وحماية الميدان. وقد استغل المؤسسون الشباب المستقل في الميدان، وأقاموا 3 حلقات نقاش عن مستقبل مصر. واستبعد أعضاء اللجان الشعبية فكرة الانضمام والاندماج في أحزاب أو كيانات أخرى؛ لأن فكرة اللجان وهدفها مختلف عن التيارات الموجودة حاليًّا، وأن اللجان لا تمانع في الاشتراك في الانتخابات أو دعمها. وتتكون اللجان الشعبية من 35 لجنة على مستوى محافظات مصر والمناطق الشعبية، فعلى سبيل المثال حلوان بها خمس لجان. ودور هذا الكيان هو الدفاع عن الثورة، وحماية المناطق من البلطجية والسرقة، والعمل على توعية المواطنين، ومساعدة المتضررين من مساوئ الثورة ( ) .
12. اتحاد الشباب الاشتراكي: خرج من رحم الأحزاب اليسارية المختلفة، كالحزب الناصري والتجمع والكرامة والشيوعي المصري. وعدد أعضائه 1200 عضو تقريبًا. ويؤمن أعضاء الاتحاد بالفكر الاشتراكي وتأسيس مجتمع اشتراكي. ويرفض أعضاء الاتحاد فكرة تكوين حزب بسبب تعدد انتماءات وأفكار الأعضاء، رغم أن الفكر الاشتراكي هو العامل المشترك بينهم.
ويستبعد الاتحاد الاشتراك في الانتخابات البرلمانية القادمة؛ بسبب ضعف الإمكانيات المادية، خاصة وأنها مشكلة اليساريين في مصر. ويهدف الاتحاد إلى تدعيم المرشحين المعبرين عن فكره والاستفادة من شعبية الأعضاء في المحافظات. ولا يرفض الاتحاد الاندماج مع القوى الوطنية المختلفة، بما فيها الإخوان، مادام في مصلحة الاتحاد وفي ضوء مطالب محددة ومتفق عليها .
13. تيار الاستقلال الوطني: يتكون من مختلف القوى الوطنية، مثل تيار العدالة والتنمية وشباب الكرامة. ويرى بيشوي ديمتري، أحد الأعضاء فيه، أن خطتهم في المراحل القادمة هي الاندماج، وبعدها الاشتراك في قائمة ائتلاف شباب الثورة؛ لافتقاد التيار للقاعدة الشعبية والكوادر السياسية.
ويرفض بيشوي انضمام التيار لأي قوى سياسية إسلامية، وخاصة الإخوان؛ لأنهم اختاروا طريقًا مختلفًا عن شباب الثورة، ويتضح ذلك من موقفهم من التعديلات الدستورية، ورفضهم أحد أهداف الثورة وهو إسقاط الدستور وليس ترقيعه.
وإلى جانب كل ما سبق من الكيانات والائتلافات، خرجت من رحم الثورة مجموعة من الكيانات الصغيرة نسبيًّا مثل: “,”تحالف من أجل مصر“,”، و“,”ائتلاف شباب الثورة“,”، و“,”الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية“,”، وحركة “,”المصري الحر“,”، و“,”اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة“,”، و“,”حركة مشاركة“,”، و“,”حركة بداية“,”، و“,”رابطة الشباب التقدمي“,”، و“,”ائتلاف شباب اللوتس“,”، و“,”اللجنة التنسيقية لتحالف حركات توعية مصر“,”، و“,”لا للمحاكمات العسكرية“,”، و“,”تيار التجديد الاشتراكي“,”، و“,”اتحاد شباب الثورة“,”، و“,”الاشتراكيين الثوريين“,”، “,”شباب اللجان الشعبية“,”، “,”شباب السويس للتغيير“,”، “,”شباب مستقلين“,”، و“,”ثوار ميدان الأربعين“,”. ( )
وفي المجمل وصل عدد الكيانات والائتلافات بعد الثورة إلى ما يربو على 135 ائتلافًا يتحدثون جميعهم باسم الثورة، ولكن لا يعلم أحد كيف نشأت هذه الائتلافات، وما هو الهدف من إنشائها، وهل قامت بعض الأجهزة في مصر بالمساعدة في نشأة البعض منها حتى تحدث انشقاقًا وانقسامًا بين القوى الثورية المختلفة، وحتى لا تسيطر مجموعة من الحركات على الشارع المصري، وربما تفسر لنا المرحلة المقبلة جميع هذه التساؤلات .
