الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الأديب أشرف العشماوي: الإرهاب يتغذى على الفساد باعتباره بذرة التطرف

أشرف العشماوي قاض
أشرف العشماوي قاض مصري بمحكمة الاستئناف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أشرف العشماوي قاض مصري بمحكمة الاستئناف، وروائي صدرت له روايات هي "زمن الضباع٬ المرشد٬ تويا" والتي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية ٢٠١٣، وأخيرا رواية البارمان، حيث نال عنها العشماوي جائزة أفضل رواية من معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المنصرمة٬ كما أصدر كتابا عن سرقات الآثار المصرية وتهريبها ومحاولات استردادها بعنوان "سرقات مشروعة" تمت ترجمته إلى اللغة الألمانية.

"البوابة نيوز" نظمت معه هذا اللقاء، للحديث حول آخر أعماله وما قدمه من روائع أدبية، كما تحدثنا عن رأيه في الأحداث الجارية في مصر، لا سيما الانتخابات الرئاسية ومن سيرشح للوصول لحكم مصر فتابعونا..

** البعض يرى أن "البارمان" مكتوبة بطريقة تجارية علي طريقة "عمارة يعقوبيان" لتحقيق التوزيع والانتشار ؟

لم أكتب "البارمان" بطريقة تجارية كما أنه لا توجد علاقة بين الرواية وبين "عمارة يعقوبيان"، ولا توجد في الرواية مشاهد جنسية سوي مشهدين بين عبد الوهاب ومريم وتناولتهما بالحكي والسرد، وليس بالوصف، ولا يوجد به ما يخدش حتي حياء القارئ، ولم استعمل ألفاظا مبتذلة بل جمل فصحي بسيطة، والمشهد الثاني بين الضابط وزوجته، ووصفت عجزه الجنسي، وكيف ينعكس هذا علي قهره لغيره في سطر واحد فقط، ولا أعتقد أنني تجاوزت أو كنت أخاطب الغرائز.

** ولكن الرواية بدت بسيطة، دون عمق أو فلسفة تذكر؟
فيما يخص خلو روايتي من العمق فأنا أعتمد علي توصيل الفكرة بأسلوب بسيط دون اللجوء إلي العبارات المركبة المعقدة، وما أسهل أن أكتب بأسلوب مقعر لكن هذا ينفر القارئ كما أن الكتابة التي توصف بأنها "خفيفة" أصعب من الكتابات الثقيل، ولا أعتبر أن كتبي خفيفة كوني أستخدم لغة بسيطة، والمحك هنا بماذا سيخرج المتلقي؟ وهو ما أراه نجاحًا مهمًا بالنسبة لي إلى جانب أنه غير صحيح مقولة هذه كتابة جيدة والأخرى رديئة فهناك كتابة ممتعة وأخري أقل إمتاعًا٬ كتابة غنية فنيًا وأخري فقيرة فنيًا في النهاية هي معايير شخصية تتفاوت ما بين ذائقة متلقي وآخر ولا يوجد كاتب يتفق عليه جميع القراء .

**قدمت في "البارمان" شخصيات تعتقد أن الدين مجرد طقوس ومظاهر قشرية.. كيف ومتى حدث هذا التحول الكبير في المجتمع المصري؟
حدث هذا التحول في النصف الثاني من السبعينيات تحديدًا في عامي ٧٦/٧٧ حيث ارتبط بأمرين أولهما هجرة المصريين إلي دول الخليج النفطية، وما ترتب عليه من أثر تجلي في نقل فكر وثقافة المجتمع الوهابي المنغلق إلي مصر وكانت مدينة نصر المنطقة الأولي التي نقل إليها هذا الفكر نتيجة انعدام الخيال وثقافة الجمال ولطبيعتها الصحراوية القريبة للمناخ الوهابي.
الأمر الثاني سياسات الرئيس السادات فقد رأي في اليمين المتأسلم "الثعبان" الذي سيبتلع بقية الثعابين أو من أسماهم لابسي قميص عبد الناصر الشيوعيين مع الاشتراكيين وجمعهم في سلة واحدة هي تيار اليسار رغم أنه لا يصل إلي السلطة وبدونه أي مجتمع ينهار فاليسار صوت الخيال النقاء وسواء اتفقت أو اختلفت معه ووجوده هام إلا أن السادات أراد التخلص منه، وأبرم الصلح مع تيار اليمين الاسلامي من الجماعات الاسلامية وأطلقه في المجتمع فصار الدين مجرد عملية شكلية لحية وجلباب وبنطلون قصير حجاب هذه القشور ليست قاصرة علي التدين الشكلي فقط، ومازلنا نقتات علي حضارة ومنجزات من سبقونا ولم نقدم او نضيف عليها جديدا .

