الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تأملات أعمى في السيسي وحمدين..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعتم في الأيام الأخيرة كيف تناول المحللون والإعلاميون بقراءات مختلفة خطاب ودعايا مرشحي الانتخابات الرئاسية المشير عبد الفتاح السيسي والناشط حمدين صباحي.
وقد تباينت الرؤى في فهم كلا الخطابين، وذهبت بعض التحليلات إلى التعليق على شكل ومظهر الرجلين، حتى إن بعض برامج التوك شو أفردت مساحات للحديث عن بدلة ورابطة عنق وساعة المشير.
هذه المرة يذهب بكم كاتب هذه السطور إلى منطقة أخرى من التحليل والقراءة لخطاب وأسلوب كل من السيسي وحمدين كمتنافسين على مقعد الرئاسة، وهي منطقة تعتمد في الأساس على الانطباعات والأحاسيس والتصورات التي يرسمها طبيعة أداء المرشحين في أذهان بعض العميان.
وكوني واحدًا ممن ينتمون لهذا العالم المظلم والذي قد يفوته الكثير مما تطبعه الصورة المرئية فقد كنت ممن حاولوا تجاوز معطيات المشاهد المصورة برسم لوحات محسوسة أو قل بالأحرى ملموسة من خلال ما يقدمه الأداء الصوتي ومخارج الحروف من معطيات وانطباعات تساعد على تجسيد ما هو متخيل.
بالطبع لا أنكر أن لمضمون الخطاب أثر كبير في استكمال الصورة، على أية حال لنمضي مباشرة إلى الموضوع.
لنتفق أولا أن بعض مفردات الطبيعة من مختلف المخلوقات تجسد معاني وصفات سجلتها أذهاننا وربطت بعضها بطبائع البشر وسماتهم، فيقال عن أحدهم أسد أو ذئب، ويقال عن إحداهن "حنينة" كشجرة التوت، أو أصيلة كشجرة الزيتون، ويشبه صبر آخر بالصبار.
كذلك الحال مع مرشحينا فالأداء الصوتي الحازم والجاد واللين أحيانا للمشير عبد الفتاح السيسي يصوره وكأنه ورقة سعف النخل، ولمن لا يعرفها فهي تبدو نضرة في خضارها حادة في اتجاهها، وكأنها تقصد هدفا بعينه، ولا ينفي عنها ذاك الخضار شدة وحزم في الشكل، رغم أنها تظلل على عراجين التمر تحميه من وهج الشمس.
هكذا بدَا المشير عبد الفتاح السيسي من أول خطاب له لا سيما بعد ثورة الثلاثين من يونيو، وتأكد هذا الانطباع في أحاديثه ورسائله الأخيرة، ولو شئت تقريب الصورة تستطيع رؤيته كنخلة جذورها ثابتة في الأرض وسعفها يطاول عنان السماء، تتحدى شدائد الزمن ونوائب الدهر، وتأمل كيف واجه السيسي الأسئلة الصعبة بشأن مصادر تمويل برنامجه وخططه ومشروعاته، وكيف كان قاطعًا في مواجهته للتنظيم الإرهابي ليس فقط بالإجراءات الأمنية والسياسية، وإنما أيضا بنقد الخطاب الديني لتلك الجماعات، والإعلاء لشأن قضية الأخلاق والضمير.
السيسي بدَا أيضا حنونًا كريمًا لبسط ظلال الأمن وخير الثمرات على الفقراء والذين يعوقهم العوز عن مباشرة الحياة الآدمية اللائقة .
أما المرشح حمدين صباحي فقد بدَا أداؤه الصوتي المائع معبرًا عن ميوعة مضمون خطابه، وعاكسًا لصورته الحقيقية، فهو كثمرة هجين بين المشمش والبرقوق، فلا هي الأولى ولا هي الثانية، فكأنها تقوم بدور في مسرحية تمثل فيه شخصية الثمرة الحقيقية.
وهذا النوع من الثمر لا طعم له ولا لون ولا رائحة، كذلك هو حمدين صباحي الذي يحاول تمثيل دور الزعيم الحائز على إرث جمال عبد الناصر، وفشل حتى في تقديم نفسه كممثل موهوب، وظني أن الراحل أحمد زكي لم يقع في هذا الخطأ ونجح في تقديم شخصية الزعيم كما هي دون أن تشعر للحظة أنه ممثل .
مضمون الخطاب جاء أيضًا كنص ركيك، فقد وعد كل شاب مصري عاطل بفدان وعشرة آلاف جنيه، دون أن يتصدى لسؤال تكلفة استصلاح تلك الأفدنة، ومصدر تمويل هذه الجنيهات، ولأنه ثمرة هجين غير ناضجة راح يعد بالإفراج عن سجناء الرأي، بينما المحتجزون مقبوض عليهم في قضايا إرهاب وعنف وخرق للقانون المصري، وراح أيضا يتفاخر أيضا بإدارته الناجحة لحزب الكرامة الغائب عن الشارع، وجريدته غير المنتظمة في الصدور، ولم يفته التباهي بحسن أدائه والتفاني في خدمة الجماعة الصحفية أثناء عضويته بمجلس نقابة الصحفيين، رغم أنه لم يشارك سوى في اجتماع أو اجتماعين على الأكثر في مجلس النقابة على مدار عامين .
على أية حال، هذه مجرد انطباعات أعمى عن أداء وخطاب مرشحي الانتخابات الرئاسية، وأقترح على الزملاء بقسم التحقيقات بالبوابة نيوز بعمل تحقيق صحفي حول انطباعات المكفوفين وذوي الإعاقة السمعية بشأن المشير وصباحي، لا سيما وأنهم يشكلون كتلة تصويتية لا تقل عن 4 ملايين ناخب.
وظني أن تحقيقا كهذا سيقدم رؤية مختلفة لمرشحي الرئاسة المصرية يعبر عن فئة من المجتمع طالما عانت النسيان.