الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدور الرابع على يمين الأمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل هى سياسة الدور، أم سياسة الطابور؟ وسياسة الدور هذه هى السياسة التى اتبعها الأوروبيون فى القضاء على دولة الأندلس، حيث حولوها إلى دويلات ثم انقضوا على كل دويلة على حدة، وكانت كل دويلة تنتظر دورها المرسوم لها، ومرت العقود والقرون وأمتنا هي هي، لم تتعلم من دروس التاريخ، رغم أنها ظلت تعيش في التاريخ! متجاهلة حاضرها ومستقبلها، ظلت الأمة واقفة عند "كنا وكانوا" إلا إنها لم تر "صرنا وصاروا" والأمة التي لا تأخذ من ماضيها قنديلا من المعرفة والحضارة والرقي يفتح لها طريق المستقبل هي أمة لا مستقبل لها، والأمة الغافلة عن المخاطر التي تهددها هي أمة لا بقاء لها، ودعك مؤقتًا من تاريخ الاستعمار مع أمتنا، وكيف أنهم فرضوا أنفسهم علينا بالقوة والسلاح وسلبوا ثرواتنا وسامونا سوء العذاب والتجهيل والتفقير حتى نصبح أمة عاطلة خارجة من السياق الحضاري، ولكن مد بصرك فقط إلى تلك الأيام القريبة لتعرف مدى حجم المؤامرة علينا، يكفي أن تمعن التفكير في تلك التصريحات التي أدلت بها السيدة وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد بوش، والتي تحدثت فيها عن شرق أوسط جديد وفوضى خلاقة، وقتها استقبل بعضنا هذه التصريحات ببرود، وتحذلق البعض وتعالم البعض، إلا إن أحدًا لم يترجم تلك التصريحات سياسيًا، وبالتالي لم يقم أحد بإعداد استراتيجيات تواجه مخطط "تقسيم الشرق الأوسط جغرافيًا عن طريق خلق حالات فوضى ترتدي قميص الثورات" أما كيف يتم التقسيم والأمة كلها تؤمن بالقومية العربية التي تميل للوحدة لا للتفتيت؟ لا يكون ذلك إلا عن طريق إثارة النعرات الطائفية وتقوية حركات "الإسلام السياسي" هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يثير البغضاء في النفوس، فمن خلف ظهر أمتنا تظهر تلك الحركات التي ترفع راية التكفير في مواجهة مجتمع عاش عمره متآلفًا، والتكفير يجر وراءه جيوش الجهاد التي تريد أن تنتصر للدين من أولئك الذين يحاربون الدين! ولكن كيف تكون البداية؟
لم تجهد أمريكا نفسها فى إخفاء خططها، ولماذا تخفي خططها وهي تتآمر على أمة لا تقرأ، وإذا قرأت لا تهتم وكأن هذه المؤامرة موجهة لأمة أخرى لا شأن لنا بها، بل إن هذا المخطط بتفصيلاته سبق وأن كتبه في غضون عام 1975 كبار الساسة والاستراتيجيون في أمريكا في مجلدات أطلقوا عليها "رؤية أمريكا للمستقبل" وكان اللعب بالورقة الدينية هو السلاح الذي رأت أمريكا أن تستخدمه، وقد أشرف على وضع ذلك المخطط السيد "بريجنسكي" مستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها، وكانت أنبوبة الاختبار الأولى لهذا المخطط هو زرع دولة شيعية في إيران العلمانية، ثم إجهاد أكبر قوتين فى المنطقة وهما إيران والعراق فى حرب لا طائل من ورائها ـ لا طائل لنا نحن طبعًا ـ ثم أصبح من السهل بعد ذلك وضع جزرة الكويت أمام العراق لتنقض عليها متخيلة أن الدنيا قد أقبلت عليها، فى حين أن هذه الجزرة كانت مصيدة لاصطياد العراق الساذج، وبلا مبالاة التهمت أمريكا الفريسة الساذجة وقضت على قوة جيشها ثم وضعتها فى حرب أهلية، حتى أصبحت العراق هيكلًا عظميًا لدولة يتقاسمها الشيعة والسنة ويشرف على عب ثرواتها الكاوبوى الأمريكى المتغطرس، وبعد أن ظن الأمريكيون أن خطتهم تسير على مايرام استداروا ناحية سوريا، وفى ذات الوقت وضعوا إيران نصب أعينهم وبدأوا فى إعداد المصايد وافتعال المشاكل والتمحك فى مقتل الحريرى تارة وفى الملف النووى تارة أخرى، المهم أن تحصل أمريكا على أوراق رابحة فى كل بلد من بلدان المنطقة حتى تستطيع من خلال هذه الأوراق قسمة البلد الواحد إلى عدة دويلات وجعل هذه الدويلات تحت السيطرة التامة، ثم كان الدفع بالإخوان ليكونوا عنصرًا فاعلاً في تنفيذ المخطط الأمريكي، وبحكم الإخوان في السودان يتم تقسيم السودان إلى دويلة فى الشمال ودويلة فى الجنوب، ثم تقوم ثورات الربيع التي تؤججها قوى ثورية مشبوهة، متحالفة سرًا مع تنظيم الإخوان، ثم تتحول جماعة الإخوان إلى أكبر لص سارق للثورات عبر التاريخ، ومن خلالها يتم تجميع كل الجهاديين التكفيريين في العالم لإنشاء جيش أطلقوا عليه "الجيش السوري الحر" ليفعل بسوريا الدولة الأفاعيل بحجة أن بشار الأسد ديكتاتور! ويالها من حجة لا تنطلي على ساذج أبله، ألكي نقضي على ديكتاتور نسقط دولة بأكملها ونحطم كل مقدراتها! ومن بعد ذلك استدارت أمريكا بأداتها الإخوانية إلى مصر فأوصلتهم للحكم، وحين فشل مخطط بقائهم بسبب ثورة الشعب عليهم أخذوا يدبرون المؤامرات لتحطيم الدولة المصرية بحجة لا تنطلي على ساذج أبله، هي حجة استعادة الشرعية ـ التي أسقطها الشعب ـ وحتى لو فرض جدلا وكانت لهم شرعية، أمن أجلها يتم إسقاط الدولة بأكملها فلا تكون هناك دولة تعطي شرعية لأحد!
كل ذلك والصياد الأمريكى ذلك الكاوبوى الذى تعوّد على أن يمتطى صهوة حصانه ليجرى وراء فريسته يظن أنه قادر على تقسيم مصر إلى دويلة إسلامية سنية، تواجه دولة مصرية علمانية، ولا مانع من دولة نوبية، وأخرى قبطية، وهكذا دواليك، وفي كل ذلك تقف جماعة الإخوان كأداة طيعة في اليد الأمريكية، يساعدها في ذلك بعض المبعوثين الأمريكيين الذين يظهرون أمامنا بصورة مصرية ـ مزيفة ـ مثل عمرو حمزاوي ومصطفى النجار وحسن نافعة ووائل غنيم وغيرهم، ولأن الشعب المصري كان أشد فراسة من نخبه الضائعة، وأحد ذكاءً من ساسته فقد استطاع ـ بقيادة أحد أهم الفرسان المصريين عبدالفتاح السيسي ـ إسقاط الكاوبوي من فوق فرسه.