الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اقلبوا الصفحة.. إلى الانتخابات البرلمانية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل يمكن أن يجرى إصلاح الخلل والاضطراب، اللذين علقا بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، قبل حلول موعد الانتخابات البرلمانية بعد أشهر قليلة؟ وهل يجوز التقاعس أمام هذه الأخطاء بحجة أنها لا تؤثر بشكل حقيقي على النتيجة النهائية؟
أليس من حقنا أن نجري انتخابات خالية من أي شُبُهات؟ حتى مما لا يمسّ منها إلا بضعة أصوات؟
وهل يمكن خلال هذه الفترة تعميم إحلال آلية تكنولوجية تساهم فى تطوير الأداء من ناحيتى الضبط والسرعة، وتحل من المنبع مشاكل الوافدين فى الداخل من محافظة إلى محافظة، ومشاكل المهاجرين فى الخارج القاطنين فى أماكن تبعد بعداً شاسعاً عن اللجان الانتخابية فى القنصليات والسفارات؟
وهل يمكن أن نأمل أن تصمد اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية وأن لا تهتزّ أقدامها أمام ابتزاز بعض الإعلاميين على الفضائيات ولا تأخذ منهم إلا الملاحظات المفيدة التي تتسق مع القانون؟ وهل يمكن أن نرى مِن أعضاء اللجنة مَن يواجه صراخ الإعلام بأنه يرفض تدخلاتهم التى قد يترتب عليها ما ينبغى تجنبه، وأنه يتمسك بالقرار القانونى الذي اتخذته اللجنة؟
وهذه النقطة الأخيرة بالذات على درجة عالية من الأهمية لأنها كانت السبب الرئيسي فى توريط لجنة الانتخابات الرئاسية فيما لم تكن مستعدة له، وكان له أثر سلبي سجلته لجان المراقبة الداخلية والخارجية، حتى مع الاعتراف بقانونية القرار إلا أنه لم يكن هنالك ما يوجب اتخاذه، وكان أبرز الأخطاء فى المدّ ليوم ثالث، مع التسليم بقانونيته، فقد جاء تحت ضغط بدا أن لجنة الانتخابات الرئاسية غير قادرة على مواجهته!
ما حدث أنه، وبمجرد انقضاء ساعات قليلة من بدء عمليات التصويت في اليوم الأول، ودون توفر أى معلومات بعد، بل مجرد ملاحظات بالعين المجردة، راح بعض الإعلاميين والإعلاميات من بعض القنوات الفضائية يصرخون إلى حد الهستيريا عن عزوف الناخبين، ودون التثبت من مسألة العزوف هذه، راحوا يحللون الأسباب بأنفسهم ويستضيفون، فى الاستوديو وعلى التليفون، من يفند الأسباب ويحللها، وكان غريباً أن يكتشفوا ويتفقوا جميعاً، وفى وقت واحد، وفى تناغم غريب، أن السبب فى هذه الكارثة هو الإجراءات التى وضعتها اللجنة لتنظيم تصويت الوافدين من خارج محافظاتهم، ولا تعرف كيف تمكن بعضهم من تحديد أعدادهم بأنهم ستة ملايين، وقال آخرون بل سبعة، وارتفع الرقم فى المزاد إلى ثماينة! ثم قفزوا فوق النتيجة التى توصلوا إليها، واتهم بعضُ الضيوف اللجنةَ بأنها تتعمد إفساد الانتخابات والحد من أعداد الناخبين، مما سيكون له أثر بالغ فى صالح جماعة الإخوان فى المقارنة مع الانتخابات التى فاز فيها ممثلهم، ثم انتقلوا بسرعة إلى التوصيات، بل إلى النصائح التى لا تقبل المناقشة، ومن أهمها أن تتخذ لجنة الانتخابات قراراً فورياً بالمد ليوم ثالث يتيح لهذه الفئة أن تدلى بأصواتها!
واستسلمت اللجنة، واتخذت قراراتها التى لا تسر من كان يحب لها أن تبدو قوية، فمدت إلى يوم ثالث، وألغت قرار المد إلى الساعة العاشرة فى اليوم الثانى والذى كانت اتخذته لتوها!
