الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإخوان والأمن القومي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على طول الخط، وفي كل الأزمنة التي بدأت من عام 1928 وقت إنشاء جماعة الإخوان وهي تدير منظومتها خارج نطاق "دائرة الوطن"، بل إن مواقفها المتعددة سواء في عهد حسن البنا أو في العهود التي جاءت بعده من الممكن أن تُصنف تحت باب التخابر مع جهة أجنبية ، والباحث في تاريخ الإخوان يعلم أنهم جلسوا قبل الثورة مع رجال المخابرات البريطانيين، وأقاموا علاقات وثيقة معهم كشفها وكشف أسرارها الصحفي الكبير محسن محمد، من خلال الوثائق التي أفرجت عنها الحكومة البريطانية، ومن خلال رسائل حسن البنا، مرشد الجماعة الأول تتضح الكثير من الأفكار التي تدل على أن الهدف الرئيسي لديهم كان دائما هو إقامة تنظيم دولي يتجاوز القطرية وحدود الوطن لأنهم في مشروعهم السياسي يقدمون أنفسهم بمقولة أنهم يمثلون أمة الإسلام ، كما أن كتب سيد قطب تقوم على أساس أن القومية هي شرك بالله (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) وقد نجح بالفعل مصطفى مشهور عندما هرب من مصر في أحداث سبتمبر سنة 1981، هو وتابعه الأمين محمود عزت، في إقامة تنظيم دولي متكامل لا يعرف حدود الأوطان ولا قيمة الأمن القومي، وقد جر هذا التنظيم جماعة الإخوان إلى ممارسات سياسية بعيدة كل البعد عن الرشد والعقل وتدخل في باب تهديد أمن الوطن، فعندما قامت الثورة الإيرانية في نهاية السبعينات قامت جماعة الإخوان بتشكيل وفد إخواني رفيع المستوى لزيارة الخميني زعيم الثورة وتقديم التهنئة له دون أن يشعر الإخوان بأي غضاضة في هذا العمل المناهض لسياسة الدولة الخارجية، ودون أن يضع في حسبانه أطماع إيران الجديدة في المنطقة ورغبتها في مزاحمة مصر في مكانته القومية الرائدة والقفز على الدور المصري الأبوي للمنطقة والحلول محله.
وحين أنشأت جماعة الإخوان في غزة حركة حماس لم تكن تبتغي إنشاء حركة جهاد وطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولكن هدفها الأعلى كان هو إنشاء جيش تابع لجماعة الإخوان يكون متاخما للحدود مع مصر من أجل استخدامه في الوقت الذي تريد، حتى ولو أدى إنشاء هذه الحركة إلى تفتيت الحركة الجهادية الفلطينية التي كانت حركة فتح تقودها، وهو الأمر الذي حدث بالفعل وصب في مصلحة إسرائيل وهدد الأمن القومي المصري، ولعلنا نتذكر أنه أثناء الحرب الشعواء التي شنتها حماس الإخوانية على فتح لم تجد جماعة الإخوان في مصر مانعا أو ممانعة من الانحياز للحل العسكري الذي لجأت إليه حركة حماس في صراعها مع حركة فتح، حتى أن أحد كتاب الإخوان أشار حينها في مقال له على موقع الجماعة الرسمي بأنه "لا تثريب علينا عندما نقف اليوم بكل قوتنا مع اجتياح حماس للقطاع وسيطرتها عليه بقوة السلاح إذ أن فتح الخائنة لن تنصاع إلا بالقوة "!.
ولعل ما يحدث الآن من الإخوان في سوريا وقيامهم بإنشاء جيش إسلامي يعيد للأذهان موقفهم إبان حكم حافظ الأسد عندما قاموا بتحريض أهل حماة على العصيان العام هناك وعلى ضرورة الانقلاب على حافظ الأسد واستخدام السلاح في ذلك، وقد أفتى وقتها الشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتي الجماعة بوجوب قتل حافظ الأسد الكافر العلوي !! هذا الخطاب الإخواني تسبب في كارثة وقتها، وهو الآن يسبب كارثة كبرى للشعب السوري الذي أدرك أن الإخوان استغلوا ثورته السلمية من أجل تحطيم سوريا وتفتيتها لمصلحة إسرائيل، فهل من مستفيد غيرها مما يحدث في سوريا ؟! .
ومن قبل ومنذ سنوات لم تر الجماعة، من ثقب الإبرة الذي تنظر منه لمصر ومصالحها الوطنية ـ ثمة مانع من دعم حزب الله إعلاميا وسياسيا في واقعة اجتياحه للعاصمة اللبنانية "بيروت" ولم تراع الجماعة في خطابها التحريضي وقتها خطورة أن يتحول الصراع السياسي إلى صراع عسكري ـ وهو نفس خطيئتها تجاه دعم حماس ضد فتح ـ وخطورة هذا الأمر على أمن مصر نفسها وهو الأمر الذي حدث فعلا عندما أنشأ حزب الله تنظيما عسكريا في مصر لولا أن الأمن المصري وقتها أحبط مخططهم لحدث ما لا يحمد عقباه.
وبالرغم من ذلك فإن السذج من السياسيين المصريين الذين طالبوا من قبل بإدماج الإخوان في الحياة المدنية، ومن فرط سطحيتهم وبلادة تفكيرهم قاموا بانتخاب مرسي وشجعوا الكثيرين على انتخابه، دون أن تكون لديهم أي معرفة بخبايا هذه الجماعة وخطرها على الأمن القومي في مصر، لم يفكر هؤلاء أن جلوس مرسي في سدة الحكم سيؤدي إلى تثريب كل مستندات ووثائق مصر السرية للتنظيم الدولي للجماعة، ولم يدرك هؤلاء خطورة الإخوان حتى الآن بدليل أن بعضهم يتطوع بتقديم مبادرات صلح معهم، مثل حسن نافعة وسعد الدين إبراهيم ـ وأظن أن هؤلاء السذج سيدركون خطر الإخوان على الأمن القومي المصري عندما تنشأ هذه الجماعة في القريب العاجل فرعا للتنظيم الدولي في تل أبيب!.