الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

كيف يواجه الإخوان 6/30؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كنت أتمنى أن أكتب عن كيفية الإعداد لـ 30/6 وما ينبغي علينا أن نفعله في هذا اليوم، وما يتوجب علينا أن نفعله بعد 30/6، ولكنني، ومدفوعًا بالتطورات التي حدثت في الأيام الماضية، أراني مضطرًا لتأجيل الحديث عن دورنا في 30/6 وما بعده لكي نتحدث معًا اليوم حول ما الذي يفعله الإخوان الآن، وما الذي نتوقع أن يفعلوه، لكسر إرادتنا في 30/6.
في تقديرنا يعتمد الإخوان على تكتيكين رئيسيين: التكتيك الأول هو إعمال مبدأ “,”فرق تسد“,” والقيام بكل الممارسات التي يمكن أن تدفع في اتجاه شق الصف المدني– الديمقراطي، أو بصياغة أخرى ربما تكون أدق، إثارة كل ما من شأنه تفتيت التيار أو الجبهة المناوئة للإخوان، ولاحظ هنا أن خصوم الإخوان أصلاً ليسوا جبهة موحدة من حيث الشكل التنظيمي، والحديث السابق عن التيار أو الجبهة هنا حديث مجازي نقصد به أن هناك في الشارع وضمنيًا، اتجاهًا ضد الإخوان، وهذا الاتجاه لو أمعنا النظر في مكوناته سنكتشف أنه يضم بين صفوفه أنصار الدولة القوية المُهيمنة، أو من يحلو لهم أن يسموا أنفسهم أنصار الدولة الوطنية، وينضوي تحت مظلة هذا التيار وفقًا لرأي الكثيرين الأجهزة الأمنية والجيش، بالإضافة إلى ما يُعرف بأنصار النظام السابق أو “,”الفلول“,”، فضلاً عن دعاة إعادة بناء الدولة الوطنية بطريقة أكثر ديمقراطية وتحقيقًا للعدل الاجتماعي، ويضم هذا التيار المناوئ للإخوان أيضًا بين صفوفه التيار المدني – الديمقراطي وهم دعاة بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة،
وجدير بالذكر هنا أن بعضًا من أنصار “,”الدولة الوطنية“,” وكذا أنصار التيار الديمقراطي يرون أنه لا فرق بين الفريقين، وبالذات الآن، حيث تهدد شكل الدولة وهويتها أخطار كبيرة بسبب محاولات أخونة الدولة، ما يقتضي أن يصطف الفريقان لمواجهة الإخوان، ورغم أنني لست من أنصار هذا الرأي وكنت أرى ـ ولازلت ـ أن الخلاف بين الفريقين قائم ولا ينبغي إنكاره، فإنني أيضًا أرى أن هذه الخلافات بين الفريقين لا تنفي أنهما وانطلاقًا من أسباب مختلفة ضد الإخوان، والمنطقي أن الإخوان لن يستطيعوا أن يستميلوا أحد الطرفين في مواجهة الطرف الآخر لأنهم تحالفوا من قبل مع المجلس العسكري، وكان قريب الصلة من دعاة “,”الدولة الوطنية“,”، وخذلوه، وبالمثل قدموا وعودًا براقة لبعض من قادة التيار الديمقراطي للحصول على تأييدهم في جولة الإعادة ضد شفيق وخذلوهم، ورغم هذه التجارب الكاشفة لمكر الإخوان والمؤكدة لعدم مصداقيتهم إلا أن الإخوان لن يكفوا عن المحاولة، وتأكيدًا وانطلاقًا من مبدأ الاستعمار القديم “,”فرق تسد“,” ها هم يحاولون مرة أخرى أن يشقوا التيار الجارف المناوئ لهم والموجود في الشارع بالفعل والجامع لدعاة “,”الدولة الوطنية“,” ودعاة “,”الدولة الديمقراطية“,”، وفي هذا السياق شن الإخوان هجومًا حادًا على حملة “,”تمرد“,” تحت عنوان أن هناك “,”فلول“,” يشاركون في هذه الحملة، ورغم أن الإخوان استطاعوا من خلال هذه الأساليب في فترات سابقة وبالذات أثناء الانتخابات البرلمانية في 2011 إحداث الكثير من الارتباك في القوى المناوئة لهم بمثل هذه الاتهامات، إلا أن هذه الاتهامات التي كالوها هذه المرة ضد حملة “,”تمرد“,” والخاصة بأنها تسمح للفلول بالعمل في صفوفها قد مرت دون أن تترك أثرًا يُذكر، ذلك أنه لم يكن من المنطقي أن تقوم حملة “,”تمرد“,” بالشق عن صدور الناس لمعرفة الأسباب التي تدفعهم للتوقيع على سحب الثقة من الرئيس مرسي وكان من المنطقي أن تكون دوافع الموقعين على سحب الثقة من مرسي مختلفة، مثلما كانت دوافع مُنتخبيه أيضًا مختلفة، وكلنا يعرف أن أقلية لا تزيد عن 25% من الناخبين هي التي انتخبت مرسي اقتناعًا بتوجهاته وبرامجه، أما الباقي فقد انتخبه لأنه قرر ألا يصوت لمنافسه.
