السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل يمكن تعديل المعاهدة المصرية الإسرائيلية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الناحية النظرية يمكن الإجابة بنعم عن هذا السؤال، حيث نصت المعاهدة في بعض بنودها على إمكان مراجعة بعض مواد هذه المعاهدة بموافقة الطرفين أي مصر وإسرائيل، بل حددت المعاهدة الأشكال التي يمكن عبرها إتمام هذه المراجعة أو هذا التعديل لبعض بنودها خصوصا الملحق الأمني للمعاهدة ألا وهي التفاوض والتوفيق والتحكيم.
أما من الناحية العملية، فالأمر يرتبط بتحديات كبيرة، فإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية يمكنها رفض هذا التعديل، استنادًا إلى أن ذلك يفتح الباب أمام تعديل المعاهدات الأخرى خاصة مثلًا معاهدة وادى عربة أوسلو، أو ما دون ذلك من الاتفاقيات، من ناحية أخرى فإن المطالبة بهذا التعديل من جانب مصر قد يفسر من الجانب الإسرائيلي بأنه يعكس نية مصر التملص من المعاهدة بعد الثورة.
ولا شك أن المعاهدة المصرية الإسرائيلية لا تشمل في موادها ونصوصها على ما يجيز الإلغاء، وفقًا لقواعد القانون الدولي، حيث حدد هذا القانون أن المعاهدات تعتبر لاغية ويمكن إلغاؤها في حالة اشتمالها على تدليس أو غش أو إفساد لإرادة ممثل الدولة والطرف الآخر، أو تضمينها مبادئ ومواد مجافية ومنافية لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو القواعد الإنسانية العامة وحسن الخلق.
ومع ذلك فإن بندًا إضافيًّا في القانون الدولي يجيز إلغاء المعاهدة ألا وهو الإكراه، أي عقد المعاهدة في ظروف تكره الطرف الآخر على قبولها والسؤال هو هل من الممكن أن ينطبق هذا الشرط على المعاهدة المصرية الإسرائيلية؟
هل يتوفر شرط الإكراه المعنوي أو المادي في الحالة المصرية الإسرائيلية؟ هل يعتبر الاحتلال أي احتلال إسرائيل لسيناء في أثناء عقد المعاهدة من قبيل الإكراه؟ الأمر ليس بسيطًا وإنما بحاجة إلى خبرات قانونية ومصرية ضالعة في مسائل القانون الدولي، وذلك بافتراض توفر الإرادة السياسية.
حفلت أجندة ما بعد الثورة المصرية بتحديات كبيرة داخلية تتعلق بالأمن والاستقرار وإعادة بناء النظام السياسي واستعادة هيبة الدولة، وتحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية، وهذه التحديات من الواضح أنها تحظى بالأولوية لدى المصريين كافّةً؛ حيث فهم المصريون المعاهدة بأنها إنهاء لحالة الحرب التي استنزفت قواهم واقتصادهم، طيلة سنوات، وهم يرغبون في استمرار هذه الحالة ولكنهم في نفس الوقت يريدون لمصر أن تلعب دورًا عربيًا في مساندة القضية الفلسطينية، وأن تمارس ضغوطًا على إسرائيل للقبول بدولة فلسطينية عاصمتها القدس.
في مقابل ذلك فإن مطلب التعديل والمراجعة خاصة فيما يتعلق بالملحق الأمني تؤيده قطاعات من المصريين ومن الممكن إيجاد مخارج سياسية وقانونية لمثل هذا التعديل فالظروف تغيرت كثيرًا عن ذي قبل أي عن وقت توقيع المعاهدة ورغم أن تغير الظروف ليس حجة للتعديل فإنه سياسيًا يعتبر حجة قوية، من ناحية أخرى فإن تغييرات عديدة لحقت بتطبيق بنود الملحق الأمني بسبب الإرهاب في سيناء والعمليات الإرهابية وسمحت إسرائيل عمليًا بزيادة القوات المسلحة المصرية ومعداتها وطائراتها لمقاتلة الإرهابيين، في المنطقة (ج) والسؤال هل يمكن تحويل هذا التغيير الواقع فعليًا De Facto إلى واقع قانوني De Jure؟ السؤال مطروح والإجابة مؤجلة إلى حين.