ثانيًا: آلية صنع القرار داخل الحركات الناشئة
اتفق أغلب الشباب على أن آلية إدارة الائتلافات كانت قائمة بشكل رئيسي على التوافق. فائتلاف شباب الثورة، على سبيل المثال، له مكتب تنفيذي مكون من 16 فردًا، يمثل فيه كل توجه سياسي باثنين من الشباب، وله متحدث إعلامي، ويتم إدارة الاجتماعات فيه بشكل دوري، ويدير كلَّ اجتماع فردٌ مختلف كل مرة، ويتم التشاور والنقاش في كافة التفاصيل والأمور السياسية والتنظيمية. والأصل في حسم الأمور داخل الائتلاف التوافق، أي موافقة كل أعضاء المكتب التنفيذي، وفي حالة عدم توافر التوافق يتم أخذ التصويت واتخاذ القرار بالأغلبية. ( )
ويؤكد بعض الشباب بأن آلية إدارة الائتلاف كانت تتم بالسعي إلى الوصول إلى الإجماع والتوافق على القرارات، وكان يرأس الاجتماع أحد أعضاء المكتب التنفيذي للائتلاف، وكان ينسب لهذا الشخص رئاسة الجلسة، بمعنى إدارة الحوار وليس بمعنى أنه صاحب صوت أعلى بين المتواجدين، وأن إدارة الجلسة كانت تتم بالتناوب من شخص لآخر، وغير مقتصرة على شخص بعينه .
وعن آلية اتخاذ القرار، فكما ذكر سابقًا، كانت تتم بالسعي إلى التوافق، وفي حالة الفشل في الوصول إلى حل توافقي كان الخيار الآخر، وهو الذهاب إلى التصويت مع احتفاظ المعارضين بحقهم في المعارضة. بمعنى أنه –مثلاً- إذا توافق الحضور على تنظيم مليونية وأحد الفصائل رفض هذه المليونية فيحق لهذا الفصيل عدم المشاركة، ولكن هذه الحالات كانت قليلة للغاية.
وقد تميز شباب الائتلاف بنزعة أخلاقية وأدبية، بمعنى أنه مثلاً عندما اتخذ الائتلاف قرارًا بالتصويت بـ“,”لا“,” على التعديلات الدستورية، وكان أحد شباب الإخوان من الداعمين للتصويت بـ“,”نعم“,”، وجاء قرار الائتلاف معارضًا لقناعاته، فتم الالتزام بالقرار، ولم يقتصر هذا الالتزام الأدبي على شباب الإخوان، بل تقرر مع شباب “,”العدالة والحرية“,”، و“,”6 إبريل“,”، وفي أحد المواقف رفض أحد أعضاء الائتلاف الظهور في برنامج تلفزيوني باسم الائتلاف؛ لأنه كان ضد قرار معين صوت لصالحه بالأغلبية، وحينئذ رشح هذا الشاب آخر من المعارضين لرأيه من أنصار الأغلبية ليعبر عن قرار الائتلاف. ( ) وفي المجمل اتفق الشباب في أغلب الكيانات والحركات الثورية على آلية التوافق أو التصويت كأداة لحسم الخلافات البينية بين أعضاء كل ائتلاف . ( )
وعلى الجانب الآخر، ذهب بعض الشباب بأن التحالفات كانت تتسم بالعشوائية وعدم التنظيم، وكان يغلب عليها المصلحة الشخصية أكثر منها المصلحة العامة، ( ) كما اتسمت المفاوضات التي كانت تتم مع الجهات الرسمية أو المجلس العسكري بالعشوائية والفوضى؛ مما جعل معظم هذه الحوارات تبوء بالفشل الذريع.
أما من طريق إدارة التحالفات، فذهب بعض الشباب أنه داخل الائتلافات كان يتم طرح الخيارات المختلفة؛ ومن ثم السعي بعد ذلك للوصول إلى حل توافقي، والاتفاق على حد أدنى من المطالب يلبي مساحة مقبولة لدى كافة الأطراف. وكان ائتلاف شباب الثورة أول مَن تجاوز مسألة الانقسام حول أيهما أولاً الدستور أو الانتخابات؛ بطرح شعار جديد نزل به إلى ميدان التحرير في “,”8 يوليو“,”، وهو “,”الثورة أولاً“,”.