** بعيون الروائي كيف تري مستقبل مصر علي المدى البعيد ؟
علي المدي البعيد أري أننا سنسير نحو مستقبل أفضل لكن بأجيال جديدة أخري غيرنا لكن مصر ستتحسن، فثورة يناير كسرت حاجز الخوف ولم يعد هناك مجال للتلاعب بالمصريين مرة اخري وفي العام الذي حكم فيه الاخوان تعرت حقيقتهم امام الشعب فقضت علي التيار الديني لمدة ١٠٠ عام لن تراهم مصر ثانية او ينجحوا في اقناع الناس بتجارتهم بالدين ثانية في المجمل أنا متفائل .

** في روايتك "تويا" هل كانت تلك الفتاة الكينية هي المعادل الموضوعي لما نظل نلهث ورائه ولا نفقتده؟
تويا روايتي الثانية حددت ملامحها من خلال عدة أفكار خاصة عنها وعن روايات أخري لم أكتبها حتي الآن لدي كانت بداخلي، ولكن بعد الثورة تحديدا يوم التنحي خاصة بعد ١٨ يوم من الاحداث المتلاحقة خاصة وأن الناس بدأوا في ترك الميدان وأحسست بتخوف تحدثت عنه مع المحيطين بي واستشرفت بداية حالة الانحدار التي ستلحق بمصر بالإعلان الدستوري وراهنت علي استمرار التيار الديني وكتبت مقال بهذا الصدد كنت في حاجة لالتقاط الأنفاس ورغم أنه لم يصيبني ضرر علي المستوي الشخصي من نظام مبارك إلا أنني كنت شديد الانحياز للثورة، وفكرت في الكتابة حيث فكرة إفريقيا مسيطرة علي في الوقت الذي لا توجد فيه تجربة كتابية مكتملة تنقل الصورة في افريقيا بدقة سوي تجربة وحيدة لـ"فؤاد قنديل"
تويا بالنسبة لي هي افريقيا المنهوبة والمهملة التي نتذكرها فقط حينما نكون في أزمة مثل أزمة مياه النيل وسد النهضة ٬ فبينما العالم جميعه يهتم بأفريقيا نهمل نحن جذورنا الأفريقية في نفس الوقت العالم الغربي وعلي رأسه أكبر عدو لنا اسرائيل والتي تعد للأسف أكبر مستثمر في افريقيا الان بينما نقف نحن في دور المتفرج رغم وقوعنا في القلب من افريقيا وجزء رئيسي فيها لكن نعتمد علي الكتابات التي كتبها غيرنا سواء المستكشفين او المستعمر في تعرفنا علي القارة وحتي اليوم هناك من يظن أن أفريقيا مجموعة قبائل متخلفة من الحفاة العراة لا تدرك شيئا عن العالم من حولها بينما في افريقيا هناك دول أكثر تقدما وتحضرا مثال السودان نسبة القراءة فيها أعلي من مصر ٤٤٪ .

عبد الناصر وحده الذي عرف قيمة البعد الافريقي بالنسبة لمصر وكانت مجهوداته في إفريقيا للحفاظ علي هذا المجال الحيوي وبعدها ابتدنا عن افريقيا حتي اليوم فالسادات لم تكن لديه سياسة نحو افريقيا بالعمق الذي كان لدي عبد الناصر خاصة بعد حرب اكتوبر الذي خرج منها قوي ولديه احساس بالاستغناء ٬ وعقب حادثة "أديس ابابا" التي تعرض فيها مبارك لمحاولة اغتيال انقطعت العلاقات وكأننا نعاقب افريقيا وفي الحقيقة عاقب انفسنا وهو ما ندفع ثمنه حتي الآن .

