رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

متى تبدأ لقاءات السيسي مع القوى والأحزاب السياسية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السيد عمرو موسى ليس مجرد رجل دولة له مكانة خاصة، وإنما هو أيضا قد أثبت، وبالذات في الفترة الأخيرة، أنه شخصية سياسية أيضًا، فالرجل كان وزيرًا للخارجية في ظل رئاسة مبارك، وكان له ما أجمع المحللين على وصفه بـ "بصمة خاصة" في المواقف والممارسات المختلفة، ورغم أن مسئولين كبارا لهم وضع أكثر أهمية في هيكل الدولة، مثل يوسف والي الذي كان نائب رئيس الحزب الوطني الحاكم ونائب رئيس الوزراء، كانوا يعلنون بكل وضوح في ذلك الوقت أمام الفضائيات، "إحنا مجرد سكرتارية لسيادة الرئيس"، والرجل "عمرو موسى" حاول من خلال موقعه كأمين عام لجامعة الدول العربية، مثلما أجمع العديد من المراقبين أن يكون أيضا له بصمة خاصة من خلال سعيه الدائم والدءوب لتفعيل دور الجامعة والحفاظ عليها من التصدع والانهيار، أما على الصعيد السياسي فقد أثبت عمرو موسى ومنذ 25 يناير وحتى الآن، وبعيدًا عن "الوظيفة الحكومية"، أو "شبه الحكومية"، أنه قادر كشخصية سياسية على الاستمرار والعطاء على عكس أغلب رجال الدولة في مصر الذين يبدأون حياتهم داخل مؤسسات الدولة ويترقون عبر دروبها الوعرة لكي يحتلوا أرفع المناصب ثم ينتهى أي دور لهم في المجال السياسي، بل وحتى في المجال العام أيضًا، بمجرد ترك المنصب الحكومي.
في الانتخابات الرئاسية السابقة ترشح عمرو موسى ورغم أنه لم يتمكن من الفوز أو حتى الإعادة، بل ولم يستطع حتى أن يحصل على المركز الثالث إلا أنه نجح في أثناء هذه المعركة في مد جسور من التواصل مع قوى سياسية متنوعة مكنته عقب الانتخابات من الجمع بين ما كان يبدو مستحيلًا قبل ذلك ببضعة شهور، ونعني بذلك أنه قام بتوحيد بعض الأحزاب التي كان يُطلق عليها أحزاب الفلول تحت راية حزب المؤتمر، ثم دخل بهذا الحزب إلى جبهة الإنقاذ، مُحققًا بذلك الخطوة الأولى والتأسيسية التي مهدت فيما بعد للتعاون الذي تم على الأرض في مواجهة الإخوان بين بعض أنصار الدولة القديمة وبين القوى الديمقراطية، وقد نجح هذا التعاون في إسقاط الإخوان وإعلان خارطة الطريق.
عمرو موسى كان المهندس الأول لهذا التعاون بين اتجاهات داخل الدولة القديمة وبين القوى الديمقراطية، ومن ثم فإن الأدوار التي لعبها ويلعبها الآن تحتل أهمية خاصة، فالرجل لعب دورا بالغا الأهمية في إدارة توازنات شديدة التعقيد كان طرفاها الرئيسيان هما الدولة العميقة والقوى الديمقراطية أثناء رئاسته للجنة الخمسين التي وضعت دستور 2014، وها هو الآن يلعب دورًا مُهمًا في إدارة وتوجيه الحملة الانتخابية للمشير السيسي، الذي تشير أغلب التقديرات إلى أنه سيكون الرئيس القادم للبلاد.
لكل الأسباب التي ذكرتها والتي تتعلق بمكانة السيد عمرو موسى وخبرته ووزنه في الحياة السياسية، كانت الزيارة التي قام بها إلى الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، ولقاؤه مع عدد من قيادات الحزب تحت سمع وبصر شاشات الفضائيات مهمة للغاية لا بسبب التصريحات والأفكار المهمة التي أدلى بها فحسب، ولكن نوع وطبيعة التساؤلات والتعليقات التي أدلى بها قيادات الحزب وحاول السيد عمرو موسى مشكورًا الإجابة عنها.