وعن إدارة الحوار مع الائتلاف الأخرى فتارة أدارها عبد الرحمن سمير، وأخرى ناصر عبد الحميد، وثالثة محمد القصاص، ورابعة محمد الجبة، وغيرهم، ولم يكن الأمر مقتصرًا على شباب المكتب التنفيذي، بل كان كل شخص منتمٍ إلى الائتلاف يجد سبيلاً في الشروع مع فصيل لإدارة حوار للخروج من أزمة، فيعرض ذلك على الائتلاف للحصول على ضوء أخضر للشروع في هذا الحوار، ثم بدوره يشرع في الحوار، وعليه أن يكون ملتزمًا بموقف الائتلاف في جميع المفاوضات، وفي حالة وجود انقسام حاد حول نقطة بعينها يعود إلى الائتلاف . ( )
ويرى البعض الآخر بأن المكاتب أو اللجان التنفيذية لائتلافات شباب الثورة أو من يمثلها ( ) كان جزءًا أساسيًّا في أي تفاوض أو تنسيق مع المؤسسات الرسمية وغيرها، وكانت بعض الائتلافات تفوض فريقًا منها في حضور أي جلسات تفاوض أو حوار. ( ) وبمعنى أكثر تحديدًا: كان في كل اجتماع أحد أعضاء المكتب التنفيذي للائتلاف يتولى إدارة الاجتماع، ويتم طرح جدول للاجتماع يتناول عدة نقاط للفصل فيها، وكان رئيس الاجتماع متغيرًا. ( ) كما كان يتم تشكيل لجنة من الائتلافات المختلفة، لمتابعة وتنفيذ القرارات التي تم الاتفاق عليها . ( )
ومما سبق، يمكن القول إن إدارة التحالفات داخل كل ائتلاف أو بين الائتلافات وبعضها البعض اتسمت بالمرونة وعدم قصرها على فرد بعينه؛ مما سهل إدارة الصراعات المختلفة بين جميع التيارات، وكأن نظرية الشبكة، أو الفاعل، كما انطبقت على الحشد للثورة تحققت أيضًا في التحالفات الشبابية وإدارتها وحسم الخلافات الشخصية.
وعن دور الشباب في المشاركة في صنع القرار في مرحلة ما بعد الثورة، فهناك ثلاث اتجاهات: الاتجاه الأول يؤكد على أن القائمين على السلطة (المجلس العسكري ومجلس الوزراء) عادة ما يستطلعون رأي الشباب، ويأخذون برأيهم في بعض القوانين التي يصدرها المجلس العسكري، خاصة تلك الناظمة للعملية الانتخابية. وفي الوقت نفسه لا يستطيع القائمون على السلطة دعوة جميع الائتلافات والحركات الاحتجاجية، ولكن هناك مشاورات مستمرة مع بعض الائتلافات، خاصة ائتلاف شباب الثورة واتحاد الثورة .
الاتجاه الثاني يذهب أنصاره إلى أن المجلس العسكري لا يعير أي اهتمام إلى القوى الثورية والشبابية، ولكنه مهتم فقط باستطلاع رأي الأحزاب السياسية والرموز الوطنية وكبار الصحفيين والمستقلين فقط؛ وهذا يفسر لنا كثرة الحوارات التي تتم بين أعضاء المجلس العسكري وقيادات الأحزاب الجديدة والقديمة، حتى أنه لا يمر أسبوع واحد فقط بدون عقد جلسة حوارية بين أحد أعضاء المجلس العسكري وممثلي الأحزاب .
أما الاتجاه الثالث فيذهب أنصاره إلى أن المجلس العسكري يضرب بعرض الحائط رأي جميع القوى والائتلافات الشبابية والثورة، ويستدعي الشباب فقط عندما تكون هناك مظاهرة مليونية؛ ليتعرف على رأيهم وأسباب المظاهرة ومتى سيرفعون المظاهرة. ( ) على عكس مجلس الوزراء برئاسة رئيس مجلس الوزراء عصام شرف، فهو كان دائم الجلوس مع الشباب من الائتلافات وغيرها؛ لمعرفة آرائهم في بعض مشروعات القوانين، وهذا ينصرف أيضًا على جميع الوزراء الذين عادة ما يجلسون مع الشباب لمعرفة رد فعلهم حول بعض القرارات الخاصة التي تنوي الوزارة إصدارها.