** ولماذا لجأت للرمزية في "زمن الضباع" ؟
يجب مراعاة الملابسات التي نشرت فيها الرواية أولا كنت أعمل وقتها رئيس نيابة بمكتب النائب العام وطلبت منه ـ أن أنشر إنتاج أدبي ورفض وكان تعبيره "مايصحش" وهذه عقلية كانت موجودة
ثانيا سلمت الرواية للناشر مكتملة في أغسطس ٢٠١٠ وطبعت وكان من المقرر أن تطرح مع معرض الكتاب الذي كان المقرر له يوم ٢٩ يناير ٢٠١١ قبلها كانت جمعة الغضب فألغي المعرض وعادت الرواية للمخازن لكنها كانت مكتوبة قبل الثورة لذا لجأت للرمز.
**
هل هي مستلهمة من كليلة ودمنة؟
*
هذا خطأ شائع عن الرواية التي كتب عنها حوالي ٢٠٠ مقالة وهناك كثيرون ربطوا بينها وبين كليلة ودمنة حيث وضع المقفع الحيوانات في بيئتها الطبيعية وكتب علي لسانها الحكايات والحكم وأحسب أن من يقول بهذا لم يقرأ الرواية لأنني في زمن الضباع "أنسنت" الحيوانات تحدثت فيها عن الغابة التي يحدث فيها ضيم وقهر كدول العالم الثالث ووجدت أن الحيوانات شديدة الشبه بالإنسان ٬ لذا كانت تجربة أورويل في مزرعة الحيوان الأقرب لي في الاستلهام لكن في صورة مصرية جدا ولم أقلده في شيء فهذا ليس من الإبداع بينما الأفكار يمكن لأكثر من مبدع أن يتناولها لكن بأشكال مختلفة مثلا في روايتي الأخيرة " البارمان" جمعت شخصيات متعددة وأطياف من البشر في البار، وهذه الفكرة تناولها نجيب محفوظ في قصة قصيرة بعنوان "خمارة القط الأسود" بل وقدمها في سيناريو منفصل في فيلم "المذنبون" .
**
من قراءة رواية "المرشد" كيف يكون الارهاب معادلا موضوعيا للفساد٬ وكيف يؤدي المناخ الفاسد إلي الارهاب ؟
الارهاب يتغذى علي الفساد، حيث البذرة الاولي لظهور التطرف والارهاب في أي مجتمع بأن يكون هذا المجتمع فاسدا.. الإرهاب لا يبدأ بأعمال عنف من اليوم الأول يبدأ بالاستقطاب من خلال الدروس الدينية ٬ حفظ قرآن ٬ الحديث عن سماحة الدين وهذه الفترة تمتد لعام وهوما لمسته في قضايا الارهاب التي عملت بها فحين يتم تجنيد العناصر الجديدة لا يتحدثون عن العنف إطلاقا علي العكس تماما حينما يسأل الشاب حول أعمال عنف لا يجد إجابة ويكون الرد فيما حتي تصله الاجابة بالتدريج بعد فلا يمكن أن يكون الرد باستنكار ونفي العنف ولا القول بوجوبه وإقراره فينفر الشاب ويبتعد لأنه لا يكون قد وصل لمرحلة غسيل المخ بما فيه الكفاية لذا تلجأ هذه التنظيمات والجماعات إلي طرح قناعة ان الدنيا دار كفر وفساد وكلما كان الحاكم فاسد وكلما كان هذا الشاب معرض لقهر وقمع من رئيسه يكون من السهل أن يتقبل هذا الحديث من أميره ويجد له صدي لديه إضافة إلي اننا مجتمع يفتقر للثقافة لدينا متعلمين أجل لكنهم يخلون من المواهب فالتعليم خلال ال ٤٠ سنة الماضية قائم علي التلقين والحفظ خالي من تنمية ملكات التفكير كما أن الدولة تخاف من التفكير ٬ مصر أكثر دولة حسب تقارير الأمم المتحدة لديها تشريعات لكنها قوانين وتشريعات غير مفعلة.

** القضاء ذلك الصارم الذي لا يصدر أحكامه إلا بالعقل والأدلة بينما الأدب وعالمه القلب والخيال وتقمص كل العوالم والشخصيات التي يتناولها ٬ هل يطمح أشرف العشماوي في تكرار نموذج توفيق الحكيم الذي بدأ حياته في السلك القضائي وتأثر بهذه الفترة من حياته فأبدع "يوميات نائب في الأرياف"؟
أتمني هذا وإن لم أحسبها بهذه الطريقة بل معياري هو انني لدي مجموعة أفكار وهواية مازلت حريصا عليها ولا أريد تحويلها إلي شكل احترافي ٬ أكتب ما أحسه بالفطرة وقيل لي ان لدي موهبة في كتابة الرواية كما لا أدعي انني أديب أتذكر ان هناك من أطري علي في احدي الندوات بانني في قامة فلان وفلان من الاسماء المعروفة فرددت عليه ما سمعته يذكرني بمقولة علي بن ابي طالب عندما مدحه احدهم بما ليس فيه "أنا دون ما قلت لكنني أعلي مما في نفسك ؛" وبشهادة دكتور صلاح فضل ابراهيم عبد المجيد أنيس منصور خيري شلبي والقراء الذين يقرأون رواياتي ونالت إعجابهم ٬ مبيعاتي كل هذا يقول انني أجيد كتابة الرواية كما انني مستريح لأنني امارس هوايتي واقدم ما يعجب من يقرأ وليس هدفي الربح علي الاطلاق ٬ لن أدعي بطولات واقول انني أنفق هذه الاموال في مشاريع خيرية الخير بصفة عامة لا أعيش من كتابة الرواية لكن مبيعاتي تمكنني من هذا ولا تصدقي مقولة ان لا أحد يعيش من الكتابة في مصر هذا كان ينطبق مثلا علي زمن نجيب محفوظ لكن الان هناك ناشر يدفع لك نسبة عن كل نسخة تباع خاصة في الأعوام الأخيرة .

