الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الشباب قادمون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصراع بين الأجيال أبرز أشكال الصراع اليومي، ويظهر هذا الصراع في محاولات جيل الشباب أخذ فرصته في القيادة من جيل الشيوخ واحتلال مواقعهم الاجتماعية والسياسية، وحجة الشباب في هذا الصراع أن الشيوخ يفكرون بلغة الماضي وعدم الابتكار والمواكبة للغة العصر.. وقد تفاقمت حدة هذا الصراع بين الجيلين في عصرنا الحاضر بسبب تطور وسائل الاتصال والتواصل والمعرفة الحديثة (كومبيوتر، محمول، شبكات إنترنت، فيسبوك، تويتر، قنوات فضائية) إذ نشأ جيلى من الشباب وما بعدنا مع هذه الوسائل البديعة التي تتسم بالسرعة والدقة وغزارة المعلومات، وأصبحنا نجيد التعامل معها بكفاءة عالية، دون حواجز، على النقيض من الشيوخ الذين فاجأتهم هذه الوسائل المتطورة لأنها تختلف اختلافًا جذريًا عن الوسائل القديمة التي تربوا عليها وتعودوا على بطئها، فهم يتعسرون باستخدام الوسائل الحديثة ولا يستطيعون مسايرة إيقاعها السريع، وهذا ما يجعلهم يشعرون بحواجز شاهقة بينهم وبينها، ويجعلهم يحسون بالغربة عن العصر الراهن، لأن كل شيء حولهم قد تغير عما تعودوا عليه وألفوه وتزداد حدة هذا الصراع في نفوس الشيوخ كلما كانوا أكثر تمسكًا بتراث الماضي كما هي عادة الناس غالبًا (إنَّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمَّة وإنَّا على آثارهم مُقْتَدون) سورة الزخرف 23، ولهذا السبب تزداد مقاومة االعجائز لكل جديد لأنه يسلبهم مكاسبهم الشخصية ومكانتهم الاجتماعية التي قضوا السنين الطويلة في تشكيلها.
ونعتقد أن حل هذا الصراع بين الجيلين يكمن في إدراك كل منهما لهذه الحقائق، والاتفاق على اللقاء في "نقطة وسط" يستفيد فيها الشباب من حكمة االكبار، ويترك العجائز للشباب حرية الحركة والتصرف واتخاذ القرارات التي تناسب متغيرات العصر، وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم درسًا مهمًا في هذا السياق عندما سلَّم "أسامة بن زيد" رضي الله عنه قيادة الجيش المتوجه لقتال الروم في الشام، وكان أسامة فتى حديث السن، بينما كان في الصحابة قادة عسكريون كبار، الصراع الآن بين العجائز والشباب اخذ منحنى آخر فبعد أن قام الشباب بثورتين عظمتين كان لة فيها دور القيادة وإطلاق شرارتها لم يعد يقبل اقل من أن يكون على مقربة من مواقع القيادة ليتعلم وياخذ الخبرات اللازمة ولكن ما زال الكبار على تعنتهم ورفضهم لكل ما هو شاب مع التقليل من شأنهم ومحاولة إيهام المجتمع أن الشباب هو سبب الفوضى والانكسارة التي تعيشها البلاد.
ولا أدلل على كلامي إلا بما يحدث الآن والصراع بين الكبار والعجائز مع بعضهم البعض لتصدر المشهد وإيهام الجميع أنهم طوق النجاة وأنهم الأقدر على حل كل الصعاب.. لا يا سادة أفيقوا من غيبوبتكم لأننا جيل عاش في كنف نظام لم يضعه ضمن أولوياته يوما، كانت الشهادات التي يحصل عليها تلقى في الأدراج، والوساطة هى كلمة السر للعبور من نفق البطالة المظلم، كرهوا الإبداع لأنه لا يرى النور في بلادهم، ذاقوا ألوان الفقر والجهل والإهانة، لم يعاصروا حروبا أو نكسات، لكنهم شاركوا في حروب رغيف العيش وأنبوبة البوتاجاز فأعطتهم قوة وصلابة في مواجهة الأزمات التي فشلتم أنتوا يا أصحاب الخبرة في حلها بل أنتم سبب الفشل الذريع الذي تعيشه مصر الآن. أيها السادة الشيوخ والعجائز أفيقوا من أوهامكم بعودة دولتكم.. المطلوب منكم الآن أن تعودوا خطوات إلى الخلف وتقدموا الشباب ليأخذ فرصته ثم يتم الحكم عليه وليس كما تفعلون تصدرون أحكاما بالفشل قبل أن يبدأوا واعلموا أن الأيام دول.
والصورة الآن ازدادت قاتمة حيث ازداد تكالب النخبة على العمل في المجال السياسي، وبالأخص على مقربة من دوائر السلطة فيما أهملت النشاطات الفكرية ونشاطات العمل الاجتماعي، ومثلما أدى ذلك إلى تدهور المجتمع الأهلي، فإنه أدى أيضا إلى أزمة أو صراع جيلي محتدم بالقرب من دوائر السلطة، إذ بات من الصعب أن تعثر الأجيال الشابة على فرصة للتأثير في صانع القرار بسبب الطابور الطويل من الأجيال الواقفة في انتظار دورها للالتحاق بالسلطة.