الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وداعًا.. حمدين باي باي.. حملة السيسي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المفارقات أن يجتمع المرشح الرئاسي حمدين صباحي وبعض أعضاء حملة المشير عبدالفتاح السيسي على استحضار نظام الرئيس السابق مبارك بكامل آلياته وأدواته ووضعه نصب أعينهم كنموذج يتصرفون على أساسه ووفق قواعد اللعبة الحاكمة له.
إلى هنا كلاهما يدعي المشاركة في تورتي 25 يناير و30 يونيو، ومع ذلك لا يبدو أنهما تخلصا من عباءة منظومة العقود الثلاثة السابقة على يناير 2011.
حسنًا لنطلق العنان قليلاً لقدرتنا على التأمل والتحليل لطبيعة أداء الطرفين ولتكن قاعدة انطلاقنا إدراكنا أن ثمرة الوعي لدى الشعب المصري قد نضجت على نحو منقطع النظير خلال سنوات الثورة وأن هذا الشعب صار حساسًا تجاه الفساد والاستبداد وعدم الشفافية والضحك على الذقون باسم الدين، وهذه الحقيقة تمثل في واقع الأمر المعيار الذي نقيس به صحة فرديتنا التي تقول بأن كلاً من الناشط حمدين وبعض أعضاء حملة السيسي لا يستطيعون الحياة خارج بحر نظام مبارك.
لم يتبق إذن إلا أن نمضي نحو الاختبار الذي يطرح بدوره سؤالاً رئيسيًا مفاده هل بلغ وعي وإدراك وحواس هولاء من نقصدهم حقيقة ما جرى للمصريين من تغير في قدراتهم على الفهم والتحرك؟
تبدو لي الإجابة سلبية أنظروا كيف أسس المرشح الرئاسي حمدين صباحي خطابه! أنه لايزال يتحاور مع نظام مبارك بنفس طريقته القديمة، والتي صارت بعيدة بحكم المسافة الزمنية التي قطعها المصريون على متن سفينة ثورتهم الممتدة من يناير 2011 إلى يونيو 2013.
حمدين قال في آخر هتافاته للشعب المصري لا تؤاخذونا على أخطاء السلطة الحالية وهو لا يألو جهدًا لاتهام السلطة الحالية بنفس ما كان يتهم به نظام مبارك متجاهلًا الطفرة التي حدثت في أداء مؤسسات الدولة ولايزال يروج إلى أن السياسة تتدخل في احكام القضاء، وأن السجون ملأى بمعتقلي الرأي وزاد على ذلك تلميحاته وغمزاته بأن الجيش هو الذي يحكم وليس الرئيس المؤقت عدلي منصور وحكومة المهندس إبراهيم محلب.
يحاول صباحي الادعاء بأن التجربة الناصرية هي مرجعيته ونقطة انطلاقه بينما هو في الواقع لايزال يتحرك من نقطة معارضته العقيمة السقيمة لنظام مبارك وتكفي الإشارة هنا إلى أنه كان واحدًا من أولئك الذين عملوا على شق صف الحزب الناصري وقاموا على تفتيت التيار بتأسيسه حزب الكرامة الذي عجز على تقديم معارضة جادة وفاعلة بل أنه فشل في إقامة مبدأ العدالة الذي يتشدق به بين صحفيي جريدته الذين لا يتقاضون رواتبهم بل وتطالبهم إدارة الجريدة بتحمل أعباء دفع قيمة تأميناتهم الاجتماعية ولا داع هنا ان اذكر بأن أقطاب الناصرية الحقيقيين ومنهم على سبيل المثال والحصر الكاتب أحمد الجمال وفريدة الشوباشي وعبدالحليم قندين وآخرون لم ينفضوا فقط من حوله وإنما رأوا في منافسه المشير عبدالفتاح السيسي الامتداد الحقيقي للتجربة الناصرية من حيث كونها نموذجًا لعملية بناء الوطن بغض النظر عن تغير الآليات والأدوات بحكم اختلاف العصر.
الواقع أن حمدين صباحي لم يبرح بعد مستوى نضجه عندما كان رئيسًا لاتحاد الطلاب والأخطر من ذلك أنه تجسيد حقيقي لفشل كل وجوه المعارضة القديمة لذلك هو لم يفشل فقط في تقديم نفسه كشخص مؤهل لرئاسة مصر وإنما أيضًا فشل طرح نفسه وتياره كوجه على بناء معارضة بناءة تشارك في عملية تحديث الوطن لذلك أقول له وداعًا حمدين وكل الوجوه القديمة في المعارضة المصرية لذا لزم العمل على إعادة بناء وهيكلة الحياة السياسية على نحو يفرز قوى وأحزابًا غير تلك التي نشأت في زمن مبارك وأضفت بظلالها على تلك التي نشأت عقب 25 يناير مباشرة فكل في الوهن والفشل واحد. 
الأمر ذاته يكاد ينطبق على بعض أعضاء حملة المشير السيسي لاسيما أولئك الذين يتشدقون بمبادئ الثورة المصرية فهم يتشاركون مع حمدين في عدم إدراك حقيقة ما جرى في وعي المصريين.
التعالي وعدم الرد السريع على الشائعات التي تتردد حول الحملة وتجاهل الصحفيين والإعلاميين سمات أساسية لأدائهم، بل إن بعضهم يتعامل وكأنه داخل قصر الرئاسة كل ذلك يتم بحجة ما قاله مرشحهم عبدالفتاح السيسي بوصف الحملة بأنها غير تقليدية وظني أن خطاب المشير وأداءه الشخصي هو ما ينسحب عليه ذلك الوصف لذك ينجح السيسي في كسب أرض جديدة كلما تحدث واعتقد أن هذه العناصر كانت ستكون سببًا في خسارة فادحة للفريق أحمد شفيق لو عملت معه في انتخابات 2012.
هؤلاء الأشخاص يعتقدون خطأ أن السيسي هو مبارك وأنه قادم بنفس الأدوات القديمة وأكاد أجزم بأنهم لم يفهموا جوهر خطابه وإلا لاختلفت طريقة تواصلهم مع الصحفيين والإعلامييين ومن ثم مع الجماهير لكنهم في نهاية الأمر كالعدم ولن يكون لهم مكان في النظام الذي سيكون له منهجه وآلياته التي تختلف تمامًا عن الأعوام الستين الماضية، لذلك ستقول الأمة المصرية عماد النظام الجديد وقوامه الرئيس باي باي حملة السيسي.
مجمل القول الذي فاز بعقول المصريين قبل قلوبهم ويمضي حديثه كالبرق في أفئدتهم هو الرجل الذي فهم الشعب وأدرك مدى التحول في وعيهم وأيقن أنه لا نجاح لتجربته بدون الإيمان بإرادة شعبه.