عمرو موسى، من ناحيته، أكد ضرورة إدارة معركة انتخابات رئاسية تنافسية نزيهة ومحترمة، وأن على كل الأطراف السياسية أن تحرص على ذلك، وأن تساعد الناخب على أن يُحسن اختيار المرشح على أسس واضحة وبالاستناد على العقل أساسًا، وعلى صعيد آخر أكد أن مصر لا تستطيع التخلف عن ركب العصر وأن ما كان يمكن أن يحدث بالأمس لا يمكن أن يتم في عالم اليوم، مشيرًا بذلك إلى الديمقراطية التي وضعها جنبًا إلى جنب مع استعادة الأمن واحترام الدستور على رأس أولويات أي رئيس مُقبل، وفي المقابل، وردًا على تساؤلات وتخوفات بعض قيادات الحزب حول بعض الممارسات الأمنية، واحتمالات عسكرة الدولة في ظل رئيس من أصول عسكرية أعاد عمرو موسى تأكيد أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وأن القلق حول التطور الديمقراطي وتفعيل المسار السياسي مشروع، بل وضروري، حتى نضمن إنجاز المرحلة الانتقالية بالطريقة التي تسمح لنا بالاضطلاع بدورنا الإقليمي والدولي والتاريخي المفترض.
أشار عمرو موسى أيضا إلى أن المهمة المُلحة هي بناء دولة قوية من خلال دولة مؤسسات لا تحتاج إلى زعيم مُلهم، وإنما إلى إدارة حازمة قادرة على ضبط، والعودة بالأمور الأمور إلى نصابها، وفي المقابل طالب أعضاء الحزب بدعم المسار السياسي ودعم دور الأحزاب وتفعيل العملية السياسية من خلال مجموعة من الإجراءات والآليات، أهمها إقرار القائمة النسبية التي اعتبرها عمرو موسى ضرورية بصرف النظر عن النسبة التي يمكن أن تمثلها القائمة في ظل نظام مختلط.
كان من اللافت أيضا أن عمرو موسى، وردًا على أحد الأسئلة، ربط بين تفاؤله وبين ما أسماه حسن إدارة الأمور، كما ربط بين مشاركة الأحزاب وبين تفعيل الدستور ووجود تمثيل برلمانى لها.
لم يكن بعيدًا عن كل هذه الأسئلة والتساؤلات التي حاول التفاعل معها أنه أحد أهم مستشاري ومُنسقي حملة السيسي، ومن ثم فقد توجت كل أسئلة الحضور بأسئلة مباشرة حول برنامج السيسي، ولماذا تأخر؟ ولماذا لم يتحدث السيسي إلى المواطنين؟ ولماذا لم يلتقى مع قيادات وممثلي الأحزاب؟
في الرد على هذه التساؤلات والأسئلة المهمة، أكد عمرو موسى أن السيسي سيعرض برنامجه، ويتحدث إلى المواطنين، ويلتقى قادة وممثلي الأحزاب بعد السماح رسميًا للمرشحين الرسميين ببدء حملتهم الانتخابية، وهذا الوعد الذي أطلقه عمرو موسى مُهم جدًا، بالذات وأنه انتقد علنًا فكرة الرئيس المُلهم أو الرئيس الضرورة، مؤكدًا أننا في حاجة إلى الرئيس المُنتخب، وليس الرئيس الضرورة، والسؤال الآن هو: هل ستصدق وعود، أو بالأحرى تقديرات، عمرو موسى؟ نحن نتمنى ذلك، بالذات وأننا جميعًا نعلم أن بعضًا من كبار مستشاري السيسي أيضا هم الذين أعلنوا أنه ليس في حاجة إلى برنامج لأنه مرشح الضرورة، وهى نظرية يتبناها عدد كبير من مؤيدي ومستشاري وأنصار السيسي، وتتناقض كلية مع ما أعلنه عمرو موسى.