لم تنجح خطة الإخوان الرامية إلى شق القوى المناوئة للإخوان إلى فلول وقوى ثورية على الأقل بالصورة المُرضية للإخوان، وهو الأمر الذي دفعهم إلى القيام بمحاولة شق القوى الثورية نفسها، مبتدئين هذه المرة بجبهة الإنقاذ التي حاولوا استدراجها مرتين للفُرقة، الأولى من خلال الدعوة التي وجهها الرئيس لقادة الأحزاب بخصوص سد النهضة الإثيوبي، والثانية الدعوة التي وجهها أيمن نور على العشاء لـ“,”عمرو موسى“,” في منزله مع خيرت الشاطر والكتاتني.
دعوة الرئيس شهدت في البداية عدة موافقات على الحضور، كان من أبرزها موافقة سيد البدوي رئيس حزب الوفد، ومحمد أبوالغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وعمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الحرية، وعبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وكانت مداخلة حسين عبدالغني لـ“,”ريم ماجد“,” في “,”أو تي في“,” تَشِي بأن حمدين صباحي والتيار الشعبي إذا لم يكونوا يرحبون بالحضور فهم على الأقل يُقدرون الأسباب التي تدفع قادة بعض الأحزاب إلى الحضور ولا يرفضون ذلك، ولكن ما حدث بعد ذلك من تداعيات يثير علامات استفهام كبرى حول أسبابه، وأنا لا أناقش هنا ما إذا كان الحضور من عدمه صحيحًا أم لا، فهذه مسألة تحتمل الخطأ والصواب، وتخضع لتقديرات مختلفة ولا يمكن أن نعتبر من حضر عميلاً للإخوان أو أن من لم يحضر هرب من تحمل مسئوليات وطنية، والأمر، أمر الخلاف والاتفاق حضور اجتماع من هذا النوع هو في النهاية أمر تتعرض له كل الجبهات والأحزاب وتتخذ بخصوصه القرارات بعد التشاور والنقاش وفقًا لقواعد الحوار الديمقراطي الذي ينتهي في أي جماعة ديمقراطية إلى أغلبية وأقلية دون تبادل الاتهامات أو التراشق بالألفاظ النابية، ولعلنا جميعًا نذكر في هذا الصدد أن الإخوان أنفسهم، ورغم أنهم في الأصل تنظيم يُدار بمنطق السمع والطاعة، اختلفوا حول ترشيح خيرت الشاطر لانتخابات رئاسة الجمهورية قبل أن تعترض عليه اللجنة العليا للانتخابات ولم يحصل، وهو رجل الإخوان القوي، إلا على 56 صوتًا مقابل اعتراض 52 صوتًا، والذي ميز أداء الإخوان في هذا الصدد كان تماسك التنظيم حول القرار الذي تم اتخاذه، حيث لم يخرج أحد المعترضين ليهاجم القرار أو يقدم استقالته، وفي المقابل فإن بعض التداعيات وردود الأفعال التي أعقبت إعلان بعض قادة الإنقاذ عن عزمهم تلبية دعوة الرئيس بدت وكأنها تعلن للرأي العام أن القيامة قامت والناموس اختل، ووصلت بعض التعليقات بكل أسف إلى ما يشبه التطاول على بعض القيادات وفي هذه “,”الزحمة“,” تم تجاهل المشكلة نفسها: مشكلة سد النهضة وكأنها قضية ثانوية؟!
لمصلحة من؟ لمصلحة من يبذل البعض كل هذا المجهود لتحطيم وحدة الصف؟! هذا سؤال مهم وينبغي الإجابة عليه.