وفي الواقع، يمكن القول إن الحكومة المصرية تخطب ود الشباب فقط دون امتلاكها لرؤية واضحة وحقيقة لمشاركة الشباب في صنع المستقبل، سوى النزول بسن الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشورى إلى سن 25 عامًا، وهذا لا يكفي؛ لأن الشباب لن يستطيع منافسة الكبار ورجال الأعمال في دوائر انتخابية مترامية الأطراف.
ومن ثم فإن محاولات استرضاء الشباب لن تجدي في صنع المستقبل، ولكن من الأهمية بمكان وضع تشريعات نافذة المفعول، بتفعيل دور الشباب داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة.

ثالثا: ماذا حدث بعد الثورة
بعد اندلاع الثورة انفجرت الائتلافات والتحالفات بين الشباب، وتم الإعلان عن مولد جديد للأحزاب السياسية وحركات وهيئات مدنية جديدة. وعلى الرغم من مئات الائتلافات والأحزاب الجديدة، فإنها لم تنل -حتى هذه اللحظة- شعبية أو تلفت انتباه رجل الشارع العادي؛ بسبب:
أولاً: نخبوية التأسيس والإدارة؛ لذا نستطيع أن نطلق عليها لفظ “,”أحزاب الميدان‏“,”،‏ مؤسسوها إما من ثوار التحرير‏، أو من الذين عزفوا عن المشاركة السياسية طيلة السنوات الماضية. ( )
ثانيًا: إن الائتلافات والأحزاب الجديدة تستخدم ما بين خمس وست مصطلحات سياسية كمسميات لها مثل: “,”النهضة، والعدل، والحرية، الحديثة، التحرير، الثورة، والتنمية“,”. مما يدل على أن الائتلافات والأحزاب جعلت من شعارات ثورة 25 يناير مسميات لها دون الاهتمام بالمضمون أو البرامج.
ثالثًا: التشابه الكبير في البرامج والأسماء ، فقد جاءت معظم الأحزاب الجديدة متشابهة في مفردات أسمائها، وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الائتلافات والأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون في تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية .
رابعًا: التسرع في اغتنام مكاسب الثورة .. إذ تحاول جميع الائتلافات والأحزاب –الجديدة والقديمة على حد سواء- اغتنام الفرصة لركوب الثورة التي شارك فيها جميع أطياف المصريين، وعلى الرغم من أن هذا مبرر ومفهوم بالنسبة للأحزاب الجديدة، فإن الأحزاب القديمة -التي رفضت منذ البداية المشاركة في تظاهرات 25 يناير- فهذا غير مبرر، وليس من حقها من الأصل.
خامسًا: ما زالت التكاليف المالية المطلوبة للإعلان عن الأحزاب، أو اللازمة لعمل التوكيلات، تمثل شوكة في حلقوم الأحزاب الجديدة، وربما ستكون العائق الوحيد أمام ظهور بعضها. ( )
سادسًا: غياب خيار التحالف والاندماج بين الأحزاب والقوى الشبابية ، فعلى الرغم من أن الأحزاب التي ولدت من رحم الثورة هي الأكثر عددًا حتى الآن، لكن الأرجح أن القليل منها هو الذي سيرى النور. فمؤسسو الكثير من هذه الأحزاب لا يفرقون بين الحزب السياسي والحركة الاجتماعية والمنبر الثقافي.
كما أن تقارب أسماء كثير منها يجعل التمييز بينها صعبًا، ويضفي على خارطتها طابعًا عشوائيًّا، ومن هذه الأسماء مثلاً شباب التحرير وثوار التحرير، وشباب 25 يناير وشباب الثورة، وشباب الأمة الثوري، وشباب مصر، وجبهة حماة الثورة واتحاد شباب الثورة، وثورة تحرير مصر وجبهة التحرير والتنمية و11 فبراير والاتحاد المصري الحر، وغيرها.
مما سبق يتضح حالة التخبط التي تمر بها الحركات الشبابية بعد الثورة، فبعضها رفض تأسيس أحزاب سياسية، مثل 6 إبريل، وحدث بها انشقاق، والبعض الآخر انضم إلى أحزاب هشة غير فاعلة في الشارع حتى هذه اللحظات، في الوقت الذي زاد فيه التنافس بين الأحزاب والشباب على من يمثل الثورة في الحوارات الوطنية الداخلية أو حتى على المستوى الزيارات الدولية.
