الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نوم "النخب المصرية" عبادة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتهت الانتخابات وابتدأت مصر، ومع بداية عهد الجمهورية المصرية الثانية ينبغي أن نتوقف قليلا لنقرأ السابق فنعرف اللاحق، من السابق عرفنا أن النخب المصرية حصلت على امتياز في الفشل، تلك النخبة الفاشلة التي صدعت رؤوسنا بنظريات ونظريات، وحين تحدثت مع الجماهير صبغت حديثها بنغمات التعالي، وإذا بهم في نهاية المطاف أجهل من الجهل ذاته، فبعد أن قامت ثورة يناير قاموا ببلاهة مفرطة بتسليم مصر كلها لجماعة الإخوان الإرهابية، كان كل همهم أن يحصلوا على رضاء الجماعة حتى يحصلوا لأنفسهم على مساحة في المستقبل، وإن كنت ألتمس لكثير من الشباب المحسوب على الثورة العذر في الوقوع في شراك الإخوان بسبب قلة خبرتهم وعدم درايتهم السياسية، إلا أنني كيف ألتمس العذر لمن بلغوا من الكبر عتيا وقضوا أعمارهم في السياسة والإعلام ومروا على عهود متوالية، ومرت عليهم أنظمة مختلفة! كيف ألتمس لهم العذر وهم الذين قدموا أنفسهم للرأي العام على أنهم دهاقنة السياسة التي تخطئهم دائما عيون الحكام فلا تسند لهم مناصبا مناسبة، ولكنني أدركت حين رأيتهم وهم يتزلفون للإخوان أن المنصب المناسب لكل واحد منهم هو أن "يلزم سريره" في بيته لا يغادره أبدا.
وحين رأيتهم يهرعون إلى فندق الفيرمونت ليلتقوا مع محمد مرسي ويعاهدونه على الوقوف معه في الانتخابات الرئاسية الماضية قلت في نفسي: أبشري بالخراب يا مصر، فمن كان من المفترض أن يفهموا جهلوا، ومن كان من المفترض أن يرتبوا أولويات الوطن ترتيبا صحيحا سلمونا لجماعة إرهابية هي في حقيقتها أكبر خطر على الأمن القومي المصري، لم يعلم الرجل النخبوي المدعو "حمدي قنديل" حين ذهب للفيرمونت ليبايع جماعة الإخوان بأسرها، وكأنه يهلل ويكبر لها أن تلك الجماعة لم يكن لها مشروع سياسي للحكم في أي وقت من الأوقات، ولا أظن أنها فكرت في يوم من الأيام أن يكون لها مشروع سياسي، وعلى مدار وجودها ظلت تلك الجماعة لا تحمل تصورا واضحا لمعنى الشعار الذي رفعوه "الإسلام هو الحل"، والغريب أن الرجل النخبوي حمدي قنديل كتب في مذكراته أنه لم يخطئ بتأييده لمرسي، ولكن مرسي هو الذي أخطأ عندما خالف وعوده، أهلا وسهلا، أكرم وأنعم بالنخبوي الفذ، أنت لم تخطئ يا سيد حمدي يا نخبوي بوضع ذراعك في فم الذئب، ولكن الذئب هو الذي أخطأ حينما أطبق بمخالبه على ذراعك!! هذه نباهة منقطعة النظير!
ولم يعلم الرجل النخبوي حسن نافعة وهو يهرع في الفيرمونت ليحتضن محمد مرسي -لدرجة أنني ظننت أنه سيكب بوجهه مقبلا يده من فرط لهفته- لم يعلم أن مرسي هذا هو مجرد جندي مطيع في جماعة عسكرية، بحيث لا يستطيع أن يبرم أي أمر دون أن يتلقى توجيها بذلك من مسئوله الإخواني، وأنى له أن يعلم وهو الذي لم يكلف نفسه بقراءة أدبيات الإخوان وأفكارهم وتاريخهم، ولم يعلم الرجل النخبوي الروائي علاء الأسواني وهو يصطف في الطابور ليظهر في الصورة التاريخية كواحد من الذين بايعوا مرسي والإخوان أن الإخوان هم أصحاب المشروع الأخطر على مصر، إلا لو كان علاء الأسواني يعلم ولكنه آثر أن يبايعهم لسبب أو لآخر، والغريب أن الدكتور عبد الجليل مصطفى الذي كانت لديه لائحة بالانتقادات ضد الإخوان وسلوكهم وتكفيرهم للمجتمع ويعلم من الأسرار ما لا يعلمه غيره كان من الذين بايعوا محمد مرسي في الفيرمونت.
لم تكن كل هذه الأشياء ماثلة أمام نخبتنا التي خيبتنا، رغم أنها كانت من المعلوم من السياسة بالضرورة، ولكن الأنكى من هذا أنه عندما جد الجد ووقف الشعب بأكمله ضد الإخوان ثم كانت ثورتنا العظيمة التي حطمنا فيها الصنم الإخواني إذا بهذه النخب المزيفة تختفي من الصورة، فلا تتقدم الجماهير، ولا تشارك في ثورته، بل اختفت خائفة مرعوبة من أن يتغلب الإخوان على ثورة الشعب فتكون عاقبتهم وخيمة، وحين بحثنا عن هؤلاء إذا بيسري فودة يختفي في الزحام، وإذا بحسن نافعة لا نسمع له صوتا ولا حسا، وغاب حمدي قنديل في غابة الخوف ومعه علاء الأسواني وحمدي قنديل وأيمن الصياد.
وعندما قامت الشرطة المصرية بناء على طلب الشعب المصري بفض اعتصام رابعة أخذت ندابات النخب في القيام بوظيفتها، فتصاعدت الولولة وشق الجيوب ولطم الخدود، ومع الانتخابات الحالية وجدنا كل هؤلاء يحملون رايات غربية تحاول تفتيت الوحدة المصرية، فمنهم من ظل يهاجم الجيش المصري بلا انقطاع، وآخر يدعو للمقاطعة، وثالث يوجه اتهامات مسبقة بأن انتخابات الرئاسة ستكون مزورة، وكأنه اطلع على الغيب وعرف ما كان وما سيكون!
وليس لي في نهاية المقال إلا أن أطلب من هؤلاء أن يغيبوا عن حياتنا، الزموا بيوتكم وناموا ما شاء لكم النوم، فقديما قال أجدادنا إن نوم الظالم عبادة.