ولكن مهلاً، فإن الرقم الوحيد الموَثَّق الذى يمكن الاستناد إليه فى أعداد الوافدين هو الذى جرى تسجيله فى الاستفتاء على الدستور فى يناير الماضى، عندما كانت اللجان منتشرة تقريباً فى كل المحافظات بما كان يُسَهِّل على الراغب منهم الإدلاء بصوته، ولكن الثابت فى الوثائق أن جملة من استغل هذا الحق كانوا نحو 420 ألف ناخب فقط لا غير.
ومع ذلك، فإن الإعلام هو الذى شن حملات منذ ابتداع تصويت الوافدين يحذر فيها من أن هذه ثغرة للتزوير ينبغى سدّها! وهو ما اجتهدت فيه لجنة الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات الأخيرة بوقت كاف، ودعت كل الوافدين لاتخاذ اجراء كذا لإثبات رغبتهم فى التصويت فى محافظة كذا بدلاً من محلهم الأساسى، ولكن لم يستجب لهذا سوى نحو 67 ألفاً فقط!!
أى أن اللجنة عملت ما عليها وزيادة، فقد أخذت بالتخوفات من التزوير ووضعت الضوابط التى تراها كافية، على مرأى ومسمع من الرأى العام الذى لم يعترض منه أحد وقتها!
ثم، تعالى لحكاية العزوف هذه والتحدث بثقة غير مبررة عن أن أعداد الناخبين كانت هزيلة فى اليوم الأول، فقد صَرَّحت بعضُ المصادر، بأن اليوم الأول شهد أكبر عدد من الناخبين فى تاريخ اليوم الأول فى أية انتخابات سابقة! وأنه تجاوز الـ 16 مليون ناخب!! وقد فسَّر هؤلاء الانطباع الخاطئ، لأنه لم يكن هنالك طوابير وتكدس أمام اللجان، وكان هذا مدعاة لشكر للجنة التى تمرست بالعمل واتسم أداؤها بالسرعة، إضافة للدور العظيم الذى قامت به قوات الشرطة والجيش فى حماية العملية من خطط الإخوان، التى باتت مفضوحة، بالدفع بأعداد ضخمة من محترفى التعويق للوقوف فى الطوابير أمام الناخبين مع تعمد إثارة الشجار لإرهاب الناس حتى ينفضوا!
والغريب، أنه بعد أن خضعت لجنة الانتخابات الرئاسية للضغط واتخذت قراراً بالمد ليوم ثالث، إذا بالأصوات تتعالى، منها بعض هؤلاء المنادين بيوم ثالث(!!) بأن القرار الجديد خانه التوفيق لأنه أعطى انطباعاً بأن اللجنة يحكمها تصور أن عدد الناخبين يجب أن لا يقل عن حد معين!!
الخلاصة، مع اختصار تفاصيل كثيرة، أنه ينبغى الاهتمام من الآن بالانتخابات البرلمانية، وبوجوب توفير ظروف أفضل لها، ليس بتحجيم الإعلام، بل بالمزيد من المتابعة والدأب فى تقصى الأحوال، ولكن مع الأخذ بأهم القواعد وهى التدقيق فى صحة المعلومات قبل إشاعتها فى الرأى العام، مع احترام حق المسئول فى اتخاذ القرار الذى يراه، فى حالة أن يحتمل الموقف أكثر من قرار، مع لزوم تقدير الظرف الضاغط على المسئول فى هذه الحالة.
وقد يكون من المفيد لأعضاء اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية أن يحددوا مَن مِنهم يتولى وحده مسئولية مخاطبة وسائل الإعلام، وأن لا يتسابقوا فى الظهور الإعلامى، حتى لا يتعرَّضون، كما حدث، إلى أن يستجوبهم بعض الإعلاميين ويوجهوا لهم التهم جزافاً بلا معلومات ولا ضوابط، فى خرق واضح لقواعد الإعلام، وفى انتهاك للتقاليد التى يأمل كثيرون أن تضبط عمل اللجان المسئولة عن الانتخابات وتضفى عليها وقاراً واحتراماً!