** عملت مستشارا قانونيا لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسني لوزارة الثقافة كيف تقيم فترته وحال الثقافة المصرية في عهده وهل اختلف الأمر الآن سواء بالسلب أو الإيجاب ؟
لقد عملت مستشار قانوني لهيئة الآثار والتي كانت تتبع فاروق حسني كونه وزيرا للثقافة أما مستشاره القانوني فكان اسماعيل صديق إنما أنا كنت الأشهر للأسف بسبب تكليفي بملف استرداد الآثار من الخارج وهو المنصب المسلط عليه الضوء أكثر أما المقارنة بين حال وزارة الثقافة في عهد فاروق حسني وحالها الآن فهو أمر لا أستسيغه ٬ هذه المقارنات أشبه بالمقارنة بين الاهلي والزمالك.

** بمعني؟
المناخ الذي تدار فيه الثقافة هل هو صحي أم لا مثلا لو كان فاروق حسني مازال علي رأس الوزارة الان وسط الاضرابات والاعتصامات ووزارة تتغير بين حين وأخر ٬ وصحافة راصدة لكل شيء فهل سيحقق ما حققه من قبل في ظروف عادية طوال ٢٣ سنة تولي فيها الوزارة ؟ لكنه كان يمتلك ميزة حسن اختيار القيادات في الوزارة وأتحدث هنا عن القيادات لا البطانة المحيطة به حتي لا يساء تفسير كلامي مثلا زاهي حواس ؛ في الآثار عندما منح صلاحيات وزير استطاع أن يحقق انجازات كثيرة سمير غريب٬ سمير فرج حققوا انجازات كثيرة وهذا يقودنا إلي امكانية إلغاء وزارة الثقافة وتقسيمها إلي ١٨ هيئة وتعمل بدون وزارة
وهو ما يحسب لفاروق حسني فكان لديه خيال لمشاريع مثل شارع المعز المتحف الكبير ان يجمع قطع أثرية تعرض بشكل معين واستطاع تنفيذه إلي جانب الدعم الذي كان يقدم للوزارة من الرئاسة وكان هناك اهتمام بالحركة الثقافية كما ان الظروف خدمته فنجح في وقته ٬ نريد استلهام تجربة "ثروت عكاشة" ان تحول الثقافة إلي مشروع قومي ليس وبظروف الستينيات ولكن بفكره كيف أصل بالثقافة للمواطن أطمح في مواطن مثقف قارئ حقيقي متذوق للفنون هذا هو دور وزارة الثقافة فالثقافة ليست القراءة وحدها هناك سينما ومسرح وفن تشكيلي.

** وما رأيك في تحويل العمل الروائي إلي صورة سينمائية هل تضيف السينما إلي الأدب أم تنتقص منه ؟
أختلف مع من لا يري الشخصيات الروائية يجب أن تكون من لحم ودم ومن يري هذا تكون روايته جافة ومعلبة أسلوبها جامد وخيال كاتبها قليل٬ كلما زاد الخيال يصبح القارئ شريكا للكاتب مما يعطيه مساحة أكبر من الخيال من خلال ترك مساحات فارغة يتخيلها ويملئها المتلقي، ومنذ بدأت الكتابة يقال لي انني أكتب بطريقة المشاهد السينمائية وهو ما لا أتعمده وان كنت اثناء الكتابة أطلق العنان لخيالي في التفاصيل والمكان والشخصيات مما يجعلني أنقل صورة مجسدة كانت السبب في هذا الرأي حول كتاباتي، اما تحويل رواياتي للسينما فأراه "شر لابد منه" والمسألة متفاوتة فربما تكون الرواية ضعيف لكن تناولها السينمائي أفضل لكن عادة في مصر معدودة الافلام السينمائية التي كانت أفضل من النص الروائي الأصلي يستثني من هذا نجيب محفوظ لأنه كان يكتب سيناريوهات الافلام المقتبسة عن رواياته بعت رواية "المرشد" لتقديمها دراميا في السينما والاذاعة والتليفزيون و رفضت كتابة السيناريو لأنني لا أشعر بقدرتي علي كتابته رغم ان كثير من المخرجين والكتاب قالوا لي انني استطيع كتابة السيناريو لا اكتب إلا ما أحسه وأتقبل تماما أن يقدم السيناريست او المخرج رؤيته في عمل روائي لي السينما قائمة علي الكتاب الروائيين ونحن وقودها كما أخبرتك انه شر لابد منه .