واللافت في هذا الصدد أن حملة التشويه انطلقت أساسًا من عناصر مستقلة بعضها لم يُعرف عنه انحياز واضح في أي يوم من الأيام لأي مبادئ أو توجهات واضحة أو محددة، بل وبعضها أيضًا بكل أسف كان يروج للإخوان في مراحل سابقة!.
مرة أخرى.. أنا لا أناقش هنا الموضوع نفسه “,”الحضور من عدمه“,”، وإنما أناقش ردود الأفعال المُبالغ فيها، والتي ترى عند أي محطة خلافية أن نهاية الكون قد حلت إذا فعلنا كذا أو لم نفعل كذا أو كذا، وأتوجه في هذا الصدد بسؤال لأحد الأصدقاء الذين أثنوا على د. أبوالغار عندما تراجع عن تلبية الدعوة نزولاً على رغبة أعضاء حزبه مؤكدًا أنه، ولهذا السبب تحديدًا، عضو بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الصديق العزيز ألا ترى معي أن الديمقراطية كانت من أن تنتهي بتلبيته الدعوة مثلما انتهت إلى رفضها، وبهذا المعنى فإن الذين كان رأيهم قبول الدعوة تنازلوا عن رأيهم خضوعًا للأغلبية، ولم يخرجوا على الرأي العام بخلافهم فلماذا يُتاح ويُباح هذا لفريق دون الآخر؟ ولماذا يكون الأعلى صوتًا هو الفائز بالضرورة؟.
الخلاف نفسه من المنطقي أن يخضع لمنطق الأغلبية والأقلية ولكن ما يترتب على التصويت من قرار ينبغي أن يكون موضع احترام الجميع، والاحترام هنا ليس معناه عدم استمرار الحوار، ولكن معناه استمرار الحوار العقلاني البعيد عن التطاول والتشهير والابتزاز.
إن بعض التعليقات والآراء التي صدرت عن بعض المعلقين على قرار بعض قادة الجبهة بالحضور لا يمكن فهمها في إطار الخلاف والاتفاق، ولكن بكل أسف تكاد تندرج تحت بند التطاول ويكاد هذا يكون مقصودًا لكي يتصدر هذا الخلاف صدارة المشهد ويقوض أركان جبهة الإنقاذ، ودعوني أتساءل مرة أخرى: أليس هؤلاء الأفراد أنفسهم الذين قادوا هذه الحملات لتحطيم جبهة الإنقاذ هم الذين يتباكون ليلاً ونهارًا على عدم تماسكها في مقابل تماسك الإخوان؟
جبهة الإنقاذ في النهاية جبهة وليست حزبًا، وهي تضم في صفوفها عدة أحزاب متفاوتة من حيث البرامج والتوجهات والوزن، وهي في النهاية جبهة ديمقراطية تُدار بشكل ديمقراطي، وشأن أي جبهة فإن جبهة الإنقاذ تتفق أحزابها في عدة أمور وتختلف في أمور أخرى، وليس المتوقع من هذه الجبهة إذن أن تتخذ مواقف واحدة وموحدة من كل ما يعرض عليها فهذا ما لا طاقة لها به، ولذلك على الجبهة ـ لكي تستمر متماسكة وقادرة على القيام بمهامهاـ أن تؤكد على ما يجمعها وأن تعذر بعضها البعض فيما تختلف فيه، ويمكننا القول إجمالاً: إن التوجهات والمبادئ الديمقراطية هو ما يجمع أحزاب جبهة الإنقاذ، ويمكن لأحزابها بعد ذلك أن تختلف في التوجهات الاقتصادية والاجتماعية، ومن المهم أن تتفق أحزاب الجبهة في أساليب العمل وتكتيكات الحركة، ولكن يمكن أن تعذر بعضها البعض إذا لم تنجح في ذلك بالكامل، وأخيرًا فإن حضور عمرو حمزاوي اجتماع الرئيس أو حضور عمرو موسى العشاء مع الشاطر هي أمور من الممكن أن نختلف معها ولكنها لا تنقلهما من خانة الحلفاء إلى خانة الأعداء، ولا ينبغي أن تدفعنا إلى الانصراف عن معركتنا الرئيسية ضد الإخوان والالتفات إلى محاربة بعضنا البعض.
والآن ماذا عن التكتيك الآخر الذي سيلجأ إليه الإخوان لكي يحاولوا كسر إرادتنا في 30/6؟
سيكون هذا مجال حديث آخر بإذن الله.