الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يقولون وسقطت السياسة في رئاسة 2014

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هذا ما ردده بعض الساسة من المحللين والخبراء المتحزلقين تعليقا ووصفا للانتخابات الرئاسيه بمجرد بدئها، وعادوا يرددون نفس الكلام بعد ظهور النتيجة بالفوز الكاسح للمرشح المشير عبد الفتاح السيسى، معتبرين أن وجود مرشحين فقط وانتصار أحدهما على هذا النحو غياب تام للسياسة فى تلك المعركة، إذا ما قاورن بانتخابات 2012 التى شهدت عدد كبيرا من المرشحين في الجولة الأولى علاوه على التبارى والتنافس السياسى بين توجهات والأفكار فى الجولتين الأولى والثانية.
فى تلك الفترة أعتبر ذات المحللين أن مرشحى الرئاسة كانوا يعكسون توجهات سياسية بدأت تتبلور فى الحياة المصريه لا سيما بعد يناير 2011، وتم تصنيفهم باعتبار أن عبد المنعم أبو الفتوح جسد يمين الوسط بينما جسد حمدين صباحى يسارى الوسط فى الوقت الذى عبر فيه الفريق أحمد شفيق عن القوى التقليدية فى المجتمع بينما جسد مرسى التيارات الدينية.
ربما لتلك التصنيفات وجاهتها لكن أبو الفتوح لم يكن ليجسد يمين الوسط الرجل إخوانى حتى النخاع علاوة على أن هذه التعريفات لليمين واليسار قد تكون واضحة ومحددة فى كتب النظريات السياسية لكنها ليست كذالك فى الواقع المصرى ولا أحد يجرؤ على القول بأن الليبرالية تيارا متجزر فى المجتمع والأمر ذاته بالنسبه للتيار اليسارى حتى التيار الدينى كان دائما محصورا من الناحية التنظيمية فى جماعات تعيش بشكل منعزل عن المجتمع، وقد بدأ ذلك واضحا عندما خرج أنصار هذا التيار فى تظاهرات تخصهم نذكر كيف أطلق المصريون اسم جمعه كندهار عندما فوجئوا بتلك الجماعات تحتل ميدان التحرير حاملة أعلام وشعارات لم يشهدها المصريون إلا فى أفغانستان عبر شاشات التلفزيون.
ربما كان البعض يعجب بشعارات جماعة الإخوان أو التيارات السلفية لكن أنصار ذلك التيار وأعضاءه التنظيمين ظلوا دائما رافضين الاندماج فى المجتمع لاختلاف نمط حياتهم عن حياتنا الطبيعيه، لذلك كان سهلا أن يسقط هذا التيار بكل تنويعاته الإخوانية والسلفية فورا انكشاف زيف شعارته عندما وصل إلى الحكم.
السياسة إذا لم تكن هى الحاضرة فى انتخابات 2012 وإنما وهم الشعارات هو من كان يزين للبعض أن تلك الانتخابات كان التنافس فيها على البرامج والأفكار السياسية الناس كانوا فى أغلبهم حائرون بين رغبتهم فى الاستقرار، ومن يبيعون الأحلام والآمال، وبين خوفهم من عودة نظام ما قبل 25 يناير، ومع ذلك هل تتحقق السياسة فقط عندما يجرى التنافس بين أفكار وتوجهات وأيدولوجيات؟ هل كان من الضرورى أن يعلن المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى أنه ينتمى أيديولوجيا وفكريا للتيار السياسى الفلانى؟ أم أن السياسة فى تعريفها الحقيقى تحضر عندما يشارك الناس فى عملية صناعة قرار مستقبلهم باختيار من يرونه الأقدر على أن يسوس أمرهم ويصلح من حال بلادهم.
المشكلة أن من يقولون بغياب السياسة فى رئاسه 2014 هم فى واقع الأمر موهمون بأن ما جرى من 25 يناير 2011 إلى 30 يونيو 2013 كان عملية سياسية تنافسية قوت خلالها الأحزاب و الحركات حتى فى صراعها مع جماعة الإخوان ولا يدركون أن حقيقة ما كان يجرى فوضى ثار الشعب ضدها فى الثلاثين من يونيو، وأن هذه الثورة لم تكن جبهة الإنقاذ قائدا لها فقد قام بها أعضاء حزب الكنبة، وهو بحق أكبر حزب سياسى عرفته مصر فشلت الأحزاب التقليدية فى أن تجند بعض أعضائه وتضمه لعضويتها.
من يقولون بغياب السياسة فى الانتخابات الرئاسية هم أنفسهم يرون أن الثلاثين من يونيو قتلت السياسة والتعددية ولم تجعل منفذا إلا لصوت واحد، هذا الصوت هو الذى خرج فى 26 يونيو ليفوض الجيش لمواجهة الإرهاب وهو من قال نعم لدستور 2014 وهو أيضا من جاء بالسيسى رئيسا بهذة الأغلبية الكاسحة، المؤسف هنا أن هؤلاء ليسوا منتبهين إلى أن هذا الصوت هو صوت الأغلبيه فى المجتمع المصرى.
السياسة عند هؤلاء ليس لها سوى معنى واحد وهو أن تكون معارضا ومناضلا ومعتقلا سابقا فى سجون مبارك أو مثقافا يتعاطى السياسة فى بارات (وسط البلد) لذلك هم غير قادرين على فهم حقيقه التغير الذى طرأ على المصريين ويتعاملون مع السلطة الانتقالية باعتبارها نظام مبارك، وبالطبع هكذا ينظرون إلى الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى، وهذا ما يفسر فشل الناشط حمدين صباحى فى أن يكمل ثلاثة أرباع المليون صوت بحصوله على 736 ألف صوت فقط هو كبقيه زملائه السياسيين لا يزال معارضا فى وجه مبارك كان ذلك أداءه فى الانتخابات الرئاسيه لذلك ليس من المتوقع أن ينجح فى تشكيل حزب سياسى كما يحلو والأزمة الكبرى التى ستواجه حمدين ورفقاءه فى الأحزاب السياسة هى قدرتهم على كسب ثقه المصريين لانتخاب من يمثل هذه الأحزاب، وأقصد هنا جميع الأحزاب السياسية السابقة على 25 يناير واللاحقة عليها.
ظنى أن غالبية السياسيين فى مصر صاروا موضة قديمة، وصار من حقنا أن نعاملهم كخيل الحكومة الذى هرم ولم يعد قادرا على أداء مهامتهم لقد انتهت مهامتكم يا سادة بسقوط نظام مبارك ومرسى، وعليكم جميعا الرحيل واعتزال السياسة والعمل العام، فالمؤكد أننا بحاجة إلى آخرين قادرين على الدفع بدماء جديدة وخلق حيوية تتفق مع طبيعة التغيرات التى حدثت ويدركون أن السياسة تتفاعل مع المجتمع، وإن قدرة السياسى على التأثير فى مجتمعه منبعها فى الأساس قدرته على التواصل معه.
مصر كما سئمت وجوه نظام مبارك والإخوان سئمت وجوهكم أيضا، فجميعكم وجوه قديمة بالت ثورة الثلاثين من يونيو عليها.