** انتداب القضاة للعمل خارج سلك القضاء في الوزارات هل يعد نوعا من أنواع الفساد المقنن؟
شهادتي مجروحة فقد كنت منتدبا لمدة ثمانى سنوات في هيئة الآثار وهو ليس عملا قضائيا، فكنت مسئولا عن استرداد الآثار من الخارج مع زملائي الأثريين والتفاوض مع الأجانب ونجحنا في استرجاع ٧٥٠٠ قطعة، وشعرت أنني قمت بعمل جيد لكن هل هذا له علاقة بالانتداب الذي تسألين عنه ٬ بالطبع لا هناك قانون انتداب خاص بانتداب القضاة للوزارات كمستشارين قانونيين سن عام ١٩٥٩ ومازال ساريا حتي الآن ٬ بعد الثورة بعام أثير هذا الموضوع مرة أخري وقيل وقتها أنه فساد مقنن وحدثت مخاطبة علي مستوي الرأي العام وأنه أمر لا يصح ويجب علي القضاة أن يعدلوا قانون الندب الخاص بهم ويرفضوا الانتداب في الوزرات ولقد تحدثت مع " ابراهيم عيسي " في هذا الأمر وكان من رأيي بأن انتداب القضاة في الوزارات هو فساد مقنن ولقد ألتزمت بمبدأ ان ابدأ بنفسي فقد قامت ثورة والحياة في مصر تتغير وتقدمت باستقالتي من هيئة الآثار رغم احساسي بانني قدمت عمل جيد مثلا حينما بدآ المتحف الكبير في عمل عقد مع الشركة اليابانية وطلب المتحف من مكتب محاماة شهير بكتابة العقد لكن المكتب طلب مليون دولار لكتابته وكتبت زنا العقد بدون مقابل ووفرت علي الدولة المليون دولار وشعرت انني قدمت خدمة لبلدي ٬ لكن فوجئت بأن القانون مازال موجود والقضاة ما زالوا ينتدبون في الوزارات أوافقك الرأي تماما ان انتداب فساد مقنن فهناك مستشارين بلا عمل أو فائدة من وجودهم وهناك مستشارين بالوساطة وآخرين بمبدأ ضع فلان في المكان الفلاني ليقبض كل شهر عدة آلاف، مثلا أعرف مستشار منتدب في ١٧ وزارة غير عمله الأساسي في مجلس الدولة، أيضا مسألة اللجان طوال الوقت صبح وليل يوم الجمعة ويوم السبت لأنها تدر بدلات وفي وقت انتدابي وضعت لائحة داخلية لتقنين هذه اللجان بموافقة زاهي حواس بحيث يكون حضور اللجنة فقط يتقاضى عليها ٥٠ جنيها بحد أقصي ٤ لجان كل شهر بينما كانت هذه البدلات قبلها تتراوح بين ٥٠٠ و١٠٠٠ جنيه، مما جعل العمل ينفذ ويسير بدون لجان فقط بمكالمة تليفونية وهو ما لا يحدث في أي مكان بالعالم.

** الجمعية العمومية لمجلس الدولة تمنع تقلد المرأة منصب القضاء كيف تري الأمر بوعي وقناعة الأديب لا القاضى؟
المسألة فقط مسألة وقت، فالمرأة موجودة في القضاء العالي والمحكمة الدستورية قمة الهرم القضائي في مصر٬ وإن كنت لا أميل إلي مقولة المساواة بين المرأة والرجل هما متساويان في الحقوق وإن اختلفت طبيعة كل منهما عن الآخر٬ خصوصية المرأة تجعلها متفردة كما انها نصف المجتمع إن لم تكن ثلاثة أرباعه ليس بالمعني العددي وانما بالتأثير والدور المعنوي الذي تقوم به فهي الام والاخت والابنة وهي التي تصنع الرجل من تربية وتعليم وتهذيب هي التي تدفعه للأمام ويمكنها ان تعيده للخلف.