الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ميراث الغضب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ألتمس بعض العذر للشباب الذي يهاجم المؤسسة العسكرية لأنهم لا يقدورن حجم وقيمة الجيش المصرى العظيم، فأغلبهم لم يشاهد بطولات الجيش المصرى إلا من خلال الأفلام السينمائية الساذجة مثل الوفاء العظيم والرصاصة لاتزال فى جيبى وأبناء الصمت والذى مات فيه كل الجنود المصريين.. أفلام لم توضح بطولات جنودنا فى 73 وقبلها فى حرب الاستنزاف والأخطر ماترسخ فى عقول الشباب أن الجندى المصرى هو أحمد سبع الليل الذى جسد دوره أحمد زكى فى فيلم البريء، وأكد فيه وحيد حامد أن الجندى لا يعرف دوره فى الجيش سوى ضرب المعتقلين السياسيين أعداء الوطن، هذا الهراء هو ما شكل فكر ووجدان الشباب لذلك فنحن فى حاجة ماسة لإظهار الصورة الحقيقية عن الجندى المصرى والجيش عموما، فأمريكا بعد هزيمتها النكراء فى فيتنام صرفت ملايين الدولارات وأنتجت سلسلة أفلام رامبو لتحسين صورة الجندى الأمريكى.. أما نحن فبإمكاننا تعريف الشباب بعظمة جيشهم على أرض الواقع، بعمل رحلات لمشاهدة بعض التدريبات وإنجازات الجيش أو عمل معسكرات تدريبية لهم فى الصيف بين الفصول الدراسية وفتح المتاحف العسكرية كبانوراما أكتوبر بأسعار رمزية، كما أناشد المسئولين عن الفن والثقافة إظهار الصورة الحقيقية لجيشنا العظيم والتأريخ لبطولاته من عام 48 وحتى الآن. 
إن المشكلة في مصر لا تكمن فقط في وجود نظام حكم سابق وصف بالقمعى الفاسد بل في أن "هذا النظام الاستبدادي هو من النوع غير التنموي.. بالرغم من أن هذا النظام حصل على ما لم يحصل عليه معظم أقرانه من نظم العالم الثالث من مساعدات دولية.. لكنه تعمد تهميش الشباب وقتل فيهم الطموح والإبداع منذ الصغر بمناهج تعليمية نمطية، ولم يحاول استغلال طاقة الشباب حتى لو فى مشروع مثل محو الأمية أو زيادة الرقعة الزراعية أو تنمية اقتصادية.
"هذا الفشل الذريع يفتح الطريق للقيام بنقاش حقيقي حول مستقبل مصر.. هذا النظام تعامل مع الدولة باعتبارها جهازا للسلطة القهرية على المجتمع لا جهازا لإدارة شؤون هذا المجتمع، الدولة المصرية مترهلة وهذا الترهل هو تحدٍ كبير لأي نظام سياسي جديد في مصر".
أجيال من الشباب على مر 30 سنة ظُلمت لأنها أُبعدت عن المشهد السياسيى عمدا ومع سبق الإصرار وقدمنا لهم صورة سيئة عن بطولاتنا، وكثيرا كنا نسخر من نجاحاتنا والغالبية كانت تؤكد أن الشباب تافه ولا يستطيع تحمل المسئولية إلى أن جاءت الثورتان لتثبتا أن الشباب لديه من الوعى والخبرة ما يمكنه من القيادة وتسلم الراية.
وبلاشك أن خير وأعظم القدرات يكمن فى الشباب القادر على تحقيق الآمال والطموحات والرؤى والأهداف الموضوعية.. أيها السادة لا تلوموا جيل الشباب الحالم بالحرية كما يراها بالأفلام الأمريكية، ولا يراها بمجتمعنا فأنتم لم تفعلوا لهم أى شيء، لا تعليم جيد ولا وظائف تليق بهم ولا حتى تحقيق أبسط أحلامهم الزواج ، فمشاكلنا الاقتصادية تضغط عليهم ليل نهار، إن أردتم العبور بمصر فابدأوا بحل مشاكل شباب مصر.
ومن هنا تكون وتبقى مسئولية الإدارة فى استثمار طاقات الشباب على النحو الذى يضمن تعافيها واستقرارها واستمرارها فى أجيال متعاقبة تعمل على رفعة شأن هذا الوطن والذى يستحق منا الكثير.