خاتمة
بعد نجاح الثورة حدث انقسام كبير وتشتت داخل الحركات الشبابية. فقد كان هناك خطورة -وهو ما حدث بالفعل- من انقسام الحركات والائتلافات الشبابية على نفسها، فالخلافات داخل الحركة أو الائتلاف الواحد بدء في الظهور مبكرًا.
ومكمن الخطورة هنا أن تبقى تلك الخلافات على حالها والثورة لم تضع أوزارها بعد، والأخطر أن الشارع يراهن على هذه الحركات الشبابية؛ حيث ثقتهم بالأحزاب القديمة باتت معدومة؛ لاعتقادهم بأنها ولدت من رحم النظام السابق ولا تمثل سوى نفسها، فضلاً عن أن موقفها من الثورة كان غاية في السلبية، فمشاركة أعضائها كان ضعيفًا، ولحقوا بقطار الثورة ببطء شديد. حيث ظلوا مراقبين للمشهد عن كثب للانقضاض عليه بأكمله، وهو ما تصدى له شباب الثورة.
وكان يرى فريق آخر من حركات الشباب الاحتجاجية ضرورة بقائها كحركات سياسية ذات طابع احتجاجي تراقب “,”قيم الثورة“,” بالتحامها مع بعضها البعض، لخطورة انسحابها من المشهد برمته بالاكتفاء بتأسيس أحزاب سياسية، لمواجهة أي تنظيم سياسي أو حزبي يحاول التعدي على قيم العدالة والحرية والديمقراطية.
ويدعم هذا الطرح وجود صعوبة قد تواجههم بالنسبة لمسألة التمويل المالي في حال تحول حركاتهم لأحزاب التي تحتاج لإشهارها الإعلان عنها بوسائل الإعلام المختلفة وشراء مقرات لها في كافة المحافظات للوصول إلى جماهيرها.
وكذلك مسألة تحويلها لمنظمات حقوقية قد تدفع بعدم مصداقيتها لارتباطها بتمويلات خارجية؛ مما يشكك البعض في نوايا القائمين على رأس هذه الحركات لبيعهم الثورة بثمن بخس، وهي لا تزال تحبو.
والمسألة الأكثر تعقيدًا أن تشرذم الحركات الشبابية قد يسمح بوجود فراغ يستغله “,”فلول“,” الحزب الوطني لتنفيذ مخطط الثورة المضادة؛ لمنع محاكمة رموزه البارزين، وعلى رأسهم الرئيس السابق حسني مبارك، خاصة لو بعدت هذه الحركات عن حشد الجماهير في تلك المرحلة الحساسة، للتأكيد على مطالب الشعب المصري في تطهير البلاد من العهد البائد .
ولا شك في أن مستقبل الحركات الشبابية يمر بأزمة حقيقية بسبب النمو الكبير الذي تعيشه، وتحولها من مجرد صفحات ناشئة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مجموعات لعبت دورًا محوريًّا في الثورة المصرية، وما زالت، فرغـم أن الـحـركات الشــابة باتت لديها الخبرة فـي مـعـارضة النظام، ولـكن ليس لديها الكثير من الخبرة في مجال الإصلاح أو العمل، وهو ما ظهر في الخلافات التي بدأت تشق صفوف الائتلافات الشبابية.
وتواجه الحركات الشابة اختبارًا صعبًا يتمثل في قدرتها على الصمود، فإذا لم ينخرط الشباب في أحزاب سيكون أمامهم تحدي البقاء. خاصة وأنهم ليسوا تيارًا سياسيًّا واحدًا، إنما ينتمون إلى فصائل وأيديولوجيات سياسية عدة .
وفي النهاية، مثّل خطاب الرئيس مرسي بالاستعانة بشباب الثورة في اتخاذ القرارات خطوة مهمة نحو انخراط الشباب في العمل العام، لكن تبقى الآليات، ومن هم الشباب الذين يقصدهم، محل خلاف واختلاف، في ظل إصرار الرئاسة على توزيع التهم جزافًا، وفي ظل فجوة عدم الثقة بين المعارضة والسلطة .